الرئيسية / كلامكم نور / دراسات في نهج البلاغة

دراسات في نهج البلاغة

المؤلّفات بعد الرضيّ

كما أنّ الشريف الرضيّ لم يكن أوّل من جمع وألّف في كلام الإمام عليّ عليه السلام، كذلك لم يكن آخر من قام بذلك. ولم تنحصر كلمات وحِكَم ومواعظ أمير المؤمنين عليه السلام بالّذي جمعه الرضيّ فحسب، بل إنّ كلام الإمام عليه السلام ذا الطابع الخاصّ تميّز عن كلام غيره من الخطباء والبلغاء. ولهذا فقد حاول كثير من العلماء والأدباء على مرِّ العصور قبل عصر الرضيّ ـ كما تقدّم ـ وبعده أن يُفرِدوا لكلامه كتباً خاصّة ودواوين مستقلّة، بقي بعضها وذهب الكثير منها
________________________________________
17- الذريعة إلى تصانيف الشيعة، آقا بزرك الطهراني، ج 7، ص190.
18- مصادر نهج البلاغة وأسانيده، ج 1، ص60.

مع الأيّام في جملة ما ذهب من الكتب الشيعيّة والإسلاميّة عموماً حيث تعرّضت للنهب والإحراق. فعند زوال دولة الفاطميّين أُلقي الكثير من هذه الكتب في النار وبعضها الآخر في نهر النيل. وقد غالى الأيّوبيّون في القضاء على كلّ أثرٍ للشيعة. وليس خافياً على أحد ما مُنيت به مؤلّفات الشيخ الطوسيّ وكتبه أيّام الفتنة الهوجاء في عهد طغرلبك السلجوقيّ الّتي جرى فيها من الأمور العظيمة ما لم يجرِ مثله في الدنيا. فقد أُحرِقت كتبه على رؤوس الأشهاد في رحبة جامع النصر. ولا يخفى ما فعله الجزّار أحمد باشا عندما احتلّ منطقة جبل عامل وأباح مدنها وقراها وأحرق كتب العلماء، حتّى أنّ أفران مدينة عكا أُوْقِدت سبعة أيّام من كتب العامليّين19

وأحصى العلماء والمحقّقون ثمانيةً وأربعين مؤلّفاً من كلام الإمام عليّ عليه السلام، بالإضافة إلى ما ذكره بعضهم من أنها أكثر من ذلك، وأهمّ هذه المؤلّفات:

1 – دستور معالم الحِكَم ومأثور مكارم الشِّيم من كلام أمير المؤمنين عليه السلام: لأبي عبد الله محمّد بن سلامة بن جعفر الفقيه الشافعيّ المعروف بالقاضي القضاعيّ، المتوفّى سنة (454) هـ.

2 – كلام الإمام عليّ عليه السلام وخطبه: لأبي العبّاس يعقوب بن أحمد الصيمريّ، النيسابوري (توفّي 474 هـ).
3 – نثر اللآلئ: للشيخ أمين الإسلام أبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسيّ، المفسِّر المشهور المتوفّى سنة (548) هـ.
4 – غرر الحِكَم ودرر الكلِم: لأبي الفتح ناصح الدين عبد الواحد بن محمّد بن عبد الواحد الآمديّ ( توفّي سنة 550 هـ)، من مشايخ ابن شهرآشوب.
________________________________________
19- تكملة أمل الأمل، السيد حسن الصدر ص 462.

5- منثور الحِكَم: لأبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن محمّد البكريّ الشهير بابن الجوزيّ، من أفاضل علماء الحنابلة(توفّي سنة 597 هـ).

6 – نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة: للعلّامة المحقّق الشيخ محمّد باقر بن عبد الله المحموديّ معاصر، وهو موسوعة تبلغ ثمانية مجلّدات.

بالإضافة إلى غيرها من الكتب… ولكن على الرغم من القيمة العلميّة والأهميّة البالغة لهذه الكتب والمؤلّفات في ميزان العلم ومتاجر الفضل، بقي هذا (النهج) الّذي جمعه الرضيّ هو الكتاب الخالد على الدهر، ولا يُبليه الزمان مهما طال عمره.

حفظ وشرح نهج البلاغة

بلغ كتاب نهج البلاغة من العظمة والتقديس ما لم يبلغه كتاب غير القرآن الكريم، وذلك لمحتوياته الثمينة، ومضامينه القيّمة. ومن هنا قام العديد من الأعلام بحفظه وحثّ الناس على الأخذ به وتعلّمه، فكان من حَفَظته القاضي جمال الدين محمّد بن الحسين بن محمّد القاشانيّ. ومن حفَّاظه في القرون المتقدِّمة: الخطيب أبو عبد الله محمّد الفارقي المتوفّى سنة (564) هـ.، والمؤرّخ الشاعر الشيخ محمّد حسين مروّة الحافظ العامليّ، وغيرهم ممّن لا يتّسع المجال لذكرهم من الّذين حفظوا كتاب نهج البلاغة.

