في ظل إصرار الحکومة العراقیة على انسحاب القوات التركية من اراضیها، أكدت مصادر اخباریة عراقية سحب تركيا اليوم الاثنين(١٤ كانون الأول ٢٠١٥) قواتها العسكرية من الاراضي العراقية و أکدت مصادر کردیة صحة هذه الانباء، بحیث أعلنت ان عشر ناقلات و مرکبات عسکریة وصلت اللیلة الماضیة إلى منطقة معسکر “زلکان” (الذي یقع بقضاء بعشیقة التابع لمحافظة نینوى)، عبر منفذ ابراهیم الخلیل الحدودی و منه إلى اقلیم کردستان و ذلك لغرض نقل المرکبات و الدبابات و المعدات العسکریة الثقیلة.
و يطرح السؤال حاليًا إذا كان انسحاب القوات العسکریة من الاراضی العراقیة بسبب احتجاجات بغداد على التوغل التركي، أم انها خطوة أو لعبة ترکیة جدیدة غایتها إسکات الحکومة العراقیة من اجل استمرار انتشار القوات العسکریة في شمال العراق.
و تضاربت الأنباء حول صحة انسحاب القوات العسکریة الترکیة من العراق، حيث أکد الیوم رئيس الوزراء التركي احمد داوود اوغلو، ان القوات التركية الموجودة في العراق ستستمر من أجل التدريب العسكري.
و اوردت وکالة الأناضول للإنباء، هذا الخبر نقلا عن مصادر عسكرية، و أفادت بانتقال قسم من القوات التركية المتمركزة في معسكر بعشيقة بمحافظة نينوى الى شمال العراق.
فيما أورد بعض المواقع العربیة نقلا عن مصادر عسکریة، أن القوات التركية التي خرجت من قاعدة بعشيقة الیوم، أعادت انتشارها في مناطق شمال العراق. و اضافت: دخلت صباح اليوم مجموعة من ناقلات و عربات شحن تركية إلى شمال العراق، ثم عادت إلى الأراضي التركية فارغة تماماً!
من جانب آخر، أکد الرئیس الترکی رجب طیب اردوغان، مؤخرا علی أن من غیر الوارد سحب بلاده لقواتها من العراق بعدما اتهمتها بغداد بنشر جنود دون موافقتها، فیما أشار إلى أن القوات الترکیة موجودة فی العراق لتدریب مقاتلی البیشمرکة و لیس لأغراض قتالیة.
و بعد لحظات من انتشار خبر انسحاب القوات العسکریة الترکیة من الاراضی العراقیة، أكد رئيس الوزراء التركي احمد داوود اوغلو، عن اتخاذه خطوات ضرورية من أجل ترتيبات جديدة لقوات بلاده قرب الموصل، مؤکدا ان القوات التركية الموجودة في العراق ستستمر من أجل التدريب العسكري فی الاراضی العراقیة.
هناك تباينات واضحة من قبل الاتراك حول قضیة القوات التركية المنتشرة في معسكر بعشيقة، و هی ان المسولین الاترك(و منهم الوفد الذی زار بغداد الخمیس الماضی)، یؤکدون علی التزام بلادهم باحترام سيادة العراق و وحدة أراضيه بينما تؤکد مصادر ترکیة و علی رأسها الرئيس التركي علی عدم الانسحاب من الاراضی العراقیة.
هذا التباین الواضح فی المواقف الترکیة بدا واضحا بعد أن طلبت الحكومة العراقية من مجلس الأمن الدولي التحرك ضد ما تصفه بغداد «انتهاكا للسيادة العراقية».
و کان وزیر الخارجیة العراقی ابراهیم الجعفری، قد أعلن مؤخرا، بأن بغداد رفعت شکوی رسمیة لمجلس الأمن بشأن التجاوز الترکی علی سیادة العراق، و أن مجلس الأمن أدرج شکوی العراق بشأن التدخل الترکي علی جدول أعمال اجتماعاته.
و أثار توغل القوات التركية المنتشرة في معسكر بعشيقة قرب الموصل شمال العراق سخط و إنتقادات واسعة من قبل العراقیین بحیث اعتبروه خرقا لسیادة العراق وانتهاکا للاعراف والقوانین الدولیة.
وکان الرئیس الترکی ادعی قبل ایام، أن القوات التركية التي تم نشرها في عام ٢٠١٤ كانت استجابة لطلب من الحكومة العراقية وقتها، مشدداً على أن مهمة تلك القوات غير قتالية. الامر الذی اعتبرته الحکومة العراقیة بأنه«تضلیل للرای العام»، و خرق السیادة العراقیة من قبل القوات الترکیة ﻻ ﻣﺑرر ﻟﮫ.
و الجدیر بالذکر، ان انتشار خبر انسحاب القوات الترکیة من العراق جاء بعد ان هددت بغداد- حسب زعم مسؤول فی البرلمان العراقي- بإنها ستضطر إلى طلب تدخل روسيا لردع الأتراك في المناطق العراقية. ومما لا شک فیه أن أنقرة لا ترید مواجهة الروس بای شکل من الاشکال لان هذا الامر سیجلب لها المزید من الأضرار خاصة و ان ترکیا فی الاونة الاخیرة أین ما ذهبت تجد نفسها خاسرة.
ويرى محللون أن التدخل التركي الأخير في العراق جاء بعد فشل محاولات اردوغان و وصوله الی طموحاته في سوريا، فاردوغان منذ التدخل الروسی فی العراق، يواجه ساعات صعبة في التحرك داخل سوريا. و هو فی نفس الوقت قلق من رد روسي قاسی(بسبب إسقاط تركيا للطائرة الروسية فی الایام الماضیة). علی هذا یمکن القول بان التدخل الترکی في العراق محاولة للعب دور في مجال جغرافي آخر، لکن اذا طلبت بغداد تدخل روسیا لردع الاتراك، فیکف یکون الامر فی ذلك الوقت؟