شكك وزير الخارجية الدكتور محمد جواد ظريف في نوايا واشنطن الحقيقية في إضعاف و هزيمة تنظيم “داعش” في سوريا ، لافتا إلى أن ذلك يصب في إطار مراعاة الولايات المتحدة الأميركية لمصالح حلفائها في المنطقة في إشارة ضمنية إلى السعودية ، كما شدد ظريف على أن إيران الاسلامية مستعدة للتعاون مع دول المنطقة لمواجهة التحديات الأمنية المرتبطة بهذه الجماعة الإرهابية مؤكدا ان خطة ايران لحل الازمة في سوريا تعتبر هي الامثل في الوقت الحاضر، نافيا تواجد اي عسكري ايراني في هذا البلد .
وأكد ظريف في اجتماع في نيويورك نظمه مركز الدراسات الدولية بجامعة دنفر أن الهجمات الجوية الروسية ضد مواقع تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا تأتي بناء على الطلب السوري، معتبراً أن أميركا بسبب مصالح حلفائها في المنطقة لا تريد هزيمة التنظيم.
ولفت ظريف إلى أنّه “يجب أن نعي حقيقة أن التطرف في منطقة الشرق الأوسط لن يقتصر على سوريا والعراق بل يشكل تهديدا على كل العالم”، مشيراً إلى أنّه في التعامل مع ظاهرة التطرف والعنف والإرهاب يجب أن نهتم بكل جوانبها وأبعادها وجذورها وفي هذا الإطار ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار أن بعض المجتمعات في المنطقة التي فيها أتباع الوهابية تدعم الفكر الداعشي”.
وشدد ظريف على أن إيران “مستعدة للتعاون مع دول المنطقة لمواجهة التحديات الأمنية المرتبطة بهذه الجماعة الإرهابية”، مؤكدا أن “التعامل مع “داعش” يجب أن لا يقتصر على البعد العسكري بل يجب أخذ القضايا الثقافية والسياسية والعقائدية والاقتصادية بعين الاعتبار”.
من جانب اخر قال وزير الخارجية الدكتور محمد جواد ظريف ان خطة الجمهورية الاسلامية الايرانية لحل الازمة في سوريا تعتبر هي الامثل في الوقت الحاضر، نافيا تواجد اي عسكري ايراني في هذا البلد ، و ذلك في حوار خاص مع مجلة “نيويوركر” الاميركية اثناء تواجده بنيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، وقبل يوم من عودته الى طهران ، حيث تطرق الى عدة نقاط مهمة بينها الاجراء العسكري الروسي في سوريا ، و بعض المسائل والقضايا التي تدور في المنطقة.
وكان اللقاء كالآتي :
– هل كنت تعلم بأن أوباما كان قد خطط لمصافحتك ؟
ظريف: لا من غير المتعارف ان يخطط رئيس دولة لمصافحة وزير للخارجية . اذ ان أوباما كان قد القى كلمته في الجمعية العامة قبل ساعتين ، ولم نكن نتوقع أن يعود مرة أخرى الى القاعة . حين كنت انوي الخروج، لا اعرف لماذا كان الرئيس أوباما ينوى الدخول الى القاعة . ان اللقاء كان من باب الصدفة.
– منذ ثمانية عشر شهرا ، وانتم تتحدثون عن مبادرة من أربع نقاط حول سوريا، الى اين وصلت هذه المبادرة ؟
ظريف: ان المبادرة باتت متكاملة و تحتوي على أربع نقاط . جوهر المبادرة يتمثل في تشكيل حكومة وحدة وطنية ، وقف إطلاق النار، ومحاربة الإرهاب، والإصلاح الدستوري، وإنشاء هيكل حكومي دائم على أساس المؤسسات الدستورية الجديدة التي تم إنشاؤها . وهذا هو جوهر الخطة التي نعتقد أنها ستكون قابلة للتطبيق في سوريا .
بالطبع ، يجب أن تكون لأي خطة عددا من المبادئ التي ينبغي على الجميع الاشتراك فيها، منها احترام سيادة وسلامة الأراضي ومحاربة التطرف والطائفية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، والحل السياسي، واحترام حقوق الأقليات، وحقوق الإنسان.
نحن نقدم الاقتراحات فقط. ولم نقدم أي خطة يصعب تطبيقها. نحن تشاور مع الاطراف الاقليمية والاجنبية في هذا الخصوص.
س- ما هو راي إيران بشان بشار الاسد؟
ظريف: قلنا منذ البداية أن القرار بهذا الشان يعود للشعب السوري . نحن نعارض الشروط المسبقة التي تضعها الشعوب والحكومات الاجنبية لإيجاد حل سياسي في سوريا. على اي حال نحن لن نضع شروطا مسبقة ونعتقد أن هذا ليس عملنا. نحن نعتقد أنه يجب أن نترك الأمر للسوريين لاتخاذ قرار. يجب علينا تسهيل الوحدة والمصالحة الوطنية بين السوريين، ومن ثم المساعدة للتوصل الى آلية مستقرة وديمقراطية. بعد ذلك يجب ان نسمح للمواطنين السوريين اتخاذ قراراتهم بأنفسهم حول من يجب أن يحكم، وكيف ينبغي أن يحكم.
