حرمة تكفير المسلمين والإساءة إلى مقدسات الأمة الإسلامية في فتاوى وآراء مراجع الدين والعلماء المسلمين الشيعة.
الجزء الثالث عشر –
المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ حسين المظاهري
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ ما دوّنتموه في سؤالكم حقيقةٌ مرّةٌ يجب على جميع المسلمين في العالم الالتفات إليها ووضع حلولٍ من أجل معالجتها، لا سيّما علماء المذاهب الإسلامية وقادة البلدان المسلمة. واليوم فإنّ الاستكبار العالمي وأعداء الإسلام يوسّعون من نطاق سلطتهم الثقيلة يوماً بعد يومٍ، ويرسّخونها أكثر فأكثر، وذلك عن طريق تأجيج خلافاتٍ في صفوف المسلمين، ولا سيّما الخلافات المذهبية والعقائدية.
القرآن الكريم يؤكّد أنّ هذه الخلافات كالنار والعذاب اللّذَينِ يسيطران على المجتمع الإسلامي كما جاء في قوله تعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)، ويؤكّد أنّ الاستكبار وأعداء الإنسانية والمعنوية لو تمكّنوا من السيطرة على البشر، فسبب ذلك يعود إلى تأجيج هذه الخلافات كما جاء في قوله تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا). وعلاج هذا المرض الأليم، ورفع هذا البلاء العظيم لا يكون ممكناً إلا عبر العمل بأوامر القرآن الكريم: (تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم).
بناءً على هذا، وكما تمّ تأكيده مراراً، لا يجوز عقلاً ولا شرعاً إثارة الخلافات من قبل أيّ شخصٍ أو فئةٍ، كما لا تجوز إثارة المشاعر المذهبية، ولا سيّما إهانة مقدّسات المسلمين ومعتقداتهم، ولا يجوز إيجاد تفرقةٍ في صفوف أتباع النبيّ العظيمصلى الله عليه و آله.
أمّا الأعمال التخريبية والانتحارية التي تقوم بها الزُّمر التكفيرية والمتحجّرة، والتي تؤدّي إلى مقتل المسلمين الأبرياء، فهي أعمال قبيحةٌ لاإنسانيةٍ تؤلم قلب كلّ إنسانٍ حرٍّ، وإنها بالتأكيد مراد أعداء الإسلام والمسلمين، فالاستكبار العالمي يسعى لإرغام المسلمين على اتّباعه عن طريق تأجيج هذه الخلافات والأعمال التي تزرع بذور التفرقة، ومن البديهي أنّ اتّباع الأعداء والاستكبار العالمي من كبائر الذنوب.
نسأل الله تعالى أن يحفظ المسلمين من شرّ الخلافات والتفرقة، وأن يوفّق كلّ من يعمل على توثيق وحدة المسلمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حسين المظاهري
4جمادى الأولى 1434
المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ ناصر مکارم الشيرازي
لقد أكّدنا مراراً أنّ الوحدة بين المسلمين والتقريب بين المذاهب الإسلامية هما من أهمّ الأمور في كلّ زمان، ولا سيّما في الظروف الراهنة؛ لذا فإنّ أيّة إهانةٍ لمقدّسات الآخرين لا تجوز شرعاً، ويجب على المسلمين شيعةً وسنّةً الحذر من الوقوع في فخّ أعداء الإسلام، وعدم تأجيج أيّة فتنةٍ طائفيةٍ. أمّا العمليّات الانتحارية وإراقة دماء الأبرياء فهي من أكبر الكبائر، وهي مصداقٌ واضحٌ للفساد في الأرض، وتوجب الخلود في نار جهنّم، وتعكس صورةً فظّةً وغير مقبولةٍ للإسلام الذي هو دين الرحمة والرأفة.
