الرئيسية / من / طرائف الحكم / آمال العارفين – في شرح دعاء كميل

آمال العارفين – في شرح دعاء كميل

– صيت حسن:
يحبّ الإنسان أن يكون ذكره بين الناس حسناً؛ فتمدحه الناس وتثني عليه؛ لما هو عليه من الصفات، وقد يكون الإنسان أهلاً لذلك، وقد لا يكون أهلاً له، ومتى وجد أنّ صيته الحسن انتشر بين الناس، واعتقد أنّه ليس أهلاً له؛ فإنّ عليه أنّ يعلم أنّ هذا من عند الله، وعليه أن يشكر الله على ذلك.
والذكر الحسن بين الناس أمر ممدوح؛ شرط أن لا يكون مُوجباً لبطلان العمل؛ أي شرط أن يحذر الإنسان من أن يُبتَلى بالرياء المُبطل له:
روي عن الإمام الباقر عليه السلام: “الإبقاء على العمل أشدّ من العمل، قال – الراوي-: وما الإبقاء على العمل؟ قال: يصل الرجل بصلة، وينفق نفقة لله وحده لا شريك له؛ فكتب له سرّاً، ثمّ يذكرها؛ فتمحى فتكتب له علانية، ثمّ يذكرها؛ فتمحى وتكتب له رياء”18.
وفي دعاء أمير المؤمنين عليه السلام – لمّا مدحه قوم في محضره -: “اللهمّ إنّك أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهمّ اجعلنا خيراً ممّا يظنّون، واغفر لنا ما لا يعلمون”19.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – في وصية له لأمير المؤمنين عليه السلام -: “إذا أثنِيَ عليك في وجهك، فقل: اللهمّ اجعلني خيراً ممّا يظنّون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا
________________________________________
16- الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب الشكر، ح20، ص97.
17- الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب الشكر، ح22، ص98.
18- الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب الرياء، ح16، ص296-297.
19- الشريف الرضي، نهج البلاغة، م.س، ج4، الحكمة100، ص22.

تؤاخذني بما يقولون”20.
ومن هذا المنطلق، فإنّ صاحب التقوى، والمؤمن حقّاً يخاف من الآثار السلبيّة للمديح، ويواجه ذلك بما وصف به الإمام علي عليه السلام المتقين، حيث قال عليه السلام: “إذا زكّي أحد منهم؛ خاف ممّا يقال له، فيقول: أنا أعلم بنفسي من غيري، وربّي أعلم بي منّي بنفسي! اللهمّ لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني أفضل ممّا يظنّون، واغفر لي ما لا يعلمون”21.
________________________________________
20- الحرّاني، ابن شعبة: تحف العقول عن آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، ط2، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقمّ المقدّسة، 1404هـ.ق/ 1363هـ.ش، ص12.
21- الشريف الرضي، نهج البلاغة، م.س، ج2، الخطبة193، ص162-163.

موعظة وعبرة
أئمّتنا قدوةٌ وأسوة:

رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: “كان أبي يكره أن يمسح يده في المنديل وفيه شيء من الطعام تعظيماً له، إلّا أنْ يمصّها، أو يكون إلى جانبه صبيٌّ فيمصّها، قال: فإنّي أجد اليسير يقع من الخوان فأتفقّده فيضحك الخادم، ثمّ قال: إنّ أهل قرية ممّن كان قبلكم، كان الله قد وسّع عليهم حتى طغوا، فقال بعضهم لبعض: لو عمدنا إلى شيء من هذا النقي، فجعلناه نستنجي به كان ألين علينا من الحجارة. قال عليه السلام: فلمّا فعلوا ذلك، بعث الله على أرضهم دواباً أصغر من الجراد، فلم تدع لهم شيئاً خلقه الله إلّا أكلته من شجرٍ أو غيره، فبلغ بهم الجهد إلى أن أقبلوا على الذي كانوا يستنجون به فأكلوه، وهي القرية التي قال الله تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾”22.
________________________________________
22- الحويزي، تفسير نور الثقلين: 3/ 91 92.

شاهد أيضاً

مركز السيدة زينب الطبي يستخدم احدث الاجهزة المختصة في مجال فحص العيون

استخدم مركز السيدة زينب (عليها السلام) الطبي التابع لقسم الشؤون الطبية في العتبة الحسينية المقدسة ...