الرئيسية / شخصيات اسلامية / مقتطفات من سيرة العالم الرباني آية الله الشيخ محمد تقي بهجت قدس الله نفسه الزكية

مقتطفات من سيرة العالم الرباني آية الله الشيخ محمد تقي بهجت قدس الله نفسه الزكية

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله آل الله، واللعن على أعدائهم أعداء الله.. يكفينا اقتطاف وردة من بستان هذه الدنيا، ويكفينا من هذه الأرض مكان واحد تحت ظلال الشجرة، والله –تعالى- معنا فما هو الداعي لطلب المزيد؟!.. ويكفينا الانشغال في الحديث والأنس مع الله تعالى.

وعندما تنظر إلى عبادته تراها عبادة أسطورية، وبعيدة عن التصديق، وهي كالعبادة التي تنقل عن الأولياء الماضين.. فهل تصدق بأنه يصلي صلاة الليل كل يوم بهدوء وتأن، ويقرأ كل يوم زيارة الجامعة الكبيرة، وزيارة عاشوراء الكاملة مع اللعن والسلام مائة مرة، ويقرأ دائماً دعاء الصباح، وزيارة سيدة نساء العالمين، والسيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها، ويصلي دائماً صلاة جعفر الطيار، ويسجد السجدات الطويلة دائماً، ويذكر الله –تعالى- في كل حين ومن دون انقطاع أبداً ولو للحظة واحدة، ويعبد الله كثيراً، ويقوم بعبادات لم نسمع بها أبداً، ويكفينا القول عنه: بأننا لا نعلم بأنه ملك أو إنسي؟!.. وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا!…
وعندما تنظر إلى انشغاله بالتحقيق والتعليم -وهو لا يزال يدرس ويدرس وله من العمر ما يقارب التسعين عاماً- وكأن صحبته للكتاب والدفتر والتحقيق أصبحت جزءاً من شخصيته وسماته، وربما أنه قام بمجاهدة نفسه وتنمية مواهبه في الصعيد الأخلاقي والعرفاني منذ سنوات المراهقة، فلهذا ينقل عنه حكايات عجيبة وغريبة عن اهتمامه بالكتب والكتابة من ذلك الحين.
وكان الإمام يوصي جماعة المدرسين ليطلبوا منه أن يدرس الأخلاق، بل أرشد الإمام ذات مرة أعضاء مجلس الخبراء لينتفعوا من الشيخ بهجت في سلوك السبيل المعنوي، وعندما تبين البعض الهدوء الظاهري الذي كان الشيخ بهجت متصفاً به إزاء الأمور الاجتماعية والسياسية -وذلك قبل مرجعيته- وذكروا ذلك للإمام الخميني، قال الإمام: يكفينا دعاء الشيخ بهجت.
ومن حسن الحظ طبعت لحد الآن عدة كتب حول بيان حالات وكرامات، والتعاليم الأخلاقية والعرفانية والسياسية المرتبطة بشخصية آية الله الشيخ بهجت دام ظله، وقد احتوت بعض الكتب الأخرى أيضاً على بعض النكات المهمة جداً في هذا المجال.. ولكننا مع ذلك بحاجة إلى كتابات أكثر دقة، وأرفع علمية.
ونحن أيضاً نكتفي في هذا المقام بالإشارة إلى أمور من سيرته وكرامات من سلوكه:
الأولى: يقول آية الله عباس القوجاني: كانت بيني وبين الشيخ بهجت صداقة حميمة، فرأيته فترة عند دراسته في النجف الأشرف يتناول طعام العشاء بمجرد غروب الشمس، ثم يتجه نحو النوم، ولا يوقد المصباح للمطالعة أو الدراسة، فظننت بأنه يرقد في أول الليل ليستيقظ ساعتين أو ثلاث ساعات قبل أذان الصبح، ولكنني عرفت بعد ستة أشهر بأن الشيخ بهجت لم يكن عنده وقود للمصباح، وكان يكتم هذا الأمر بحيث لم يلتفت إليه أحد، وكان الشيخ بهجت أيضاً لا يشتري شيئاً من أصحاب المحلات بالسلف.
الثاني: ذهبت في يوم 14شهر رمضان المبارك عام 1416 إلى منزله لأكون معه خلال فترة ذهابه من المنزل إلى المسجد، ولأصلي صلاة الظهر والعصر بإمامته. وبعد خروجه من المنزل، جاءه شخص بعد لحظات وعرّف نفسه ثم قال: أنا أعمل طيلة عشرين عاماً في طباعة الكتب ونشرها، فهل تمنحونني الإذن بجمع النكات الأخلاقية التي تذكرونها خلال الدرس وطباعتها؟..
قال آية الله بهجت- دام ظله-: نحن لم ندرس الأخلاق، إنما هو درس الفقه والأصول الذي يؤدي إلى بيان هذه المسائل!..
قال ذلك الناشر: نجمع ونطبع تلك الأمور الواردة في درس الفقه، والأصول والكلام الذي تنقلونه من العظماء الماضين.
قال سماحة الأستاذ: بشرطين: الأول: عدم ذكر اسمي، والثاني: ينبغي أن تكتب الأمور كما ذكرتها وأن لا يضاف عليها أو ينقص منها حرف واحد!..
فرد الناشر: لا يضاف على كلامكم ولا ينقص منه شيء -إن شاء الله- ولكن لا يمكن عدم ذكر اسمكم، فإن المطبوع سيكون مجهول القائل!..
قال الشيخ بهجت: لا.. في هذه الحالة لا أسمح لكم بذلك ولا أمنحكم الإذن.. اكتبوا على الغلاف: (أحد أهل العلم) وأنا لحد الآن لم أسمح لأحد أن يذكر اسمي.
الثالث: جاء ذات يوم أحد المفسدين في الساحة الاقتصادية إلى آية الله بهجت، وكان يعطي هذا الشخص لكبار الشخصيات والمسئولين الكثير من الأموال من أجل استمالتهم والانتفاع منهم بعد ذلك لأغراضه الشخصية، واستمر هذا الشخص على هذا المنوال حتى اطلع السيد القائد بحكمته ودرايته على أعماله، فبعث به إلى المحكمة حتى صدر عليه الحكم المطلوب، فجاء هذا الشخص قبل فضيحة أمره إلى آية الله بهجت، وكأنه- والعياذ بالله- كان يطمع به فلم يستقبله آية الله بهجت، وقال له عند الباب: اذهب وقل: استغفر الله إزاء جميع الأعمال الحسنة والسيئة التي قمت بها!.. ثم اتضح بعد ذلك بأن الأعمال الحسنة التي كان يقوم بها هذا الشخص من قبيل العطاء لهذا وذاك ومساعدة الآخرين، كان منشؤها القروض الطائلة التي كان يأخذها بدهاء وشيطنة من البنوك باسم العمران، وكان يصرفها في سبيل أغراضه الشخصية وأعماله السيئة.
الرابع: شارك العقيد علي قلي بور في الحرب المفروضة، فجرح فيها بشدة بحيث بلغ إلى حد الشلل، ولكنه رأى لزوم عودته مرة أخرى إلى ساحة القتال، فنصحه البعض وأكدوا عليه البقاء في الخطوط الخليفة للجبهة، فقرر هذا العقيد أن يأخذ استخارة عند آية الله الشيخ بهجت –دام ظله- حول ذهابه إلى الجبهة.. ويقول العقيد علي قلي بور: قال لي آية الله بهجت وأنا لم أخبره بقصدي، ومن دون استخارة: (لست مكلفاً بهذا الأمر وأنت في هذه الحالة).
الفهرس

الفصل الأول: توصياته لقضاء الحوائج

الفصل الثاني: المواعظ الاخلاقية

الفصل الثالث: حول أهل البيت عليهم السلام

الفصل الرابع: لطائف معرفية

الفصل الخامس: تقيمه للآخرين

الفصل السادس: حكايات على لسانه

لمشاهدة لقطات حية لسماحته :

 

مقتطفات من مواعظه وتوصياته فى باب الأذكار والأوراد
توصياته للشفاء من المرض :
قم بهذه الأعمال، ولتكن نيتك شفاء المريض إذا لم يكن موته من الأمور الحتمية:
1. اجعل كمية قليلة من تراب مدفن سيد الشهداء -عليه السلام- في ماء زمزم، ثم اقرأ عليه سورة الحمد سبعين مرة، وأعطه للمريض ليتناول منه كل يوم في أوقات متعددة، حتى يشفى.
2. أعطوا الصدقة لفقراء متعددين، وإن كان مقدار الصدقة لكل واحد منهما قليلاً.
3. اقرؤوا سورة الحمد سبع مرات في كل يوم بنية شفاء المريض.
4. ليقرأ كل من يذهب لعيادة المريض سورة الحمد لشفائه.
5. اذهبوا بالمريض إلى المشاهد (مراقد المعصومين عليهم السلام و..) وإذا لم يتمكن فليتوجه المريض بقلبه إلى ذلك المشهد، وليزر صاحب ذلك المشهد، ويكفي ذهابه إلى ذلك المزار بنية الشفاء.
6. اقرؤوا مصائب أهل البيت -عليهم السلام- عند المريض بحيث يتأثر وينقلب حاله.
7. اقرؤوا حديث الكساء (بصورة مكررة) للشفاء وأوقدوا العود في المجلس الذي يقرأ فيه هذا الحديث.
8. اذبحوا شاة وأعطوا لحمها إلى الفقراء نذراً.
9. يصلي المريض بعد صلاة الصبح ركعتي صلاة الحاجة، وليقل بعد ذلك ثلاث مرات: (اللهم اشفني بشفائك، وداوني بدوائك، وعافني بعافيتك من بلائك، فإني عبدك وابن عبدك). ثم ليقل أيضاً مرة واحدة: (بحرمة الإمام الكاظم عليه السلام).
توصياته لإبطال السحر:
إن المسحور أو المصاب بالعين أو يحتمل ما شابه ذلك، يعمل وفق هذه التعاليم السبعة:
1. يؤذن عند وقت الأذان بصوت عال وواضح في المكان الذي يعيش فيه.
2. ليقرأ خمسين آية من القرآن جهراً وبصورة واضحة بعد صلاة الصبح.
3. ليقرأ المعوذتين؛ (سورتي الفلق والناس) كثيراً.
4. ليقرأ قبل النوم (سور القلاقل)؛ أي سورة الكافرون، الإخلاص، الفلق، والناس.
5. ليحمل معه (في جيبه على سبيل المثال) قرآنا يحتفظ به.
6. ليقرأ آية الكرسي كثيراً، ولكتب هذه الآية في بيته.
7. ليحمل معه حزر الإمام الجواد -عليه السلام- في الخاتم على سبيل المثال.
توصيته للحفظ والوقاية :
للحفظ الوقاية اقرأ في كل صباح وغروب ثلاث مرات: (اللهم اجعلني في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تريد).
توصيته للعثور على الضالة أو الأشياء المسروقة :
للعثور على أي شيء ضال أو مسروق -ولو كان إنساناً- اقرؤوا هذا الذكر كثيراً حتى تعثروا على ذلك الشيء: (أصبحت في أمان الله، أمسيت في جوار الله).
توصيته لزيادة الرزق :
إن من يطلب زيادة الرزق، فليقل هذا الذكر كثيراً، وليصل على محمد وآل محمد مرة واحدة في بداية الذكر ونهايته، فإذا أراد قراءة هذا الذكر 110 مرة فليصل صلاة واحدة على محمد وآل محمد، ثم يقرأ الذكر 110 مرة، ثم يصل صلاة أخرى على محمد وآل محمد.. والذكر هو: اللهم أغنني بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك.
توصيته لطلب الأولاد :
1. عن أبي جعفر الأول محمد الباقر بن علي الحسين -عليه السلام- أن رجلاً شكا إليه قلة الولد، وأنه يطلب الولد من الإماء والحراير فلا يرزق به، وهو ابن ستين سنة، فقال عليه السلام: قل ثلاثة أيام في دبر صلاتك المكتوبة صلاة العشاء الآخرة، وفي دبر صلاة الفجر: سبحان الله سبعين مرة.. وأستغفر الله سبعين مرة، وتختمه بقول الله عز وجل: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً** يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً** وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً}. ثم واقع امرأتك الليلة الثالثة فإنك ترزق -بإذن الله- ذكراً سوياً، قال: ففعلت ذلك ولم يحل الحول حتى رزقت قرة عين.


2. عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: وفدت إلى هشام بن عبد الملك فأبطأ علي الإذن حتى اغتممت، وكان له حاجب كثير الدنيا لا ولد له، فدنا أبو جعفر (ع) فقال: هل لك أن توصلني إلى هشام فأعلمك دعاء يولد لك ولدا?.. فقال: نعم، وأوصله إلى هشام، فقضى حوائجه.. فلما فرغ فقال له الحاجب: جعلت فداك الدعاء الذي قلت لي!.. فقال: نعم، تقول في كل يوم إذا أصبحت و أمسيت: (سبحان الله) سبعين مرة، وتستغفر الله -عز وجل- عشر مرات، وتسبحه تسع مرات، وتختم العاشرة بالاستغفار تقول: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً** يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً** وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً}.. فقالها الحاجب فرزق ذرية كثيرة، وكان بعد ذلك يصل أبا جعفر وأبا عبد الله (ع).. قال: سليمان فقلتها وتزوجت ابنة عمي، وقد أبطأ علي الولد منها، وعلمتها أهلي فرزقت ولدا، وزعمت المرأة حين تشاء أن تحمل حملت إذا قالتها، وعلمتها غيرها ممن لم يكن يولد له فولد لهم ولد كثير.
توصيته لتحقق الزواج :
سؤال: لا يتحقق زواج إحدى البنات. ولم يأت لحد الآن نصيبها، وهذه البنت تطلب منكم الإرشاد والتوجيه.
الجواب: لتصل صلاة جعفر الطيار، ثم تقرأ بعد ذلك دعاء وارداً في كتاب زاد المعاد للمجلسي (1)، ودعاء خاصاً للقراءة في هذا الوقت(2)، ثم لتسجد وتسعى لتبكي حتماً -ولو بمقدار قليل- فإذا أغرورقت عيناها بالدموع، فلتطلب حاجتها، فإن لم تتحقق حاجتها، فلتعلم بأنها قرأت هذا الدعاء قليلاً أو أنها لم تقرأه باعتقاد كامل.. وقال سماحته أيضاً مرة أخرى في مقام الإجابة على هذا السؤال: اقرؤوا كثيراً آية: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ان الذى وجدناه فى زاد المعاد هو هذا الدعاء : (يا عدتي عند شدتي ، يا رجائي عند مصيبتي ، يا مؤنسي عند وحشتي ، يا صاحبي عند غربتي ، يا وليي عند نعمتي ، يا غياثي عند كربتي ، يا دليلي عند حيرتي ، يا غنائي عند افتقاري ، يا ملجأي عند اضطراري ، يا معيني عند مفزعي)
(2) بسم الله الرحمن الرحيم .. سبحان من لبس العز وتردى به ، سبحان من تعطف بالمجد وتكرم به ، سبحان من لا ينبغى التسبيح الا له ، جل جلاله ، سبحان من احصى كل شىء بعلمه ، وخلقه بقدرته ، سبحان ذى المن والنعم ، سبحان ذى القدرة والكرم .. اللهم انى اسئلك بمعاقد العز من عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك ، وباسمك الاعظم ، وكلماتك التامات التى تمت صدقا وعدلا ، ان تصلى على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ، وان تجمع لي خير الدنيا والاخرة بعد عمر طويل .. اللهم ان الحى القيوم العلى العظيم ، الخالق الرازق ، المحيى المميت ،البدىء البديع ، لك الكرم ولك المجد ، ولك المن ولك الجود ، ولك الامر وحدك لا شريك لك .. يا واحد يا احد ، يا صمد يا من لم يلد و لم يولد ، ولم يكن له كفوا احد .. يا اهل التقوى ويا اهل المغفرة ، يا ارحم الراحمين .. يا عفو يا غفور، يا ودود يا شكور، انت ابر بى من ابى وامى ، وارحم بى من نفسى ومن الناس اجمعين ، يا كريم يا جواد .. اللهم انى صليت هذه الصلوة ابتغاء مرضاتك ، وطلب نائلك ومعروفك ، ورجاء رفدك وجائزتك ، وعظيم عفوك وقديم غفرانك .. اللهم فصل على محمد وال محمد ، وارفعها في عليين ، وتقبلها منى ، واجعل نائلك ومعروفك ورجاء ما ارجو منك ، فكاك رقبتى من النار ، والفوز بالجنة ، وما جمعتَ من انواع النعيم ، ومن حسن الحور العين ، واجعل جائزتى منك العتق من النار، وغفران ذنوبى وذنوب والدي، وما ولدا ، وجميع اخوانى واخواتى المؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، الاحياء منهم والاموات ، وان تستجيب دعائى ، وترحم صرختى وندائى ، ولا تردنى خائبا خاسرا ، واقلبنى مفلحا منجحا مرحوما ، مستجابا دعائى ، مغفورا لي يا ارحم الراحمين .. يا عظيم يا عظيم يا عظيم ، قد عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو منك ، يا حسن التجاوز ، يا واسع المغفرة ، يا باسط اليدين بالرحمة ، يا نفاحا بالخيرات ، يا معطى المسئولات ، يا فكاك الرقاب من النار ، صل على محمد وال محمد وفك رقبتى من النار ، واعطني سؤلى واستجب دعائي ، وارحم صرختي وتضرعي وندائي ، واقض لي حوائجي كلها لدنياي واخرتي وديني ، ما ذكرت منها وما لم اذكر ، واجعل لي فى ذلك الخيرة ، ولا تردني خائبا خاسرا ، واقلبني مفلحا منجحا ، مستجابا لي دعائي ، مغفورا لى مرحوما ، يا ارحم الراحمين .. يا محمد يا اباالقاسم يا رسول الله ، يا امير المؤمنين ، انا عبدكما ومولاكما ، غير مستنكف ولا مستكبر ، بل خاضع ذليل ، عبد مقر ، متمسك بحبلكما ، معتصم من ذنوبي بولا يتكما ، اتقرب الى الله تعالى بكما واتوسل الى الله بكما ، واقدمكما بين يدى حوائجي الى الله عز وجل ، فاشفعا لي فى فكاك رقبتي من النار، وغفران ذنوبي ، واجابة دعائي .. اللهم فصل على محمد واله ، وتقبل دعائي ، واغفر لى يا ارحم الراحمين.

