مرت سنة كاملة على وجود السرطان التكفيري جاثماً على أرض نينوى منتهكاً السيادة الوطنية والحضارة الوطنية والكرامة الوطنية وعابثاً بأرواح المواطنين ومستبيحاً للأرض والعرض بممارساته الظلامية التي جاء بها من تراث القرون الوسطى ومستفيداً من الدعم المحلي والعربي والدولي وتراخي القبضة العسكرية للتحالف الدولي وإنشغال الجهد العسكري العراقي بكل مسمياته الحكومية والشعبية بتحرير محافظة صلاح الدين الكبيرة ومحافظة الأنبار الشاسعة.
مرت سنة كاملة وجميع المكونات المتآخية من أبناء نينوى من المسيحيين والمسلمين والأيزيديين والشبك والتركمان والعرب والكورد والكلدانيين مازالوا رهيني مخيمات وهياكل تفتقر الى ابسط مقومات العيش الكريم اضافة الى ماتعانيه النساء والاطفال وكبار السن من نقص في جميع الجوانب التعليمية والصحية والاجتماعية والغذائية،
ومازالوا أمام مستقبل مجهول وغامض وهم في احوال سيئة ومن يعيش منهم تحت سطوة داعش الإرهابي فإنه يعاني اسوء استغلال من قبل هذه العصابات المارقة لتنفيذ مخططاتهم الخبيثة واللاانسانية حيث تتعرض النساء لعمليات الاغتصاب ويجري غسل عقول الاطفال وتجنيدهم لإدامة التنظيم الارهابي وهذا ما يتناقض مع أبسط حقوق الإنسان الطبيعية،
وتوالي الأخبار عن الإعدامات العلنية في الشوارع والساحات العامة لعلماء دين وأطباء وصحافيين ومنتسبي أجهزة أمنية سابقين وآخرين لأسباب تافهة.. وتحت ضغط كل هذه العوامل مازالت مرارة الذكرى لإحتلال مدينة الموصل وبعض مدن وقصبات نينوى تؤشر إلى خرق من نوع غير معتاد لسقوط هذه المحافظة بالسرعة والسيناريو الذي تمت معرفة تفاصيله فيما بعد.
لقد زاد من فداحة الكارثة في بدايتها السكوت عدة أشهر وعدم محاسبة أي قائد أو ضابط أو مسؤول حكومي تسبب في الإنهيار السريع للمنظومة الأمنية العريضة التي كانت تمسك بالملف الأمني لهذه المحافظة المهمة من قبل الحكومة،
لكننا رأينا أن بعض وسائل الإعلام هي من قامت بالدور واستضافت محللين عسكريين وقيادات كانت جزءاً من الإنهيار الذي حصل وأخذت المعلومات العسكرية السرية تلوك بها الألسن وتتقاذفها الحناجر حتى باتت مادة دسمة للإعلام الداعشي للتندر والسخرية من الجيش العراقي الذي فقد الكثير من ثقة الشعب بقياداته الميدانية المتقدمة، مما جعل المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف أن تأخذ المبادرة وتنقذ الإنهيار الجامع المتوقع وتصدر الفتوى التأريخية للجهاد الكفائي وإندفاع الملايين من العراقيين للتطوع في الحشد الشعبي وإيقاف عجلة الإنهيار عن الدوران ومن ثم تحقيق الإنتصارات تلو الإنتصارات في تحرير المحافظات والمدن والقصبات بسرعة فائقة..
وكنت انا ـ كاتب هذه السطور ـ شخصياً في بغداد في تلك الأيام لسقوط نينوى من العام الفائت وصادف أن التقيت بأحد المسؤولين لأسأله عن مصير القائد الكبير فلان الذي إستلم مقر قيادة العمليات المشتركة موفداً من القائد العام والقائد الفلاني الذي فتح مقراً جوالاً للقيادة العامة للقوات المسلحة ولماذا هربا قبل الجنود لتدخل داعش الى الموصل بهذه السرعة العجيبة، فصدمني حين أجاب.. إن من تسال عنهما هما الآن ضمن خلية الأزمة في مكتب القائد العام للقوات المسلحة معززان ومكرمان ويستمزج رأيهما في القرار القادم.. في خلية الأزمة !! بدل أن يكونا في دائرة النقمة، والمحاسبة ومجلس التحقيق الفوري.
ومنذ ذلك الوقت وبعد تشكيل الحكومة الجديدة بدأت اللجنة التحقيقية التي شكلها البرلمان العراقي لبحث أسباب السقوط، وأخذت على عاتقها إستضافة وإستجواب القادة والضباط والمعنيين من المسؤولين وتعهدت أنها سوف تقدم تقريرها النهائي في غضون شهر، لكنها ما تزال الى اليوم، وبعد مرور سنة كاملة، تنتظر إجابات رئيس الوزراء والقائد العام السابق للقوات المسلحة عن الأسئلة التي وجهتها له بعد أن أفادت مصادر برلمانية ان الأخير رفض المثول أمام اللجنة التحقيقية شخصياً.
لقد خاضت اللجنة التحقيقية في نكسة سقوط الموصل بيد داعش الإرهابي في مياه سياسية وقانونية وحلة وصعبة، ولكنها إستطاعت أن تستجوب أكثر من مائة شخصية أمنية وعسكرية وسياسية في أحداث سقوط مدينة الموصل، وما يزال أمامها التحدي الكبير في الحصول على إفادة القائد العام للقوات المسلحة السابق لكي تكمل التحقيق الذي وعدت بإكماله في مطلع تموز المقبل.. والذي كان أحد أصدائه المجلجلة إقالة محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي.
وربّ قول أنفذ من صول.