والفشل السعودي في العدوان على اليمن لا يتثمل فقط في عدم تحقيق اية اهداف في هذه الحرب العبثية التي لا تستهدف أصلا سوى المدنيين وخاصة الاطفال والنساء، وما يعنيه ذلك من استهداف المستشفيات تارة وطورا اسواق الخضار وغيرها من المرافق الحيوية المعيشية والانسانية في اليمن، بل ان الفشل السعودي يظهر بشكل واضح من خلال عدم القدرة على رد نيران الجيش اليمني التي انطلقت اصلا باتجاه المواقع العسكرية السعودية ردا على تمادي العدوان لاكثر من شهرين دون اي رادع.
هل بات “الوحش” الارهابي قاب قوسين من ان ينقلب على من رباه تاريخيا؟
وطالما حذّر المراقبون من ارتدادات الفشل السعودي في اليمن على الداخل، فمن جهة سيصبح الارهاب مركزا لاستقطاب فئة من الناقمين على النظام الذي فشل في تطبيق نظريته في العدوان على اليمن، ومن جهة ثانية سيظهر لشرائح معينة من الشعب السعودي كيف ان الارهاب الذي طالما سوّقت له السعودية في اكثر من مكان سواء فوق الطاولة او في الكواليس بدأ يضرب داخل الاراضي السعودية ويستهدف المواطنيين، فبات السؤال يطرح نفسه، هل بات “الوحش” الذي ربته الوهابية قاب قوسين او أدنى من ان يفلت من عقاله على من رباه وغذاه تاريخيا؟
ويبدو ان مجريات الاحداث ستنحو باتجاه اعادة التساؤل عن الاخطاء السعودية في اليمن وهل أخطأت استراتيجيا عندما اتخذت قرارها بالاعتداء على “خاصرتها الحساسة”؟ وهل الخطأ الاستراتيجي هنا يشمل فقط فشلها في السيطرة على اليمن بما فيه من خيرات وموقع استراتيجي على الخارطة؟ ام ان “استراتيجية الخطأ” تشمل فيما ستفقده هذه الدولة وهذا النظام من هيبة في الداخل ايضا بعد فقدان هذه الهيبة خارجيا؟ باعتبار انها الام التي ما عادت تستطيع السيطرة على “ولدها العاق” المتثمل بالارهاب من جهة ومن جهة ثانية ما عادت تستطيع حماية مواطنيها في منطقة تشكل احد الشرايين الحيوية في “مملكة النفط”.
فاستهداف المنطقة الشرقية بتفجيرين لاسبوعين متاليين يطرح تساؤلات عن الامن الداخلي في السعودية ومدى صلابته وقدرته على الصمود بوجه الارهاب الذي إن تمادى سيؤدي الى عواقب وخيمة قد لا تبدأ بالتفجيرات المتنقلة وقد لا تنتهي بالفتن الطائفية التي طالما عملت السعودية على بثها وتغذيتها في اكثر من دولة ومنها اليمن.
فما هي أسباب هذا الفشل السعودي في تحقيق انجازات في العداون على اليمن؟ وما اسباب العجز عن ضبط الامن داخل المملكة؟ وما هي الارتدادات الداخلية للتفجيرات التي وقعت في المنطقة الشرقية سواء على المستوى الشعبي او على المستوى الرسمي؟
حول ذلك لفت الباحث السعودي “حمزة الحسن” الى انه “طالما تمَّ التحذير من ان الفشل السعودي في العدوان على اليمن سوف يرتد على الداخل السعودي فما جرى حتى الآن في اليمن يظهر ان هناك هزيمة سياسية واخلاقية للنظام السعودي”، واعتبر ان “ما جرى في التفجيرين في القديح والدمام ليس بقرار مباشر من هذا النظام وانما جاء نتيجة لتصرفاته، فالنظام بدأ بالتحريض الطائفي ضد ابناء المنطقة الشرقية كي لا يكون هناك من يعارضه بشأن عدوانه على اليمن فجاء الارهاب وحصد هذه الروح الطائفية والتحريض الطائفي الذي مارسه النظام السعودي وأداوته الوهابية”.
ورأى الحسن في حديث لموقع “قناة المنار” ان “الارهاب سيحاول ان يسحب من النظام قاعدته كي يستخدمها ضد النظام نفسه في مرحلة لاحقة”، واضاف ان “النظام المشغول اليوم في عدوانه على اليمن والمتوتر جراء ذلك يريد ان يقول للجميع خاصة بعد التفجير الاول في القديح ان أمن الناس من مسؤوليتي وان الناس لا تحمي نفسها بل الدولة تحميها، بمعنى ممنوع تشكيل لجان أهلية وشعبية في عنتريات واضحة”، وتابع “جاء التفجير الثاني في الدمام ليثبت فشل النظام السعودي وليحرجه أكثر فأكثر لذلك حاولت بعض وسائل الاعلام للقول ان اجهزة الامن هي من كشفت الارهابي الانتحاري بينما بعض الشباب ومنهم من استشهد في التفجير هو من اكتشف امر الانتحاري”.