وهكذا توالت وتضافرت الشروح حول (نهج البلاغة) منذ عهدٍ قريب من عصر السيّد الرضيّ إلى عصرنا الحاضر، وممّن شرحه:

1 ـ السيّد عليّ بن الناصر المعاصر لسيّدنا الرضيّ شرحه وأسما شرحه بـ(أعلام نهج البلاغة) وهو أوّل الشروح وأقدمها.

2 ـ أبو الحسين سعيد بن هبة الله قطب الدين الراونديّ المتوفّى 573 أسما شرحه بـ(منهاج البراعة).

3 ـ القاضي عبد الجبّار المردّد بين جمع مقارنين بعصر شيخ الطائفة ذكره العلّامة النوريّ في (المستدرك).

4 ـ الفخر الرازي محمّد بن عمر الطبري الشافعيّ المتوفّى 606 كما صرّح به القفطيّ في (تاريخ الحكماء).

5 ـ أبو حامد عزّ الدين عبد الحميد الشهير بابن أبي الحديد المعتزلي المدايني المتوفّى سنة 655، له شرحه الدائر الّذي اختصره المولى سلطان محمود الطبسيّ الآتي ذكره.

6 ـ كمال الدين الشيخ ميثم بن عليّ بن ميثم البحرانيّ المتوفّى 679، له شرحه الكبير والمتوسّط والصغير.

7 ـ السيّد نعمة الله بن عبد الله الجزائري التستريّ المتوفّى 1112له شرحه في ثلاث مجلّدات.

8 ـ الحاج ميرزا حبيب الله الموسويّ الخوئيّ المتوفّى حدود 1326، له شرحه الكبير الموسوم بـ(منهاج البراعة).

وتُرجِم الكتاب إلى اللّغات غير العربيّة. وقد ذكر السيّد محسن الأمين بعض هذه الشروح في كتاب (أعيان الشيعة)20 ، والشيخ الأمينيّ في كتاب (الغدير)، والآقا بزرك الطهرانيّ في كتاب (الذريعة إلى تصانيف الشيعة)21. والمعلوم أنّ شروح نهج البلاغة بلغت المائتين وما فوق. ولو قُدَِّر لأحد أن يحظى بكلّ ما

________________________________________
20- راجع: أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين، ج 1، ص544.
21- راجع: الغدير، للعلّامة الأمينيّ، الجزء الرابع، والذريعة في بعض أجزائها، 12-14.

أُلِّف حول (النهج) قديماً وحديثاً لاجتمع له مكتبة برأسها تستحقّ أن يُطلق عليها (مكتبة نهج البلاغة).

خلاصة الدرس

– جامع نهج البلاغة هو الشريف الرضيّ.

ـ المحتويات العامّة لنهج البلاغة:

1 ـ الخطب ـ 2 ـ الكتب والرسائل ـ 3 ـ الحِكم والمواعظ.

ـ ليس الشريف الرضيّ أوّل جامع لكلام الإمام عليه السلام ولا آخر مهتمّ به.

ـ وممّن اهتمّ بكلام الإمام عليه السلام قبل الرضيّ، زيد بن وهب الجهنيّ، أبو روح فرج بن فروة، عمرو بن عثمان الجاحظ، وغيرهم.

ـ أمّا المؤلّفات بعد الشريف الرضيّ فهي كثيرة منها: نثر اللآلئ للشيخ الطبرسيّ، غرر الحكم ودرر الكلم للآمديّ، منثور الحكم لابن الجوزيّ، نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة للشيخ المحموديّ، وغيرها الكثير.

أســــــئـلـــة

1- أذكر بعضاً من المحتويات العامّة لنهج البلاغة.

2 – من هو جامع نهج البلاغة، وهل هو الوحيد الذي انفرد في جمع خطب أمير المؤمنين عليه السلام؟

3 – كم بلغت شروح نهج البلاغة ولماذا هذا الاهتمام الكبير به من قبل العلماء؟

شاهد أيضاً

مركز السيدة زينب الطبي يستخدم احدث الاجهزة المختصة في مجال فحص العيون

استخدم مركز السيدة زينب (عليها السلام) الطبي التابع لقسم الشؤون الطبية في العتبة الحسينية المقدسة ...