نسأل الله تعالى أن يهدي جميع العصاة والضالّين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المرجع الديني آية الله العظمى السيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)
الأنبياء، 92
إنّ الوحدة والأُخوّة هما من أثمن النِّعم الإلهية التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم، حيث قال: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) آل عمران، 103
كيف يمكن لأحدٍ أن يدّعي أنّه من أتباع نبيّ الرحمةصلى الله عليه و آله، ويُسمّي نفسه مسلماً دون أن يحترم حياة الآخرين وأعراضهم وأموالهم؟!
الذين يعتقدون بأنّهم يدافعون عن الإسلام من خلال العنف وإراقة الدماء، هم مخدوعون، وقد أصبحوا وسيلةً لتحقيق أطماع أعداء الأمّة الإسلامية. وفي عالمنا اليوم فإنّ التفرقة بين المسلمين سوف لا تسلبهم شوكتهم وعظمتهم وطمأنينتهم فحسب، بل إنّها سوف تكون سبباً لإهانة الإسلام في أنظار العالم، ويجب على أتباع أهل البيت: تحمّل هذه المسؤولية قبل سائر إخوانهم المسلمين.
نحن نفتخر بأنّنا من أتباع الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وحقيقة التشيّع هي السير في طريقٍ سلكه إمام أهل الإيمان، وهذا الإمام لم يكن يسمح بسبّ الآخرين أو إهانتهم، حيث كان ينهى عن السيّئ من القول. فهذا الرجل الفذّ قد مضى قُدماً نحو العمل على تحقيق مصالح الإسلام والمسلمين، ودعا إلى الإصلاح بين المسلمين وتآخيهم ووحدتهم، و إلى فضّ النزاعات التي كانت موجودةً بينهم، ولم تأخذه في الله لومة لائمٍ.
نرجو من المسلمين كافّةً، ولا سيّما أتباع مدرسة أهل البيت:، مراعاة مصالح الأمّة وترجيحها على النزاعات الطائفية في عصرنا الذي يعجّ بالفوضى، ونأمل منهم أن يجعلوا تعاليم الوحي ونصائح رسول الله صلى الله عليه و آله على رأس أعمالهم.
اللّهم اجعل كيد الكافرين في تضليلٍ
مكتب آية الله العظمى الموسوي الأردبيلي ـ الاستفتاءات
المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ بشير النجفي
باسمه سبحانه
الأول: کلّ من يقرّ بالتوحيد، ويعتقد بنبوة محمد بن عبدالله صلى الله عليه و آله وأن رسالته خاتمة النبوات والرسالات الإلهية وبالمعاد، ولا يرفض شيئاً مما علم وثبت أنه من الإسلام فهو مسلم تشمله الأحکام الإسلامية، وهو محقون الدم والعرض والمال، ويجب على المسلمين جميعاً الدفاع عنه وعن ماله وعن عرضه والله العالم.
الثاني: من يقر بالشهادتين: الشهادة بالتوحيد والشهادة بنبوة محمد بن عبدالله صلى الله عليه و آله وبالقيامة ولا يرفض ما ثبت أنه من الدين الإسلامي لا يجوز تکفيره، بل روي عن النبي صلى الله عليه و آله منع ذلك منعاً باتاً، ومن يشيع الفتن الطائفية أو يکفر أية طائفة تؤمن وتقر بما ذکرناه فهو إما جاهل أو متجاهل أو معاند للإسلام اندس بين المسلمين لخدمة المستکبر الکافر بغية تشتيت المسلمين لتفريقهم وجعلهم طرائق قدداً والله العالم.
المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ حسين نوري الهمداني
بسمه تعالى
كلّ من ينطق بالشهادتين ـ باستثناء النواصب والخوارج ـ فهو مسلمٌ وتجري عليه أحكام الإسلام كالإرث وحفظ حياته وماله وما إلى ذلك من أحكام، والذين يروّجون للتفرقة في صفوف الأمّة الإسلامية ويكفّرون المسلمين فإنّهم خارجون من حقيقة الدين، وهؤلاء إن لم يكونوا عملاء للاستعمار بشكلٍ مباشرٍ فإنّهم بكلّ تأكيدٍ يعملون على تحقيق أهدافه الضالّة والتي ترمي إلى القضاء على الإسلام والإطاحة بدين النبي الأكرم محمّد صلى الله عليه و آله ومحو اسمه.
