في زمن العار الذي نعيشه، والذي يتصدر مشهده وللاسف الشديد رجعيات قبلية كالانظمة في السعودية وقطر والامارات والبحرين، وثواره “الدواعش” والقاعدة وعصابات الوهابية، تناقلت وكالات الانباء العالمية، ووسائل الاعلام “الاسرائيلية” والاماراتية، خبراً من صنف زماننا، ومفاده ان “اسرائيل” فتحت ولأول مرة ممثلية دبلوماسية لدى وكالة الأمم المتحدة للطاقة المتجددة (ايرينا) التي تتخذ من أبو ظبي مقراً لها.
وجاء في تفاصيل الخبر، ان وزارة الخارجية “الإسرائيلية” عينت يوم السبت 28 نوفمبر/ تشرين الثاني رامي حاتان رئيساً للممثلية “الإسرائيلية” في أبو ظبي، بعد ان قام مدير عام وزارة الخارجية دوري غولد، الصديق الحميم للسعودي انور عشقي، بزيارة سرية لأبو ظبي يوم الثلاثاء الماضي بهدف وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق بشأن افتتاح الممثلية “الإسرائيلية”، وان غولد، كما قالت صحيفة “هآرتس” اجتمع خلال زيارته التي استمرت ثلاثة أيام بمدير عام وكالة الأمم المتحدة للطاقة المتجددة عدنان أمين.
وكالعادة جاء تعليق الامارات على هذا الخبر، كما كان متوقعاً، حيث اعلنت الخارجية الاماراتية إن موقفها تجاه “إسرائيل” “لم يتغير”، موضحة أن “أية اتفاقات بين وكالة الطاقة المتجددة في أبوظبي، وإسرائيل لا تمثل أي تغيير في موقف الإمارات أو علاقاتها بإسرائيل”، رغم انه حتى هذا التبرير المتعالي لم تكن الامارات بحاجة اليه، في ظل هذه الظروف التي اصبحت فيه السعودية تقود القرار العربي، والوهابية مرادفة للاسلام، والعصابات التكفيرية، ثواراً ومعارضة مسلحة، فهذا الخبر مر دون ان يلتف اليه الا ما رحم ربي، فمثل هذه الاخبار في ظل الاستجداء الخليجي اليومي للعلاقة مع “اسرائيل”، جعلت مثل هذا الخبر مملاً كما هي اخبار التفجيرات الانتحارية للوهابية في مختلف انحاء العالم.
ان افتتاح ممثلية ”اسرائيل” في الامارات، لم يكن وليد اللحظة، بل تم التمهيد له منذ وقت طويل، حيث غازلت الامارات “اسرائيل” على مدى سنوات طويلة، الى الحد الذي توقعت فيه صحيفة “هآرتس” الصهيونية في التاسع عشر من شهر كانون الثاني يناير من عام 2014 إن يتمخض عن الزيارة التي بدأها وزير الطاقة في كيان الاحتلال الصهيوني سلفان شالوم على رأس وفد رسمي كبير إلى أبو ظبي في 17 من ذات الشهر واستمرت حتى 20 منه، الاعلان عن افتتاح اول سفارة ل”اسرائيل” في دول الخليج الفارسي، في الامارات، ولكن توقعات “هآرتس” لم تتحقق حينها على الاقل في الظاهر، ولكن تقارير إخبارية “اسرائيلية” لم تكذبها الامارات اكدت على وجود علاقات غير معلنة مع الإمارات منذ سنوات، وكثيرا ما يزور “مسؤولون إسرائيليون” الامارات بانتظام، كما يشارك العديد من الشخصيات “الاسرائيلية” في مؤتمرات أقيمت في دبي.
التوقع الصهيوني كان رداً على الغزل الاماراتي المتواصل، حيث لم تترك الامارات مناسبة الا واستغلتها لاشعار “اسرائيل” بشغفها، فقد أرسلت برقية تعزية لوفاة “الرئيس الإسرائيلي” الخامس اسحاق نافون عن عمر يناهز (94 عاما)، كما ذكرت حينها مصادر إعلامية “اسرائيلية”، ومنها التلفزيون “الإسرائيلي”، والمعروف ان نافون ترأس القسم العربي في عصابة “الهاغاناة” السرية (التنظيم العسكري الأكبر للصهاينة قبل إقامة الكيان الصهيوني) في القدس المحتلة.
وعلى وتر الغزل ذاته، كشفت الإذاعة “الإسرائيلية ”، عن وجود خط طيران منتظم سري بين مطار بن غوريون ومنطقة الخليج الفارسي، هو لطائرات شركة خصوصية مقرها جنيف، وأن الرحلات تتم بين المطار “الإسرائيلي” ومطار أبو ظبي في الإمارات العربية المتحدة، وهو ما اكدته صحيفة “هآرتس”، ولكنها امتنعت عن ذكر اسم الدولة العربية المعنية.
الملفت ان الامارات التي اذلها “العشق” للصهيونية، الى درجة الاستجداء، نراها تتحول الى “وحش كاسر” لا يعرف الرحمة عندما تتعامل مع اشقائها العرب من ابناء الشعب اليمني، فلا تعرف الا القصف والقتل والدمار، وقد اصمت اذنيها امام كل الاصوات التي تدعو الى التعقل واعتماد الحلول السياسية، لقضية يمنية داخلية بحتة لا علاقة للامارات بها من بعيد او قريب، الا امتثالا لاوامر الشقيقة الكبرى، التي لا تتحمل ان ترى اليمن خرج من بيت طاعتها، وتسعى لاذلال الشعب اليمني حتى لو استنجدت بكل العصابات التكفيرية في العالم وفي مقدمتها “داعش”.
كنا نتمنى ان تتعامل الامارات مع الاشقاء اليمنيين بذات “الحكمة” و “التعقل” و”التروي” و “الحنكة” و “الاسلوب الغزلي الاسر”، الذي تعاملت به مع الصهاينة مغتصبي القدس ومشردي الشعب الفلسطيني، وألد اعداء العرب والمسلمين، ولكن للاسف ان التمني هذا قد يجد طريقه الى التحقيق لو كانت الامارات تملك قرارها، وليست ادواة تتحرك وفق الارادة الامريكية، ولا تملك من امرها شيئاً.