 

توصيته لتقوية الفهم والحافظة :
لتقوية الفهم ونورانية الإدراك والحافظة، اقرؤوا بعد الصلاة هذا التسبيح: (سبحان من لا يعتدي على أهل مملكته!.. سبحان من لا يأخذ أهل الأرض بألوان العذاب!.. سبحان الله الرؤوف الرحيم!.. اللهم اجعل لي في قلبي نوراً وبصراً وفهماً وعلماً؛ إنك على كل شيء قدير).

المواعظ الأخلاقية
 مراقبة النفس
ينبغي أن يكون الإنسان مراقباً لنفسه خلال اتجاهه نحو الإنسانية وكسب المعارف، ولا فائدة فيما لم يكن الفرد من أهل مراقبة النفس.

 أفضل ذكر وأول وصية سلوكية
سؤال: ما هو أفضل ذكر؟..
جواب: أفضل ذكر هو الذكر الذي أنا أقوله: ذكر الله عند الحلال والحرام.
سؤال: ما هي أول مرحلة للسير والسلوك إلى الله تعالى؟..
جواب: هي أن تروا حلال الله حلالاً وحرامه حراماً.

 دراسة العلوم الدينية
إن القليل من دراسة العلوم الدينية واجب على كل فرد، ليستطيع عند الحاجة أن يراجع كتب الفتوى ويفهم المسألة التي يريدها. ويجب على كل إنسان أن يدرس هذا المقدار من العلوم الدينية، ولو كان -على سبيل المثال- يستغرق فقط ساعة واحدة في كل يوم.
نعم، إن الذي يريد الوصول إلى مقام الاجتهاد والفقاهة، عليه أن تكون معظم أوقاته في النهار والليل مختصة بهذا الأمر. وهذا طلب مقام الاجتهاد وما شابه ذلك أيضاً واجب كفائي، بل هو واجب عيني بالنسبة إلى البعض.. ومن يستطيع أن يواصل دراسة العلوم الدينية، ويصل إلى مقام الفقاهة، ويبلغ منزلة إدارة مدينة واحدة أو أكثر بنظرياته الفقهية؛ فيجب عليه أن يصبح فقهياً.

 وجوب تعلم الأحكام
كان في نهاية مدينة كربلاء مسجد يصلي فيه أحد الأشخاص صلاة الجماعة فسألوه: هل يأتي أبناء تلك المنطقة ومن حواليها إلى صلاة الجماعة؟..
قال: لا يأتون كثيراً، لأنهم يقولون: إذا جئنا لصلاة الجماعة فإن إمام الجماعة سيبين مسألة شرعية بعد الصلاة، وهذا ما يزيد في تكليفنا، وإذا بقينا على عدم العلم، فإنه أسهل لنا(1).
ولكن هؤلاء لا يعلمون بأن ترك التكاليف غير مقيد بالعلم والجهل، لأنكم إذا تركتم التكليف من خلال ترككم التعلم، فإنكم مسئولون ومقصرون ومؤاخذون فلهذا ينبغي أن نقول: بأن الأحكام الإنشائية مشتركة، وتعلمها واجب ومن يترك تعلمها باختياره، فهو مقصر ومؤاخذ.
____________________________________
(1) نقل آية الله بهجت هذه القصة في زمان آخر بهذا الصورة: (كان أحد الأشخاص أتباحث معه في خصوص الدروس الدينية، وكان هذا الشخص إمام جماعة أحد المساجد، فقلت له: هل تذكر للناس بعد الصلاة جملة من الأحكام الشرعية؟.. قال: لا، لأنهم يتركون المسجد بصورة مباشرة بعد أداء الصلاة ويقولون: إذا بقينا وتعلمنا الأحكام الشرعية، فسيزداد تكلفننا ولهذا نفضل عدم التعلم.

 قيمة العلم والعمل
يبدو أننا لا نمتلك أي نقص سوى العلم والعمل، فإذا كان العلم والعمل معاً، فإننا لا ينقصنا بعدها شيء لماذا؟.. لأن ﴿ َالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾. فإذا لم يهمل الإنسان ما يعلم، وتوقف واحتاط فيما لا يعلم حتى يعلم، فهو في الكمال، ولكنه إذا أهمل ما يعلم ولم يتقيد فيما لا يعلم، واتجه نحو جميع الجهات؛ فإنه لا يصل إلى المبتغى والغاية المنشودة. ولهذا إذا عمل الإنسان بما يعلم فعليه أن لا ينتظر شيئاً، وليترك بقية الأمر على الله تعالى، والأدلة والسبل التي مهدت الطريق سابقاً، فإنها ستمهد الطريق لاحقاً أيضاً.. فإذا لم تتسامح في الأمر، وإذا كنت مشترياً لهذه الهداية وكانت هذه السلعة ثمينة عندك؛ فأعلم أن ﴿ لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ هي الدعامة والسند لحركتك.

إذن (من عمل بما علم، ورثه الله ما لم يعلم)، قال تعالى: (لا عليك نحن نمهد لك الطريق ونخبرك بوقتها) وهذا هو المعنى الكامن في عبارة ﴿ َالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا﴾ وإذا ﴿ جَاهَدُوا﴾ من غير علم فالحركة عقيمة، و﴿ َلَنَهْدِيَنَّهُمْ﴾ لا تكون في المعلومات بل هي في المجهولات.
فماذا تنتظرون؟.. هل نعمل بدون علم، أو في غير معلوم؟.. وإذا لم نعمل، فهل نطلب علم ما لا نريد العمل به؟!..

وينبغي أيضاً أن لا نتوقف في العمل. ولا يتحقق هذا الهدى وتهذيب النفس من دون علم، والعلم أيضاً من دون عمل لا نفع فيه.
فإذا تقارن العمل مع العلم، فستظهر جميع الآثار النافعة. ومن جملة العلم أن لا يعلم الإنسان من بداية الأمر بأنه ينبغي أن يحتاط في الأمور التي لا يعلمها، والاحتياط ليس أمراً محرماً!.. بل الاحتياط- في الواقع- واجب في الكثير من الأحيان، وليس فيه أيضاً عسر وحرج.

 الكمال في سيادة هذين الأمرين
إذا اتفقت البشرية بأن تكون السيادة بيد العلم والعقل، فإنها ستعيش حالة الكمال، وكان هناك أب غير متدين، قد أوصى ابنه: (ولدي العزيز!.. إذا أردت أن تتخلص من هؤلاء الذين يقولون بوجود الله ووجود دين وشريعة، فأنكر من البداية وجود الله ووجود صانع لهذا العالم.. فإذا لم تنكر ذلك، فإنهم سيستدرجونك، ويتقدمون نحوك خطوة خطوةـ ولا تستطيع إجابتهم.. ولكنك إذا أنكرت وجود الله من البداية، فستتخلص من شرهم.

فإذا توافقنا بأن يكون العلم هو الحكم والقاضي فيما بيننا، فسنعيش حالة الكمال، والمعلومات التي نمتلكها تكفي لتوصلنا إلى المجهولات، ولكن بشرط التحلي بالإنصاف وعدم التراجع عن كلامنا. ولنقل: بأن العلم -في الواقع- يوصلنا إلى النتيجة، وننهي بذلك العمل، فإذا أيقنا بذلك، فالأمر كامل.

 عليك بالمؤخرات
سأل سماحة آية الله بهجت أحد الطلبة العرب ذات يوم: (ماذا تدرس)؟.. قال: (المقدمات)، فقال له سماحة آية الله ببيان لطيف: (عليك بالمؤخرات)!.. أي: إن المقصود من المقدمات هو الوصول إلى القرب الإلهي، والاتجاه نحو الله –تعالى- والأمور المعنوية، وهذا ما أوصيك به.

 الاستغفار بجد
إن استغفاراً واحداً بجد وصدق، يكفي لجميع هذه المصائب والكبائر.. وأما بالنسبة إلى مدى بقاء أثر هذا الاستغفار؟.. فهذا مما لا علم لنا به، ولكن ينبغي القول: نحن من الآن نقرر بأن الله –تعالى- إذا وفقنا فإننا لا نعصيه بعد هذا، ولا سيما مع جميع هذه الألطاف الإلهية؛ فإنه –تعالى- لا يجبر الإنسان على المعصية.

 عواقب الأمور
عندما يعطى الإنسان صحيفة أعماله بيده في يوم القيامة، فإن بعض الأشخاص يجدون في كتاب أعمالهم: (أنت قاتل فلان)، فيقول: إلهي!.. من قتلت أنا؟.. أنا لم أقتل أحداً؟.. وليس لي علم بأنني قاتل لأحد. فيقال له في الجواب: (قلت في مجلس فلان قولاً عن شخص، فنقل هذا القول إلى مجلس آخر، ومنه أيضاً إلى مجلس آخره حتى وصل هذا القول إلى شخص، فدفعته وحفزته على قتل الشخص، وكنت أنت السبب في هذا القتل).

وهذا النمط من السببية هي التي تدفع الإنسان إلى التمسك بالاحتياط وتوخي الحذر، فهل يستطيع الإنسان أن يلتفت إلى كلامه، ويعي بأن ما يقوله لا يترك أثراً سلبياً فيما لو تناقلته الأفواه عبر عشر وسائط؟.. وينبغي أن يؤدي كل فعل جائز مع طلب التوفيق من الله، وطلب النجاة منه تعالى، لئلا يتضمن هذا الفعل أموراً توجب المسؤولية بالنسبة إلى فاعله.

 قد يكون امتلاك الكرامات اختباراً إلهياً
لا تعشقوا المراتب العرفانية والكرامات، فإن هذه الأعمال قد تأخذ بأيديكم إلى النار(1) لأن مراتب المكروهات قريبة جداً من المحرمات، ومن أقبلت عليه الكرامات وهذه المراتب، فلا يحسب بأنها كرامة من الله –تعالى- إليه، ولا يعلم فإنها قد تكون من الاختبارات الإلهية الصعبة جداً، بحيث لا يجتاز الإنسان هذه الاختبارات إلا في ظل لطف إلهي خاص.
____________________________________
(1) لا يخفى بأن هذا الأمر خاص بالمراتب الدقيقة. وقد كتب الإمام الخميني-قدس سره- أيضاً في رسالة إلى ولده المرحوم السيد أحمد: (لا تفرط في نيل المقامات، سواء كانت تلك المقامات مادية أو معنوية)!..

 ينبغي الالتجاء إلى الله تعالى
إن ما هو موجود بالفعل في جميع رؤساء الضلال والفساد، فإنه موجود فينا بالقوة فيما لو لم يعصمنا الله تعالى، ولم يحفظنا، وإلا فهل يمكن القول: (إن أولئك جاؤوا من جهنم ونحن جئنا من الجنة)؟.. كل شيء ممكن، سوى الشخص الذي يعوذ بالله من شر نفسه أولاً، ثم يعوذ بالله من شر بقية الشرور.

 

 ما يدرينا لعل كل واحد منا (صدام) في نفسه!..
زار ذات يوم جماعة من قادة الحرب سماحة آية الله بهجت –دام ظله- وكان ذلك بعد عمليات الفتح المبين، فقدم هؤلاء تقريراً حول مقدار الأراضي التي فتحوها، ونسبة الخسائر التي ألحقوها بالعدو، و….
قال أحد الذين حضروا هذه الجلسة: أحسست عندما كان يتحدث أحد القادة بأنه مغرور جداً، فقال لي في هذا الحين القائد: (ولم يبق سوى صدام). فقطع آية الله بهجت كلامه، وقال بصورة مفاجئة: (ما يدريك لعل كل واحد منا (صدام في نفسه)!..

 منبع العادات
إن الملكة التي أشار إليها الفقهاء وعلماء الأخلاق، هي هذه العادة أي التعود على ترك المعاصي وفعل الواجبات بصورة مطلقة، كالشخص الذي اعتاد على تناول المخدرات، بحيث لو تركها يوماً واحداً لفقد الراحة والاستقرار. ونحن أيضاً فإننا مقيدون بشرب الشاي فلو لم نشربه يومين فسنصاب بالصداع.
وأما بالنسبة إلى العادات وأصلها فقد وقع الاختلاف: هل هي ميل نفساني أو خوف رباني؟.. وهذا الاختلاف في ترك المحرمات وفعل الواجبات. فإنه إذا اعتاد عليه الإنسان فسيكون منشأ لخشيته من الله تعالى. والسلام!.. يكفي هذا وهذه هي الملكة.

ويا ترى هل يجب أن يكون الإنسان كسلمان؟.. لا، فإنه قد يبتلى ببعض الابتلاءات، ولكنه يلتفت بسرعة إلى قبح ما صدر منه، ويدرك سوء عمله؛ فيتوب ويرجع، إن الله يحب كل مفتن تواب.

 تعظيم الشعائر والعداوة مع الله
إذا لم يعظم الإنسان الشعائر الإلهية، وداسها بقدمه أو ضربها عرض الجدار؛ فإن قلبه سيكون فارغاً من جميع عناصر التقوى.. ومن أهان الشعائر الإلهية، فإن الدافع لهذا العمل هو المواجهة مع الدين، وإلا فإن الشهوة والغضب لا يستوجبان هذه المعاصي.
إن من يدوس الشعائر بقدمه، ويهين المقدسات؛ فإن عداءه مع الدين.
وأما الشهوات واللذات والغضب، فهي للنفس الدنية الشهوية الغضبية، والأمور التي ترتبط بالدين أعظم جداً وأسمى منزلة.
رد: (تارك الصلاة كافر) لأن الزاني يزني، وشارب الخمر يشرب الخمر بداع من شهوته.. ولكن ترك الصلاة ليس فيه شهوة.
وقيل: اجتمع جماعة من الفساق فقال أحدهم: (إنني ارتكبت جميع المعاصي حتى (نعوذ بالله) الزنا بالمحارم). وقال الآخر: (حتى الزنا في الكعبة) وذكر كل واحد منهم أشد معصية ارتكبها، وقال شخص آخر: (حتى صوم العيدين) فأمسك هؤلاء الفساق هذا الأخير وضربوه ضرباً شديداً وقالوا له: نحن أهل الشهوة والغضب وارتكبنا جميع هذه المعاصي من منطق الشهوة واللذة، ولكن صمت صوماً محرماً، وهذا ما يبين بأنك عدو الله وعدو الدين)!..