قال تعالى في كتابه الكريم: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) الكهف، 103 و 104
إن شاء الله تعالى تبقى أقدام جميع المسلمين ثابتةً أكثر ممّا مضى لرفع اسم إسلامنا الحنيف والحفاظ على عزّته عبر إدراكهم للمكائد التي يحوكها أعدائه، لذا عليهم أن يبذلوا جهودهم في هذا الطريق وأن يتورّعوا عن إهانة مقدّسات المسلمين لأنّها تسفر عن بثّ التفرقة والنفاق بين أبناء الأمّة الإسلامية وهذه التفرقة بالطبع تنصبّ في خدمة مصالح الأعداء.
وكلّ عملٍ من شأنه إراقة دماء المسلمين والأبرياء فهو حرامٌ.
حسين نوري الهمداني
آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي
بسم الله الرحمن الرحيم
1. من يشهد الشهادتين، ويقرّ بحدود الله تعالى و أحكامه الضرورية في الإسلام المتفق عليها بين المسلمين فهو مسلم، يَحْرُمُ دمه وماله. وقد صح عن رسولالله صلى الله عليه و آله: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله».[5]
2. وقد وصف رسول الله صلى الله عليه و آله الذين يقتلون المسلمين من غير حدٍّ شرعي بيّن في الكتاب والسنة بالكفر في حديث متفق عليه. قال صلى الله عليه و آله في حجة الوداع بمسجد الخيف من منى : «إنّ أموالكم ودماءكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، …». ثم قال صلى الله عليه و آله : «لاترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض».[6]
3. ولاتجوز إثارة الفتنة الطائفية والشحناء والبغضاء والتفريق بين المسلمين، ولايجوز العمل على تشتيت الصف الإسلامي الواحد، وإثارة الخلافات والتقاطعات والتنابذ فيما بين المسلمين، يقول تعالى: {وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا}. ولاشكَّ أن توجيه الإساءة إلى العناوين والرموز المقدسة لطوائف المسلمين من أكبر عوامل التفريق الذي نهانا الله تعالى عنه.
4. وقد أمرنا بالاحسان، وحسن المعاشرة، والتعاون، والتضامن، والتزاور، والتحابب مع سائر المسلمين بكل طوائفهم ومذاهبهم، عدى النواصب، والروايات في ذلك كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه و آله. وقد صحّ الكثير منها، كما ورد عن طريق أهل البيت: روايات كثيرة بأسانيد معتبرة في هذا المعنى ذكرناها وصححناها في كتابنا: «الفتنة الطائفية».
5. ولايعني ذلك المنع من الحوار الفقهي والعقائدي فيما بين علماء المسلمين من المذاهب المختلفة، بلغة علمية، وفي جوٍّ من الحوار العلمي الموضوعي. فإنّ هذا الحوار يؤدي بالتأكيد إلى التكامل والتراشد والتوافد الثقافي الفقهي العقائدي فيما بين المسلمين، وهو مما يحثّ عليه الإسلام.
نسأل الله تعالى أن يوحّد صف المسلمين، وكلمتهم، ومواقفهم، ويؤيّد الدعاة إلى التقريب و التوحيد بين المسلمين.
