وهذا الاُسلوب في العمل التبليغي (أي استخدام عنصر المحبّة) هو أفضل أساليب إنفاذ الخطاب الإلهي عبر حدود الحسّ والعقل ، وإيصاله إلى أعماق النفوس . فالخطاب الإلهي يجب أن ينفذ إلى أعماق القلوب كما ينفذ في العقول ، يجب أن يتغلغل في أعماق الروح لكي يُهيمن على جميع قوى الإنسان .[172] يستطيع المبلّغ من خلال الاستناد إلى اُسلوب «المحبّة» في التبليغ أن يؤدّي هذه المهمّة بكلّ بساطة ، وأن يغيّر الإنسان عبر غرس الخطاب الإلهي في أعماق روحه ، ووضعه على مسار بلوغ المُثُل العليا للإنسانيّة وللمجتمع الإنساني الأمثل .
أفضل ثواب المبلّغ
إنّ الانعكاسات الإيجابيّة لهذا الاُسلوب التبليغي تعود بالخير على المبلّغ نفسه أكثر ممّا تعود على المخاطب ؛ لأنّ الله تعالى يحبّ المبلّغ الذي يصنع الإنسان العاشق لله .[173] والذي يعشق الله يصطبغ بصبغة إلهيّة ؛ حيث ورد في حديث التقرّب بالنوافل :
«فَإِذا أحبَبتُهُ كُنتُ سَمعَهُ الَّذي يَسمَعُ بِهِ ، وبَصَرَهُ الَّذي يُبصِرُ بِهِ ، ولِسانَهُ الَّذي يَنطِقُ بِهِ ، ويَدَهُ الَّتي يَبطِشُ بِها ؛ إن دَعاني أجَبتُهُ ، وإن سَأَلَني أعطَيتُهُ» .[174]
إلقاء الحجّة
إنّ ما سبقت إليه الإشارة ـ لحدّ الآن ـ بشأن واجبات المبلّغ إنّما يصدق في ما إذا كان لدى المخاطب استعداد لقبول الحقّ ، والسير على الصراط المستقيم في الحياة . وأمّا مسؤوليّة المبلّغ في حالة توفّر مثل هذا الاستعداد في المخاطب فهي إلقاء الحجّة عليه ، لكي لا تبقى لديه ذريعة يتذرّع بها ، وحتّى لا يستطيع الاعتراض على الله ويقول : لَوْلآ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ ءَ ايَـتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَ نَخْزَى[175] .[176]
دعوة الأقارب
وآخر ما ينبغي الإشارة إليه بشأن واجبات المبلّغ ؛ هو أن يتأسّى في أداء رسالته التبليغيّة بالرسول صلّى الله عليه و آله ، ويبدأ دعوته للقيم الدينيّة بأقاربه ؛ إذ أنّه في مثل هذه الحالة سيحالفه نصيب أكبر من النجاح في هداية الآخرين .