الرئيسية / الاسلام والحياة / التقوى في القرآن الكريم – معرفة الله بالله

التقوى في القرآن الكريم – معرفة الله بالله

«وهذه المعرفة الاحرى بها أن تسمّى بمعرفة الله بالله، وأما المعرفة الفكرية التي يفيدها النظر في الآيات الآفاقية، سواءحصلت من قياس أو حدس أو غير ذلك، فإنّما هي معرفة بصورة ذهنية عن صورة ذهنية، وجلّ الاله أن يحيط به ذهن، أو تساوي ذاته صورة مختلقة اختلقها خلق من خلقه، ولا يحيطون به علماً»( [470]).
قال الصادق (عليه السلام): «من زعم أنّه يعرف الله بتوهّم القلوب فهو مشرك، ومن زعم أنّه يعرف الله بالاسم دون المعنى فقد أقرّ بالطعن، لانّ الاسم محدث، ومن زعم أنّه يعبد الاسم والمعنى، فقد جعل مع الله شريكاً، ومن زعم أنّه يعبد بالصفة لا بالادراك فقد أحال على غائب، ومن زعم أنّه يضيف الموصوف إلى الصفة فقد صغّر بالكبير، وما قدروا الله حقّ قدره.
قيل له: فكيف سبيل التوحيد؟
قال (عليه السلام): باب البحث ممكن وطلب المخرج موجود، إنّ معرفة عين الشاهد قبل صفته، ومعرفة صفة الغائب قبل عينه.
قيل: وكيف يعرف عين الشاهد قبل صفته؟
قال (عليه السلام): تعرفه وتعلمُ علْمَهَ، وتعرف نفسك به، ولا تعرف نفسك بنفسك من نفسك، وتعلم أنّ ما فيه له وبه، كما قالوا ليوسف: (قَالُوا أَئِنَّكَ لاََنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي)( [471])، فعرفوه به ولم يعرفوه بغيره، ولا أثبتوه من أنفسهم بتوهّم القلوب»( [472]).
بيّن الامام (عليه السلام) أنّ المعرفة الحقيقية لله تعالى، إنّما تكون بمعرفته أوّلاً. ثمّ معرفة صفاته ثانياً، ثمّ معرفة خلقه من خلال الصفات ثالثاً. وهذا ما أكّدته الروايات الكثيرة الواردة عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام).
 عن الامام أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا من دلّ على ذاته بذاته»( [473]).
 عن الامام الحسين بن علي (عليهما السلام): «كيف يُستدلّ عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك، حتى يكون هو المُظهر لك، متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدلُّ عليك، ومتى بَعُدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك، عميت عين لا تراك عليها رقيباً»( [474]).
 عن الامام علي بن الحسين (عليهما السلام) : «بك عرفتك وأنت دللتني عليك ودعوتني إليك، ولولا أنت لم أدرِ ما أنت»( [475]).
 عن منصور بن حازم قال: قلت لابي عبدالله الصادق عليه السلام: إنّ الله أجلّ وأكرم من أن يعرف بخلقه، بل الخلق يعرفون بالله، قال: صدقت»( [476]).
 عن عبد الاعلى عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال: «اسم الله غير الله، وكلّ شيء وقع عليه اسم شيء فهو مخلوق ما خلا الله، فأمّا ما عبّرت الالسن عنه أو عملت الايدي فيه فهو مخلوق، والله غاية من غاياه، والمغيّى غير الغاية، والغاية موصوفة، وكلّ موصوف مصنوع، وصانع الاشياء غير موصوف بحدّ مسمّى، لم يتكوّن فتعرف كينونته بصنع غيره، ولم يتناه إلى غاية إلاّ كانت غيره، لا يذلّ من فهم هذا الحكم أبداً، وهو التوحيد الخالص، فاعتقدوه وصدّقوه وتفهّموه بإذن الله عزّوجلّ.
ومن زعم أنّه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك، لانّ الحجاب والمثال والصورة غيره، وانّما هو واحد موحّد، فكيف يوحِّد من زعم أنّه عرفه بغيره، إنما عرف الله مَنْ عَرَفه بالله، فمن لم يعرفه به فليس يعْرفه، وإنّما يعرف غيره»( [477]).

شاهد أيضاً

اليتيم في القرآن الكريم – عز الدين بحر العلوم

11- « يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والاقربين واليتامى والمساكين وابن ...