الرئيسية / الاسلام والحياة / التقوى في القرآن الكريم – طريق الوصول إلى الحبّ الالهي

التقوى في القرآن الكريم – طريق الوصول إلى الحبّ الالهي

ذكرنا في الابحاث السابقة، أنّ الطريق يمرّ من خلال معرفة الله سبحانه، وعندما نأتي إلى القرآن الكريم، نجد أنّه يشير إلى نحوين من الطريق إلى ذلك، قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاْفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)( [451])، وقال: ( وَفِي الاَْرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ)( [452]).
وهذه هي المعروفة في كلمات العلماء، بالمعرفة الآفاقية والمعرفة الانفسية.
أمّا الاولى، فالمراد بآيات الآفاق، الآيات الفلكية والكوكبية وآيات الليل والنهار، وآيات الاضواء والظلمات، وقد أكثر الله منها في القرآن الكريم. قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لاَيَات لاُِولِي الاَْلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)( [453]). وقال تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الاَْرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا للهِِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)( [454])، وقال: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْء فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً)( [455]).

وأمّا الثانية: وهي الآيات التي في النفوس:
 «منها ما هي في تركّب الابدان من أعضائها وأعضاء أعضائها، حتى ينتهي إلى البسائط، وما لها من عجائب الافعال والآثار المتّحدة في عين تكثّرها، المدبّرة جميعاً لمدبّر واحد، وما يعرضها من مختلف الاحوال كالجنينية والطفولية والرهاق والشباب والشيب.
 ومنها ما هي من حيث تعلّق النفوس، أعني الارواح بها (أي الابدان) كالحواس من البصر والسمع والذوق والشمّ واللمس التي هي الطرق الاوّلية لاطّلاع النفوس على الخارج، لتميّز بذلك الخير من الشرّ، والنافع من الضارّ، لتسعى إلى ما فيه كمالها وتهرب ممّا لا يلائمها، وفي كلّ منها نظام وسيع جار فيه منفصل بذاته عن غيره، كالبصر لا خبر عنده عمّا يعمله السمع بنظامه الجاري فيه وهكذا، والجميع مع هذا الانفصال والتقطع مؤتلفة تعمل تحت تدبير مدبِّر واحد، هي النفس المدبّرة والله من ورائهم محيط.
ومن هذا القبيل سائر القوى المنبعثة عن النفوس والابدان، كالقوّة الغضبية والقوّة الشهوية وما لها من اللواحق والفروع، فإنّها على ما للواحد منها بالنسبة إلى غيره من البينونة وانفصال النظام الجاري فيه عن غيره، تحت تدبير مدبِّر واحد، تتعاضد جميع شعبها وتأتلف لخدمته»( [456]).

شاهد أيضاً

اليتيم في القرآن الكريم – عز الدين بحر العلوم

11- « يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والاقربين واليتامى والمساكين وابن ...