الرئيسية / تقاريـــر / الاتفاق النووي الايراني.. هل يغير ملامح الشرق الأوسط؟ – عبد الامير رويح

الاتفاق النووي الايراني.. هل يغير ملامح الشرق الأوسط؟ – عبد الامير رويح

الاتفاق النووي التاريخي الذي توصلت إليه الدول السداسية الكبرى وإيران بعد سنوات من المفاوضات المتعبة، والذي يتضمن رفع العقوبات عن طهران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، هو الان وكما يقول بعض الخبراء محط اهتمام واسع خصوصا مع اختلاف التحليلات والآراء وتباين ردود الأفعال الدولية حول هذا الاتفاق، الذي عده الكثير من المراقبين بأنه اتفاق مهم وخطوة ايجابية ستسهم بتغير الخارطة السياسية العالمية، ستكون له انعكاسات اقتصادية وأمنية واسعة وعميقة على منطقة الشرق الأوسط بوجه خاص، ودول العالم بشكل عام.

وينظم الاتفاق وكما تنقل بعض المصادر رفع العقوبات المفروضة على طهران منذ عقود، مقابل منعها من تطوير صواريخ نووية وحظر تصدير الأسلحة لإيران، وقبولها زيارة مواقعها النووية، ويأتي استكمالا لاتفاق لوزان. وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية أن الاتفاق ينص على الإفراج عن جزء من الأرصدة الإيرانية المجمدة في الخارج، مؤكدة أن المنشآت النووية في البلاد ستستمر في العمل، وأنه لن يتوقف أي منها أو يجري التخلص منها.

يرى مراقبون أن الولايات المتحدة ومن خلال هذا الاتفاق قد حققت أهدافا استراتيجية أهم بكثير من المكاسب التكتيكية التي حصلت عليها إيران التي قدمت تنازلات كبيرة بخصوص هذا الملف، وهو ما عارضة بعض الخبراء الذين اكدوا على ان ايران، قد حققت انتصارا مهما وحصلت على مكاسب قيمه اهمها الاعتراف بها كقوة نووية ولاعب دولي اساسي في المنطقة والعالم، وأن أميركا التي تعاني الكثير من الضغوط والمشكلات تريد إشراكها في وضع الحلول للمشاكل المستعصية، خصوصا تلك التي تتعلق بأمن المنطقة.

من جانب اخر وكما يقول بعض المراقبين فان الحديث عن نجاح هذا الاتفاق التاريخي الذي رحبت فيه معظم الدول قد يكون سابقا لأوانه خصوصا مع وجود اطراف كثيرة تعارض هذا الاتفاق سواء في داخل ايران او الولايات المتحدة، هذا بالإضافة الى إسرائيل والسعودية التي تخشى التمدد الإيراني في المنطقة، حيث يؤكد البعض ان الايام القادمة ربما قد تشهد تحركات وحرب اعلامية كبيرة من قبل المعارضين في سبيل افشال هذا الاتفاق. ويشار إلى أن طموحات إيران النووية تعود إلى يوم 5 مارس/آذار 1957 عندما أعلن الشاه محمد رضا بهلوي عن البدء في بناء مشروع للبحوث والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية. ووفق معلومات، فإن إيران تمتلك عدة منشآت نووية بينها ستة مفاعلات، وتشغل 18 ألف جهاز طرد مركزي.

اتفاق قد يغير الكثير

 

وفي هذا الشأن فقد توصلت إيران والقوى العالمية الست إلى اتفاق نووي بعد أكثر من عشر سنوات من المفاوضات المتقطعة لإبرام اتفاق قد يغير ملامح منطقة الشرق الأوسط. وأشاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالاتفاق بوصفه خطوة نحو عالم “أكثر تفاؤلا” بينما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن الاتفاق يثبت أن “الحوار البناء يؤتي ثماره”.

