الكثير من الأسئلة تطرح نفسها فيما يخص التدخل الروسي والحملة الروسية المفاجئة ضد الارهاب وضد داعش!! لماذا الان تدخلت روسيا؟ ماهو الاتفاق السري الذي عقدته اميركا مع روسيا؟ كيف تم تقسيم الادوار؟ وما هو المخفي في التدخل الروسي المفاجئ بعد صمت لأكثر من ١٢ سنه؟؟
كلنا يعلم ان المصالح هي من يقود المواقف وان روسيا او غيرها حينما تتدخل بشكل ايجابي فعلينا ان لانتعامل مع الموضوع تعاملاً عاطفياً خالياً من التفسيرات والتحليلات المنطقية خصوصاً ونحن نعلم ان هناك قواعد خفيه للعب تتحكم بمجريات اللعبة الظاهرة منها والمخفية، ونحن هنا لا نريد افراغ الموقف الروسي من ايجابياته لكننا نحاول ان نفهم الثمن الذي ستقبضه روسيا مقابل هذا التدخل المفاجئ والغريب بعد ابتعاد وجفاء .. على المراقب للوضع الدولي ان يفهم ان روسيا لا يمكن ان تتدخل بمعزل عن الاقطاب الاخرى او تجاهل اللاعبين الاخرين في ميدان اللعب الاقليمي في الشرق الاوسط كما واننا يجب ان نعي ان المكاسب الظاهرة للعيان التي تحققت او التي ستتحقق من التدخل الروسي لابد ان يكون لها ثمن او مكاسب خفيه تم الاتفاق عليها مسبقاً بين روسيا ومن له المصلحة في تدخلها او حتى من لا يبدو له مصلحه في ذلك او حتى مضرة ظاهره .. الكثير يسأل عن الموقف العراقي المطلوب… هل يجب ان يرحب العراق بالتدخل الروسي او حتى ان يطلب تدخلاً اكبر او اكثر كون التدخل الروسي في سوريا او العراق لا يواجه اي تحسس عاطفي من الاطراف المحلية لكونها قوة او دوله لم تتلطخ ايديها في احتلال او دمار اي من البلدين وبالتالي فان تدخلها سيكون مريحاً عاطفياً بل ومُرحب به ولا يتعارض ايدلوجياً مع الذهنية الاجتماعية او السياسية للعراق او سوريا… يجب ان نعي ان التدخل الروسي او الموقف الروسي المتأخر هو موقفاً حميداً لكنه غير خالي من المصلحة وتشوبه الريبة وجل خوفنا ان تكون الاتفاقات المعقودة خلف الابواب المرصدة وتحت الطاولات هي من مهدت واعطت الضوء الاخضر للدب الروسي لكي يصحو اخيراً ويتدخل… ورغم ان العراق يجب ان يتعامل مع اي قطب بشكل عقلاني وان لا يخسر او يتعارض او يتقاطع مع احد الا ان كلا القطبين الصقر الامريكي والدب الروسي لديهما مصالح استراتيجية عسكريه وحسابات جيوبوليتيكيه في المنطقة وهذا ما يفرض على العراق التعامل الحذر مع كلا القطبين لان الخير الذي يأتي منهما هو خير مبني على مصلحه ان كان هناك خير او تقديم لنا ان نسميه خيراً … على الحكومة العراقية ان تستغل حالة الخلاف الظاهر بين القطبين في تدخلهما على المستوى التكتيكي والمستوى الاستراتيجي وان تبادر مبادرة جريئة في ان تتجه نحو الاستقلال الامني والعسكري والخروج من حالة التبعية وبناء علاقات اخرى وفتح افق تعاون مع اطراف اخرى على ات يكون التعاون مبني على اساس ترابط غير مصلحي وغير منظور وغير مرتبط بمواقف متغيره او متبدله … هناك اطرافا اقليميه ودوليه تربطها روابط قويه مع العراق سياسيا واجتماعيا وامنيا على العراق ان يوظفها ويستفيد منها في تطوير قدراته الدفاعية الأمنية والعسكرية … يجب على العراق ان يجد اوراقا جديده يلعب بها من اجل تحسين وضعه الامني والعسكري لا ان يبقى تحت طائله التبعية الأميركية او الروسية وما ينتج عنها من استنزاف او اضعاف او تقويض اي جهد اخر يخدم مسيره تحقيق انجاز امني او عسكري… يبدو ان العراق الآن يواجه مأزقاً واحراجاً كبيراً على مستوى الحكومة في كونها تحت وطئه ضغوطات أميركية واخرى روسيه وان هذا المأزق الجديد يجب التعامل معه وفق معطيات وطنيه تفرض على الحكومة تغليب المصلحة الوطنية مهما كانت النتائج لان الحكومة الان لديها قوه على الارض تستطيع المناورة بها والمراهنة عليها وعلى قدرتها على تحقيق الانجاز الامني والعسكري المطلوب الا وهو الحشد الشعبي بكونه قوه مستقله تعمل تحت اشراف الحكومة… ان استقلاليه الحشد الشعبي وعدم رضوخه لمواقف الحكومة ومعادلات الاتيكيت السياسي والعلاقات مع هذا الطرف او ذاك تعد مصدر قوه لها في ان تفسح المجال اكثر وتوظف موارد اكبر ماديه ولوجستية للحشد الشعبي.
