بعد مضي 4 اشهر على بدء الانتفاضة الثالثة في فلسطين تتجه الانظار نحو الموقف الذي تتخذه السلطة الفلسطينية ورد الكيان الاسرائيلي على هذا الموقف، لكن هناك من الخبراء من يعتقد بأن موقف محمود عباس والسلطة هو رهن اصلا بالموقف الاسرائيلي.
ان للسلطة الفلسطينية مصالح ومطالب من الانتفاضة الحالية تتلخص فيما يلي:
اعادة حكومة نتنياهو الى طاولة المفاوضات وأخذ الامتيازات
قبل اندلاع الانتفاضة الاخيرة طالب عباس الاسرائيليين بوقف الاعتداءات على الاقصى وبعد اندلاع الانتفاضة قال عباس انه مستعد لاستئناف المفاوضات مع الامريكيين اذا ادت الى التسوية ووقف الاستيطان، وهذا الكلام يدل على ان عباس اغتنم الانتفاضة لاقناع قسم من المجتمع الفلسطيني بالتفاوض مع الاسرائيليين مع استمرار هذه الانتفاضة.
زيادة التعاون الامني مع الاسرائيليين ورفع مكانة محمود عباس في الضفة الغربية
لقد تراجعت شعبية السلطة الفلسطينية خلال العام الاخير وخاصة بعد حرب الـ 51 يوما في غزة والان يريد عباس استغلال اندلاع الانتفاضة لرفع شعبيته ولذلك مضى عباس في ضم فلسطين الى عدة منظمات دولية وافتتح سفارات لفلسطين في بعض الدول كما مضى قدما في تحالفه الامني مع الاسرائيليين لكي يفرض نفسه خيارا مفضلا لدى الاسرائيليين بدلا عن محمد دحلان.
وقد كتبت صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية في 11 اكتوبر 2015 نقلا عن قائد القوات المركزية للجيش الاسرائيلي ان محمود عباس يتعاون بالكامل مع تل ابيب لاخماد الانتفاضة وان هناك اتصالات مباشرة بين نتنياهو وابو مازن للتعاون لاخماد الانتفاضة.
التحكم بالانتفاضة واضعاف حماس والجهاد الاسلامي
يعتقد المحللون ان عباس يرحب بحدوث اضطرابات في الضفة لاستغلالها لصالحه لكنه مستعد لقمع هذه الانتفاضة فورا لانه يعلم بان الانتفاضة تعزز مكانة حماس والجهاد الاسلامي والمقاومة الفلسطينية بشكل عام، وقد اكدت التقارير الواردة ان الاجهزة الامنية للسلطة قد اعتقلت 300 من قادة حماس في الضفة خلال الشهر الاول من هذه الانتفاضة ومددت اعتقال 62 فلسطينيا في سجونها خلال هذه الفترة كل هذا يدل على ان السلطة تريد حذف معارضيها وتصفيتهم.
الردود الاسرائيلية المحتملة على الانتفاضة وتبعاتها على السلطة الفلسطينية
كما قلنا سابقا فإن قرارات محمود عباس تتوقف على القرارت الاسرائيلية في مواجهة الانتفاضة وعلى سبيل المثال اذا قرر الاسرائيليون الانسحاب من بعض المستوطنات في الضفة الغربية فالسلطة الفلسطينية سترحب بهذا القرار ظنا منها بأن هذا القرار سيعزز مكانتها لدى الشعب الفلسطيني لكن تجربة قطاع غزة وصعود نجم حماس في القطاع بعد الانسحاب الاسرائيلي يدل على ان الرياح قد لا تجري كما تشتهي سفن محمود عباس.
وهناك سيناريو آخر قد يلجأ اليه الكيان الاسرائيلي من اجل اخماد الانتفاضة وهو شن عدوان جديد على قطاع غزة لحرف الرأي العام وفرض اجواء امنية على الضفة الغربية وفي هذا الاطار هدد نتنياهو الغزاويين بشن عدوان بسبب حفرهم للانفاق، وفي حال تم شن العدوان يعتقد المراقبون ان السلطة الفلسطينية ستكون مستفيدة منه وستستغله لتصفية معارضيها.
ان نتنياهو وفريقه الامني يريدون القضاء على الخلايا الرئيسية للانتفاضة في الخليل والقدس ولذلك تقوم القوات الاسرائيلية بمحاصرة المناطق الفلسطينية لترتفع تكلفة المقاومة والانتفاضة عند الفلسطينيين ويرضى هؤلاء بانهاء الانتفاضة والان يعتقد الاسرائيليون ان افضل طريق لتنفيذ هذا السيناريو هو التعاون مع السلطة الفلسطينية والاستفادة من دورها لكن السلطة الفلسطينية لاتعتبر ان هذا القضاء “الناعم” على الانتفاضة يفيدها لأن محمود عباس يظن ان مدة قمع الفلسطينيين يجب ان لا تطول حتى لاتؤدي المواجهات المستمرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين الى اجتذاب الشعب الفلسطيني نحو فصائل المقاومة وانقلابه على عباس.
ان محمود عباس يريد استغلال الانتفاضة الفلسطينية الحالية لتحقيق بعض المكاسب التي ذكرناها وجلب نتنياهو نحو طاولة المفاوضات واخذ بعض الامتيازات منه لكن نجاح عباس في ذلك يتوقف على ما يريده الاسرائيليون وهناك حالة واحدة يمكن ان يختار الاسرائيليون التعاون الجدي فيها مع عباس وهي اخماد الانتفاضة بالحديد والنار وفي فترة قصيرة.