وفي رد فعل قلق على الأنباء عن أن القوى الدولية الست وافقت على رفع العقوبات عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي أدان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولون إسرائيليون كبار آخرون الاتفاق التاريخي. ووصف نتنياهو – الذي شبه إيران بتنظيم داعش الاتفاق بأنه “خطأ تاريخي مذهل”.

وقال مكتب نتنياهو إن الحكومة الإسرائيلية المصغرة المعنية بالشؤون الأمنية اجتمعت لبحث الاتفاق النووي وقالت إن إسرائيل غير ملزمة بهذا الاتفاق. وسيطرح الاتفاق الآن للنقاش في الكونجرس الأمريكي لكن أوباما قال إنه سيستخدم حق النقض ضد أي تحرك لرفضه. وقال أوباما “هذا الاتفاق يوفر فرصة للتحرك في اتجاه جديد. ينبغي أن نستغلها.”

ويقضي الاتفاق برفع العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة على إيران مقابل موافقتها على فرض قيود طويلة الأجل على برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب بأنه يهدف إلى صنع قنبلة ذرية. وفي أول رد فعل رسمي قالت السعودية إنها تؤيد اتفاقا لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية لكنها أكدت أهمية وجود آلية تفتيش صارمة مع آلية لإعادة فرض العقوبات. ونسبت وكالة الأنباء السعودية الرسمية التصريحات “لمصدر مسؤول” وأكد فيها أن “المملكة تشارك دول 5 زائد 1 والمجتمع الدولي باستمرار العقوبات المفروضة على إيران بسبب دعمها للإرهاب وانتهاكها للاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بالتسليح.” وتتكون مجموعة خمسة زائد واحد من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا والمانيا.

ويمثل الاتفاق نجاحا سياسيا كبيرا لكل من أوباما الذي سبق ووعد بمد يده لأعداء تاريخيين وروحاني الذي انتخب قبل عامين بوعد بتقليص العزلة الدولية المفروضة على بلاده التي يسكنها قرابة 80 مليون نسمة. لكن الزعيمين يواجهان شكوكا من متشددين أقوياء في الداخل بعد عقود من العداوة بين البلدين حيث أطلقت ايران على امريكا اسم “الشيطان الأكبر” بينما وصفت واشنطن ايران بانها عضو “في محور الشر”.

وفي كلمة بثها التلفزيون قال روحاني “اليوم نهاية الطغيان ضد بلدنا وبداية التعاون مع العالم… هذا اتفاق متبادل. اذا التزموا به سنلتزم به. الدولة الإيرانية التزمت دوما بوعودها ومعاهداتها.” ورقص الإيرانيون في شوارع طهران وأطلقوا أبواق سياراتهم ورفعوا شارات النصر احتفالا بعد إعلان الاتفاق الذي يأملون أن ينهي سنوات من العقوبات والعزلة. وبالنسبة لأوباما فإن المساعي الدبلوماسية مع إيران التي بدأت في السر قبل أكثر من عامين تقف على نفس مستوى مساعيه لتطبيع العلاقات مع كوبا باعتبارها خطوات تاريخية في ميراث يقوم على المصالحة مع الأعداء وشكل تحديا لمن سبقوه على مدى عقود.

وقال أوباما في خطاب بثه التلفزيون “التاريخ يظهر أن على أمريكا أن تقود ليس فقط بقوتها لكن بمبادئها.. إعلان اليوم يمثل فصلا آخر في مساعينا نحو عالم أكثر أمنا وأكثر تعاونا وأكثر تفاؤلا.” وسارع الجمهوريون للتنديد بالاتفاق. ووصف السناتور لينزي جراهام الاتفاق بأنه “مريع” وسيزيد الأمور سواء. وأشار السناتور ماركو روبيو الى أنه سيعيد فرض العقوبات اذا فاز بانتخابات الرئاسة الأمريكية العام القادم.

