بعد سنوات من الحرب التي فرضتها امريكا و الغرب و الرجعية العربية و الصهيونية على الشعب السوري، تحت عنوان نصرة “الثورة السورية”، عبر تجنيدها مئات الالاف من التكفيريين من مختلف انحاء العالم، وتسليحهم ومدهم بالمال، وارسالهم عبر تركيا والاردن الى سورية ليعيثوا فيها فسادا و دمارا.
قبل اكثر من ثلاث سنوات، كان زعماء امريكا والغرب و”اسرائيل” وتركيا والرجعية العربية وفي مقدمتها السعودية وقطر، يتسابقون فيما بينهم، لتحديد مواعيد ل”رحيل” الرئيس السوري بشار الاسد، حيث تفاوتت هذه المواعيد بين اسابيع واشهر، ولكن فات اكثر من اربعة اعوام، على تلك التصريحات والمواعيد، وذهب العديد من مطلقيها من سدة الحكم، او رحلوا عن هذه الدنيا، بينما بقي الرئيس السوري.
اكثر ما يلفت النظر في الحرب المفروضة على سورية هو صمود الجيش السوري، وهو صمود فاجأ الجميع اصدقاء واعداء، واثبت انه وفيا لبلاده وشعبه وقيادته، كما فاجأ الشعب السوري العالم ايضا بصموده واحتضانه لجيشه، وبايمانه بقيادته، رغم كل الحرب العسكرية والنفسية التي تعرض و يتعرض لها منذ اكثر من اربعة اعوام، كما اثبتت القيادة السورية تمسكها وشجاعتها، ونجحت في ادارة الحرب التي فرضها التحالف الامريكي الصهيوني العربي الرجعي التركي على سوريا، دون ادنى اعتناء بالحرب النفسية التي يشنها هذا التحالف غير المقدس عبر امبراطوريات اعلامية ضخمة، وفي مقدمتها الاعلام الخليجي الرجعي الطائفي، التي تنعق ليل نهار، وتبث سمومها الطائفية، منذ اكثر من اربعة اعوام، لاشعال الفتن الدينية والمذهبية والقومية والمناطقية.
بعد ان ارتطمت كل مؤامرات هذا التحالف غير المقدس بصخرة صمود الشعب والجيش والقيادة السورية، لم يعد امام هذا التحالف الا التدخل مباشرة وبشكل علني في الحرب المفروضة على الشعب السوري، بعد ان عجز عملائه ومرتزقته رغم كل الامكانيات العسكرية والدعم المالي والسياسي والاعلامي وحتى التدخل بين وقت واخر في المعارك الدائرة بين الجيش والمقاومة والدفاع الوطني من جانب و”داعش” وجبهة النصرة” الفرع الرسمي للقاعدة وباقي الجماعات التكفيرية الاخرى، من اسقاط الحكومة السورية.
المتابع للمشهد السوري، يرى بوضوح هذه الايام التدخل التركي و”الاسرائيلي” السافر في الحرب المفرووضة على سورية، فتركيا التي كانت ومازالت من اكثر واشرس ممولي “داعش” و “جبهة النصرة” بشهادة حلفائها في الناتو، دخلت وبشكل مفاجىء التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد “داعش”، بعد ان رفضت الانضمام الى هذا التحالف طويلا، الا بعد القبول بشروطها التي كانت تتضمن اقامة منطقة حظر جوي ومحاربة الجيش السوري حتى اسقاط الحكومة السورية.
يتفق جميع المراقبين للمشهدين السوري والتركي، ان تركيا اضطرت للتدخل في سورية، بعد الهزيمة المنكرة التي منيت بها “داعش” في شمال سورية على يد”وحدات حماية الشعب” الكردية في عين العرب (كوباني) و عين عيسى و وصرين والتقدم نحو مدينة الرقة عاصمة “دواعش”، وكذلك بعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري و “وحدات حماية الشعب ” الكردية في الحسكة وطرد “الدواعش” منها.
السبب الرئيسي لدخول تركيا الحرب في سورية، هو خوفها من وصل الشمال السوري مع بعضه البعض تحت ادارة كردية موحدة، وافشال الحلم التركي في اقامة منطقة امنة للجماعات التكفيرية في شمال سورية، وكل ما يقال على لسان المسؤولين الاتراك لا اساس له من الصحة، فمن الصعب جدا ان يقتنع العالم بصدقية تركيا في قتالها ل”داعش”، فتركيا لم تشعر باي خطر يمكن ان يتهددها من “داعش” خلال السنوات الاربع الماضية، الا انها الان اخذت تشعر ان كل ما فعلته في سورية، في دعم التكفيريين، ذهب ادراج الرياح، لذلك دخلت الحرب تحت شعار محاربة “داعش” ولكن على الارض لم تستهدف الطائرات السورية الا اعداء “داعش” في العراق وسورية، والهدف هو ضخ شيء من المعنويات في قلوب التكفيريين المنهارة، واضعاف معنويات المقاتلين الاكراد، وافشال مساعيهم في ربط المناطق الكردية المحصورة بين عين العرب (كوباني) وعفرين.
جميع المحللين السياسيين متفقون على ان التدخل العسكري التركي يصب من الالف الى الياء في صالح “داعش” و “جيش الفتح” الذي يضم القاعدة المتمثلة ب”جبهة النصرة”، كما يتفق هؤلاء المحللون ان هذا التدخل التركي ما كان ليحصل لولا الضوء الاخضر من امريكا، التي تدعي انها تناصر الاكراد في قتالهم ل”داعش”، وهو ما يثير الكثير من علامات الاستفهام هو حقيقة الموقف الامريكي من الحرب على “داعش”.
الحليف الثاني الاقوى ل”داعش” هو الكيان الصهيوني، لم يقف بدوره مكتوف الايدي امام هزائم حليفه الاقرب على الجبهة الجنوبية، فحاول ضخ شيء من المعنويات في نفوس مرتزقته المنهارة، عبر شنه غارة يوم الاربعاء 29 يوليو/ تموز على سيارة كانت عناصر من لجان الدفاع الوطني عند مدخل بلدة حضر في القنيطرة، اسفرت عن استشهاد شخصين.
ان التدخل “الاسرائيلي” في الحرب المفروضة على سورية، كان دائما يصب في صالح التكفيريين، حيث لم تستهدف “اسرائيل” ومنذ اربعة اعوام حتى مرة واحدة التكفيريين، بل على العكس تماما كانت “اسرائيل” الام الحنون للتكفيريين، حيث تمدهم بالسلاح وكل عناصر القوة، وتعالج جرحاهم في مستشفياتها، وترى فيهم حليفا يمكن الوثوق به، فالتكفيريون لا عدو لهم الا المسلمين.
الايام القليلة الماضية اثبتت ان التحالف التركي الصهيوني الرجعي التكفيري، ليس ضربا من الخيال، كما يحاول ان يروج له الاعلام الخليجي الطائفي، بل هو حقيقة مؤكدة تتكشف كل يوم مع كل انتصار للجيش والمقاومة، ومع كل هزيمة للتكفيريين والمرتزقة، وهذا ما بدا واضحا في التدخل التركي الصهيوني المدعوم امريكيا وعربيا رجعيا، بينما ما يزال الاعلام الخليجي الطائفي المتخلف يتحدث عن “ثورة” و “ثوار” في سورية رغم كل هذه الفضائح المدوية.
نقلاً عن موقع شفقنا