 تعظيم الشعائر والعداوة مع الله
سأل أحد الأشخاص: (لماذا كان للعلماء الماضين الكثير من الكرامات التي لا نمتلكها)؟..
قيل له: (لأنهم كانوا لا يرون فرقاً بين المستحب والواجب. ولا يرون أيضاً فرقاً بين المكروه والمحرم، ولكنكم قسمتم الأحكام إلى خمسة أقسام، وتعاملتم مع كل قسم بصورة خاصة، ولهذا لم تكونوا من أهل الكرامة).(1)
____________________________________
(1) عندما ذكر آية الله بهجت هذه القصة مرة أخرى، بين بأن ذلك الشخص رأى الإمام صاحب الزمان -عليه السلام- في الرؤيا وكان الجواب هذا هو جواب صاحب العصر على سؤاله. والمقصود هو أن القدماء كانوا يقومون بالمستحبات كما يقومون بالواجبات، وكانوا يتركون المكروهات كما يتركون المحرمات.

 منزلة القدماء ومنزلتنا
ورد بأن السيد الرضي كان عنده مال، فقال لأصحاب: من يحتاج إلى المال فليأخذ من هذا المال فلم يأخذ أحد من ذلك المال سوى شخص واحد. وهذا الشخص أيضاً أخذ مبلغاً ثم أرجع نصفه وأعاده إلى مكانه وقال: كنت محتاجاً لنصف هذا المبلغ فقط. وأي زمان كان هذا الزمان بحيث كان الناس في سلامة من أمر دينهم؟!..

وفي زماننا أيضاً كان الشيخ إبراهيم سلماني في غاية الزهد، وكان يعيش في المدن المقدسة ويدرس في منزله، فتقدم له كمية كبيرة من القماش، فقال: (من يستحق فليأخذ بمقدار ما يستحق، وأنا لا علم لي بمن يستحق ومن لا يستحق).
فقالت أسرته: (أعط لكل واحدة منا بمقدار صنع عباءة).
فقال لهم: (هذه المرة أعطيكم ذلك، ولكن إذا جلبوا القماش مرة أخرى فإنني سأعطيه للآخرين). وهذا عكس ما في زماننا حيث لا يعلم بما يجري سوى الله تعالى!.. ما يدرينا؟.. فنحن أيضاً قد نتخلى عن المسؤولية ونلقيها على عاتق الآخرين.

 مجالسة الأولياء عن طريق كتبهم
نحن لا نستطيع القول: بأننا لا نستطيع مجالسة الأنبياء والأولياء، لأن قراءة الكتب الموثوق نسبتها إليهم تكون منزلة مجالستهم، وإن مجالسة القرآن هي مجالسة رسول الله (ص) كما أن آثار الأوصياء موجودة من قبيل نهج البلاغة والصحيفة السجادية، ومجالسة الإنسان لها تكون بمنزلة مجالسة أصحابها والحديث معهم والإصغاء إلى كلامهم. وقد يأتي زمان يتم فيه اكتشاف أجهزة قادرة على تجميع الأصوات المنتشرة في الفضاء، وهذا أمر ممكن ولا يمكن القول بأنه محال، وأصوات هؤلاء منتشرة في الفضاء على شكل ذبذبات وأمواج ولا تنعدم أبداً..

 بيان الظن بصورة قاطعة كذب
كان أحد الأشخاص متبحراً في الأخلاقيات، فقال لتلاميذه: (الحمد لله، مجلسنا ليس فيه استغابة، ولكننا لا يمكننا القول بأنه لا كذب فيه).. وهل الكلام الذي يقال هنا موافق للواقع، فهذا غير معلوم، فعلى سبيل المثال: إذا قال أحد الأشخاص مكان الظن: أنا علي يقين، أو قال مكان الاحتمال: أظن ذلك فهذا كذب، فإذا لم يكن لديك يقين إزاء قضية فلا تقل: أنا متيقن من ذلك.. ينبغي عدم استعمال اليقين مكان الظن، وعدم استعمال الظن مكان الشك والاحتمال.

وكان هذا الشخص مواظباً إلى هذا الحد، بأن لا يستغيب وهذا صعب جداً!.. مثلاً: أن يقول الإنسان: أنا على يقين ثم يدرك بأنه كان على ظن، وهذه الأمور هي التي تترك أثرها من حيث لا نعلم وتتجمع هذه الظنون وتترك أثرها.

 عواقب الكذب والغيبة
ورد في الأحاديث: بأن الكذب والغيبة من الكبائر التي هي أكبر من الكبائر الأخرى، ونعلم بأنه إذا فتحت أبواب الكذب والغيبة، فسوف لا يبقى حد للعصيان والطغيان، وستثار العديد من الفتن بسبب الغيبة والكذب!.. وإذا فتح طريق الغيبة فلا يعلم منتهاه إلا الله!.. فإذا كشف أحد الأشخاص الستار عن أحد المسلمين وذلك لمجرد رؤيته شيئاً لا قيمة له منه، وبادر إلى إذلاله بين الناس وأبعد الناس عنه، فسيكون الله –تعالى- هو الوحيد الذي يعلم الفتن التي ستثار هنا. وإذا كشف الإنسان الأسرار وهتك حجاب وحرمة المؤمنين، فستثار نزاعات كثيرة جداً.

وهذا الفعل ليس من قبيل الأفعال المحرمة التي تكون دوافعها الشهوات الجنسية، بحيث متى ما كانت الشهوة وقع الفعل، ومتى لم تكن الشهوة لم يقع.. والرجل الكهل لا تطرق باله هذه الأفكار والشهوات الجنسية، ولكن الغيبة ليست كذلك. والإنسان مهما يزداد في العمر، فإذا أراد أن يستغيب فإنه سيزداد ميلاً إليها، ويرغب بأن تكون الغيبة والحديث حول هذا وذاك فاكهة المجلس.

 قل المهتمون بالأمور المعنوية :
من الملاحظ فى هذه الأزمنة أن الأمور المعنوية: الدين، والأخلاق الشرعية؛ ليس لها طالب في الدنيا، وقد قل المهتمون بهذه الأمور.
أهل البيت عليهم السلام
 عيد الولاية
إن العيد الذي يفوق جميع الأعياد في الإسلام، هو عيد التشيع؛ عيد الولاية، عيد غدير خم. وأما سبب أفضلية هذه العيد فهو لأنه من يمتلك الكل، فهو مالك بالتبع للجزء.. ومن هذا المنطق، فإن من يعتقد بالولاية فهو يعتقد أيضاً بالإسلام دون العكس. والشخص الذي يؤمن بأن هذا اليوم عيد، فإنه يؤمن أيضاً بالأعياد الأخرى دون العكس.

 نحن لا نعرف منزلة المطيعين لله، فكيف يمكننا معرفة الأنبياء والأوصياء؟
إن المقربين يخشون الذلة ولا يخشون النار فحسب!.. (صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك). وهذه الدرجة خاصة بالذين هم أرفع منا رتبة بكثير جداً، ونحن لم نبلغ مقام هؤلاء لحد الآن. ونحن لم ندرك المنزلة التي بلغها سلمان ومقداد وأبو ذر، فكيف نريد إدراك منزلة الأنبياء والأوصياء.

 


 آل الله عليهم السلام لا يخدعون
بعض الجهلاء قالوا: (خدع سيد الشهداء عليه السلام)!.. وهؤلاء لا علم لهم بأن المنزلة التي يمتلكها المعصوم، تصونه من الانخداع بأي صورة مطلقاً، والمعصوم هو المطلع على نيات الآخرين بمجرد رؤيته لهم أو الاستماع إلى حديثهم. بل الأشخاص الذين هم أقد درجة من المعصوم أيضاً يبلغون إلى هذه المرتبة، وكان أمثال هؤلاء يعيشون في زمان قرب زماننا، وقال أحدهم: إن المكتوب الفلاني كتب في المكان الفلاني. فحققوا في الأمر حتى يصلوا إلى صحة كلامه.

وقيل أيضاً: كان أحد الأشخاص في مدينة مشهد، فكتب رسالة إلى الأشخاص: (أنت الآن في حالة تناول الطعام، فافعل كذا)!.. فوصلت هذه الرسالة إلى هذا الشخص بعد فترة، وكان هذا الشخص حين استلامه للرسالة مشغولاً بتناول الطعام، وكان هذا الكاتب له علم بهذا الأمر من قبل!..

والله –تعالى- هو العالم باختلاف المستور بين هؤلاء والمعصومين عليهم السلام.. فيا ترى هل يحق بعد معرفة منزلة المعصوم، أن نثير بعض الإشكالات حول سلوكه وتصرفاته؟!.. ولكن هذا الأمر عند البعض يسير.

 العالم بالاستشهاد
كيف يمكننا أن نجمع بين الأحاديث الشريفة المرتبطة باسم الأئمة -عليهم السلام- أو الموارد الأخرى وبين عصمتهم عليهم السلام؟..
ويبدو حسب الظاهر أن هذه الأمور لا يوجد أي تناف بينها، لماذا؟.. لأن علم الأئمة -عليهم السلام- أمر مسلم به، ولكن من جملة معلوماتهم أنهم يرحلون من هذه الدار الدنيا كما يرحل منها باقي الناس. وكل شخص مقدر له يوم أو ليلة معينة يرحل فيها من هذا الدنيا. والإمام أو النبي يعلم زمن رحلته من هذه الدنيا، ويعلم سبب ذلك أيضاً، وهذا العلم أيضاً مستمر إلى حين رحلتهم.

ويقول البعض: كيف يمكنه شرب السم وهو يعلم أنه سم، في حين قال تعالى: ﴿وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾، وهل يمكننا القول بأن الإرشاد بحكم العقل؟.. وكيف يقتل الإنسان نفسه بنفسه، ويلقي نفسه في التهلكة؟!..

وجواب هذا الإشكال هو: أن المعصوم كما يعلم ساعة وفاته وسبب وفاته، فهو أيضاً يعلم عن طريق الغيب الخاص به، أنه يجب أن لا يرتب أي أثر إزاء العلم بالغيب، ويجب أن يتعامل كأحد من الناس وكأنه لا يعلم وقت وفاته وسبب وفاته.. ولهذا عند تناول الإمام موسى بن جعفر -عليه السلام- الرطب المسموم، قال: (حسبي)!..

 العصمة من الخطأ والخطيئة
إن العصمة التي نعتقد بها للأنبياء والأوصياء، هي العصمة من الخطأ والخطيئة، وليست هذه العصمة فقط من الخطيئة.. بل يكون هؤلاء معصومين من الاشتباه، وإلا فلا يمكن الوثوق بكلامهم. لماذا؟.. لأن الناس ستجهر وتترك من يكذب دائماً، وتصدر منه الأخطاء المتكررة. كان ذلك الشخص طيباً فرأوه فجأة أنه يكذب بصورة متكررة، فقالوا: كان هذا الشخص من الصلحاء فما بدا له؟.. فقيل لهم: ابتلي بالحصبة ففقد حافظته، ولا يميز حالياً بين الصدق والكذب، ويتكلم من دون تثبيت.

 

 
وبالتالي، تؤدي هذه الأخطاء إلى انعزال الناس عن النبي أو الوصي. وإذا رأى الناس بأن المعصوم يسهو وينسى إلى ما شاء الله، ويحرم بذلك من الفرائض، فإنهم سيبتعدون عنه.

 العصمة أيضاً لها مراتب
العصمة لها مراتب، ولهذا نعتقد بوجود التفاضل بين الأنبياء والأوصياء. وعندنا أنبياء من أولي العزم، وأنبياء من غير أولي العزم.. وعندنا خاتم الأنبياء، وهو أفضل الأنبياء وأعلاهم درجة، وفي الأوصياء أيضاً نقدم الخمسة من أصحاب الكساء على غيرهم، وفي غير الخمسة أيضاً نعتقد بأن صاحب العصر والزمان -عجل الله فرجه الشريف- كالكوكب الدري، وهو أفضل شخص من بين الخمسة، وجميع هؤلاء لهم مراتب.

 معارف أهل البيت عليهم السلام
إذا نقل غير المعصوم القضايا اليقينية عن المعصوم، فإنه على الصواب.. ولكنه إذا أراد أن يفسر القضايا برأيه، فإنه قد يصيب وقد يخطئ، ويكون الله –تعالى- هو العالم بصحة أقوال هذا الشخص أو خطأه.. وهذا الشخص قد يكون مصلحاً في بعض الموارد، وقد يكون مخرباً في موارد أخرى. ولا يعلم عين واقع كلام المعصوم إلا الله تعالى. والذين يقولون في هذا المجال: (لا نعلم) فهم على الصواب، والذين يقولون: (لا نعلم كما ينبغي أن نعلم) فهم في درجة رفيعة من الصواب.. وقد ورد في الحديث الشريف عن رسول الله (ص): (ما عرف الله إلا أنا وأنت، وما عرفني إلا الله وأنت، وما عرفك إلا الله وأنا).

 عظمة نهج البلاغة
ينقل عن الجاحظ -وهو من الذين لهم باع طويل في علم الكلام- أنه ذكر بأنه قرأ فلان خطبة لأمير المؤمنين -عليه السلام- ستين مرة، وتعرف في كل مرة على حقائق لم يتعرف عليها قبل ذلك. وهذا الكلام يبين قوة الجاحظ في الفهم، وتلقي المفاهيم، ويتبين أيضاً عظمة كلام أمير المؤمنين عليه السلام. وكلام المعصوم يشبه القرآن، وكلما تأمل الإنسان فيه فإنه سيدرك شيئاً لم يدركه من قبل، وكلما يأتيه الإنسان يجد فيه حقائق جديدة وأموراً لم يطلع عليها قبل ذلك.

 ثواب زيارة سيد الشهداء عليه السلام
ويا ترى هل نحن نعلم عظمة ثواب زيارة سيد الشهداء؟..
ويا ترى هل نعلم منتهى الأحاديث الشريفة الواردة حول زيارة سيد الشهداء؟..
هل يستطيع أحد أن يبين معنى من زار الإمام الحسين -عليه السلام- في ليلة الجمعة كان كمن زار الله في عرشه؟..
وهل نحن نفهم هذه الكلمات؟!..
وهل نعلم مقدار ثواب البكاء على سيد الشهداء؟..
وهل يسعنا بيان حد لها، بحيث لا يتجاور مقدار ثواب هذا الحد؟..
إن قيمة البكاء في هذا المقام يبلغ حداً بحيث قيل: إذا ذرفت عيناك ولو بمقدار قليل من الدمع، فمعناه الإذن لك بالدخول، ومعناه أنهم قالوا لك: أدخل.
فيا ترى ما هي صلة الدموع بالإذن!.. وهل نحن ندرك هذه القضايا؟.. ولكن ما نعاني منه حالياً: أننا مبتلون بأمثال معاوية، الذين ينطقون بكل شيء، وتجد في كلامهم حتى كلمة الكفر.

 أفضل المستحبات
إن البكاء على مصائب أهل البيت -عليهم السلام- ولا سيما البكاء على مصيبة سيد الشهداء، يعتبر من المستحبات التي يبدو عدم وجود مستحب أفضل منها. والبكاء من خشية الله أيضاً كذلك.

 لا أعوض ألم العشق بشيء
زار أحد كبار السادة الإمام صاحب العصر والزمان عليه السلام، فغرق في جمال صاحب العصر -عليه السلام- بحيث أصابه الجنون بعد التشرف بلقاء الحجة عليه السلام، وكان بعدها يعيش دائماً حالة الهيام والشوق الشديد لصاحب العصر.

