فيما رسم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خطاً أحمر لإجراءات حكام دول الخليج الفارسي تجاه لبنان ، محذّراً من زعزعة اقتصاده ، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن دبلوماسيين أمريكيين رفيعي المستوي ومن بينهم وزير الخارجية جون كيري حذروا سراً سلطات آل سعود و دول عربية أخري في المنطقة من أنهم يبالغون في الهجوم علي حزب الله ، و يخاطرون بزعزعة استقرار اقتصاد لبنان .
وقالت صحیفة «وول ستریت جورنال» أن وزیر الخارجیة الأمریکی حذّر الریاض ودولاً خلیجیة أخرى من الإفراط فی ردّ الفعل تجاه لبنان وزعزعة اقتصاده . وقرأ سیاسی لبنانی قریب من السعودیة هذه المعلومات ، بأنها تشیر إلى أن واشنطن رسمت خطاً أحمر لن تتجاوزه الأنظمة الخلیجیة . و برأیه ، إن هذا الموقف الأمیرکی هو المهم ، أما باقی المواقف فتفاصیل .
و لفتت الصحیفة الى أن الأمیرکیین منزعجون من تصرفات آل سعود والدول العربیة فی الخلیج الفارسی، وقالت إن الأمیرکیین والأوروبیین یشعرون بأن سلطات آل سعود “تکاد تهدد بتصرفاتها، التی لا تخلو أحیاناً من بعض المراهقة أو الانفعال، مصالحهم الاستراتیجیة” .
ونقلت «وول ستریت جورنال» الأمیرکیة عن مسؤولین عرب قولهم إن إدارة الرئیس باراك أوباما تضغط علی السعودیة حتی لا تقوم بخطوات إضافیة لمعاقبة لبنان اقتصادیاً انتقاماً من الدور السیاسی المتصاعد لـ«حزب الله» المدعوم من إیران .
واعتبرت الصحیفة الأمیرکیة أن الخلاف بشأن لبنان یمثل أحدث انقسام فی السیاسة الخارجیة یظهر بین واشنطن والریاض الحلیفین منذ عقود، خصوصاً فی ما یتعلق بالدور الإقلیمی الذی تلعبه إیران .
کما نقلت الصحیفة عن مسؤول أمیرکی مطلع علی الاتصالات مع السعودیة قوله : إن الولایات المتحدة تعتقد أن الإجراءات متهورة وتخاطر بقیادة لبنان بشکل أکبر إلی أیدی إیران .
و أضاف المسؤول الأمیرکی بأن رد الفعل یبدو مبالغاً فیه بشکل کبیر ، وقال: أنا أتفهم الغضب السعودی.. عندما یفشل أحد ما فإنه یغضب، وأقلّ ما یمکنه فعله هو الغضب .
کما کشفت الصحیفة الأمیرکیة أیضاً أن الحکومة الفرنسیة عبّرت للسعودیین عن قلقها على الأوضاع فی لبنان، فی اجتماعات أخیرة عُقِدت بین الطرفین، فی إشارة إلى لقاء الرئیس الفرنسی فرانسوا هولاند مع ولی العهد السعودی محمد بن نایف الأسبوع الماضی.
ورغم عدم إمکان التعویل على ما یعلنه وزیر الخارجیة السعودی عادل الجبیر ، فإن موقفه أمس حمل شیئاً من التراجع عن اللهجة «الحربیة» تجاه لبنان .
فهو من جهة حصر هدف الإجراءات الخلیجیة بـ”العمل على منع حزب الله من الاستفادة من دول مجلس التعاون بأی مجال” ، رابطاً هذه الإجراءات بـ”تصنیف أشخاص وشرکات لعدم التعامل معهم ولعدم قدومهم إلى دول مجلس التعاون الخلیجی” ،
ومن جهة أخرى ، فإنه قرن هذا الهدف بـ”المطالبة بوحدة لبنان” ، معبّراً عن انزعاجه من “أن میلیشیا مصنفة إرهابیة تسیطر على قرار” لبنان . وحتى لیل أمس، لم یتّضح للقوى السیاسیة المحلیة ما إذا کان کلام الجبیر یعبّر فعلاً عن التزام بالقرار الأمیرکی، أو أنه تمهید لإجراءت جدیدة تطاول المؤسسات اللبنانیة ، تحت عنوان محاصرة حزب الله .
و هل “المطالبة بوحدة لبنان” مجرد کلام إنشائی ، أم أنها تعبّر عن انصیاع للقرار الأمیرکی بالحفاظ على استقرار لبنان .