بعد نحو أسبوع علي انطلاق الغارات الجوية الروسية علي أوكار العصابات الإرهابية في سوريا ، انطلقت أمس الأربعاء العملية العسكرية البرية الأوسع شمالاً ، ضد هذه العصابات المسلحة ، تحت عنوان: «من البحر إلي النهر» ، فيما صرح الرئيسُ الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعه بوزير الدفاع سيرغي شويغو بأن غاراتنا تدعم عمليات الجيش السوري ، مؤكدا ضرورة التنسيق بين الضربات الجوية الروسية وعمليات الجيش السوري البرية .
ويوضح إطلاق عنوان «من البحر إلي النهر» علي العملية البرية للجيش السوري أن الهدف منها هو تمكين السلطات السورية من استعادة السيطرة علي كامل الأراضي السورية من البحر الأبيض المتوسط غربًا وحتي نهر الفرات علي الحدود مع العراق شرقًا .
و بحسب المعلومات المتوافرة فقد بدأت قوات كبيرة من الجيش السوري وتزامنًا مع سلسلة غارات جوية مكثفة للطيران الحربي الروسي والسوري، عملية برية واسعة النطاق علي عدة محاور في ريف حماة ، أحرزت خلالها القوات السورية تقدمًا كبيرًا وسريعاً ، وسيطرت علي بلدة كفرنبودة وقرية المغير شرق قلعة المضيق، وتل الصخر شمال شرق المغير، وتل عثمان غرب بلدة كفرنبودة في ريف حماه الشمالي، بعد اشتباكات عنيفة مع المجموعات الإرهابية المسلحة أسفرت عن وقوع عدد كبير من القتلي والجرحي في صفوفهم الإرهابيين وتدمير العديد من آلياتهم.
وأكدت المعلومات أن الجيش السوري تمكن في إطار المرحلة الأولي من المعركة البرية أمس ، من استعادة السيطرة علي مساحة 70 كيلومتراً، كانت تحت سيطرة ما يسمي بـ«جيش الفتح» منها نحو خمسين كيلومتراً علي محور مورك، وعشرين كيلومتراً علي محور قلعة المضيق في المنطقة ذاتها.
وينتظر أن يستكمل الجيش السوري تحت غطاء جوي متواصل، اليوم المرحلة الأولي من العملية البرية والهادفة إلي استعادة السيطرة علي منطقتي ريف حماه وسهل الغاب، حيث يجري العمل بقوة علي تحضير محاور إضافية تستهدف كل مناطق الشمال.
وفي السياق نقلت صحيفة «الأخبار» اللبنانية في عددها الصادر اليوم الخميس عن قائد معنيّ ، أنّ القيادة الروسية أبلغت حليفيها الإيراني و السوري ، قرارها المضي في عملية كبيرة وشاملة، تحت اسم «من البحر إلي النهر» وهي تستهدف مساعدة الحكومة السورية علي إعادة بسط سيطرتها علي كامل المنطقة الممتدة من ساحل اللاذقية إلي ضفاف نهر الفرات علي الحدود مع العراق.
وقال القائد العامل ميدانياً، إنّ الاستراتيجية الروسية واضحة تماماً، حتي خصوم موسكو بدأوا يفهمون الأمر، وهي تستهدف بصورة عملية، لا شكلية، استعادة سيطرة الحكومة السورية علي كامل الحدود مع تركيا والعراق، وإن مجريات المعركة معقدة وكبيرة. ودعا القائد إلي عدم استسهال هذه الجولة، مشدداً علي أنهم غير معنيين بتحديد سقف زمني أو جغرافي للعمليات.
وأشار القائد إلي أنّ موسكو بَنَت ، وفق هذه الاستراتيجية ، منظومة عسكرية خاصة في سوريا، وأنّ الجسر الجوي يعمل دون توقف منذ أسابيع . و قد وصلت إلي سوريا أسلحة وقوات روسية من مختلف الاختصاصات، من الطائرات الحربية المقاتلة إلي القاذفات إلي وحدات مدرعة مع أحدث الدبابات، ومنظمومة صواريخ موجهة، بينها صواريخ بعيدة المدة، وطائرات مروحية قتالية، وأسلحة مدفعية جديدة، مع طواقم فنية تقود أكبر عملية رصد وتعقب تقني.
وأضاف أنّ هذه الوحدات رافقها كل ما تحتاجه من تجهيزات لوجستية وفريق بشري لخدمتها، وهي تنتشر وفق خريطة خاصة بها، وتتخذ إجراءات حماية خاصة، بعدما وفّرت لها السلطات السورية جميع الخدمات التي تحتاجها .
علي الصعيد الاستخباراتي ، نقلت «الأخبار» عن القائد الميداني قوله إنّ غرفة التنسيق المعلوماتية العاملة الآن، تضمّ ضباطاً من الاستخبارات العسكرية الروسية والإيرانية والسورية، إضافة إلي فريق من الاستخبارات التابعة لحزب الله.