 المصائب الواقعة أكثر من التصوير الكاذب لها
نقل عن أحد مراجع التقليد -ولا أعلم صدق أو كذب هذا النقل- أنه قال: (الأصل في روايات المعاجز هو الكذب) وروايات المعاجز كذبها دون ما هو الواقع. وقد ذكرت فضائل لأمير المؤمنين كذباً، ولكن هذا الكذب هو أقل مما هو في الواقع، والأفضل أن نقول: (القول مني في جميع الأقوال ما قالوه حول أنفسهم).

وقضايا سيد الشهداء أيضاً كذلك، والمصائب التي وقعت أكثر من المصائب التي تذكر كذباً، وحقيقة هذه المصائب مما لا يدركها أحد!.. وهذا مما دعا بعض الشخصيات المهمة والمرموقة إلى التساؤل حول وقوع هذه القضايا. ولكن ينبغي للإنسان -قدر وسعه- أن ينقل من المصادر الموثوقة فقط.
القسم السادس: معارف إسلامية
الفصل الأول
 إعجاز القرآن
إن القرآن بذاته تكويناً معجزة، ولا يصح القول بأن هذا القرآن معجزة فقط للمسلم الصالح والعابد والعالم وهو للآخرين مجرد كتاب قصة!.. كلا، ليس الأمر كذلك، ولم تأت المعجزة للمسلمين فقط، المعجزة مختصة بالجميع وأكثر المتدينين في يومنا هذا من النصارى يرون القرآن وكأنهم لم يروه، ولا يخفى بأن المسيحين يعترفون بأن القرآن كتاب كتبه رجل حكيم.

 التدبر في القرآن
إن أعرف الناس بالقرآن هو الذي يكون أكثرهم تدبراً فيه، ومجموع الأحاديث الشريفة أيضاً كالقرآن فبعضها يشرح البعض الآخر، وبعضها يشرف على الآخر، فعلى سبيل المثال آية ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ﴾ فلو حسب كل شخص بأن ما هو عليه الصراط المستقيم، في حين تجد آية أخرى وهي قوله تعالى: ﴿وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾ وتوجد آية أخرى، وهي ﴿ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ﴾ أو قول تعالى: ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ﴾ وهذا هو الصراط المستقيم ﴿غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ﴾، وقد فسر ﴿ غَيرِ المَغضُوبِ ﴾ برؤساء اليهود والنصارى ولكن قد يكون هذا على سبيل المثال، أي اليهود بالنسبة إلى النصارى أشد كفراً وعناداً.

والله!.. إذا تأمل الإنسان في القرآن، فإنه كم سيعثر عن طريق القرآن على شواهد لا يجدها في ظواهر القرآن. والأخبار والروايات أيضاً كذلك، لأنها تشبه القرآن في الكثير من الأشياء، وهما في الكثير من الأشياء متحدان.

 

 يوجد الاسم الأعظم في هذه السورة
ورد في الحديث الشريف: بأن الاسم الأعظم يوجد بصورة متفرقة في سورة الفاتحة، والذي يقرأ الفاتحة بهذه النية، فهو كم يعلم الاسم الأعظم!.. ومن عنده حاجة، ويبحث عن الاسم الأعظم، فإمكانه أن يقرأ سورة الفاتحة؛ لأن هذه السورة متضمنة لجميع هذه الآثار. وهذه السورة تتسم بالشمولية، وهي ملخص لجميع القرآن.
وقد ورد في الأحاديث الشريفة: كل ما في القرآن في الفاتحة. وهذا الأمر هو الذي يؤدي إلى إحياء الأموات.

 جميع القرآن في سورة واحدة
إن سورة الفاتحة عبارة عن مجمل القرآن، وهي مجمل جميع القرآن، وقد وجب جميع القرآن في الصلاة، وهذا ما يوجب فضيلة الصلاة. حيث إنها تتضمن جميع القرآن، فانظروا هل القرآن شيء غير هذا؟.. وهل هو شيء سوى الذكر والثناء ومعرفة الله تعالى؟..

﴿ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{2} الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ{3} مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ{4} إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ وجميع هذه الفقرات أذكار وتعبير عن العبودية، وهي ذكر ﴿ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.. ثم يبدأ الدعاء ومجمل هذا الدعاء ﴿ اهدِنا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ﴾ وتفصيله ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ﴾ التبري من الأشخاص المخالفين للدين، وهم ممن غضب الله عليهم، وهم من المضلين أو الضالين، وهم في ضلال لا عذر لهم فيه.

فيا ترى هل يوجد في القرآن شيء من الحدود والتعاليم، ولكنه لم يشر إليه في الفاتحة؟.. ﴿ اهدِنا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ﴾ فإن هذه الآية قد بينت الطريق، وهو طريق الذين أنعم الله عليهم، وليس هو طريق أعداء الدين والضالين.
جميع القرآن في سورة الفاتحة، ولسنا في هذا المقام بحاجة إلى التعبد، وهذا الموضوع ليس فيه تعبد، والإنسان بنفسه يرى الواقع بأنه كذلك.

 نور القرآن
كان ذلك الشخص حافظا للقرآن(1) على الرغم من كونه أمياً لا يقرأ ولا يكتب. فأعطوه أحد كتب التفسير فكان يميز بين الكلمات القرآنية والكلمات غير القرآنية، في حين لم يكن فرق بينها.. وكان هذا الشخص الأمي، الذي كان لا يستطيع القراءة والكتابة، يشير إلى بعض الكلمات ويقول: هذه من القرآن وتلك ليست من القرآن، فكانوا يسألونه: أنت لا تعرف القراءة، فكيف تستطيع أن تميز بين الكلمات، وتشخص الكلمات القرآنية من غيرها؟..

فكان يقول: أرى في الكلمات القرآنية نوراً لا أراه في الكلمات الأخرى. والعرف قد يظن بأن القرآن هو هذا الكتاب، في حين كان المسلمون في صدر الإسلام يقرؤون القرآن وهو بعد لم يكتب، ثم كتب ليبقى.

 توصيات للطفل الذي حفظ القرآن
أوصى سماحة آية الله بهجت- مد ظله- الطفل الذي حفظ القرآن وأولياءه، قائلاً: لا تتجاوزوا حد الاعتدال، وهو بنفسه لا يكلف نفسه ما لا يطيق، وأنتم أيضاً لا تحملوه ما لا يتحمل، وعلى سبيل المثال لا تقولوا له: الآن حفظت القرآن، فعليك أن تحفظ نهج البلاغة، والصحيفة السجادية!..
ينبغي أن لا يكون تكليفا وينبغي أن يرفق بنفسه، ولا يبذل جهداً كبيراً. ومن أجل المحافظة على ما حفظ من القرآن، عليه أن يقرأ كل يوم جزءاً من القرآن، وينبغي أن يقسم قراءة هذا الجزء بين قنوت الصلاة.

كما ينبغي أن يكثر من السفر والذهاب للنزهة، وعليه أن يرفه عن نفسه بما هو مشروع؛ لأن السفر وتغير الأجواء عمل مؤثر جداً.. وسمعت بأن البعض يسافر إلى البلدان الأجنبية ليبدل دمه، ولكنني أظن بأن هذا السفر بنفسه يقوم بعلمية تبديل الدم.

فعلى سبيل المثال: ليذهب مرة واحدة إلى جمكران، وهذا بنفسه يعد تغيراً للجو الذي هو فيه. والتوسلات نافعة جداً، فزوروا كثيراً مراقد أولاد الأئمة؛ لأن هؤلاء العظماء كالفواكه، ولكل واحد منهم فيتامين خاص، ولكل واحد منهم خواص وآثار متميزة. وإذا لم يفعل الإنسان أية واحدة من الأمور، فعليه أن يمشي بين الطلوعين في الهواء الطلق، وبوسعه في تلك الحالة أن يقرأ تعقيبات الصلاة وهذا العمل مؤثر جداً.

الفصل الثاني

 أثر الصلاة في أول الوقت
إن الأشخاص الملتزمين بأداء الصلاة في أول وقتها، والملتزمين بأداء الصلاة الكاملة، يجدون فيما لو حافظوا على أنفسهم بأن حالتهم النفسية قد اختلفت بالنسبة إلى الحالة التي كانوا عليها قبل الصلاة.. فلا تفقدوا هذه الحالة باختياركم، ونأمل بأن تكونوا ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ وأن تكونوا دائماً من المصلين ومن الذاكرين، ومن يصلي ليذكر الله تعالى، فإن هذا الذكر يخلق طاقة هائلة في النفس، وبهذه الطاقة يعيش الإنسان حالة ذكر الله -تعالى- بصورة دائمة، وبهذا يحافظ الإنسان دائماً على القوة التي يمتلكها.

 التفكير بالدنيا في الصلاة
كان ذلك الشخص يقول: عندما أقول: الله أكبر!.. أشرع بالتفكير في الشؤون الدنيوية، وعندما تنتهي الصلاة أفهم بأنني كنت في حالة الصلاة، ولا أنتبه إلا عند التسليم لأخرج من الصلاة.

 تارك الصلاة لا دين له
إن هؤلاء الأشخاص الذين يتسامحون في الأمور، وحسب قولهم: لا يعلمون.. ويطلبون الراحة، ويصلون تارة، ولا يصلون تارة أخرى. فيمكننا أن نفترض بأن هؤلاء إذا لم يتوبوا وأصروا على هذا الأمر، فإنهم فاسقون.. إلا فالشخص الذي ليس من أهل الصلاة، ولا يعتقد بالصلاة، فهو بصورة عامة ليس من أهل الدين.. فضلاً عن كونه ليس من أهل الإسلام.

 يجب أن نشكره على ذلك
قال الميرزا القمي: إذا لم يعاقبنا الله -تعالى- على هذه الصلاة والعبادات التي نقوم بها، فيجب أن نشكره على ذلك، لأننا عندما نحفظ شرطاً فإننا سنفقد شرطاً آخر، وعندما نحفظ الشرط الآخر فإننا نفقد شرطاً غيره.

 توسعة أوقات الصلاة
جعلت الصلاة في خمسة أوقات ولم يجعل أداؤها واحدة تلو الأخرى، ولا سيما إذا أردتم أداء النوافل: ثماني ركعات نافلة الظهر، وثماني ركعات نافلة العصر.. وصلاة الظهر والعصر أيضاً ثماني ركعات، هل تعلمون كم تستغرق هذه الصلوات من وقت؟.. جميع المأمومين ترتفع أصواتهم ويعترضون على ذلك!.. وهم يشق عليهم أداء هذه الأربع الركعات جماعة!.. وقد يصلون الأربع الركعات الأولى جماعة، وتفوتهم الأربع الركعات الثانية، وهذه الصلاة التي هي عمود الدين، وسعت أوقاتها ليسهل أداؤها.

وهذه التوسعة في الأوقات هي لأجل أن يكون المصلون مقيدين، ليأتوا في أول الوقت ثم يذهبوا.. وإلا فالأفضل قد يكون أداء جميع هذه الركعات في أول الوقت، وهي أن يصلي ثماني ركعات نافلة الظهر، ثم يؤدي أربع ركعات صلاة الظهر، ثم يصلي ثماني ركعات نافلة العصر ثم يؤدي أربع ركعات صلاة العصر الواجبة.

وصلاة الجماعة التي تقام في أول الوقت، تحفظ صلاة آخر الوقت التي يؤديها بقية المسلمين على شكل فرادى، ويقول أولئك: (يؤدي الناس الصلاة في أول الوقت جماعة، ولكننا نؤديها في آخر الوقت؟).

وهذا أيضاً من شعارات الإمامية حيث إنهم يؤدون الصلاتين: الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء معاً.. وقد ثبت بأن الرسول (ص) أدى الصلاتين معاً، فسألوه عن سبب ذلك من غير عذر ولا علة، وقد روى ابن عباس في كتبهم كتب أهل السنة بأن رسول الله (ص) قال مضمون كلامه: أريد أن أسهل على أمتي.

 
ونحن نرى بأن جمع الصلاتين في أول الوقت أفضل من فصلها، لأن الفصل قد يدفع الإنسان إلى عدم أداء الصلاة الثانية، نتيجة بعض الانشغالات، أو يؤدي صلاة العصر وقت الغروب.. وعندما يفصل بين الصلاتين، فإن الانشغالات والموانع الكثيرة، تمنع الإنسان من أداء الصلاة الثانية جماعة، فيؤدي الفرد بالتدريج الصلاة الثانية بصورة فرادى.

وكان يصعب في صدر الإسلام أداء ثماني ركعات معاً، فكانوا يصلون أربع ركعات ثم يذهبون لشأنهم.. كما أن صلاة الجماعة عمل مستحب، وهؤلاء إذا استطاعوا فإنهم كانوا يحضرون الجماعة، وإن لم يستطيعوا ذلك فيؤدها فرادى. ولكن الآن إذا أقيمت الصلاتان معاً، فهذا أسهل ويقي هذا الجمع الإنسان من فوات الصلاة الثانية.

 من فوائد صلاة الجماعة في أول الوقت
إن أداء الصلاة جماعة في أول الوقت، سواء كانت في الليل أو النهار، فإن لبه ثواب كبير؛ لأن الفرد يكون قد صلى صلاته جماعة.. كما يكون هذا الأمر- في هذه الحالة- محفزاً للآخرين على أداء الصلاة جماعة، وهذه الجماعة في أول الوقت تمنع الآخرين من أداء صلاتهم في آخر الوقت على شكل فرادى، وهؤلاء يكون أداؤهم الصلاة جماعة ولو بصورة موجزة، أفضل من أدائها فرادى في آخر الوقت. وهذا ما يبعث الاستحكام في صلاة الناس ويقول أولئك: (إن البعض يهتمون غاية الاهتمام بأداء صلاتهم في أول الوقت، ونحن لا نصلي في آخر الوقت)!.. ويعتبر هذا بمثابة الدعم للآخرين.

 الحكمة من صلاة الجماعة
ينبغي أن تكون صلاة الجماعة مظهراً للاتحاد والوفاق والقوة، وتعبر صفوف الجماعة المؤتمة والواقفة وراء الإمام عن استحكامهم، ويبين هذا الأمر الوحدة بين أهل الإيمان، وأنهم متكاتفون في أعمالهم، وهم حتى في الجهاد متحدون ليثمر جهادهم، وهذا أفضل من كونهم متفرقين.

 السياسية في الصلاة
إن صلاة العيد تشبه صلاة الجمعة. والسياسة داخلة فيها. فيا ترى إن الركعتين اللتين تعبران عن السياسة هل يمكن أداؤهما فرادى؟..
قال أحد الأشخاص: يمكنني أن يكون إماماً للملائكة، ولكن نقول له: الملائكة غير محتاجة إلى سياستنا.

 المعصية في الصلاة أقبح
إن الشخص الذي يعصي الله -تعالى- في الصلاة، فإنه سيضاعف عليه العقاب ولا يقلل، لأنك عندما تتكلم مع الله -تعالى- لماذا ترتكب أفعال أعداء الله تعالى؟.. وعقوبة هذا الشخص الذي يعصي الله حين الصلاة- والعياذ بالله- أكثر جداً من عقوبة الشخص الذي يعصي الله في غير الصلاة، ولا يمكننا القول بأن عقوبة هذا الشخص تقلل بواسطة شرافة الصلاة.

 الاحتياط في التقليد
كان أحد الأشخاص- رحمة الله عليه- يقوم بمجرد انتهائه من صلاة الجماعة ويصلي، فسألوه: ما هي هذه الصلاة التي تصليها بعد صلاة الجماعة؟.. فأجاب: أنا أحتمل وجود الخطأ في تقليدي بداية التكليف، فلهذا أقضي ما صليته في تلك الفترة. وكان هذا الشخص كثير الاحتياط.