محمد مهدي الآصفي
في 28/ ج2 / 1434
النجف الأشرف
آية الله الشيخ محمّد هاشم صالحي مدرّس
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد أكّد الإسلام على موضوع الوحدة بين المسلمين تأكيداً كبيراً لدرجة أنّنا لا نجد موضوعاً تمّ التأكيد عليه إلى هذا الحدّ بعد نفي الشـرك بالله تعالى، حتّى قيل إنّ الإسلام بُني على دعامتين: كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة. وعلى هذا الأساس فإنّ التعدّي على أرواح المسلمين وأموالهم وأعراضهم يعدّ من كبائر الذنوب والمحرّمات في ديننا الإسلامي، كما لا يُجيز الإسلام إهانة معتقدات أيّ دينٍ أو مذهب من مختلف المذاهب الإسلامية.
أمّا العمليات الانتحارية التي ترتكب ضدّ المسلمين، وتؤدّي إلى إزهاق أرواحهم في مختلف بلدان العالم، فهي من المحرّمات في الدين ومصداقٌ للفساد في الأرض، ومن الذنوب التي لا تُغفر، وكلّ من يرتكبها فهو مخلّدٌ في نار جهنّم. ويجب على المسلمين شيعةً وسنّةً أن يحذروا من مؤامرات أعداء الإسلام والذين يزرعون التفرقة والزُّمَر التكفيرية.
إنّ واجب جميع المسلمين أن يعكسوا لشعوب العالم الوجه الحقيقيّ للدين الإسلامي الحنيف، وهو دين الرحمة والمحبّة والرأفة، والقائم على أساس مبدأ «جادلهم بالتي هي أحسن». كما يجب عليهم التعاون لحفظ الأُخوّة لترويج الإسلام.
محمّد هاشم صالحي
آية الله الشيخ آصف محسني
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد دائماً
أوّلاً: إنّ كلّ من يوحّد الله تعالى، ويؤمن برسالة سيّدنا محمّد المصطفى صلى الله عليه و آله وبأنّه خاتم الأنبياء والمرسلين، ويؤمن بيوم القيامة، فهو مسلمٌ.
ثانياً: التعدّي على أرواح جميع المسلمين وأموالهم وأعراضهم حرامٌ مؤكّدٌ.
ثالثاً: المسلم هو أخ المسلم، ويجب على كلّ مسلمٍ العمل على حفظ الأُخوّة لترويج الإسلام والتسامح في المسائل الخلافية.
رابعاً: زرع الخلافات بين أتباع مختلف المذاهب الإسلامية يعدّ خيانةً للدين الإسلامي.
آصف محسني ـ أفغانستان
آية الله الشيخ محمد رضا مهدوي کني
بسم الله الرحمن الرحيم
كل من يقر بالشهادتين (الشهادة بتوحيد اللهِ تعالى وبنبوّة خاتمِ الأنبياء صلى الله عليه و آله) هو مسلم، إلا الذين يكنون العداء لأهلِ بيت النبي: ويظهِرونه.
شيعة أهلِ البيت: مكلّفون بالتعاملِ مع جميعِ المسلمين بأخوّة ومحبة، والاقتداء بهم في صلاة الجماعة، وتشييعِ جنائزهم، وعيادة مرضاهم، ومصادقتهِم ومساعدتهِم، ويجب عليهم اجتناب التفرقة والعداوة مع سائرِ المسلمين لأن هذا الأمر هو مراد أعداء الإسلام. وكذلك فهم مكلفون باحترامِ مقدسات جميعِ المذاهب، وعليهم معرفة الفتنِ التي يخلقها أعداء الإسلامِ الذين ينتابهم القلق من الصحوة الإسلامية. قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً). اللّهم انصـرِ الإسلام وأهله، واخذل الكفر وأهله.
إن تكفير المسلمين و قتلهم من أية فرقة كانوا، والغارة على أموالهم حرام، وهذه الأعمال تعد من كبائرِ الذنوب. قال الله عز وجل: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا).