الحسن: تفجير الدمام ضربة قوية للنظام السعودي والارهاب صناعة محلية
واكد الحسن ان “الفراغ الامني الذي تتركه السلطة لا بد انه سيتم تغطيته من قبل المواطنين فالشعب سيتصدى عند غياب الدولة”، ولفت الى ان “النظام السعودي طالما بنى مشروعيته من خلال التنظير انه حقق الامن والامان لسكان الجزيرة العربية”، وتابع “كان التفجير الثاني ضربة قوية للنظام السعودي وكشفه امام الرأي العام وأعطى المصداقية لمقولة ان الناس يجب ان يقوموا بالاولويات لحماية انفسهم على الاقل من خلال التفتيش وغيره من الاجراءات الامنية البسيطة”.
ورأى الحسن ان “الارهاب الذي فجّر في السعودية هو صناعة محلية وموجود في المنطقة الشرقية”، ونبه من ان “هذه المنطقة الشرقية متنوعة ثقافيا وتستقطب الناس من كل الاصناف والاجناس لا سيما على صعيد العمالة والاقتصاد وهنا مكمن الخطورة حيث توجد مراكز حيوية في هذه المنطقة”، وتابع ان “النظام السعودي بممارساته اتجاه الشيعة في المنطقة الشرقية يوجه بشكل او بآخر الارهاب لاستهدافهم”.
وحول وضع السعودية الحالي ومستقبلها، قال الحسن إن “الدولة في السعودية تحتاج الى اعادة ترميم على صعيد التغييرات الهيكلية من تغيير الخطاب الديني والسياسي الى الاصلاحات السياسية والشراكة الشعبية اي انها تحتاج الى عقلية اخرى تتعاطى مع الواقع وهذا غير متوقع من النظام والعقلية الحاكمة في السعودية اليوم”، وتابع “نحن في تدهور امني في السعودية وسوف يستمر لانه من غير المتوقع ان الحكومة ستراجع ممارساتها وأعمالها او ستكبح جماح المتطرفين”، واشار الى ان “النظام السعودي يتحجج دائما بأعذار عديدة لعدم القيام بالاصلاحات اللازمة واليوم يتحجج بحربه على اليمن وبأن اليوم ليس وقت اصلاحات”.
واعتبر الحسن ان “السعودية اليوم تميل الى التحلل الامني حيث ان قبضة النظام الباطلة بدأت تتفكك وهيبته في النفوس بدأت تخفّ والقلق عند الناس من ممارسات النظام بدأ يقل”، ولفت الى انه “ليس أهل المنطقة الشرقية او الشيعة في المنطقة الشرقية فقط يشعرون بالقلق من غياب الامن انما ايضا الشعب في باقي المناطق يشعر بذلك في الحجاز والرياض وغيرها من المناطق لان الناس تخاف من الخلايا الارهابية النائمة”.
واشار الحسن الى ان “هناك من يعتقد ان النظام ما زال قادر على ضبط الارهاب الذي يصنعه ويصدره لكل العالم ولكن طالما ان مصنع الارهاب بقي مفتوحا سيبقى الارهاب يضرب في الداخل كتعبير عن الفشل السعودي في الخارج”، وشدد على ان “تحويل المعارك السياسية الى معارك طائفية وخسائر النظام في معاركه ومشاريعه الخارجية صنعت من كل وهابي مشروع تكفيري داعشي خطير ولذلك بات الوضع الامني في السعودية خطيرا”.
واكد الحسن ان “ما جرى في السعودية اليوم يشكل رسالة تحذير لكل المواطنين كلٌ قرأها بطريقته، هذه الرسالة هي رسالة قلق وجودي على ما كان يسمى واحة الامن والامان وبأن هذه الواحة ما عادت واحة اليوم”، ونبه من ان “الارهابيين لن يذهبوا بعد اليوم فقط الى الدول الاخرى من العراق وسوريا وغيرها بل سيبقون ايضا في الداخل السعودي وسيحاولون تنفيذ افكارهم فيه ولذلك الخطر الكبير على الوجود السعودي”، وعبّر عن أسفه ان “النظام السعودي ما زال يعتقد انه يمكنه السيطرة على هؤلاء الارهابيين وهذه مشكلة كبيرة سيعاني منها في المستقبل”.
اذا لا بد من تحرك سعودي رسمي عاجل لضبط الارهاب في مهده ومنعه من التمدد والعمل براحة لتنفيذ جرائمه، كي لا تصل الامور الى ما لا تحمد عقباه في الجزيرة العربية وبلاد الحرمين الشريفين، وبالطبع فإن أي تحرك لن يكون كافيا اذا ما استبعد الشعب السعودي من المشاركة فيه لانه سيكون خطوة ناقصة لن تساعد في تشكيل السد المنيع بوجه الارهاب التكفيري..