 سهولة صلاة النافلة
لا يوجد أية ضرورة في أن تكون صلاة النافلة باتجاه القبلة، ولا يستدعى الأمر أن تكون تكبيرة الإحرام أيضاً باتجاه القبلة، بل يستطيع الإنسان أداء هذه التكبيرة وهو يمشي. وقد شوهد بعض العلماء أنهم كانوا يؤدون نوافل الظهر والعصر عند الذهاب إلى المسجد، وهم في السوق، أو في الشارع، ولعلهم كان يجيبون سلام من يسلم عليهم وهم في حالة الصلاة.

 من الفوائد الجسمية
قال أحد الأشخاص: أصابني داء فراجعت الطبيب، فقال: ينبغي أن تمارس الرياضية، وإن كان ذلك بكثرة أداء الصلاة!.. وأنا أيضاً عملت بوصيته وصليت كثيراً، حتى شفيت من الصداع الذي كنت أعاني منه.

 تسبيح المسجد
إن لأجزاء المسجد سروراً وانتعاشاً خاصاً، وبساط المسجد وكل ما فيه يبعث السرور، وله ميزة لا يجدها الإنسان في الأماكن الأخرى.
ويقول البعض: (إن اتصالنا بالمبدأ الأعلى، أكثر من اتصال الجبال) وهذا التسبيح تسبح، وتسبيحها يفترق عن تسبيح جميع الكائنات الأخرى. وهذا الحائط والحديد أيضاً يسبح.

 سبيل معرفة أهمية العمل
ماذا يوجد في المسجد، ليستدعي الأمر أن يبغضه الكفار بهذه الصورة المكثفة؟..
أرسل البعض مالاً لجماعة في مدينة (الموصل) ليبنوا هناك مسجداً ويدعو فيه إلى الإسلام، ولكن المخالفين بذلوا غاية جهدهم لمواجهة هذا المشروع.. فألقوا النجاسة في ذلك المكان، وخربوا قسماً من البناء، لئلا يبنى مسجد في أطراف الموصل.. فلما تم بناؤه، قال عمدة القرية: إننا سنقطع ماء كل من يذهب إلى هذا المسجد ليصلي فيه!..
فأخبر البعض السيد أبو الحسن الأصفهاني، وطلبوا منه منع المخالفين عن طريق الاستعانة بالدولة، فقال: (لا أتبع هذه الأسلوب) ولكنه أرسل بعض الهدايا إلى عمدة المدينة، وطلب منه حماية باني المسجد والدفاع عنه.. فلما رأى العمدة هذا الموقف، ووصله أمر السيد أبو الحسن، أبلغ الجميع: أن الشخص الذي لا يذهب إلى هذا المسجد لأداء الصلاة، فإننا سنقطع ماءه!..
والمقصود هو أن الجماعة مهمة جداً، والدليل على أهمية المساجد وكل ما فيه طابع الشعارية، هو مما يبغضه أعداء الإسلام وأعداء الدين. ويعتبر موقف أعداء الدين والإيمان والمخالفين، أفضل وسيلة ومقياس لمعرفة أهمية بعض الأفعال والأعمال والشعارات.

 التدريس في المسجد
إن كبار الشخصيات كانوا يدرسون في المساجد، ولعل الشيخ الأنصاري أيضاً كان يدرس في مسجده. وينقل أن الشيخ لم يكن مبتكراً لهذا الأمر بل كان هذا الأمر متعارفاً قبله. وكان كبار العلماء يدرسون في حرم الإمام علي (ع) خلف الرواق.

الفصل الثالث

 الدعاء للفرج
ورد في الحديث الشريف بأن الجميع يهلك في آخر الزمان، إلا الشخص الذي يدعو بالفرج. وكأن هذا الدعاء للفرج بنفسه أمل وصلة روحية مع صاحب الدعاء، وهذا الأمر بنفسه مرتبة من مراتب الفرج. وأحتمل أن هذا المعنى هو المقصود في الحديث (إن في ذلك فرجكم)، فلو وفقتم لقراءة هذا الدعاء، فإن هذا الأمر بنفسه يمثل رتبة من مراتب الفرج.
والأمر الآخر هو: إن الشخص الذي يدعو للفرج، فإن معنى ذلك هو أن الشخص معتقد بآخر ركن من أركان الإيمان.

 إمامة الحجة (عجل الله فرجه) على النبي عيسى (ع)
يبدو من ظاهر الروايات: أنه بعد ظهور الحجة ونزول عيسى (ع) يقول الحجة لعيسى: تقدم للصلاة، فيجيبه: أنتم أمة محمد يؤم بعضكم بعضاً.

 علامات الظهور
قال أحد الأشخاص: رأيت في المنام (والمنام- كما تعلمون- لا حجية فيه) رسول الله وحوله مجموعة من أهل العلم. فتقدم إليه رجل كبير في السن، وكان يبدو أنه يريد أن يسأل، فلما وصل عند رسول الله (ص) قال: متى سيظهر ولدك المهدي -عجل الله فرجه- فقال له (ص): عندما تصبح مساجدكم كمساجد الشام، فقال له ذلك الرجل: وكيف هي مساجد الشام، قال (ص): أبوابها من ذهب.
وهذه العبارة نقلها كما وردت في منامه، أي: أنكم ستتشبهون باليهود والنصارى.

 المقطع الملحق بدعاء عرفة
كان آية الله بهجت يعتقد فترة طويلة، بأن المقطع الملحق بدعاء عرفة من كلام سيد الشهداء (ع)، ولكنه قال بعد ذلك: قال أحد الأشخاص في مدينة مشهد: كنت في يوم عرفة أقرأ المقطع الملحق بدعاء عرفة، فأتاني المرحوم السيد ابن طاووس (في حالة الكشف) وقال لي: هذا المقطع مني، وأنا الذي أنشأته.

 حفرة المقتل
الحائر كما ورد في التاريخ وفي اللغة: (ما حار فيه الماء) ويبدو أنه كانت هناك حفرة يقف الماء فيها، بحيث لا يصل الماء إلى قبر سيد الشهداء، لأن الماء يستقر في الحفرة ولا يسري إلى مكان آخر، وكانت تلك الحفرة كالبئر، والآن تم توسعة الحرم، فرفعوا القبر.. وإلا فالمقتل كان في مكان منخفض جداً.
وفي بداية زيارتنا للمرقد الشريف، وكان بين المقتل ورواق سيد الشهداء (ع) سلم طويل. والبعض نزلوا، وكان القبر المقدس في السرداب الواقع تحت الضريح، وكانت المسافة بين المقتل والضريح كبيرة جداً، وكان بينهما سلم ذو درجات كثيرة، وفي المقتل أيضاً -حسب ما أظن- كانت هناك نافذة على سرداب، وكان المقتل تحتها، ولكننا نجد في المقابل تل الزينبية مرتفعاً جداً، وهو بالنسبة إلى الصحن مرتفع جداً، بحيث يقال: نزل الإمام الحسين (ع) من أعلى جواده في محل مدفنه، وأراد أن يذهب باتجاه الذين هجموا على الخيم، ليقول لهم: (لا تدنوا من الخيام). ثم انتقل الإمام الحسين من مكان مدفنه إلى مقتله، ثم سحب نفسه بصعوبة نحو المخيم.

 طمع إبليس في رحمة الله الواسعة
رأى أحد الأشخاص إبليس في المنام، فسأله: هل تأمل وتتوقع أن يغفر الله تعالى لك؟.. فقال: نعم، وأملى قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً﴾، فقال له هذا الشخص: ولكن قال تعالى حول رحمته: ﴿ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾.
فأجابه إبليس: (إنما التخصيص منك!) أي: إن الله -تعالى- لم يخصص رحمته للمتقين، ولكنك تخصص هذه الرحمة برأيك!.

 العفو عن الذنوب
إن الشخص الذي ينتقل من الكفر إلى الإسلام، يجد إعفاؤه من جميع الأشياء التي هي أدنى من الكفر من قبيل: التعمد في عدم إعطاء الزكاة، وعدم أداء فريضة الصلاة، أو التعمد في البقاء على الكفر الذي هو أكبر من هذه الذنوب.
كما أن ترويج الإسلام وتشريف الإسلام وتكريم الإسلام، يكمن في رفع شأن الشخص الذي ينتمي إلى الدين الإسلامي، بغض الطرف عن كثير من ذنوبه السابقة.. وعليه فالكافر إذا أسلم، تعفى جميع حقوقه السابقة، لأن الكفر أكبر الذنوب، ولهذا يغض الطرف عن الذنوب الأخرى.

 دركات الكفر والعذاب المتناسب
يبقى البعض آلاف السنين في جهنم ثم ينجون منها، ولا يخلد في النار كل من يدخل فيها، والمخلد فقط الشخص الكافر المرتكب للجرائم وسفك الدماء والإضلال، وهذا الأمر يختلف عن الكافر العادي الذي ليس بيده شيء، وهو مجرد منتمي للحزب الفلاني.
وعقوبة هؤلاء غداً مختلفة، ونحن كما نقول باختلاف درجات الرحمة والجنان، فينبغي أن تقول باختلاف العقاب. والشيطان وأتباعه السائرون على دربه في إضلال وسفك الدماء أيضاً مثله يلحقون بأسفل السافلين.

 ينبغي أن نطلب الخير لجميع
التقى سماحة الأستاذ -دام ظله- مع رئيس الجمهورية آنذاك، فبين له سماحة الأستاذ بعض النكات حول التوحيد والانتباه إلى المبدأ، ثم أكد قائلاً: (ينبغي أن نطلب الخير للجميع، وينبغي أيضاً أن ندعو للكفار، ونطلب من الله -تعالى- أن يهديهم ولو كانوا في الصين).

 فائدة الصدقة
الصدقة ترفع البلاء ولو كان هذا البلاء مبرماً، ولم تثبت الروايات فقط هذه الحقيقة بأن الصدقة تدفع البليات، بل الدراية أيضاً تثبت ذلك. ونحن نعلم بأن الشارع قال من منطلق لطفه وإحسانه: (استنزلوا الرزق بالصدقة).
وقد يقول شخص: (إنني أفرغ جيبي بالصدقة) ولكن الأمر ليس كذلك، وأنت لا تفهم!.. ولا تدرك ماذا يحدث غداً!.. والقرش الواحد الذي يحصل عليه غداً، أفضل من عشرة قروش تمتلكها الآن، وتلك القروش أكثر بركة من هذه القروش.
وهذا النقص الذي يطرأ حالياً، يوجب الازدياد في المستقبل، ويوجب نزول الرزق.. وعندما نلاحظ هذه الأمور، نرى بأن الله -تعالى- يمنّ علينا إزاء هذه الواجبات، ولا نمنّ على الله بشيء.. بل الله -تعالى- هو المتفضل علينا، وما يعطينا الله إزاء الصدقة التي نعطيها، لا يقاس مع إفراغ جيبنا عند إعطاء الصدقة.

قال أحد الأشخاص: توجد عبارة في كلام الإمام علي (ع) وهذه العبارة تعتبر جواباً إزاء جميع الأفكار الشيوعية، وهذه العبارة: (انظر إلى من هو دونك، ولا تنظر إلى من هو فوقك)!.. انتهى.
وكل من ينظر إلى من هو دونه: يقول: نحن في النعمة!.. والبعض يحتاج إلى هذا الرغيف الذي عندنا.
وكل من ينظر إلى من هو دونه، يقول: (الحمد لله) وهذا الحمد يؤدي إلى غناه، وذلك لقوله تعالى: ﴿ َلئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ﴾.

 لو دفعت الحقوق لم يعش أحد حالة الحرمان
سئل الإمام علي (ع): لماذا يجب في الزكاة دفع ربع العشر؟.. فأجاب الإمام (ع): (لأن هذا المقدار يكفي للفقراء). وقال أيضاً: (لأن الفقراء يزداد عددهم في بعض الأزمنة. والله تعالى يعلم بأن الأشياء تزداد).
فهذا المقدار يكفي، ولكن من الذي يؤمن بأن إعطاء الحق يؤدي إلى زوال الفقر من جميع الفقراء (السادة وغيرهم)؟!..
أضف إلى ذلك: كم يلزم إعطاء الكفارات والنذورات، وكم يكفي من هذه الأموال للفقراء، وهذا مما لا يقال!..

 زيارة عاشوراء
سؤال: توجد قصص وقضايا ترتبط بالأشخاص الذين داوموا على قراءة زيارة عاشوراء، وتوسلوا بهذه الزيارة، ويريد البعض جمع هذه القصص وطباعتها، فما رأيكم في هذا المجال؟..

الجواب: إن فقرات نص زيارة عاشوراء، هي الدالة على عظمة هذه الزيارة، ولا سيما لوحظ ما ورد في سند هذه الزيارة عن الإمام الصادق (ع) لصفوان حيث قال له (مضمون الحديث): اقرأ هذه الزيارة والدعاء، وداوم عليها.. فمن قرأ هذه الزيارة ضمنت له أشياء: قبل الله زيارته، شكر الله، قضى الله جميع حاجاته، ولم يخيب أمله، ولم يرد طلبه.
يا صفوان! وجدت هذه الزيارة بهذا المضمون عند أبي، وأبي وجدها عند أبيه، حتى يصل الأمر إلى أمير المؤمنين (ع) وهو ينقلها عن رسول الله (ص) والرسول عن جبرئيل، وجبرئيل عن الله تعالى.. وأقسم الله تعالى أنه من قرأ هذه الزيارة والدعاء، فإنه -تعالى- سيقبل زيارته ودعاءه ويقضي حاجته.
ويستفاد من سند هذه الزيارة، بأن زيارة عاشورا من الأحاديث القدسية، وهذه الأمور هي التي دفعت علماءنا الكبار وأساتذتنا، أن يقيدوا أنفسهم على قراءتها على الرغم من كثرة انشغالاتهم العلمية وكثرة المراجعات إليهم، بحيث أن أستاذنا المرحوم الحاج الشيخ محمد حسين الأصفهاني، طلب من الله -تعالى- أن لا يقبض روحه في آخر عمره، إلا وهو في حالة قراءة زيارة عاشوراء.. فاستجاب الله دعاءه، وقبض الله روحه بعد أن انتهى من قراءة هذه الزيارة.

وكان الشيخ (صدرا بادكوبه اى) مع تبحره في العلوم العقلية والنقلية، مقيداً بقراءة زيارة عاشوراء، ولم يتركها قط في مختلف الظروف، ولا يصدق أحد أنه كم كان مواظباً على العبادة وزيارة عاشوراء.
ونقل أحد كبار الشخصيات: ذهبت ذات يوم إلى مقبرة (وادي السلام) فرأيت في مقام الإمام المهدي (ع) رجلاً كبيراً في السن، ويشع من وجهه النور، وهو مشغول بقراءة زيارة عاشوراء.. وكان يبدو من وضعه العام بأنه زائر، فدنوت منه، فرأيت في حالة المكاشفة حرم الإمام الحسين (ع) والزوار يأتون ويزورون ثم يذهبون، فتكررت رؤيتي لهذه الصورة عدة مرات وطرأت -أي هذه الحالة- عدة مرات.
وفي اليوم التالي ذهبت إلى الفندق لأرى هذا الشخص، وأنتفع من لقائه، فقالوا: جاء شخص بهذه الأوصاف التي ذكرتها، ولكنه جمع عدته اليوم وذهب.
فاعترتني حالة اليأس من لقائه، فذهبت إلى وادي السلام لعلي أحظى بلقائه مرة أخرى، ولعلي أراه في ذلك المكان الذي رأيته فيه أول مرة، فالتقيت هناك شخصا أعرفه، وكان هذا الشخص يمتاز بصفات رفيعة، وكان يبين لي بعض الأحيان جملة من الحقائق. فقال لي هذا الشخص من دون أن أخبره بما في قلبي: (إن الزائر الذي رأيته بالأمس ذهب).

 مسجد جمكران يعرف نفسه بنفسه
نحن نعتقد بأن هذه المشاهد المباركة والمساجد من قبيل مسجد جمكران غنية عن التعريف، وإذا قال أحد الأشخاص: (ذهبت ولم أجد هناك شيئاً)!.. فحسب الظاهر ينبغي القول: بأنه لم يذهب عن عقيدة صحيحة، أو ذهب ليختبر الموقف، أو ذهب من دون هدف. وعلى كل حال فإن أفضل معرف لهذه الأماكن هو نفس هذه الأماكن، وهي تعرف بنفسها. وأطلب منكم أن تصلوا في مكان المسجد الأصلي، لأن تلك البقعة تمتاز بأجواء خاصة.