س- هل الولايات المتحدة على علم بهذه الخطة؟
ظريف: يتم تبليغ الولايات المتحدة بشكل منتظم من قبل حلفائها الأوروبيين، وكذلك من قبل الأمم المتحدة، والجميع يعرف نوايانا.
س- هل يدعم الروس مبادرتكم؟
ظريف: أعتقد ان افكارنا في هذا الخصوص متقاربة جدا.
س- هل تفاجأتم عندما بدات روسيا غاراتها الجوية في سوريا؟
ظريف: ليس بالضرورة، لأننا كنا نشعر بضرورة القيام بجهد دولي، وكنا دعونا لموقف دولي للتصدي لـ “داعش” والمنظمات الإرهابية الأخرى المماثلة، مثل “النصرة” و “احرار الشام” وسائر الجماعات الاخرى التي تنمو في كل ساعة بسوريا.
س- ما هو الهدف النهائي الذي يرمي اليه الروس من هذه العمليات؟
ظريف: هدف الروس هو تدمير “داعش”.
س- هل نوايا الروس ترتكز على بقاء الرئيس الأسد، أم تسهيل عملية ما؟ وهل مثل هذا التحرك سيعزز احتمالات التفاوض، أم سيزيد من الهوة القائمة بين الدول والقوى الكبرى؟
ظريف: اعتقد ان هذ التحرك سيجعلنا اقرب الى التفاوض من جوانب مختلفة. ان هذه الظروف توفر فرصا وتخلق تحديات. إذا اغتنمنا الفرص فاننا سننتفع.
س-لماذا أنت واثق من أن الروس مهتمون بالمفاوضات بدلا من مجرد تأمين بقاء الأسد في السلطة؟
ظريف: لأنه لا يوجد حل عسكري في سوريا. فبالتالي على الجميع التفاوض. وأعتقد أن الجميع يفهم هذا. يجب أن يكون هناك حل سياسي لسوريا. المعارك فيها نجاحات واخفاقات. ولكنها لن تحدد مستقبل سوريا لوحدها.
س- لقد تم تناقل انباء خلال الاسابيع المنصرمة عن تواجد عسكري ايراني في سوريا، وليس مجرد مستشارين عسكريين؟
ظريف: خطأ. لم نغير طبيعة وجودنا في سوريا. لا زالت المشاركة مقتصرة على الاستشارة العسكرية وليس أكثر.
س- لكن ايران تدعم مشاركة روسيا في سوريا؟
ظريف: نحن نؤيد مشاركة أي جهة ضد” داعش”. شريطة أن تكون مشاركة جادة. مشكلة التحالف الدولي ضد “داعش” انه لم يكن جادا، لأن العقبات السياسية كانت تحول ضد ضرب “داعش”. لأنهم يعتقدون (دول التحالف) أن ضرب “داعش” قبل أن يكون هناك حل لبشار الأسد سيكون لصالحه. ومن هذا المنطلق فان عمليات التحالف كانت مجرد استعراض ولذلك لم تؤثر على “داعش” خلال العام الماضي.
س- ماذا ستكون النتيجة؟ العديد من الدول متورطة عسكريا في سوريا. كيف سنصل الى المفاوضات من خلال هذه الظروف؟
ظريف: حالما نكون على استعداد للتفاوض حول مستقبل سوريا من دون شروط مسبقة. وهذا الامر بحاجة الى اعادة الغرب لنظرتها وافكارها بشكل جذري. لقد كانت توقعاتهم خاطئة. كانوا يتوقعون ازالة الأسد من السلطة في شهر رمضان قبل أربعة اعوام. وبدلا من ثلاثة أسابيع، فان النتيجة كانت أربع سنوات ومئات الآلاف من الضحايا وملايين المشردين.
س- لقد تحدث الرئيس الاميركي باراك اوباما لاول مرة في الأمم المتحدة، عن انتقال الحكم، هل لمستم أي مرونة في موقف الولايات المتحدة حول السعي للتوصل الى حل تفاوضي؟
ظريف: الفوارق كانت جزئية فيما المواقف السابقة كانت ملحوظة. لازلنا نعتقد بأن بعض الاعتبارات الإقليمية تحول دون ابتعاد اميركا من سياساتها القديمة التي تواصلت، وتسببت في استمرار هذا الصراع.
س- تقصدون التحالف الاميركي مع السعودية ودول الخليج الفارسي الأخرى؟
ظريف: نعم، اقصد اهتمام اميركا بوجهات نظر تلك الدول.
س- هل فتح الاتفاق النووي الطريق لنقاش أوسع حول سوريا، اليمن، العراق، وسائر بؤر التوتر الإقليمية الأخرى، بشكل لم يكن ممكنا من قبل؟
ظريف: ليس بعد… وكنا نأمل بأن يؤدي تطبيق “خطة العمل المشتركة” الى خفض انعدام الثقة التي تشعر يها إيران حيال أهداف وتوجهات السياسة العامة الاميركية في المنطقة. من الواضح أن التعليقات التي سمعناها على مدى الشهرين الماضيين، والتي كانت في معظمها موجهة إلى الداخل، لم تساعد على التخفيف من عدم الثقة.