وامام الكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون 60 يوما لمراجعة الاتفاق لكنه اذا صوت برفضه فإن بوسع أوباما استخدام حق النقض الذي يتمتع به والذي لا يمكن إلغاؤه الا اذا صوت ثلثا المشرعين في مجلسي النواب والشيوخ لصالح هذا. ويعني هذا أن يتمرد العشرات من أعضاء الحزب الديمقراطي الذي ينتمي له أوباما على أحد أهم إنجازات الرئيس ووأده وهو احتمال بعيد. وقالت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة التي تسعى للترشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية وتنتمي للحزب الديمقراطي إن الاتفاق “خطوة مهمة تحد من برامج إيران النووية.” ولا يتوقع أن يصوت مجلس الشيوخ على الاتفاق قبل سبتمبر ايلول.

لكن الاتفاق أثار غضب أصدقاء واشنطن في المنطقة خاصة اسرائيل التي يتمتع رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بعلاقات وثيقة مع معارضي أوباما الجمهوريين في الكونجرس. وقال نتنياهو “ستحصل إيران على الجائزة الكبرى. جائزة حجمها مئات المليارات من الدولارات ستمكنها من مواصلة عدوانها وإرهابها في المنطقة وفي العالم. هذا خطأ سيئ له أبعاد تاريخية.” وأضاف “ستحصل إيران على مسار مؤكد صوب الأسلحة النووية.”

كما اتهمت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي تسيبي حوتوفلي القوى الغربية بالاستسلام لإيران. وأضافت على تويتر “هذا الاتفاق استسلام تاريخي من جانب الغرب لمحور الشر وعلى رأسه إيران… ستعمل إسرائيل بكل وسيلة ممكنة لوقف التصديق على الاتفاق” في إشارة إلى أن إسرائيل ستستخدم نفوذها لعرقلة الاتفاق في الكونجرس الامريكي. وقال البيت الأبيض إن أوباما في اتصال هاتفي مع نتنياهو أكد التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل.

وقالت جماعة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المعارضة في المنفى والتي كانت أول من كشف عن برنامج إيران النووي السري إن الاتفاق “لن يغلق الطرق التي يسلكها الملالي للاحتيال او يمنعهم من الحصول على قنبلة نووية.” ولم يلتزم المتشددون في إيران الصمت. ونسبت وكالة فارس للأنباء إلى النائب المحافظ علي رضا زاكاني قوله في البرلمان “الاحتفال قبل الآوان سيرسل اشارة سيئة للعدو.”

وأشار إلى أن مجلس الأمن القومي الإيراني سيراجع الاتفاق أيضا “وإذا اعتقدوا أنه (الاتفاق) يتعارض مع مصالحنا القومية فلن يكون لدينا اتفاق.. الجمهورية الإسلامية لن توقع اتفاقا سيئا.” ومن غير المرجح أن تحصل إيران على الكثير من المزايا من رفع العقوبات قبل العام المقبل بسبب الحاجة الى التحقق من تنفيذ الاتفاق. لكن بمجرد التأكد من تنفيذ الاتفاق فستحصل طهران فورا على نحو مئة مليار دولار من الأرصدة المجمدة وستتمكن من زيادة صادرات النفط التي انخفضت بمقدار الثلثين تقريبا.

واستمرت المفاوضات الأخيرة في فيينا قرابة ثلاثة أسابيع جرت خلالها محادثات مكثفة بين وزير الخارجية الامريكي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف. ولم يكن هذا ليخطر على بال بالنسبة لبلدين سادت بينهما عداوة مريرة منذ عام 1979 عندما اقتحم ثوار إيرانيون السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا 52 أمريكيا هناك لمدة 444 يوما.

قال ظريف الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة وأقام علاقات ودودة مع كيري خلال مؤتمر صحفي “أعتقد أن هذه لحظة تاريخية… اليوم كان يمكن أن يكون نهاية الأمل في هذه القضية لكننا اليوم نبدأ فصلا جديدا من الأمل.” وقال كيري “هذا هو الاتفاق الجيد الذي كنا نسعى لإبرامه”. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موجريني “أعتقد أن هذا مؤشر على الأمل للعالم بأكمله.”