 الجزيرة الخضراء
سأل أحد الأشخاص آية الله بهجت -دام ظله-: أين تقع الجزيرة الخضراء، التي يدور الكلام حولها كثيراً؟..
فقال سماحته: الجزيرة الخضراء هي القلب المتلهف لصاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف.

 لا يمكن إنكار إمكان وتحقق رؤية صاحب العصر (ع)
وأما بالنسبة إلى إمكان رؤية الحجة والتشرف بلقائه، فالإنصاف يلزمنا عدم المناقشة فيه، وإذا كان أوتاد الزمان من قبيل المقدس الأردبيلي والسيد بحر العلوم من الكاذبين فمن هو الصادق؟.. وهؤلاء ادعوا التشرف بخدمة صاحب العصر والزمان، وجاء في كلامهم: إنهم التقوا بالحجة، وكان إذا اطلع على لقائهم أحد فإنهم يطلبوا منه أن يعدهم بأن لا يخبر أحداً ما داموا أحياء. ويبدو أن هذا المنع من إذاعة الأمر يعود سببه لكي لا تزول حالة الغيبة بصورة كاملة، ولكي لا يدعي صاحب الرؤية بأنه نائب الحجة أو يدعي النيابة الخاصة.
ولكن النائب العام يمكنه رؤية الحجة، وكان المقدس الأردبيلي ممن قال حوله المرحوم المجلسي: (لم أر مثله في المتقدمين والمتأخرين).
ونحن لا نعلم، وإن الله تعالى محيط بالمقامات التي بلغها هؤلاء!.. والمقصود أنه لا يمكن إنكار إمكان الرؤية وتحققها.

 مفاتيح الجنان موثوق
أراد أحد الأشخاص-ذات يوم- أن يُرى آية الله بهجت أحد الأدعية، فسأل في تلك الحالة: سيدي!.. هل هذا الدعاء موثوق؟..
قال سماحة الأستاذ -دام ظله-: إني لا أرى من دون نظارة، انظروا من أين نقله!.. فقال: من مفاتيح الجنان. فقال سماحته: مفاتيح الجنان موثوق.
وفي إحدى الليالي أيضاً سأل أحد الأشخاص سماحته بعد العودة من أحد مجالس الترحيم وقال: سني يؤلمني، فقرأت الدعاء المذكور في مفاتيح الجنان حول وجع الأسنان، فزال الألم. فقال الأستاذ: نعم، أسال الله -تعالى- أن يوفقنا لئلا نحسب هذه الأمور من الخرافات.

الآخرون في نظر آية الله بهجت

 إيمان أبي طالب
إذا كتم الإنسان إيمانه فهو غير كافر. ونحن نعلم- ويدرك كل عاقل- بأن أبا طالب إذا لم يكتم إيمانه فإن الأعداء كانوا يقضون على الرسول (ص) ولكن أبا طالب كنم إسلامه لتكون منزلته ومكانته وسيلة لحماية الرسول وتوفير الأجواء المناسبة لنشر دعوته بين الناس.

 سلمان ومقام اليقين
أولئك بلغوا مرحلة اليقين وكان سلمان يرى ما يقوله الرسول (ص) ولم يكن عنده شيء من الغيب، بل كل شيء عنده (شهود) وكان يرى جميع الحقائق الغيبية، ولهذا كان يخبر بنفسه عن أمور غيبة لم يرها أحد إلا بعد مضي سنوات. ولكننا ينبغي أن نجاهد أنفسنا لنؤمن بالغيب.

 الإمام الخميني (ره)
قال سماحة الأستاذ بعد ارتحال الإمام الخميني: ( طمع الكفر في الإسلام من بعده).
وقال في مجلس آخر: أراد المرحوم السيد الخميني ذات مرة أن يذهب إلى العتبات المقدسة في العراق من أجل الزيارة، ولكنه تراجع عن قصده. فعندما التقيت به، قلت له: لماذا لم تذهب إلى الزيارة؟ قال: طلبوا مني أن أرفع عمامتي من رأسي لالتقاط صورة فتوغرافية للتأشيرة، فامتنعت عن ذلك.
فقلت له: الناس مستعدون ليضحوا بأيديهم وأرجلهم من أجل زيارة هؤلاء الأئمة ولكنكم لم تستعدون أن ترفعوا لحظة واحة العمامة من رأسكم؟!
فقال: لا، أنا غير مستعد لذلك.

 مقام السيد ابن طاووس
ورد في حديث عن رسول الله (ص): أنه بين بأن الله تعالى كان يتصل عن طريق الوحي وكان يتصل بعلي (ع) عن طريق الإلهام. وكان السيد ابن طاووس أيضاً يدعي مقام الإلهام في كتابه (الإقبال).
ولا يخفى بأن وصول غير المعصوم أيضاً إلى هذا المقام غير محال وبرأيي كان السيد في التعبديات من الأوائل الأوائل.

 الملا فتح علي، كان مستجاب الدعوة
قرأت في أحد المصادر بأن ملا فتح علي سلطان آبادي- رحمه الله- كان يعاني من ورم ذي جراحات (دمل) في يده، فخطاب رب العالمين قائلاً: إلهي! لم أطلب لحد الآن منك شيئاً لنفسي، ولكنني أطلب منك الآن أن تشفي هذا الورم، لأنني أريد الله أؤدي أعمال الحج وأنا على طهارة.
فلما توجه إلى الله بهذا الدعاء، استجاب الله دعاءه، وشفي ورم يده، وذهب إلى الحج وأدى مناسكه.
ثم عاد فرأى بأن الورم عاد إلى يده.
وهذه في لله كرامة، وهذا الكلام عظيم جداً وربما لم تسمعوه من شخص آخر. ويدل كلام الملا أن جميع أدعيته للآخرين كانت مستجابة وكانت تتحقق مائة بالمائة.

 المائدة السماوية

 

 
توجه المرحوم ملا فتح علي سلطان آبادي ذات يوم إلى بيت أحد العلماء، لغرض طلب مادي ومالي. فسمع في الطريق امرأة تنشد الشعر وهي على حافة نهر تغسل الملابس وتقول: اطلب بصيرة نافذة وخارقة لأتمكن بها من إزالة الحجب واقتلاعها من جذورها.
فقال في نفسه: إن هذا الشعر ليس لهذه المرأة وإنما هو نداء لي فلماذا أذهب إلى الأسباب ولا أذهب إلى مسبب الأسباب؟!
فعاد من ذلك المكان إلى حجرته، وقرر أن لا يطلب حاجته من أحد إلا الله. فكان الله تعالى يرسل له (الموائد السماوية).

 عظمة الخليل بن أحمد
ذكر الخليل بن أحمد-رضوان الله عليه- عدة عبارات له حول الإمام علي (ع) منها قوله: (ما أقول في رجل أخفى أعداؤه فضائله حسداً وأخفى أولياؤه فضائله خوفاً وقد شاع ما بين هذين ما ملأ الخافقين).
وتتضح عظمة هذا الشخص من كلام هذا الشخص الخليل بن أحمد رضوان الله عليه.
وعلى سبيل المثال الكتاب لسيبويه مأخوذ من بياناته، بل قيل: إنه أراد أن يبدع علماً آخر، فكان في حالة تفكير، فغفل عما حول، فاصطدم رأسه باسطوانه المسجد، فانتقل إلى رحمه الله

 بداية الاجتهاد عند الشيعة
كانت كتب الشيعة المتقدمين مبتنية على الروايات، ولهذا كان يعيب أهل السنة على الشيعة بأنكم ( لا تمتلكون شيئاً سوى الروايات، ولا اجتهاد في بحوثكم، وأنتم مجرد محدثين).
ويقال: كان ابن الجنيد بصحبة أحد علماء العامة أهل السنة ضيفاً عند أحد الأشخاص. فبارد العالم السني بالطعن على ابن الجيند، فلما ذهب ابن الجيند، قال صاحب الضيافة لذلك العالم: (هذا الشخص محدث، اتركه لشأنه). وكان يعتقد أهل السنة بأن الفقه الشيعي مجرد تحديث، فالتفت الشيخ الطوسي إلى هذا الأمر ورأى هذه الطعون، فقرر أن يستنبط الفروع من الأصول المروية عن أهل البيت عليهم السلام وعن الرسول (ص) ويبدو أن الشيخ ألف كتاب المبسوط في النجف. وهذا الكتاب يتضمن فروع الفقه بصورة كاملة وهو من إبداعات وابتكارات الشيخ ولم يكن مثل هذا الكتاب قبل ذلك.

 الاقتداء بالتاجر
تأخر المرحوم كاشف الغطاء ذات يوم عن الحضور في صلاة الجماعة، فلما جاء متأخراً وجد الناس ينتظرونه، فقال: (لماذا تأخرتم عن أداء الصلاة طيلة هذه الفترة؟).
فقدم أحد الصلحاء وكان من كسبة وتجار النجف، فصلى التاجر وصلى الناس والشيخ كاشف الغطاء بإمامة ذلك التاجر. فلما انتهت الصلاة الأولى، التفت التاجر إلى الشيخ وقال له: قتلتني! لماذا فعلت بي هذا الفعل؟!
فقال له الشيخ: بل ينبغي عليك أن تكون إمام الجماعة أيضاً في الصلاة الثانية. فقال له التاجر: بالله عليك أعفني من هذا الأمر، فرفض الشيخ واستمر الحوار والشيخ يصر والتاجر يعتذر حتى قال الشيخ للتاجر: أعفيك عن هذا الأمر بشرط أن تعطي فلاناً مبلغا للفقراء.
فقال التاجر: أنا مستعد لذلك لأتخلص من إمامة صلاة العصر ولتتركوني لشأني!

 معرفة الاجتهاد عن طريق صفحه واحدة من الجواهر!
كان المرحوم البروجردي يقول-رحمة الله عليه-: رأيت ذلك الشخص الذي كان علماء أصفهان وكانت له يد طولى في هذه البلدة. وكان الميزرا الشيرازي الكبير ينفذ حكمه وكان يقول: (أي شخص يستطيع أن يشرح صفحة واحدة من كتاب الجواهر من دون مطالعة مسبقة فهو مجتهد).
وهو المرحوم محمد حسن النجفي ما شاء بين المسائل بصورة متداخلة، وكل شخص معاصر له أو متأخر عند ألف كاتباً راعى تريب المواضيع وكان ترتيبه للمواضيع أفضل من الجواهر.
وهو أيضاً يبدو أنه قال: لو كنت أعلم بأن الجواهر يكون مرغوباً فيه بهذه الصورة لكتبته بصورة أفضل، ويبدو أنه يقصد من الأفضل من ناحية ترتيب المواضيع، وإلا فكتاب الجواهر بنفسه بديع جدا.

 المقام العلمي للشيخ الأنصاري
ينقل عن الميرزا الشيرازي الكبير أنه قال: (إذا وجد أحد الأشخاص بأنه يمتلك إشكالاً واضحاً جداً على الشيخ الأنصاري، فليكن على يقين بأنه قليل العلم أنه مخطئ!)
ولا يخفى بأن المرحوم الميرزا الكبير أيضاً كان يقول: (إن الشيخ لم يصل إلى هذه المرتبة التي بلغها إلا بعد التأمل في كلام العلامة الحلي والمحقق الحلي) ولكنني أقول: بأن الإنسان إذا وجه تأملاته وتدقيقاته هذه نحو الروايات فهو أفضل.

والحكاية الأخرى يبدو أنها مسموعة من الحاج السيد إسماعيل الصدر، وقد ورد بأنه قال: إذا طرح أحد الأشخاص إشكالاً مقبولاً على الشيخ فليعلم بأن هذا الإشكال مأخوذ من الشيخ.

 السيد المرتضى الكشميري
كان الحاج حسين القمي يقول: إن السيد مرتضى الكشميري هو المثل الأعلى في الزهد.
وكان الحاج السيد مرتضى الكشميري في التعبد مثل السيد ابن طاووس في زمانه. وأساتذتنا أدركوه وكانوا من تلامذته. وكان هذا السيد في غاية القدسية وكان يمتلك حافظة عجيبة، وكان مستواه العلمي رفيعاً جداً، وكتب حوله أنه قال: فكرت مع نفسي قبل البلوغ فرأيت أن دراسة بعض العوم محرمة، فقلت في نفسي: أنا الآن غير مكلف ودراسة هذه العلوم محرمة للمكلفين، وليست على حرام الآن، فلا بأس أن أتعلم هذه العلوم لعلها وأنا مكلف، ولم يكتب ما هي هذه العلوم التي تعلمها.
وأنا لم أسمع هذا الكلام من شخص آخر، نعم، سمعت عن بعض كبار أهل البيت- غير المعصومين- أنهم قالوا: منذ عرفت يميني من يساري لم أعص الله. نعم، كان كذلك، وهؤلاء لم يعصوا الله تعالى حتى قبل التكليف.

 كاشف اللثام وتأليفه قبل البلوغ
كتب كاشف اللثام(1): (عندما ألفت الكتاب الفلاني، كان عمري ثلاثة عشر سنة، وبدأت بالتأليف وعمري ثماني سنوات) ويبدوا أن كشف اللثام من جملة التي ألفها وعمره أقل من خمسة عشر سنة.
وهو يقول: (وفرغت من العلوم ومعقولها ومنقولها وما أبلغ خمسة عشر سنة).
_____________________________________
(1) محمد بن حسن بن محمد الأصفهاني المعروف بالفاضل الأصفهاني أو الفاضل الهندي، صاحب كتاب كشف اللثام، 1062-1135هـ.ق

 لماذا لم تكتب رأيك؟
رحم الله السيد الداماد، كان يقول: (جاء أحد الأشخاص إلى المرحوم الحاج الشيخ عبد الكريم-رحمه الله- وكان هذا الشخص ممن يحضر بحث الشيخ، فقدم إلى الشيخ كراساً يحتوي على تقرير دروس الشيخ، فنظر الشيخ فيه وقال: لم تكتب فيه إلا ما سمعت، فلماذا لم تكتب رأيك؟ وليتك كتبت بعض آرائك ولو كان ذلك سباً لي).
والمقصود من هذا الكلام شيء آخر، وهو إن شاء الله تعالى كلنا نغدو من الذين يمتلكون قوة الاجتهاد، ولا تكون ممن لا نكتب إلا ما نسمع والكثير يكتب ما يسمع فقط، وينبغي أن لا نكون لا مثل ذلك الشخص حيث قال: حضرت درس الحاج ميرزا حبيب الله الرشتي فكتبت دروسه ثم نظرت بعد فترة إلى ما كتبت، فرأيت بأنني لا أفهم ما كتبته، وكانت الكتابة بخط يدي ولكنني رأيت بأنني لا أفهم منها شيئاً لأنني كتبت ما سمعته من دون فهم أو استيعاب.

 سر نجاح البهبهاني
رأى أحد الأشخاص المرحوم الوحيد البهبهاني في الرؤيا ، فسأله: (كف وصلت إلى هذا المقام؟).
فقال: (عظمت شأن العلماء وكتبهم ومدحتهم كثيراً، فأعطاني الله تعالى هذا التوفيق وتلطف علي بهذا اللطف).

 واجبي أن أطلب منك
نقل أستاذنا بأن الشخص الفلاني كان من أهل العلم وقال: كنت عند الخباز. فجاء السيد محمد الأصفهاني وطلب الخبز. فقال له الخباز: سيدي! أنت لحد الآن مطلوب كذا مقدار من المال. ولا أستطيع أن أعطيك أكثر من هذا المبلغ من باب القرض والدين
فقال المرحوم الأصفهاني: (واجبي أن أطلب منك، وأما أنت فاعمل بما ترتئي أنه من واجبك). وكان أحد الطلاب هناك فقال للخباز: (أنا أتعهد أن أعطيك ما أخذ وما يأخذ منك).
فرأى الخباز أن واجبه العمل، بما تعهد إليه هذا الشخص وأن يرتب أثراُ على قوله.
ويبدو أن عند الخباز مكانة طالب بسيط ومكانة شخص يحتمل أعلميته سواء (وكان السيد لا يرى بأنه الأعلم ولهذا لم يقبل المرجعية ولم يتصد لها، وأجد الأقوال حوله: أنه لم يقبل المرجعية باختياره. وكان بعض الأشخاص غيره أيضاً لم يقبلوا باختيارهم التصدي للمرجعية.

