حالة الإنسان عند الموت
من جملة الأمور التي وردت في الكتاب الكريم حالة الإنسان عند مواجهته الواقعيّة للموت فيراه رأي العين، ويذكر لنا القرآن الكريم نوعاً من الخطاب والحوار بين هذا الإنسان الذي وصل إلى هذه الحقيقة التي لا مفرّ منها، وبين خالقه وبارئه صاحب السلطة والقدرة على محاسبته ونشر كتابه بما يحوي من صالح الأعمال وطالحها.
يقول تبارك وتعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ﴾ ، لكن يتفاجئ الإنسان ويصطدم باستحالة العودة، فاليوم حسابٌ ولا عمل، وقد أغفل عُمُراً كاملاً من إمكانيّة العمل دون حساب، فيأتيه الجواب: ﴿كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا﴾، والنتيجة: ﴿فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾ ، وهنا يكرّر الله عزّ وجلّ الاستنكار لأهل التمرّد والعصيان، فيسألهم سؤال مستنكر: ﴿أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ ، فيكون جوابهم واعترافهم بشقائهم وضلالهم راجين الله عزّ وجلّ أن يخرجهم من ورطتهم وعذابهم، واعدين إيّاه عدم العود إلى الظلم والمعصيّة، ليأتيهم الجواب كالصاعقة المحرقة لآمالهم والباعثة لآلامهم: ﴿قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ .
بعد هذا الحوار الصريح والباعث للخوف والرهبة، ينبغي لكُلّ عاقلٍ أن يقف مليّاً عند هذه الآيات الكريمات، فالمحتمل بل المقطوع به خطيرٌ جداً، ألا وهو جهنم والنيران وبئس المهاد والخزي العظيم.