منذ اندلاع الثورة السلمية في البحرين تطالعنا السلطات الخليفية بين الفينة والآخرى بأخبار تتعلق بإلقاء القبض على شبكات تدعي أنها إرهابية، كان آخرها قبل يومين، حينما أعلنت وزارة الداخلية البحرينية أنها ألقت القبض على ٤٧ من عناصر “تنظيم إرهابي” كان يخطط لتنفيذ “أعمال إرهابية” في البلاد، وهي على صلة وثيقة بجهات إيرانية وعناصر “إرهابية” مقيمة في إيران، حسب زعمها.
وحتى يكتمل “السيناريو الخليفي” حول الإتهامات الموجّهة للشباب، تسارع السلطات لإنتزاع الاعترافات تحت الإكراه، في خطوة تهدف لتأليب الرأي العام على هذه الثورة المنقطعة النظير من حيث سلميتها، بإعترف كافّة المنظمات الأممية.
في التفاصيل شنّت السلطات البحرينية حملة إعتقالات واسعة قادتها مليشيات مقنعة تابعة لوزارة الداخلية برفقة منتسبي الأجهزة الأمنية في مناطق متفرّقة في البحرين، حيث داهمت المليشيات التي تضم عدداً كبيراً من غير البحرينيين، أو بالآحرى المجنسين، عشرات المنازل في أكثر من ٢٢ منطقة دون إبراز مذكرة اعتقال قانونية، حيث تبيّن أن ٣ من حالات الاعتقال كانت لأطفال، فهل الأطفال أيضاً يشاركون بأعمال إرهابية في ثورة أثبتت سلميتها رغم سنوات على تعنّت عائلة «آل خليفة»؟ أليس من المفترض أن تكون هذه الشبكة مجتمعة في مكان ما نظراً لعددها؟
السؤال الأبرز الذي يطرح نفسه بعد كل إدعاء من الحكومة الخليفية بإعتقال شبكات إرهابية، لماذا لم تنفذ هذه المجموعات أي عمل إرهابي في البحرين؟ أليس من المفترض أن تنجح ولو حتى مجموعة واحدة في تنفيذ أعمال إرهابية لو صحت إدعاءات حكومة «آل خليفة»؟
رغم إدراكنا المسبق كذب إدعاءات حكومة «آل خليفة»، وبراءة الشعب البحريني منها كبرائة الذئب من دم يوسف، إلا أن الحكومة الخليفية ولو كانت تستند إلى الحجة والدليل فهي مدعوة لتشكيل لجنة تحقيق مستقلّة، للوقوف على هذه الادعاءات، بإعتبار أن السلطات تعمد إلى تعذيب المعتقلين لانتزاع الاعترافات منهم.
إن هذه الحملات التعسفية التي تشنها السلطات البحرينية، وتوجيهها تهم الإرهاب للعديد من هؤلاء الشباب، إن دلت على شيئ فهي تدلّ على التالي:
أولاً: ضعف منطق الحكومة الحالية، ما يدعوها لتوجيه التهم جزافاً بحق هؤلاء الشباب الذين أثبتوا سلميتهم طيلة السنوات الماضية. في الحقيقة، ما تتمناه الحكومة البحرينة حالياً هو لجوء، ولو بعض الشباب المتحمس، إلى أعمال إرهابية حتى تستفيد منها في الأروقة الدولية التي تشن بعض الضغوطات على هذه السلطات، إلا أن القيادة الحكيمة لثورة البحرين أفشلت كل هذه المخططات.
ثانياً: لطالما تدعي السلطات البحرينية على هؤلاء الشباب البحرينيين بالإرهاب، رغم أنهم لم يقتلوا جنود ومرتزقة الداخلية، مقابل تجاهل تام لقتلة الشعب البحريني رغم أن أغلبهم ليسوا ببحرينيين بل جلّهم من المرتزقة الذين حصلوا على الجنسية لأسباب طائفية. فهل تعتبر حكومة «آل خليفة» قاتلي الشهداء إرهابيين؟
ثالثاً:منذ العام الأول للثورة يحاول النظام الخليفيّ، تداول الشائعات التي تهدف لنشر الهلع والخوف في صفوف الشعب البحرينيّ، إلى أن الواقع يشير بعد سنوات على عدم التراجع أو الانكفاء. الإجراءات الخليفية دفعت بقيادة الثورة للتأكيد على أهميّة تعزيز الإجراءات الاحترازيّة، سيّما في صفوف الشباب الثائر، وكذلك النهوض بالمسؤوليّة الوطنيّة والشرعيّة في مواجهة الظلم والاستبداد الخليفيّ، والاستمرار في مقاومة الاحتلال السعوديّ، لا بل تصعيد الحِراك خلال الأيّام المقبلة، تحت شعار «ستعجزون ولن نعجز».
رابعاً: إن إدعاء الداخلية البحرينية إرتباط هؤلاء الشباب المعتقلين بإيران يهدف لشد العصب الطائفي الذي بقي الخيار الوحيد أم هذه العائلة، لاسيّما أن الشعب البحريني قطع الطريق على كافّة الإدعاءات الآخرى، وأثبت أحقيته ومنطقه في ثورته السلمية.
خامساً: لماذا تكتفي السلطات البحرينية بتوجيه الإتهامات دون إبراز أي دليل يذكر، وفي أحسن الاحول تضع بنادق للصيد وبعض المفرقعات النارية أمام الرأي العام؟ فهل تعجز إيران عن إرسال صواريخ وأسلحة فعالة إلى البحرين في ظل واقع جغرافي مساعد، رغم أنها ترسل أطنان من السلاح والصواريخ إلى قطاع غزة المحاصر برّاً وبحراً وجواً؟ لو كانت الإدعاءات صحيحة فلترينا الحكومة البحرينية الدليل الذي حيث ما مال نميل.
كما فشلت حكومة «آل خليفة» في ثني الشعب عن المطالبة بحقوقه رغم كافّة الإجراءات السابقة، فإن مصير هذه الإجراءات هي الفشل المحتوم، فإما أن ترضخ لمطالبهم لمحقّة عبر الحوار، وإما أن ترحل.