 امتياز مفاتيح الشرائع
أراد أحد الأشخاص أن يأتي من النجف إلى إيران، فسأل في أحد المجالس: (أي كتاب توصونني معي، لأراجعه عند الحاجة).
فقال له ذلك السيد: في المدن التي توجد في مكتباتها كتاب الجواهر، يستطيع الإنسان مراجعة هذا الكتاب في هذه المكتبات، وفي الأماكن الأخرى التي لا يوجد فيها الجواهر، يعتبر كتاب (الدروس) كتاباً جيداً للمراجعة. وهو دورة كاملة، ولا يوجد في آخره الحدود والديات وما شابه ذلك ويمكن أخذ هذه الوردة الكاملة في الأماكن التي لا يوجد فيها هذا الكتاب.
لكن حسب الظاهر (الدروس) ليس تام الاستدلال، وفيه قليل من الاستدلال وأنا لحد لم أجد كتاباً استدلالياً موجزاً وشمولياً أفضل من (مفاتيح الشرائع) وهو كتاب استدلالي ومختصر، وقد وردت فيه الإشارة إلى أصول المسائل. وهذا الكتاب جيد جداً وأرى أن يحمله الإنسان دائماً معه.

 امتياز كتاب الحدائق
من امتيازات كتاب الحدائق أنه كتاب فتوى، وهو مع ذلك يبين قدر الإمكان روايات الأصحاب.
ويوجد اختلاف حول مؤلفه وحول علميته. ولكن يوجد الكثير من معاصريه ومن المتأخرين عنه كانوا يعتقدون به. وكان أساتذتنا أيضاً يذكرون أقواله ضمن كلامهم، وكانوا أيضاً يبينون الإشكالات الواردة عليه.
بل أذكر أن أحد مراجع زماننا قال لبعض تلاميذه: (هل نظرت إلى الحدائق أيضاً؟ وهل راجعت ما ورد في الحدائق حول هذه المسألة؟).
وإذا أراد شخص أن يعثر على كتاب جامع في الفقه بين الأقوال والروايات فلعله لا يجد كتاباً اشمل من كتاب الحدائق –ما عدا مفتاح الكرامة- ولعل المدخل إلى الاستدلال في مفتاح الكرامة أقل من الحدائق.

 الفرق بين القدماء وبيننا
ينقل عن الحاج الشيخ محمد حسين الكاظمي (شارح نجاة العباد) وهو الذي أصبح بعد ذلك من المراجع ومن كبار الشخصيات، وكان من بين العرب رجل جليل القدر جداً: أنه اشتعلت نيران الحرب في النجف لمدة أربعين يوماً وحوصرت النجف من كل مكان، وانعدم فيها الشعيرة والحنطة.
ويقول الشيخ: لم نمتلك من الغذاء شيئاً، وكنا نضع نواة التمر في الماء لتلين ثم نطحنه ونأكله بدل الخبز، وكان هذا غذاؤنا. وكان هؤلاء يدرسون في مثل هذه الأجواء، وكانوا يبذلون غاية جهدهم في سبيل تلقي العلم، حتى وصلوا بعد ذلك إلى المراتب الرفيعة في العلم، وألفوا الكتب الفاخرة، ودونوا الآثار التي لم تصل بأيدينا كله!

 العملاق المتواضع
كان المرحوم الحاج رضا الهمداني عملاقاً متواضعاً، وكان يقوم للحصول على لقمة العيش-على الرغم من عظمة مستواه العلمي- بكتابة دروسه بيده وبيعها للآخرين باسم (تقريرات دروس الحاج رضا الهمداني) وكان يدير شؤون معاشه عن هذا الطريق.

 ذكرى القاضي
رأى أحد الأشخاص في الرؤيا قبل وفاة السيد القاضي بليلة واحدة: أن جماعة يحلمون تابوتاً مكتوب عليه: (توفى ولي الله) فرأى الناس في اليوم التالي أن القاضي توفي).
وكان آية الله بهجت كلما يذكر السيد القاضي يتأسف ويقول: (ماذا أفعل وقلمي لا يسعه بيان ما يليق بشأن السيد القاضي).

 الشيخ المرتضى الطالقاني
كنت عند الشيخ مرتضى الطالقاني قبل ساعتين منه وفاته، وكان في غاية البشاشة وكأنه لم يكن له قصد مفارقة الحياة ثم جاءت ممرضة الشيخ بعد ساعتين وأخبرت لوفاة الشيخ، فذهبنا وإليه رأيناه كأنه راقد بصورة جميلة، وكأنه متزوج تواً ونائم في غرفة زواجه.
وقال لنا المرحوم الشيخ في ليلة وفاته أشياء لم يخبرنا بها من قبل، وكان من جملة أقواله: أسلم أحد الشياطين من أولاد إبليس المعلون في زمن رسول الله (ص) وانتمى إلى الدين الإسلامي.

 التدريس في المنام
كان أستاذنا المرحوم الطالقاني يلقى الدروس في بعض الأحيان وهو في حالة النوم، وكان تدريسه هذا أفضل من تدريسه في حالة اليقظة.
وكان عندما يلقى الدرس في حالة النوم لا يمكن التميز بين كونه نائماً أو أنه في حالة اليقظة سوى أنه كان يقول عند انتهائه من التدريس كلمة (والسلام) فإذا تلفظ هذه الكلمة بصورة خاصة علمنا أنه كان في حالة النوم!.

 أكثر أبناء آذربايجان تهذيباً
أوصل أحد الأشخاص سلام آية الله علي أكبر المرندي إلى سماحة آية الله بهجت، فأجابه آية الله بهجت: (إن قيمة سلامه عندي تعادل الدنيا وما فيها، ولا يوجد في منطقة آذربايجان فرد أكثر من الميرزا علي أكبر المرندي تهذيبا! وإن في وجوده بركه لآذربايجان وشيعة تلك المنطقة).

 عظمة آية الله بهاء الدين
أصيب الرجل العارف العظيم سماحة آية الله بهاء الديني- رحمة الله عليه- قبل عدة سنوات منه وفاته بالشلل على أثر الجلطة، فاضطر سماحته إلى الجلوس. وعندما أوصل البعض هذا الخبر إلى سماحة آية الله بهجت وطلبوا منه العلاج قال سماحة الأستاذ: ليقل عشرين مرة بسم الله الرحمن الرحيم ولينهض من مكانه ويمشي! فلما وصل هؤلاء كلامه إلى السيد بهاء الديني، ابتسم وقال: (هذه الوضعية التي أنا فيها أفضل لي).

 آية الله السيد عبد الكريم الكشميري
كان العارف المرتاض سماحة آية الله السيد عبد الكريم الكشميري- عطر الله مرقده- يقول: كنا ذات يوم متعبين من الدراسة والمباحثة، فاجتمعنا مع الأصدقاء في صحن حرم الإمام أمير المؤمنين (ع) وكنا مشغولين في الحديث فيما بيننا، وفجأة جاء شخص إلى وعباءته على رأسه ووضع يده على رأسه ووضع يده علي وقال: (ما للعب خلقنا(1)) فأشعلت عبارته هذه النار في سريرتي وأيقظتني من الغفلة، وكان ذلك الشخص الشيخ بهجت(2).

ويوصل آية الله السيد عبد الكريم الكشميري حديثه قائلاً: (كنت أنا وإياه نسكن في مدرسة السيد (في النجف الأشرف)، وكنت في بعض الأحيان أجلس في أحد أطراف الحجرة وهو يجلس في الطرف الآخر، ويهيمن الصمت على أجواء الحجرة وكنا في بعض الأحيان نقرأ معاً ذكر النبي يونس).

 

 
وفي إيران أيضاً أعطى آية الله بهجت ذات يوم هدية لأحد الأشخاص ليوصلها إلى آية الله الكشميري. فالرسول عندما أعطى الهدية للسيد الكشميري طلب منه أن يفسح له المجال ليزوره كرة أخرى، فكان السيد في حالة صحية سيئة، فقال له: ليس لي وقت لذلك. ثم عاد الرسول إلى آية الله بهجت وبين له حالة المرحوم السيد الكشميري. فقال آية الله بهجت حوله: (أتعب نفسه كثيراً، ولهذا انتهى به الأمر إلى هذه الحالة).
وعندما تدهورت صحة آية الله الكشميري وكان في مرض وفاته، نقل إلى أحد مستشفيات طهران، فكان آية الله بهجت يتابع دائماً أخبار هو يسأل بصورة مستمرة عن صحته، وكانوا يخبرونه بأن سماحة آية الله بهجت يدعو لشفائه.

ولما توفى السيد صلى عليه آية الله بهجت، وعندما أدخلوا جثمان المرحوم الكشميري في القبر كان آية الله بهجت عند القبر وأعطى خاتماً من عقيق كتبت عليه كتابة وقال: (ضعوا هذا الخاتم في فم السيد الكشميري).
ثم أقام الأستاذ مجلس فاتحة وتأبين على روحه، وكان حاضراً في هذا المجلس من بدايته إلى نهايته، وهذا الموقف لم نشاهده من سماحته إزاء أية شخصية أخرى.
_____________________________________
(1) هذه الجملة عبارة عن جواب النبي يحيي في طفولته لأقرانه الذين كانوا يدعونه إلى اللعب.
(2) هذه العبارة كانت مجرد مزيد من اليقظة لآية الله الكشميري، ولم تكن بداية انطلاقه نحو سلوكه المعنوي. (وقد ورد خطأ في كتاب فريادكر توحيد ص 179 بأن هذه العبارة كانت بداية انطلاقة السيد الكشميري نحو السير والسلوك).

 الأشخاص الثلاثة من أهل المراقبة
رأيت في حياتي عدة أشخاص حريصين على مراقبة أنفسهم، وفي زمن الشباب عندما ذهبت إلى العتبات رأيت الميرزا الثاني يصلي بصورة رائعة، وكانت صلاة شخص من مدينتنا أيضاً كذلك، وكانت صلاة هذا الشخص في غاية الخشوع على الرغم من امتلاكه للكثير من الأراضي والخدم والحشم.
وبصورة عامة كانت صلاة الميرزا من جهة وصلاة هذا الشخص من جهة أخرى رائعة جداً. وأخيراً أيضاً نقلوا بأن الشيخ عبد الله بياده ممن لا يخطر على باله الفكر في المعصية أبداً.

 حول الأستاذ محمد حسن رفيعا (معزي)
أكد آية الله بهجت ثلاث مرات على المرحوم الحاج الشيخ محمد حسن رفيعاً أن يهاجر من قم، لأن ماء وجو قم- حسب قوله- لا يتلاءم مع مزاجه.
وبعد وفاته أيضاً حضر آية الله بهجت بين الطلوعين فوق رأس جنازته التي كانت من أول الليل حتى الصباح في المسجد، وقرأ العزائم كثيراً ودعا له لعل روحه تعود إلى بدنه، ولكن التقدير إلهي حكم على وفاته. وشارك آية الله بهجت في تشييع جنازته وحضر في مجلس الفاتحة التي أقيمت بمناسبة وفاته. وقال : (إنه كان مستعداً للذهاب).

 كلهم أحياء!
قال آية الله بهجت ذات يوم في حضور ضيفه آية الله الكشميري: (توفي العالم الفلاني صاحب الكرامة) ثم ذكر أسماء عدة أشخاص من أصحاب الكرامة الذي فارقوا الحياة الدنيا.
فقال آية الله الكشميري:(نعم، جميع العلماء العرفاء ماتوا). فقال له آية الله بهجت ببيان لطيف: (كلهم أحياء!).
ولا يخفى بأن الذين فارقوا الحياة الدنيا- من جهة- أموات نتأسف على فقدانهم، ومن جهة أخرى أحياء في حياتهم الروحانية.

 
قصص وحكايات من لسان آية الله بهجت

 المرحوم الشيرازي وختمه للقرآن
كان يقول أستاذنا المرحوم الشيرازي: أنا أهدي دائماً ثواب قراءتي لكل ختمة من القرآن الكريم إلى المعصومين الأربعة عشر، ثم أقدم ثواب هذا الإهداء إلى الماضين وكل الناس ما عدا المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام.

 عظمة وقدرة الدعاء والتوسل
أعطى أحد الأشخاص أمواله الشرعية إلى أحد العلماء، ثم ندم بعد ذلك على إعطائه جميع هذه الأموال إلى شخص واحد، وأظهر ندمه حتى وصل هذا الأمر إلى أسماع ذلك العالم. وكان اطلاع هذا العالم بقول ذلك الشخص بعد صرفه لهذه الأموال. فصعب الأمر عليه فذهب إلى مرقد سيد الشهداء ووقف فوق رأس المرقد، واستخار، وكانت كيفية استخارته أن يصلي المستخير ركعتين ثم يقول مائة مرة : (أستخير الله برحمته خيرة في عافية) ثم يعمل بما يلقى في قلبه.
وهذه الاستخارة- في الواقع- عجيبة وهي نوع من أنواع الإلهام.
فوقع في قلب هذا الشخص أن يذهب إلى مقام المهدي (ع) في وادي السلام، فتوجه مع الشخص الذي أعطاه المال نحو هذا المقام، فلما وصل إلى مقام الحجة (ع) قال لذلك الشخص: (انتظرني هنا حتى أعود).
ودخل في المقام، فرأى أمامه مالاً بمقدار ما أخذه من ذلك الشخص في نفس الكيس الذي استلمه منه، فأخذ ذلك المال وأعاده إلى ذلك الشخص!..

 

 شفاعة إبليس
نقل عن إنجيل برنابا: أنه مكتوب فيه: طلب عيسى (ع) الشفاعة لإبليس، وقال: (إلهي!.. هذا إبليس، وكان معلماً للملائكة، وعبدك طيلة سنوات مديدة، فاغفر له وتجاوز عن خطاياه).
وورد في إنجيل برنابا -وهو أقرب الأناجيل إلى الصحة- قال تعالى: إذا جاءني وقال لي: أخطأت فارحمني، فإنني سأقبل توبته وسأغفر له.
فاستدعى النبي عيسى (ع) إبليس وقال له: جئتك ببشارة فاسمع كلامي.
فقال إبليس: الكلام من هذا القبيل كثير.
فقال له النبي عيسى: كلا، أنت لا تعلم ما الخبر، ولا تعلم بأن شيئاً موجزاً سيرفع عنك بلاء كبيرا.
قال إبليس: أقول لك، الكلام من هذا القبيل كثير، فاترك هذا الكلام!..
قال النبي عيسى: أنت لا تعلم، ولو علمت لشكرتني على ذلك.
قال إبليس: الآن حيث تصر على القول فقل.
قال النبي عيسى: قال الله تعالى هاتين الكلمتين، فقلها وانج بنفسك وعد إلى حالتك الأولى، وارجع إلى مكانك الأول، وعد إلى مقامك السابق الذي كنت فيه.
قال إبليس: -العياذ بالله- إن الله هو الذي يجب عليه أن يأتي إلي ويقول لي هذه العبارة.
قال: لماذا؟!..
قال إبليس: لأن جنودي أكثر من جنوده، فسأغلبه يوم القيامة، وجميع هؤلاء الناس الذين يعبدون الأصنام هم جنودي، وجميع هؤلاء البشر الضالون جنودي، والكثير من الجن وأولادي أيضاً أتباعي، ولهذا سينتصر جيشي على جيشه، ولهذا يجب عليه أن يأتيني وأن يقول لي -والعياذ بالله- أخطأت وفضلت المرجوح على الراجح(1).
فقال له النبي عيسى (ع): (اذهب عني أيها المعلون!.. فنحن لا نستطيع أن نصنع لك شيئاً).