محمد رضا مهدوي كني
أمين جماعة العلماء المناضلين في طهران
رئيس مجلس خبراء القيادة
آية الله الشيخ محمد اليزدي
بسم الله الرحمن الرحيم
قالَ اللهُ تعالى: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ). الأنعام، 108
إن القرآن الكريم ينهى بِصـراحة عن سب الذين ينحرفون عن طريق الصوابِ ولعنهِم، لأن ذلك يجعلهم يتفوهون بكلامٍ غير لائق عن اللهِ تبارك وتعالى. لو تأملنا في هذه الآية المباركة للاحظنا أنها قد عيّنت ملاكا كليا، وهو النهي عن العملِ الذي يثير عداء الآخرين ويجعلهم يرتكبون فعلاً قبيحاً؛ لذا فإن القيام بلعنِ الذين يحظون باحترامِ فئة من الناسِ وسَبِّهِم، ولا سيما الذين يجسدون رمزا دينيا، هو فعل خاطئ وإذا ما تسبب في مقتلِ بعضِ الناس، أو إتلاف أموالهم، أو التعدّي على أعراضهِم فهو بكلِ تأكيد حرام ومخالف للشريعة البينة، ومن يفعل ذلك فهو مسؤول في الدنيا والآخرة. ولا فرق بين كون هذا العمل من لعنٍ وسبٍ على شكلِ خطابٍ أو شعر أو أنشودة، أو حتى عزاء وتأبين، أو مسـرحية أو مشهد سينمائيٍ، ولا فرق بين القيام به في الأجواء الحقيقية أو الافتراضية. فلا فرق في طبيعة هذا العمل لأنه يتسبب في مقتلِ الناس، وهتك حرماتهم، وإتلاف أموالهم، وإباحة أعراضهم.
وحسب هذه المقدمة العامة التي ذكرناها، ففي هذا العالم الذي لا يبقى فيه شيء خفي بسببِ الأقمار الاصطناعية التي تغطي الأجواء والأجهزة الاستخباراتية والجاسوسية التي تنتشـر في الأصقاعِ، ونظرا لوجود وسائلِ الاتصال الجماعية الحديثة التي تنقل الأحداث بسـرعة عبر الإنترنيت والراديو والتلفزيون والهاتف النقال وسائرِ وسائلِ التقارير الخبرية؛ فإن القيام بلعنِ وسب أربابِ المذاهبِ الدينية، ولا سيما الأنبياء الكرام والخلفاء ومن ينوب عنهم وخصوصا الشخصيات الإسلامية البارزة، وأخص بالذکر خلفاء صدر الإسلامِ وأبناء النبي صلى الله عليه و آله وزوجاته هو عمل غير جائز؛ لأنه منشأ لنزاعات عديدة في مختلف البلدان الإسلامية، وهو حرام بالتأكيد، والسنة العملية لأئمة الهدى: وأفعالهم، ولا سيّما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، دليل على ذلك.
وبشكلٍ عام، فإن اللعن والسب في جميعِ الأحيان ليس لهما أي دور أو تأثير لبيان الحق مطلقاً. كما يجب الالتفات إلى أن البحث العلمي لإثبات حقيقة ما بِواسطة العلماء والمفكرين والنخبِ بِشكلٍ فردي أو جماعي، في أجواء علمية وتعليمية وبحثية، وفي نطاق الحوزات العلمية والجامعات، قد تم ويتم بعيدا عن الميول السياسية والتحزبِ والتعصب، والكثير من التطورات العلمية في جميعِ فروعِ العلوم الإنسانية والمسائل الدينية والعقائدية أو في سائرِ الفروعِ العلمية هي في الحقيقة رهينة لهذه الأجواء التي كانت ولا زالت بعيدة عن مشاعر المحبة والعداوة.
نأمل من جميعِ فئات الأمة الإسلامية الاهتمام أكثر بهذه المسائل عبر معرفة واقعِ الزمان وظروف العالم المعاصرِ، وعلينا التصـرف بشكلٍ موضوعي ومعقول ومنطقي أكثر لكي يحفظنا الله عز وجل، إن شاء الله تعالى.
محمّد اليزدي
رئيس جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية بمدينة قم