وأشار القائد الميداني إلي أن غرفة العمليات أُعدّتَ بنك أهداف يشمل كل مناطق الشمال دون استثناء، ويجري العمل علي تحديثه لحظة بلحظة. ولفت إلي أن القيادة العسكرية الروسية الموجودة في سوريا، تتلقي الأهداف المقترحة من الجانب السوري، وتعمل علي توثيقها واستطلاعها ومتابعتها مع وزارة الدفاع في موسكو، حيث يُصدَّق علي الأهداف المختارة للقصف، ثم تنطلق الطائرات في رحلة تنفيذ الغارات. كذلك يجري التركيز الآن علي كل مقار القيادة ومراكز التحكم وإدارة القوات من جانب المسلحين، إضافة إلي قواعد التدريب والحشد ومخازن الأسلحة علي أنواعها. ويؤكد المصدر أن إصابات كبيرة جداً لحقت بالمسلحين، ما دفع الجانب التركي إلي التحرك سريعاً للمساعدة.
وحول العمليات الأرضية، نقلت الصحيفة عن مصادرها أنه يجري حشد عدد كبير جداً من الجنود السوريين ضمن تشكيلات تعمل علي خطة مدروسة، بالإضافة إلي عشرات من ضباط حزب الله ومقاتليه من الاختصاصات المناسبة للمعركة.
وشددت مصادر الصحيفة علي أن عملية مراجعة مكثفة جرت، مكّنت الجميع من التعامل مع الأمر بطريقة مختلفة عن السابق، وستُستثمَر الحالة المعنوية العالية للجيش السوري وحلفائه في سياق تحقيق نجاحات كبيرة علي الأرض .
في المقابل، لجأ المسلحون إلي تغييرات كبيرة علي صعيد التشكيلات القيادية وغرف العمليات والتكتيكات. وأجروا تعديلات في آلية الانتشار. ولاحظت أن المسلحين أخرجوا أسلحة نوعية من مخازن حديثة، تظهر أن دعماً بأسلحة أميركية قد وصل سريعاً، وهو الأمر الذي تكشفه تطورات موقف الحكومة التركية التي باشرت العمل ميدانياً بطريقة مختلفة ، وسط ارتباك و توتر كبيرين .
وأكدت «الأخبار» أن التوتر التركي أدي عملياً إلي سحب غالبية المستشارين الأتراك من النقاط الأمامية باتجاه العمق القريب من الحدود التركية. كذلك جري توفير ممرات لعمليات نقل كثيفة لمئات العائلات التي طلب المسلحون منها مغادرة مناطق عدة بعدما وصلتهم تحذيرات رسمية روسية من ضرورة إخلاء مناطق واسعة في إدلب وريفها، وخصوصاً جسر الشغور وجبل الزاوية من المدنيين.
وهو تحذير تلقاه الجانب التركي أيضاً، وأثّر في معنويات المجموعات الباقية من «الجيش الحر» وبعض المجموعات من أصول تركمانية.
الى ذلك أكد الرئيسُ الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعه بوزير الدفاع سيرغي شويغو ضرورة التنسيق بين الضربات الجوية الروسية وعمليات الجيش السوري البرية مشددا على ان الغارات الروسية تدعم عمليات الجيش السوري .
بدوره أعلن شويغو مشاركةَ قطع من أسطول بحر قزوين في ضربات صاروخية لمواقع داعش وجبهة النصرة بعد التنسيق بين موسكو وبغداد وطهران بشأن مسار الصواريخ المجنحة التي عبرت أجواء البلدين.
هذا و أكدت وزارة الخارجية الروسية أن جميع الخطوات التي تتخذها موسكو على المسار السوري تستهدف المساهمة في التسوية السياسية بالبلاد . و قالت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية إن الجانب الروسي تلاحظ أن وسائل الإعلام الغربية بدأت تتحلى بموضوعية أكثر لدى تغطية العملية الجوية الروسية في سوريا، لكن مازالت هناك محاولات لتشويه أهداف روسيا في سوريا والخطوات التي تتخذها في سياق تحقيقها.
و اعتبرت الدبلوماسية الروسية أن الهدف وراء جميع هذه المحاولات يكمن في إثارة شكوك حول مدى تمسك روسيا بمهمة القضاء على بؤرة التطرف والإرهاب الدوليين و شددت قائلة إن “جميع الخطوات التي تتخذها روسيا على المسار السوري ترمي إلى المساهمة بالتسوية السياسية في البلاد”.
كما أكدت زاخاروفا أن إدراك أبعاد الخطر التي يمثله تنظيم “داعش” والذي يهدد الجميع، يمهد الطريق لاتخاذ خطوات جماعية وفعالة ضد الإرهابيين وشددت على انفتاح روسيا على التعاون في مكافة الإرهاب، لكنها أصرت على ضرورة أن تعتمد مثل هذه الجهود المشتركة على الوفاء بمبادئ القانون الدولي قائلة: “هذا الإدارك (لأبعاد الخطر) التي توصل إليه كثيرون بينهم دول مما يسمى التحالف، يعطي مقدمات للانتقال إلى اتخاذ خطوات جماعية وفعالة حقا.. إننا منفتحون على ذلك، ولا يوجد ما يمنعننا من التعاون”.