 لا يريد الله صلاة مدتها ألفا سنة
قال إبليس لله تعالى: اعفنى من السجود لآدم، وسأصلي لك صلاة بمدة ألفي سنة!.. وبالله عليك، هل يحتاج الله –تعالى- إلى صلاتك التي تصليها بمدة ألفي سنة؟!..

 الميرزا القمي وفتحعلي شاه
جاء في الحكايات أن فتحعلي شاه أرسل مالاً للميرزا القمي فرفضه، فضاعفه وأرسله مرة أخرى، فرفضه الميرزا فضاعفه مرة أخرى وأرسله قائلاً: (كلما ترفضه فإننا سنضاعفه وسنعيده إليكم).
فلما رأى الميرزا القضية وصلت إلى هذا الحد ِقبل استلام المال، ثم جاء فتحعلي بنفسه إلى الميرزا فقال له الميرزا: (صنعنا بالمال الذي أرسلته بيتا لكم في الآخرة، لأننا بنينا بهذا المال مسجداً).
فقال فتحعلي شاه: (فلنذهب ونصلي هناك) فذهبا إلى ذلك المسجد وتوضيا وصليا فيه.
وعند صلاة الجماعة هذه أو صلاة جماعة أخرى-لا أذكر- شرعوا في الصلاة، فوقف فتحعلي شاه بجوار الميرزا واصطف الجيش خلف الميرزا، وعندما كان يهوي الميرزا إلى السجود يرى بأن تربة فتحعلي شاه موازية مع مكان تربته، ولهذا كان يدفعها إلى الوراء.
ولكن فتحعلي شاه كان يعيدها إلى مكانها، وفي الركعة التالية أيضاً تكرر هذا الأمر، وقدم فتحعلي شاة مرة أخرى تربته إلى الأمام لتكون موازية لتربة الميرزا.. فعندما فرغوا من الصلاة قال الميرزا لفتحعلي: (المأموم ينبغي أن يكون خلف الإمام أو متأخرا عنه).
فقال له فتحعلي شاه: (أنا صليت صلاتي على نحو الفرادى ولم أصل معكم جماعة، وإنما وقفت هنا ليقتدي الجيش بكم)!..

 سبب احتياط العلماء
سئل الميرزا القمي: (ما هو سبب طلب العلماء أن يصلوا عنهم صلاة القضاء؟!.. فقال المرحوم الميرزا: سامحك الله!.. أتحسب بأنك عندما تصوم، أن الصوم هو أن لا يأكل الإنسان وأن لا يشرب)؟!..
أتظن أن الصوم هو مجرد هذا الأمر؟!.. بل الصوم فيه إلى ما شاء الله من الشروط والقيود. والصلاة أيضاً كذلك.. والإنسان قد يعيش الغفلة في صلاته، ولم يكن العلماء دائماً في غاية القداسة والتقوى، وعندما يطلع هؤلاء على الكثير من الأشياء، فإنهم يجدون أنفسهم قادرين على أداء الصلاة التي صلوها بأفضل مما سبق، ولكنهم يجدون أنهم لا طاقة لهم على إعادتها، فيوصون أن تقضى صلاتهم، لأنهم يدركون بعد مضي سنوات وجود بعض الإشكالات في صلاتهم، وهم لو تأملوا أكثر من هذا في صلاتهم، فإنهم أيضاً سيجدون بعض النواقص فيها، فلهذا يوصون بأن تقضى صلواتهم وصيامهم.

 ترك المكروه
كان شخصان من المعاصرين معروفين بالفضل والتقوى، ثم وصلا بعد ذلك إلى مقام المرجعية، فسئل كل واحد منهما عن الآخر فكان جوابهما واحداً، وقال كل واحد منهما في حق الآخر: (رافقته مدة خمس وعشرين سنة، فلم أر منه عملاً مكروهاً واحداً قط).
قال هذا في حق ذلك الشخص هذه العبارة، وقال ذلك في خصوص هذا الشخص هذه العبارة، وكما نحن أيضاً رأينا بأن هذين الشخصين لم يقترفا المكروه أبداً.

 ستون سنة في الغفلة!..
قالت امرأة: صليت ستين سنة صلاتي وأنا أقول بعد البدء بالصلاة: الله أكبر، أصلي صلاة الظهر قربة إلى الله!.. ثم أبدأ بقراءة سورة الحمد.
في حين ينبغي أن تكون النية قبل تكبيرة الإحرام، ويجب أن لا يقول المصلي بعد تكبيرة الإحرام قولاً ما عدا سورة الحمد.

 أضعف المأمومين
قيل لأحد الأشخاص: (لماذا تطيل في صلاتك، ولا تراعي أضعف المأمومين)؟..
فقال: (لم أجد بين من أصلي فيهم شخصاً أضعف مني).

 الهجوم على كربلاء والنجف
كانت النجف في ذلك الزمان من المدن التي يحيطها سور، ولهذا عندما هجم الوهابيون عليها، استطاع أهاليها أن يدافعوا عن أنفسهم من وراء هذا السور.
وذكر أيضاً صاحب مفتاح الكرامة: والآن حيث أنا مشغول في كتابة هذا الكتاب، النجفيون في حالة الحرب مع الوهابيين من خلف السور.
ولكن كربلاء لم يكن فيها سور، ولهذا دخل الوهابيون فيها، وصنعوا فيها ما أرادوا!.. وقيل: إنهم قتلوا فيها عشرة آلاف شخص، وكان من بين القتلى علماء وغير العلماء.. وجاء الوهابيون ودخول في الحرم المقدس بخيولهم وكسروا الضريح، وفعلوا ما فعلوا!.. وبحث الوهابيون عن صاحب الرياض(1)، وذهبوا إلى بيته ليلقوا عليه القبض وليقتلوه، وفتشوا عنه في الغرف، وكانوا يسألون: (أين مير علي)؟.. وكان السيد متخفياً في إحدى الغرف تحت الحطب ومعه طفل.
وكانت زوجته وأطفاله قد هربوا قبل مجيء الوهابيين، ولكنهم نسوا أن يأخذوا هذا الطفل معهم.
والكرامة التي حدثت في هذا الموقف هي أن السيد يقول: كانت الكرامة هي أن الطفل بقي ساعتين على صدري تحت الحطب، ولم يتكلم أبداً بل لم ينبس ببنت شفة، وجاء الوهابيون ولم يتمكنوا من العثور علينا، ونظروا في الغرفة ولم يروا فيها سوى الحطب، ثم ذهبوا.
_____________________________________
(1)السيد علي الطباطبائي، صاحب الكتاب الفقهي، ورياض المسائل.

 دفن الأشخاص في المشاهد المشرفة
يدفن بعض الأشخاص في صحون المشاهد المشرفة وذلك لقداسة هذه الأماكن، وهذا الأمر له تاريخ قديم، وقد دفن المقدس الأردبيلي والعلامة الحلي بجوار مرقد الإمام علي (ع) ويقال: إيوان العلماء مملوء بالعلماء.
وغرضنا من الإشارة إلى هذا الأمر، هو أنه لشرف للشخص أن يدفن في هذه الأماكن.

 اقتلني باتجاه القبلة!..
كان المرحوم المقامقاني الكبير متجهاً ذات يوم نحو الحرم، وقريب الصحن هجم عليه شخص وطرحه على الأرض وأخرج سكيناً أو خنجراً ليذبحه!..
فقال اله المرحوم المقاماني: (إذا كنت تقصد قطع رأسي، فاذبحني باتجاه القبلة).
فرأى هذا الشخص بأن المرحوم المقاماني لا يطلب منه الخلاص، فتأمل قليلاً، وسأل نفسه: لماذا؟.. لأنه رأى الشخص الذي في متناول يده متديناً ومتشرعاً، ويطلب منه قربة إلى الله تعالى أن يقتله باتجاه القبلة. فاستحى إثر ذلك وتركه لشأنه.

 كسر هيبته
ورد عن شخص كان أستاذاً لمجموعة، وكان هذا الشخص ذات يوم جالساً في مكان، فرأى تلاميذه يبجلونه ويكرمونه كثيراً، وأن هيبته قد أثرت فيهم، وأنهم ينظرون إليه وهم ملتفون حوله ببالغ الاحترام والخوف، فسأل أحد تلاميذه: (هل قرأت أو رأيت كتابنا تسقط الآداب بين الأحباب أو ما شابه ذلك).
فأجابه التلميذ: لا، فمد الأستاذ رجله ووضعه على حضن التلميذ وقال: ( هذا فصل من فصول ذلك الكتاب)!..

 فضل وذكاء المرحوم الزنجاني
رحم الله الزنجاني كان يقول في النجف: ذهبت إلى مصر ويوجد فرق بين ذهابي وذهاب الحاج الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء إلى هذا البلد.
وقد ذهب الحاج الشيخ محمد حسين ليواجههم لأنهم أقوياء، ولكنني ذهبت لمواجهتهم لأنهم ضعفاء، وكانوا أصحاب مهارة جيدة جداً في الأدب، وكانوا كثيري النقد في هذا المجال. ولكنني عندما كنت أحاورهم، كنت متضلعاً في الفلسفة، فأثبت أمراً بالبراهين الفلسفية، فتحيروا ما أقوله لهم في جوابي، وكان غاية ما يقدرون عليه أن يفهموا ما أقوله لهم، ولم يستطيعوا أن يتكلموا.
وكان في عزمهم أنه إذا أراد الخطيب أن يرتقي المنبر، فإنهم يسألونه عن مضمون كلامه، لأن الحكومة كانت قد فرضت عليهم هذا الأمر، وكانت تسأل الخطيب عن الأمور التي يريد أن يتطرق إليها، فعندما جاؤوا لي وسألوني عما أريد أن أتحدث وقالوا: ما هو الموضوع الذي تريد أن تطرحه، فقلت لهم: لا أقصد موضوعاً معيناً، وإنما أجلس على المنبر ثم أنظر إلى المستمعين، وأفيض عليهم من علمي بمقدار وسعهم.

 أريد تربية الناس
كان المرحوم محمد حسين الأصفهاني يقول في أواخر عمره: (ليس لي أمل قط، ولا أريد أن يحدث شيء أو أصنع أمراً، وأشعر أن قلبي ليس فيه أي تعلق بشيء، حتى أنني غير حريص على تزويج ولدي، وأحب فقط أن يربي الناس أنفسهم، ولهذا أحضر الدرس وأقوم بالتدريس).

 كرامة للمرحوم الطالقاني
ذهب المرحوم الشيخ مرتضى الطالقاني ذات يوم إلى بيت مملوء بالخفافيش، فأمر الشيخ الخفافيش أن يتركوا البيت فذهب الخفافيش، ولم يعودا إلى البيت أبداً.

 أرضى أن أبقى ليلة واحدة في ذلك المكان
قيل لأستاذنا الحاج الشيخ مرتضى الطالقاني: (أنت توصي بأن تدفن في الصحن، ولكن الجنائز تنقل بعد فترة من ذلك المكان، فماذا نصنع؟.. ولماذا أنتم توصون بهذه الوصية؟.. فدعنا ندفنكم في وادي السلام حفاظاً على بقاء جسدكم فيه).
فأجابهم: أرضى أن تبقوني ليلة واحدة فقط قرب الإمام علي (ع)، ثم انقلوني أينما تشاؤون، وافعلوا بي ما تريدون، وليأخذوني إلى أي مكان شاؤوا.

 ذكاء آية الله البروجردي
كان السيد البروجردي يقول: صليت صلاة الظهر وأنا في السفينة، فاقتدى بي الشيعة وأهل السنة، ثم قمت بعد أداء صلاة الظهر لأداء صلاة العصر، فجاءني أحد أهل السنة وقال لي: ما هذه الصلاة التي تصلونها بعد صلاة الظهر؟.. فقلت له: هذه صلاة النافلة(1).
_____________________________________
(1)لأن أهل السنة يعتقدون بعدم الجمع بين صلاة الظهر والعصر، ويؤدون صلاة العصر بعد فاصلة زمنية من صلاة الظهر. ويبدو أن السيد البروجردي اضطر إلى التمسك بالتقية والتورية.

 تمويه الأمر
نقل لي أحد الأصدقاء وهو أيضاً من أقربائنا: كنا في مدينة مشهد ضيوفاً عند الشخص الفلاني، وكنا كثيراً ما نزوره، وكان هذا الشخص من الصلحاء جداً، ففتح نافذة الغرفة وكانت مشرفة على قبة الإمام الرضا (ع) فلما وقعت عيناه على القبة سلم، وكنا جالسين في الغرفة، فسمعنا الجواب.
فقلت له: سيدي، أنت سمعت جواب السلام وكان هذا الشخص سريع البديهة في مقام الجواب، فقال: (أنت تمتلك استعداداً جيداً فسمعت الجواب، وإلا فالمعصومون يجيبون على كل من يسلم عليهم، فأبعد بذلك عن نفسه كونه من أهل الكرامة).

 منارة المدينة، قبر ذي الكفل ورشوة اليهود!..
اتفق المسلمون بعد مجيء الإسلام أن يبنوا في المدن المساجد، وأن يجعلوا في المسجد المنارة لتكون علامة بارزة على كون المدينة إسلامية، وكان يقال: كل مكان فيه منارة، فهو دليل على أن ساكني ذلك مسلمون.
ومن هذا المنطلق: وقع الاختلاف بين اليهود والمسلمين زمن السلطان عبد الحميد حول قبر ذي الكفل. وكان مضمون الاختلاف هو أن القبر هل هو للمسلمين أو لليهود. واليهود إلى يومنا هذا يقصدون هذا القبر ويزورونه ويدعون فيه ويقرؤون عنده التوراة.
فوقع الاختلاف بأن هذا المكان للمسلمين أو لليهود، ولا علم لي بموضع الاختلاف؟.. فهل كان الحاكم في تلك المنطقة من المسلمين، أو كان المسلمون مالكين لتلك المنطقة، أو غير ذلك؟..
وعلى كل حال وقع الاختلاف بأن تلك المدينة إسلامية أو لا!.. فاجتمع المسلمون واليهود عند السلطان واشتكوا عنده. فأرسل السلطان شخصاً ليذهب ويرى قبر ذي الكفل، هل فيه منارة تدل على أن المدينة إسلامية؟.. أو ليس فيه منارة، لتدل على أن المدينة باقية على أعراف اليهود السابقة؟..
فجاء اليهود وأعطوا لوفد السلطان رشوة باهظة، ليقولوا للسلطان بأن المدينة ليس فيها منارة، في حين أن المدينة كان فيها منارة.

 نتيجة عدم الاهتمام بالوقف
ذلك الشخص -وكتبه معروفة- كان صاحب أموال كثيرة في كربلاء، فأوقف أمواله لأولاده قبل مائتي سنة.. وكان غرضه أن يكون لأولاده رصيد دعم مالي، ليتمكنوا من التفرغ للدراسة، وكان له أولاد كثيرون، ولكنهم لم يراعوا الوقف فباعوه.
وقال أحد هؤلاء الأولاد وهو من الفضلاء والأتقياء: كانت عائلتنا كبيرة جداً، ولكننا الآن قل عددنا، وأنا أشعر بأن سبب ذلك يعود إلى عدم مراعاتنا لحق الوقف. ولهذا دب الفناء فينا وأبادنا.

 ملاحظة تصحيحية من الكتب الأخرى
إن أحد الأشخاص المنتمين إلى الحوزة العملية سرق شيئاً، والعالم الكبير الذي أخبروه بهذه القضية قال: قولوا: (عثرنا على أحد السارقين المتلبسين بزي طلبة العلم، ولا تقولوا عثرنا على طالب علم سارق).
وهذا العالم الكبير هو الميرزا محمد تقي الشيرازي، وليس الشيخ عبد الكريم الحائري.

 

 

 

 

شاهد أيضاً

اربعون حديثا في بيان سيرة علي عليه السلام

الفصل الاول: مع الرسول الاكرم(ص) 1ـ فى كفالة الرسول(ص) و قال على عليه السلام: و قد علمتم ...