ومد أوباما يده إلى الإيرانيين خلال خطاب في عام 2009 بعد أسابيع فقط من توليه الرئاسة وعرض عليهم “بداية جديدة”. لكنه أعقب ذلك بتشديد للعقوبات المالية التي ساهمت إلى جانب عقوبات الاتحاد الأوروبي في فرض صعوبات اقتصادية شديدة على الإيرانيين منذ عام 2012. وتنفي إيران أنها تسعى لتطوير سلاح نووي وتصر على أن لها الحق في استخدام التقنية النووية لأغراض سلمية. ولم يستبعد أوباما قط اللجوء للقوة العسكرية إذا فشلت المفاوضات وقال إن رؤساء الولايات المتحدة في المستقبل سيكون أمامهم هذا الخيار إذا انسحبت إيران من الاتفاق.

وقال أوباما إن إيران قبلت تطبيق آلية للعودة السريعة للعقوبات سيجري بموجبها إعادة فرض العقوبات إذا انتهكت الاتفاق. وسيبقى حظر السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة قائما لمدة خمس سنوات بينما سيظل الحظر على شراء تكنولوجيا صواريخ قائما لمدة ثماني سنوات. وإلى جانب الاتفاق الرئيسي أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة اتفاقا مع إيران لحل كل القضايا العالقة بحلول نهاية هذا العام. ويعتمد الاتفاق الرئيسي مع إيران على تمكن الوكالة من تفتيش المواقع النووية الإيرانية وعلى إجابة إيران على أسئلة بشأن أهداف عسكرية محتملة لأبحاث سابقة.

ويمثل احتمال وجود اتفاق يفيد إيران لعنة لحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. فطهران لا تعترف بإسرائيل وتدعم أعداءها. وتعتقد الدول العربية السنية ولا سيما السعودية أن إيران الشيعية تدعم أعداءها في حروب سوريا واليمن وغيرها من المناطق. لكن هناك سببا قويا كي تحسن الولايات المتحدة علاقاتها مع إيران فيما يواجه البلدان عدوا مشتركا هو تنظيم داعش الذي سيطر على مناطق واسعة من سوريا والعراق. بحسب رويترز.

وبالنسبة لإيران فإن انتهاء العقوبات قد يحمل معه انتعاشا اقتصاديا سريعا برفع القيود التي قلصت صادرتها النفطية إلى النصف وأدت لانكماش اقتصادها بواقع 20 في المئة وفقا لتقديرات أمريكية. وساعد احتمال إبرام اتفاق بالفعل على خفض أسعار النفط الدولية بسبب احتمال عودة الإمدادات الإيرانية للسوق. وتراجعت أسعار النفط بأكثر من دولار بعد إبرام الاتفاق.

ارتياح عالمي

 

في السياق ذاته رحب قادة العالم بالاتفاق النووي مع ايران الذي اعلن في فيينا حيث تحدث الرئيس الاميركي باراك اوباما عن “اتجاه جديد” والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن “تنفس الصعداء” في العالم، واقترح رئيس الوزراء السويدي السابق كارل بيلت منح جائزة نوبل للسلام للعام 2015 للمتفاوضين. وقالت الدول الكبرى التي ابرمت الاتفاق مع ايران انها تأمل في ان تغتنم طهران الفرصة للعودة الى الاسرة الدولية. وقال بوتين ان الاتفاق هو “خيار قوي من اجل الاستقرار والتعاون (…) لقد تنفس العالم الصعداء”. واضاف ان موسكو “ستفعل كل ما بوسعها” لضمان نجاح الاتفاق.

