توصلت إيران والقوى الكبرى اليوم (الثلثاء)، في فيينا إلى اتفاق تاريخي حول الملف النووي الإيراني الذي يسمم العلاقات الدولية منذ 12 عاماً.
وأعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عند بدء الاجتماع الوزاري النهائي لمفاوضي إيران والقوى الكبرى في فيينا التوصل إلى اتفاق حول الملف النووي مؤكداً أنها «لحظة تاريخية».
ورحب الرئيس الإيراني حسن روحاني على الفور بالاتفاق معتبراً أنه يفتح «آفاقا جديدة» فيما نددت به إسرائيل بشدة.
وقال حميد بعيدي نجاد أحد أبرز المفاوضين الإيرانيين: «الحمد لله تكللت المفاوضات النووية بالنجاح» بعد 21 شهراً من المحادثات وجولة أخيرة استمرت أكثر من 17 يوماً من المفاوضات الشاقة لإنهاء الملف.
ويهدف الاتفاق إلى ضمان عدم استخدام البرنامج النووي الإيراني لأغراض عسكرية، لقاء رفع العقوبات الدولية التي تخنق اقتصاد هذا البلد.
ويفتح الاتفاق الذي يسمح لإيران بمواصلة برنامجها النووي المدني الطريق أمام تطبيع في العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية بين إيران والأسرة الدولية.
في طهران، اعتبر روحاني أن الاتفاق النووي يفتح «آفاقاً جديدة» بعد حل «هذه الأزمة غير الضرورية».
وفي تغريدة على «تويتر» كتب روحاني أن نجاح المحادثات دليل على أن «الالتزام البناء يأتي ثماراً» وأنه بات من الممكن الآن «التركيز على التحديات المشتركة» في إشارة إلى مكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش).
من جهته ندد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على الفور بالاتفاق معتبراً إياه «خطأ تاريخياً».
وقال نتانياهو في بداية اجتماع مع وزير الخارجية الهولندي بيرت كوندرز، إنه «تم تقديم تنازلات كبرى في جميع القضايا التي كان من المفترض ان تمنع إيران فيها من امتلاك قدرة على التزود بأسلحة نووية».
وتعقد إيران والدول الكبرى في مجموعة «5+1» جلسة ختامية في مقر الأمم المتحدة في فيينا قبل بيان ختامي لوزيري الخارجية الإيراني والأوروبي.
وأعلنت «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» المدعوة إلى لعب دور مهم في تطبيق الاتفاق أنها وقعت مع إيران «خارطة طريق» تجيز التحقيق في النشاطات النووية السابقة لإيران التي يشتبه بانها كانت تنطوي على بعد عسكري.
ووصف مدير «الهيئة الدولية يوكيا أمانو هذا الاتفاق «بالتقدم المهم».
وقال الناطق باسم البيت الأبيض جوش إيرنست إن المفاوضين، بدءاً بالأميركي جون كيري والإيراني محمد جواد ظريف، سعوا حتى اللحظة الأخيرة لحل «نقاط الخلاف» المتبقية.
وجاء الاتفاق بعد انتظار طويل لأنه كان مقرراً أساساً في 30 حزيران (يونيو) الماضي، إلا ان الموعد ارجئ عدة مرات بسبب أهمية المسائل التي تم التفاوض في شانها.
وتفرض الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة منذ نحو 10 سنوات عقوبات على غيران لإجبارها على التفاوض بعد اتهامها بالسعي لإنتاج قنبلة نووية تحت ستار برنامجها النووي السلمي.
ولم تبدأ المفاوضات فعلياً إلا في العام 2013 بعد انتخاب حسن روحاني رئيساً وهو الذي وعد في برنامجه الانتخابي بالسعي إلى رفع العقوبات عن إيران. وفي نيسان (ابريل) الماضي توصل المفاوضون في لوزان الى اتفاق إطار حدد المبادئ الأساسية للاتفاق النهائي.
ووافقت إيران على الحد من عدد أجهزة الطرد المركزي ومخزونها من اليورانيوم المخصب، الأمر الذي سيجعل من المستحيل عليها صنع قنبلة ذرية.
وتمهيدا لإبرام الاتفاق، دعا وزير الداخلية الإيراني السلطات المحلية إلى التحضير لاحتفالات في الشارع إذ يأمل السكان في أن يتيح رفع العقوبات الدولة تحسين ظروف حياة الإيرانيين.
ومحادثات فيينا شكلت إحدى أطول جولات المفاوضات الدولية على المستوى الوزاري في مكان واحد، منذ تلك التي افضت إلى اتفاقات دايتون وأنهت في العام 1995 حرب البوسنة.
ومددت المفاوضات مراراً بسبب خلافات تركزت خصوصاً على المدة للتوصل الى اتفاق، وعلى وتيرة رفع العقوبات والدخول الى المواقع العسكرية الإيرانية.
وتعثرت أيضاً على خلفية رفع القيود عن البرنامج «البالستي» الإيراني وتجارة أسلحة، كما تطالب إيران مدعومة بروسيا.
واعتبر الغربيون أن هذا الطلب دقيق بسبب ضلوع إيران في العديد من النزاعات في منطقة الشرق الأوسط وخصوصاً في سورية والعراق.
ولا تنظر العديد من دول الشرق الأوسط بارتياح إلى هذا الاتفاق بين إيران والقوى الكبرى لأنها تعتبر أنه سيطلق يدها في المنطقة بعد أن تكون تحررت من العقوبات.
ويفترض أن ينظر الكونغرس الأميركي الذي يسيطر عليه «الجمهوريون» الحذرون جداً حيال إيران، في الاتفاق الذي يشكل نجاحا ًكبيراً للرئيس «الديموقراطي» باراك أوباما ونظيره الإيراني المعتدل حسن روحاني.