الرئيسية / من / طرائف الحكم / وَزِدْنَاهُمْ هُدًى – وصيةٌ من أب عجوز يريد بكم خيراً

وَزِدْنَاهُمْ هُدًى – وصيةٌ من أب عجوز يريد بكم خيراً

وصيةٌ من أب عجوز يريد بكم خيراً
يقول العارف الكامل والعالم العامل الإمام الراحل الخميني المقدّس ـ أعلى الله مقامه:
1- اقضوا أعماركم بالأعمال الحسنة:
“إنَّ الجنَّة والنار من أعمالنا، ولذلك، عليكم أن تقضوا العمر الشريف الذي منحكم الله تبارك وتعالى إيَّاه بالأعمال الحسنة ولا تهدروه! ولمّا كان الله تبارك وتعالى مطّلعاً على الحقائق من أنّ أيّ عمل يعمله الإنسان هنا سيراه هناك ـ هداكم للقيام بالأعمال المفيدة للمجتمع ولأنفسكم ـ لذا، فإنّ عقل الإنسان

يقضي بألّا يُهدر العمر، والأفضل من ذلك ألا ينفقه المرءُ في طريق الشرّ فيكون هناك وبالاً عليه!” .

2- حيل الشيطان مع الكهول والشباب:
“كم يحدث أن يتّبع الشيطان الباطني معنا ـ نحن الكهول ـ خدعاً تختلف عن تلك التي يتبعها معكم أنتم الشباب. إنَّهُ يتّبع معنا سلاح اليأس من الحضور وذكر الله، ويلفتنا أنَّهُ لا فائدة من العمل ما دام العمر قد انقضى ولا يمكن إصلاحنا، وأنَّ أيام الشباب التي هي أيام التجوّل والتحرّك قد انتهت، وأنَّ أيام الضعف والكهولة قد حلّت ولا يمكن فيها الإصلاح, لأنَّ جذور الأهواء والمعاصي متغلغلة في جميع أركان الإنسان، ومدّت فروعها وجذورها فيه، وبذلك يحول دون توفيقك للحضور في ساحته جلّ وعلا، ويحدثك أن لا جدوى من العمل، والأفضل أن تستفيد أكثر من ملذات الدنيا في هذه الأيام المعدودة والأخيرة التي بقيت من عمرك! وأحياناً يتّبع معنا ـ نحن الكهول ـ الأساليب نفسها التي يتّبعها معكم أنتم الشباب، حيث يقول لكم: أنتم شباب ولا بدَّ أن تتصرّفوا في هذه المرحلة من العمر ـ وهي مرحلة الشباب مرحلة التمتع بالملذات ـ طبقاً لشهواتكم‏ وستتوبون‏ إن‏ شاء الله‏ في‏ أواخر العمر، وأنَّ باب رحمة الله مفتوح، وأنَّ الله أرحم الراحمين، وأنَّهُ مهما تكن الذنوب أكبر وأكثر فإنَّ فُرَصَ الندم والعودة إلى الحقّ في أواخر العمر تكون أكبر، وسيزداد التوجّه نحو الله المتعال وسيتضاعف الاتصال به، وكم من الناس قد تمتّعوا بملذات الشباب عندما كانوا في سن الشباب، وقضوا أيام كهولتهم وأواخر عمرهم بالعبادة والذكر والأدعية وزيارة الأئمّة عليهم السلام والتوسّل وطلب الشفاعة منهم، ورحلوا عن هذه الدنيا بسعادة!!كذلك فإنّنا نواجه أيضاً

بمثل هذه الوساوس، وهي: أنَّهُ لا يعرف بالضبط أنَّك ستموت قريباً، وأنَّ الفرصة لا زالت أمامك فتمتّع بها حتّى الأيام المعدودة الأخيرة من عمرك، وآنذاك يمكنك أن تتوب لأنَّ باب شفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مفتوح، وأنَّ المولى أمير المؤمنين عليه السلام لن يدع أحباءه يتعذّبون يوم القيامة، وستراه عند لحظات الموت، وسيأخذ بيدك في تلك اللحظات، والكثير من هذه الأقوال التي تطرق أذن الإنسان دوماً!!

3- التوبة في مرحلة الشباب:
ولدي: “الآن وأنا أتحدَّث معك، وأنت شاب، ينبغي أن تعرف أنَّ التوبة في مرحلة الشباب أسهل، وأنَّ إصلاح النفس
وتهذيب الروح يكون أسرع في هذه المرحلة. لأنَّ التأثّر بالأهواء النفسيّة واللهاث وراء الجاه والغرور والتكبّر على الآخرين
يكون أكثر وأشدّ عند الكهول مقارنة بالشباب، حيث إنَّ روح الشباب لطيفة وسهلة التغيير، كما أنَّ الشباب يتأثرون
أكثر من الكهول بالمواعظ التي تلقى في مجالس الوعظ والإرشاد والأخلاق، لذا يجب على الشباب أن ينتبهوا كثيراً ولا
ينخدعوا بالوساوس الشيطانيّة والنفسيّة، فالموت قريب من الشباب بقدر ما هو قريب من الكهول، فأي شاب يمكنه أن يطمئن أنه سيصل إلى مرحلة الكهولة؟ وأي إنسان مصون من حوادث الدهر”؟

4- اصلاح النفس مرحلة الشباب:
بني: “لا تدع الفرصة تفوتك، واسع إلى إصلاح نفسك وأنت في مرحلة الشباب. كذلك يجب على الكهول أن يعلموا أنَّهم ما داموا أحياء في هذه الدنيا فإنَّ بإمكانهم التكفير عن ذنوبهم ومعاصيهم، ولو انتقلوا من هذه الدنيا فإنَّ الأمور تخرج من أيديهم” .

وفي الختام قصةٌ وعِبْرَة
يروى أنَّ روح الله عيسى بن مريم (على نبيّنا وآله وعليهما الصلاة والسلام) كان ماشياً في جبل، فرأى رجلاً يتعبّد تحت صخرةٍ، فقال له عيسى عليه السلام: ألا بنيت لك بيتاً تتعبّد فيه؟، فقال له الرجل: وهل هذا العمر القصير يستحق أن أضيّعه في البناء؟!! لقد قال لي أحد الأنبياء إني سأعيش سبعمائة سنة، وهذه مدّةٌ قد لا تكفيني لأحرز فيها رضا ربّي!!!

فقال له عيسى عليه السلام: وكيف بك إذا رأيت أهل آخر الزمان لا يعيشون أكثر من سبعين سنة وهم يفنون أعمارهم ببناء القصور؟!! فقال الرجل: ما أشدّ جهلهم! لو أدركت زمانهم لجعلته سجدةً واحدةً!!

شاهد أيضاً

وَزِدْنَاهُمْ هُدًى – الرفق في القرآن الكريم

نصُّ الموعظة القرآنية: خاطب الله سبحانه نبيّه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم قائلاً: ﴿فَبِمَا ...