واشاد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بالاتفاق وقال “آمل واعتقد فعلا ان هذا الاتفاق سيؤدي الى مزيد من التفاهم والتعاون حول العديد من التحديات الامنية الخطيرة في الشرق الاوسط”. واضاف انه “على هذا النحو، فيمكنه (الاتفاق) ان يكون بمثابة مساهمة حيوية للسلام والاستقرار في كل المنطقة وخارجها”. وقال بان، المتواجد في اثيوبيا لحضور قمة حول الفقر، ان الامم المتحدة “تقف على اهبة الاستعداد للتعاون الكامل مع الطرفين في عملية تنفيذ هذا الاتفاق التاريخي والمهم”.

من جهته رحب وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في بيان بالاتفاق مؤكدا انه “بعد اكثر من عقد من المفاوضات الصعبة ابرمنا اتفاقا تاريخيا يفرض قيودا صارمة وعمليات تفتيش للبرنامج النووي الايراني”. واضاف “نأمل، ونتوقع ان يؤدي هذا الاتفاق الى تغيير كبير في العلاقات بين ايران وجيرانها والمجتمع الدولي”.

وتابع وزير الخارجية البريطاني “سوف نواصل العمل بشكل وثيق مع شركائنا في الائتلاف الدولي لتشجيع ايران على لعب دور شفاف وبناء اقليميا، خصوصا في مجال مكافحة التطرف الاسلامي”. وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان العالم “يمضي قدما”، وحث طهران على مساعدة القوى الكبرى على انهاء النزاع السوري.

وقال هولاند “الآن سيكون لدى ايران قدرات اكبر على الصعيد المالي بما انه لن تكون هناك عقوبات، علينا ان نكون يقظين جدا بشأن ما ستكون عليه ايران”. واضاف “يجب ان تظهر ايران (…) في ما يتعلق بسوريا ان هذا البلد مستعد للمساعدة على انهاء هذا النزاع”. واكد هولاند “انه اتفاق بالغ الاهمية وقع هذه الليلة ويدل على ان العالم يتقدم”، مؤكدا ان “فرنسا كانت حازمة جدا في هذه المفاوضات (ووزير الخارجية) لوران فابيوس قادها بصرامة وحزم كبيرين”. وتابع “لن تحصل ايران على السلاح النووي وسنكون قادرين على التحقق مما اذا كان هناك تقصير فيمكننا اعادة العقوبات”.

وفي اول رد فعل من منطقة الخليج، قال مصدر اماراتي مسؤول ان الاتفاق “يمثل فرصة حقيقية لفتح صفحة جديدة في العلاقات الاقليمية والدور الايراني في المنطقة، ويتطلب ذلك اعادة مراجعة طهران لسياساتها الاقليمية بعيدا عن التدخل في الشؤون الداخلية للمنطقة”. واشار المصدر المسؤول بشكل خاص الى العراق وسوريا ولبنان واليمن. بحسب فرانس برس.

ورحب الرئيس السوري بشار الاسد بالاتفاق مؤكدا في برقيتي تهنئة ارسلهما الى قائد الثورة الاسلامية علي خامنئي ونظيره الايراني حسن روحاني “حققت الجمهورية الاسلامية الايرانية الانتصار العظيم بالتوصل الى الاتفاق النهائي مع مجموعة (5+1) بشان الملف النووي الايراني”. ورأى في البرقية التي وجهها الى خامنئي ان “توقيع هذا الاتفاق يعتبر نقطة تحول كبرى في تاريخ ايران والمنطقة والعالم واعترافا لا لبس فيه من دول العالم بسلمية البرنامج النووي الايراني”، مشيدا باسمه وباسم الشعب السوري “بهذا الانجاز التاريخي”. ورحب بالاتفاق كذلك جيران ايران حيث اشادت افغانستان بالجهود الرامية الى “تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة”، في حين قالت باكستان ان تدابير بناء الثقة بشأن البرنامج النووي الايراني “نذير خير للسلام والامن في منطقتنا”.

قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني في مؤتمر صحفي “يشرفنا أن نعلن أننا توصلنا لاتفاق بشأن القضية النووية الإيرانية”، متحدثة عن “يوم تاريخي”، وأضافت موضحة “أننا أوجدنا الظروف لبناء الثقة وفتح فصل جديد في علاقتنا.”

على صعيد متصل اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان الاتفاق حول البرنامج النووي الايراني بين طهران والقوى الكبرى سيتيح ازالة “العراقيل” امام تشكيل “تحالف واسع” ضد تنظيم داعش المتطرف. وقال لافروف في بيان نشر على موقع الخارجية الروسية “انه يزيل العراقيل، المصطنعة الى حد بعيد، امام تشكيل تحالف واسع للتصدي لداعش ومجموعات ارهابية اخرى”.

واضاف ان تطبيع الوضع مع ايران يتيح معالجة “سلسلة من المشاكل والنزاعات في المنطقة” وسيكون له “تاثير ايجابي على الوضع برمته”. وتابع الوزير الروسي ان “هذا الامر يقدم خصوصا حججا (…) لاقامة منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط”. واكد ان روسيا يمكنها الان تعزيز تعاونها مع ايران على صعيد التكنولوجيا العسكرية للتصدي للتطرف في المنطقة، من دون ان يخوض في التفاصيل. ورأى ان “الامكانات تتوسع بالنسبة الى روسيا وايران للتعاون في مجال التكنولوجيا العسكرية، الامر الذي يرتدي اهمية خاصة في ضوء اهمية خوض تحديات التصدي لتهديدات الارهاب في المنطقة”.

أبرز مضامين الاتفاق

 

الى جانب ذلك تضمن الاتفاق النووي بين إيران والقوى الغربية عددا من النقاط على طهران الالتزام بها، فما هي؟ أبرمت القوى العظمى وإيران في فيينا بعد 22 شهرا من المفاوضات المكثفة، اتفاقا تاريخيا حول البرنامج النووي الإيراني بهدف ضمان طبيعته السلمية البحتة، مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران بصورة تدريجية. وجاء في الاتفاق العديد من النقاط نورد أبرزها :

مدة إنتاج مادة انشطارية: الهدف هو جعل المدة اللازمة لإيران لإنتاج ما يكفي من المادة الانشطارية لصنع قنبلة ذرية، من سنة كحد أدنى حتى عشر سنوات على الأقل، وجعل مثل هذه الخطوة قابلة للكشف على الفور. وهذه المدة تتراوح الآن بين شهرين وثلاثة أشهر.

تخصيب اليورانيوم: تخصيب اليورانيوم بواسطة أجهزة الطرد المركزي يفتح الطريق لاستخدامات مختلفة تبعا لمعدل تكثيف النظير المشع يو-235 : 3,5 إلى 5% بالنسبة للوقود النووي، و20% للاستخدام الطبي و90% لصنع قنبلة ذرية. وهذه المرحلة الأخيرة، الأكثر دقة، يعتبر إنجازها أيضا أسرع تقنيا. عدد أجهزة الطرد المركزي التي تملكها إيران ستخفض بالثلثين خلال فترة عشر سنوات. وسيسمح ل5060 منها فقط بتخصيب اليورانيوم بنسبة لا تتجاوز 3,67% خلال فترة 15 سنة. وسيتعلق الأمر حصرا بأجهزة الطرد من الجيل الأول.

لكن إيران ستتمكن من مواصلة أنشطتها في مجال الأبحاث حول أجهزة طرد مركزية أكثر تطورا والبدء بتصنيعها بعد ثماني سنوات خاصة أجهزة من نوع أي ار-6 الأكثر قدرة بعشرة أضعاف من الآلات الحالية، وأي ار-8 التي تفوق قدرتها بعشرين مرة. وستخفض طهران مخزونها من اليورانيوم الضعيف التخصيب من 10 آلاف كلغ حاليا إلى 300 كلغ على مدى 15 عاما. وافقت طهران على عدم بناء منشآت جديدة لتخصيب اليورانيوم طيلة 15 عاما.

