ربما لم يحدث في التاريخ أن تآلفت وحدات من قوات عسكرية نظامية مع مجموعات من المقاومة كما حصل بين قوات الجيش السوري وعناصر المقاومة اللبنانية. هي معادلة الواقع الجديد الذي فرضته الحرب على سورية. معادلة الصمود الوجودي الذي لا بدَّ منه لصد تلك الحرب القاسية. المتابعون للشأن العسكري وكذلك المواطن السوري يراقب بكثير من الاهتمام والتفاعل العمليات الميدانية المشتركة التي تنفذها وحدات الجيش وعناصر المقاومة. يتابع السوريون الانتصارات المتتالية التي تحققها العمليات المشتركة تلك بشغف كبير وبخصوصية تتعلق بتلك التفاعلية القائمة بين المقاومة والجيش.
قلب واحد
بكثير من الصدق يتحدث جندي سوري من قوات المدفعية المرابطة على التلال الحاكمة لمدينة الزبداني، لموقع “العهد الاخباري”، عن العلاقة التي تربط جنود الجيش السوري بمجاهدي المقاومة فيقول: “وجودنا إلى جانب بعضنا كأننا قلب واحد، حزب الله والجيش العربي السوري ,هدف واحد.. مسيرة واحدة سطروا بداياتها بانتصاراتهم في القصير، غوطة دمشق، القلمون ….. وهم سيسطرون الانتصار القادم في الزبداني”.
حزب الله والجيش السوري
مجاهدو المقاومة وجنود الجيش السوري.. قصة انتصار |
الجندي ذاته يروي عن الانسجام الميداني في أرض المعركة وأن “الهدف الواحد في القضاء على التنظيمات التكفيرية يجعل العمل على الأرض كأننا جسد واحد”. يستذكر هذا الجندي كلام سماحة السيد حسن نصر الله عندما قال: “يد إخوانكم في المقاومة وإخوانكم في الجيش العربي السوري هي العليا الآن أصبحت سواء في جرود القلمون أو جرود عرسال، من خلال كل التطورات الميدانية الحاصلة”.
مكانة المقاومة
ثمة تناغم كبير بين جنود الجيش السوري وعناصر المقاومة، على كافة الجبهات الميدانية في الأراضي السورية. إبداع في التنسيق بين القادة العسكريين لعمليات الرصد والاستطلاع وخوض أشرس المعارك على جبهات عدة يداً بيد.
الكاتب الصحفي كامل صقر والذي رافق الجيش والمقاومة في عشرات المواقع الميدانية يعتبر لـ”العهد” أن نوعاً جديداً من الحرب تشهدها مناطق عديدة من الجغرافية السورية، حرب كُتب لها النجاح التام ضد تنظيمات متطرفة لم تقوَ على مواجهة هذا المد المنظم من العمليات العسكرية المنسقة والدقيقة التي تنتج عن تشاركيَّة بين الجيش والمقاومة.
ويُضيف صقر أن المراقب يستطيع أن يلاحظ كيف استفاد الجيش السوري من مرونة الطريقة التي يحارب فيها مجاهدو المقاومة، وبالمقابل كيف استفاد مجاهدو المقاومة من ثقل الضربات النارية التي تعتمدها وحدات الجيش السوري في هجماتها على معاقل التنظيمات المتطرفة.
صقر يرى أن وجود عناصر المقاومة إلى جانب وحدات الجيش السوري في بعض مواقع الاشتباك الساخنة يُعطي إضافة للدعم الميداني، حالة من الدعم المعنوي لجنود الجيش لا سيما اذا نظرنا للمكانة التي تحتلها المقاومة اللبنانية ومجاهدوها في قلوب السوريين عموماً وداخل المؤسسة العسكرية والقوات المسلحة السورية على وجه الخصوص.
روح المقاومة
لم يغب التناغم والتنسيق بين الجيش السوري والمقاومة الاسلامية ضد العدو الصهيوني، فالتوافق على الاستمرار في نهج المقاومة في الأعوام السابقة كانت حجر الأساس لنهج مقاوم جديد اتخذ من الجغرافية السورية منطلقا لعملياته العسكرية لمواجهة فكر تكفيري على الأراض السورية. غرف عمليات مشتركة وخطط موحدة، الانسجام والتنسيق هي السمة الابرز للعمليات العسكرية التي يخوضها الجيش السوري وحزب الله، بات استخدام اسلوب القضم لمناطق تواجد المجموعات المسلحة هو الانجح لفرض واقع ميداني جديد.
إبداع عسكري كان حصيلة المعارك العديدة التي خاضها الجيش السوري والمقاومة ونصرها الابرز في القصير وريف دمشق وكان للتلال الوعرة، صاحبة المناخ القاسي في القلمون، دور كبير في رسم ملامح النصر على الجغرافيا السورية. عمل عسكري رفيع المستوى من حيث التنسيق والتنفيذ على تلك البقعة (القلمون)، رمايات نارية بعيدة شتَّتت معابر تحرك المسلحين الصواريخ والمدفعية الثقيلة بأنواعها المتعددة، تكثيف ناري كبير أثناء الهجوم وهذا يثبت نجاح التنسيق في المعطيات وتحديث بنك الأهداف والإحداثيات، مع رمايات دقيقة تتزامن بتقدم قوات المشاة على بعد عدة أمتار من التمهيد الناري الكثيف.
امتزاج الدماء
الأكيد أنه لم يكن هناك أي عمل اعتباطي، حيث أن الهدف واضح إن كان من التلال أو السهول وليس هناك عائق من ناحية الوقت هذا الأمر يعود للمعطيات الميدانية. تبادل الخبرات بين الجيش السوري وحزب الله جعلهما جاهزين لأي سيناريو جديد فالخبرة التي يكتسبها رجال المقاومة في المعارك القريبة كبيرة وتأتي متزامنة مع تمهيد ناري كثيف وغطاءٍ لسلاح الجو بشكل متواصل من الجيش السوري. استراحة المقاتل على الجبهات يتقاسم فيها الطعام والذخيرة حيث أصبحوا رفاقا للسلاح، وامتزاج دماء الشهداء على أرض المعركة خلق تلاحما كبيرا ترخص له الروح لرفيق الميدان والسلاح.
الأوفياء في المقاومة اللبنانية امتزجت دماؤهم بدماء إخوانهم في الجيش السوري، وكان لهم دورهم المهم وأداؤهم الفعال والنوعي مع الجيش في تحقيق إنجازات كبيرة، بهذه الطريقة شكر الرئيس الأسد مجاهدي المقاومة. ليس هناك أوقات محددة للراحة فالمفاجآت الليلية لم تغب، عند انتهاء المهمة تمتزج دموع الفرح بالنصر مع دموع الحزن على من كرمه الله بالشهادة اثناء تأدية واجبه الجهادي.