ان وجود وقوه الموقف العراقي تأتي من قوته العسكرية وان هذه القوه العسكرية الموجودة على الارض تتيح للعراق مجالاً للخروج ولو تدريجياً من تحت وطأة الضغط الامريكي او غيره رغم ان الحشد الشعبي يعتبر نقطه ضغط على الحكومة من خلال التضييقات الأمريكية والقيود التي تفرضها اميركا على العراق الا ان رغم كل القيود والضغوط فان العراق قد حقق انتصارات يشار لها بالبناء بغياب اي دعم حقيقي من اي تحالف كان… يجب ان تعي الحكومة العراقية مخاطر التدخل الروسي والثمن الستراتيجي الذي سيدفعه العراق اذا ما جعل نفسه تحت المضلة الروسية او الأميركية… على الحكومة العراقية ان تتحرك وتتصرف بحذاقه سياسيه دقيقه وكبيره وان تنتبه جيداً لما ستؤول اليه الامور وعليها ان تحاول الحصول على ما يقوي القدرات العسكرية للحشد والجيش العراقي لا ابقاء الوضع على ما هو عليه … ان عمليه عزل القوات العراقية والحشد الشعبي والاستمرار بحرب طويله هو مخطط يجري باتجاهين:
أولاً: استنزاف واضعاف القدرات العسكرية وتقليل اهميه اي انجاز للقوات العراقية والحشد الشعبي من جهة.
ثانياً: ان تقوم اميركا او روسيا بعمليات عسكريه تزيد من ضغطها على الحكومة العراقية وربط اي انجاز امني او عسكري بها وبالتالي اظهار العراق تابعا لايمكن ان يحقق اي انجازا بمعزل عن التدخل الامريكي او الروسي … امريكا وروسيا ومن لف لفهما بدأوا يدركون حجم القدرات العسكرية المتنامية للحشد الشعبي وبالتالي فان هذا التطور والتنامي الغير محدود يشكل خطرا على المصالح الاميركية في المنطقة ويشكل تهديدا مستقبليا وسيغير موازين الامن الاقليمي في المنطقة ولابد من افراغ العراق من اي قوه عسكريه قويه والتقليل من اي انجاز عسكري بل والعمل على دعم اعداء العراق لوجستيا وعسكريا لإضعاف قدراته العسكرية … الحكومة العراقية يجب ان تكون ذكيه في التعامل مع الموقف الحالي والذكاء وحده لايكفي يجب ان لا تجامل الحكومة العراقية اميركا او روسيا على حساب المصلحة الوطنية العليا للبلد مهما كان حجم الضغوط ومهما كانت النتائج لان الرضوخ للضغوطات سيقود الى مزيد من الضعف ومزيد من الانهيار والدمار وما الانجاز الذي سيتوهم بعض الناس بان امريكا او روسيا من حققه هو انجازا هشا مكلفا سيدفع العراق ثمنه غاليا في يوم من الايام …