الرئيسية / الاسلام والحياة / دروس في التربية الأخلاقية

دروس في التربية الأخلاقية

المقدمة
يعيش الإنسان في هذه الحياة الدنيا، وهو أشبه بمسافرٍ يجول الأمصار، تتقاذفه مشاغل الدنيا وهمومها وتأخذ به من كلّ حدبٍ وصوبٍ، حتى إذا تكاثرت عليه وأحاطت به هواجسها، وقف متحيّراً في أمره، عاجزاً عن إكمال مسيرة دربه الذي رسمه لنفسه، ظناً منه أنها الحُلم الذي لطالما راوده، والنعيم الذي لطالما سعى إليه.

ولكن سرعان ما يكتشف أنّه لم يصل بعد إلى السعادة المنشودة والراحة المطلوبة، التي لطالما أوْهَمَ نفسه بأنّه يسلك دربها الصحيح الذي سيُفضي به قريباً إلى بلوغ المنى. فيمضي وتمضي الأيامُ والأشهرُ والسنينُ وهذا المنال لم يتحقَّق بعد!… وكيف له أنْ يتحقَّقَ في دنياً هو بكلِّ وجوده راحلٌ عنها وتاركها لا محالة، كما فعل أسلافه من قبله! كيف له أن يضعَ آماله وأمانيه وأحلامه في دنيا متصرِّمَةٍ وفانية!…

فالخطأ كلُّ الخطأ يكمن إذاً في أمرٍ أساسي وجوهريّ، وهو في تشخيص المقصد والهدف النهائيّ الذي خُلِقَ الإنسان من أجله.

فالإنسان لم يخلق عبثاّ ولا لغواّ، وكيف ذلك وهو الذي ناداه خالق الأكوان ووصفه بالخليفة ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ . وهل يصح أن

يكون خليفة الله في الأرض، وجوده بلا طائلا ولا معنى؟! وهو القائل في كتابه الكريم ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ .

إنه إذاً الرجوع إلى الله تعالى الذي لا مفرّ منه ولا مهرب. هو العود والإياب إليه عزّ اسمه ﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ﴾ . ولكنه رجوع تارة إلى جنة لقاء الله، ونعيمه السرمدي، وأخرى إلى جهنّم البعد والفراق، وعذاب السعير.

والنبيه الفطن وحده الذي يعي مكمن الخير وكماله الدائم دون تردّد ولا تباطأ، ويعلم علم اليقين أن المنتهى شاء أم أبى إليه وحده ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى﴾ ، فيشحذ همّته موجّهاً وجهته نحو المقصد الأسمى والهدف الأعلى، نحو كمال الإنسانية والغاية الحقيقية لوجوده. نحو الباري والخالق والمصوّر ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ ، نحو الإله الواحد الأحد الذي لا إله غيره.

وهذا الكتاب هو محاولة للإطلالة المعرفية والعلمية على كمال الإنسان والهدف من وجوده في هذه الحياة، وكيفية الوصول إلى هذا الكمال الإنساني.

ولأنّ العوائق والموانع هي سمة الحياة الدنيا لذا كان لا بد من التعرّف على أهم الموانع والعوائق التي تحول دون طي الإنسان لمدارج الكمال الإنساني بيسر وسهولة. ومن ثم التعرّف إلى أهم الوظائف الشرعية التي تعين الإنسان وتساعده للوصول إلى الهدف النهائي، إلى السعادة الإنسانية الحقيقيَّة، والراحة السرمدية.

مركز نون للتأليف والترجمة

شاهد أيضاً

مركز السيدة زينب الطبي يستخدم احدث الاجهزة المختصة في مجال فحص العيون

استخدم مركز السيدة زينب (عليها السلام) الطبي التابع لقسم الشؤون الطبية في العتبة الحسينية المقدسة ...