وافقت إيران على التوقف عن تخصيب اليورانيوم خلال 15 سنة على الأقل في موقع فوردو المدفون تحت الجبل، والذي يستحيل بحكم موقعه تدميره بعمل عسكري. ولن يكون هناك بعد الآن مواد انشطارية في فوردو على مدى 15 سنة على الأقل. وسيبقى الموقع مفتوحا لكنه لن يخصب اليورانيوم. وستسحب نحو ثلثي أجهزة الطرد الموجودة في فوردو من الموقع.

موقع نطنز: هذه هي المنشأة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في إيران وتضم حوالى 17 ألف جهاز طرد مركزي من نوع آي ار-1 من الجيل الأول، ونحو ألف جهاز من نوع آي ار-2 ام وهي أسرع وتتميز بقدرة استيعاب تصل إلى 50 ألفا في الإجمال. وقد وافقت طهران على أن يصبح نطنز منشأتها الوحيدة للتخصيب وأن تبقي فيه 5060 جهاز طرد فقط كلها من نوع آي ار-1. أما أجهزة الطرد من نوع آي ار-2 ام ستسحب وتوضع تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ستكلف الوكالة الدولية للطاقة الذرية الموجودة أصلا في إيران، بمراقبة جميع المواقع النووية الإيرانية بشكل منتظم مع تعزيز صلاحياتها إلى حد كبير. سيوسع مجال صلاحيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الآن فصاعدا لتشمل كل الشبكة النووية الإيرانية، بدءا من استخراج اليورانيوم وصولا إلى الأبحاث والتطوير مرورا بتحويل وتخصيب اليورانيوم. وسيتمكن مفتشو الوكالة من الوصول إلى مناجم اليورانيوم وإلى الأماكن التي تنتج فيها إيران “الكعكعة الصفراء” (مكثف اليورانيوم) طيلة 25 عاما. وافقت إيران أيضا على وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل محدود إلى مواقع غير نووية خاصة العسكرية منها في حال ساورتهم شكوك في إطار البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي التي التزمت إيران بتطبيقها والمصادقة عليها.

يهدف الاتفاق إلى جعل إنتاج إيران لمادة البلوتونيوم 239 أمرا مستحيلا، علما بأن هذه المادة هي العنصر الآخر الذي يمكن من صنع قنبلة ذرية. مفاعل المياه الثقيلة الذي هو قيد الإنشاء في اراك سيجري عليه تعديلات كي لا يتمكن من إنتاج البلوتونيوم من النوعية العسكرية. يفترض أن يصدر مجلس الأمن الدولي في وقت سريع قرارا جديدا للتصديق على الاتفاق وإلغاء كل القرارات السابقة ضد البرنامج النووي الإيراني. لكن بعض التدابير ستبقى بصورة استثنائية. بحسب فرانس برس.

العقوبات الأمريكية والأوروبية ذات الصلة بالبرنامج النووي الإيراني، وتستهدف القطاعات المالية والطاقوية -خاصة الغاز والنفط—والنقل، وسترفع “فور تطبيق” إيران لالتزاماتها النووية التي يفترض أن يؤكدها تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أي على الأرجح ليس قبل 2016. العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة على الأسلحة : ستبقى خلال خمس سنوات لكن يمكن لمجلس الأمن الدولي أن يمنح بعض الاستثناءات. وتبقى أي تجارة مرتبطة بصواريخ بالستية يمكن شحنها برؤوس نووية محظورة لفترة غير محددة.

شاهد أيضاً

الامام الخامنئي:لن ننتهك الاتفاق النووي لكننا سنحرقه لو هددنا الطرف الآخر

أكد الامام الخامنئي باننا لن ننتهك الاتفاق النووي لكننا سنحرقه لو هددنا الطرف الآخر بتمزيقه. وقال ...