بعد تحرير معقل المسلّحين، يبرود، في القلمون، جرت السيطرة على فليطا ورأس المعرة. توازي فليطا بأهميتها يبرود، لكونها «نقطة انطلاق المسلّحين في اتجاه لبنان وسوريا معاً». هكذا، يكون الجيش السوري وحزب الله قد أغلقا كافة «معابر الموت»، التي كانت تمرّ عبرها السيارات المفخخة .
تبلّغت القيادة العسكرية السورية، رسمياً، من القادة الميدانيين في منطقة القلمون، أن كافة المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان قد أغلقت، بعد السيطرة على بلدتي فليطا ورأس المعرة المحاذيتين للحدود اللبنانية، قبالة بلدة عرسال، يوم الجمعة الماضي.
في الواقع، لا تقل أهمية فليطا عن يبرود. وبحسب أحد القادة الميدانيين، كانت فليطا «أبرز نقطة انطلاق للمسلّحين، من سوريا الى لبنان (عرسال) من جهة، والى المناطق السورية (الزبداني والغوطة) من جهة أخرى». وأضاف المصدر: «المسلح كان يذهب من عرسال في اتجاه فليطا، ومنها إلى باقي المناطق السورية».
المشافي الميدانية الكثيفة خير دليل على أنّ البلدة كانت أحد أهم مراكز المسلحين. فقد عثر على 4 مستشفيات ميدانية، بينها اثنان ضخمان، مجهّزان بكافة الوسائل الطبية، وبالمؤن وتجهيزات التدفئة. الادوات ذاتها وجدت في مراكز المسلّحين، إضافة الى الصواعق وأجهزة التواصل.
عند مقبرة البلدة، دفن المسلّحون رفاقهم على عجل في الليلة نفسها التي فرّوا فيها قبل دخول الجيش. بعض اللافتات وضعت على الرمل مع أسماء القتلى بتاريخ 26 آذار الجاري.
بعد تحريره يبرود، معقل المسلحين في القلمون سابقاً، صعّد الجيش السوري ضرباته ضد معاقل المسلّحين الذين فروّا في اتجاه فليطا ورنكوس. استفاد من هروب ومقتل العشرات من «جبهة النصرة» وغيرها من الكتائب المسلّحة في رأس العين القريبة من يبرود. وبعد تمكن قوات خاصة من قتل نائب أمير «النصرة» في القلمون، أبو عزام الكويتي، وجّه الجيش وحزب الله ضربة استباقية ثانية إلى الجبهة، عبر قتل النائب الجديد لأميرها، المدعو أبو شادي، مع عشرات من مقاتليه «الذين كانوا يستعدون لشنّ هجوم على يبرود» بحسب مصادر ميدانية. «معارك عنيفة جرت قبل السيطرة على المرتفعات المطلّة على فليطا ورأس المعرة»، يشرح قائد ميداني، ما سهّل عملية تحرير البلدتين اللتين دخلهما الجيش السوري في وقت واحد.
ويروي قادة ميدانيون أنه بعد مقتل أفراد القيادة العسكرية في فليطا في عملية استخبارية معقدة، «عاش المسلحون في حال تخبّط وبلبلة، وتبادلوا تخوين بعضهم بعضاً. وكانت فصائل القصير وحمص أول المنسحبين في اتجاه عرسال، فيما بقيت مجموعات من نخبة المسلّحين في محيط فليطا ورأس العين. ونشبت اشتباكات عنيفة، خسر بنتيجتها مسلحو جبهة النصرة السيطرة على تلتين مهمّتين يوم الجمعة الماضي». وبعد السيطرة على التلتين، انتهت عملياً معركة فليطا ورأس المعرة، اللتين دخلهما الجيش، «من دون أن تجري فيهما أية معركة، برغم أن طبيعة البلدتين الوعرة تسمح بالتمركز والاختباء والمواجهة لفترات طويلة».
وأكّدت مصادر عسكرية لـ«الأخبار»، «انسحاب 300 مقاتل من فليطا ونحو 450 مقاتلاً من النصرة من رأس المعرة إلى جرود عرسال». وهؤلاء كانوا بمعظمهم في السابق في يبرود ورأس العين. أمّا الباقون، «فانسحبوا مع آلياتهم في اتجاه بلدة الجبة، ومنها الى عسال الورد ورنكوس والقرى المحيطة مثل الصرخة وحوش عرب».
وبعد تمشيط البلدتين والمناطق المحيطة بهما، أحكمت قوات الجيش السوري وحزب الله السيطرة على أربعة معابر تصل فليطا بجرود عرسال، وأهمها معبر الحمرا، وهو شريان التهريب الرئيسي بين البلدة اللنبانية وشقيقتها السورية. ويمكن وصف هذا المعبر بـ «معبر الموت»، فمن خلاله عبرت السيارات المفخخة في اتجاه لبنان. وبهذا، يكون الجيش السوري وحزب الله، المعني المباشر بهذه المعابر، قد أقفلا 18 معبراً بين جرود عرسال والأراضي السورية، بدءاً من جهة القصير مروراً بالجراجير (أهمها معبر الزمراني)، وصولاً إلى فليطا ورأس المعرة.
ومن الجهة السورية، يكون الجيش السوري قد أسقط بؤرة التهديد الرئيسية ونقطة الارتكاز التي ينطلق منها المسلّحون الى ريف دمشق، إضافة الى قطع الشريان الرئيس لإمداد مسلحي حمص، فضلاً عن رفع التهديد عن طريق دمشق ـــ حمص الدولي.
يتمركز اليوم عناصر الجيش السوري والحرس الجمهوري على سلسلة الجبال الشرقية للمراقبة وتحقيق خطّة التقدّم كاملة، حتى تصبح كل الحدود اللبنانية الشرقية آمنة من أي عناصر التهديد.
ويكثّف الجيش حالياً نيرانه ضد مسلحي بلدتي رنكوس والصرخة. «تعد رنكوس معقلاً رئيسياً في الوقت الحالي للمسلحين بعد فليطا، التي كانت أكبر أماكن تجمعهم. رنكوس تحت المراقبة الشديدة، وهي أصبحت مكشوفة. تحريرها وبلدة الصرخة بات قريباً». الجيش السوري سيتابع معركة القلمون حتى النهاية. بعد رنكوس والصرخة، تبقى كل من عسال الورد وحوش عرب وتلفيتا والزبداني ومعلولا. «وهناك، إما الاستسلام او القتل»، يقول المصدر الميداني.