مستقبل السعودية بالغ الضرر عليها من كل النواحي
26 أكتوبر,2016
تقاريـــر
1,107 زيارة
قال الكاتب والمحلل السياسي ورئيس قسم الشؤون الدولية بمجلة الأهرام العربي المصري أسامة الدليل انه لا يمكن شراء ارادة مصر عبر تقديم معونات اقتصادية لها موجها تحذيرا الى السعودية بأن مستقبلها بالغ الضرر عليها من كل النواحي.
تصريحات أردوغان بشأن إقامة منطقة آمنة في حلب ، انسحاب داعش من الموصل للرقة وانعكاسات هذا الانسحاب على الأزمة السورية ، وتورط سعودي أكبر في الأزمة ، وزيارة علي مملوك لمصر وما يتضمنه الإعلان عن الزيارة من رسائل، محاور الحديث الذي أجرته وكالة “تسنيم” مع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الكبير أسامة الدليل “رئيس قسم الشؤون الدولية بمجلة الأهرام العربي” .
تسنيم : ما تعليق حضرتكم على الإعلان عن زيارة “على مملوك” رئيس جهاز الأمن الوطني السوري للقاهرة؟
الدليل : التعاون السياسي والتنسيق الأمني بين مصر وسورية ليس بالأمر الطارئ فهو مستمر منذ اندلاع الأزمة في سورية وحتى يومنا هذا ، ورغم أنه من المفترض أن تكون زيارة أي مسؤول سوري لمصر أمرا طبيعيا ، إلا أن الإعلان عن زيارة المملوك لمصر في هذا التوقيت ذو أبعاد وقيم سياسية بالغة الأهمية ، وينطوي على رسائل عدة أعلاها صخبا “إعلان موقف القاهرة من الأزمة السورية واتسامه بالحزم والوضوح، وتبني القاهرة لخيار الحل السياسي واستبعادها للخيار العسكري بالكلية لاستحالته ولانعكاساته المدمرة على المنطقة في العموم وسورية في الخصوص ، ونزع سلاح الميليشيات الإرهابية وإعادة إعمار سورية والحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى السورية وكيان الدولة السورية ومؤسساتها وفي القلب منها الجيش العربي السوري ” ، فالإعلان عن توقيت الزيارة يأتي تتويجا لمواقف مصرية ثابته ومعلنة وتستمد الزيارة أهميتها من كونها “تناولت أمورا شتي تتعلق بالتنسيق الأمني بين البلدين وبالأخص مكافحة الإرهاب، لاسيما أنها قد جاءت بالتزامن مع التدريبات العسكرية المشتركة للجيشين المصري والروسي في الصحراء المصرية في مجال مكافحة الإرهاب ،” “بالطبع رسائل مهمة للغاية” ، لاسيما وأنه للمرة الأولى تتواجد قوات روسية في مصر بل وفي القارة الإفريقية، وتأتي تلك التدريبات بالتزامن مع جهود الدول الثلاث “مصر وروسيا وسورية” في مجال مكافحة الإرهاب واقتلاع جذوره من المنطقة بهدف إعادة توزيع أوراق اللعبة في المنطقة من جديد وخلق معادلات جديدة في المنطقة لا تكون الجماعات الإرهابية طرفا فيها بهدف تحقيق مكاسب جيو-سياسية تصب في صلب صالح دول المنطقة .
تسنيم : حالة الجدل في الشارع السياسي تنظر للإعلان عن الزيارة في هذا التوقيت أنها بمثابة ضربه ثانية للسعودية بعد تصويت مصر لصالح القرار الروسي في مجلس الأمن، فما تعليقكم على هذا الأمر ؟
الدليل : تعاطي مصر مع ملفات المنطقة وتعاملها مع أحداثها لا ينطلق من مفاهيم “الضرب”، وأنا شخصيا ضد استخدام هذه المصطلحات كتعبير عن منطلقات السياسة الخارجية لمصر، لأن مصر هي قلب العروبة ودورها الريادي بمثابة رمانة الميزان في العالم العربي، ومصر لاتقيم علاقات مع طرف على حساب طرف آخر، وعليه فلابد أن يستوعب الكافة أن العلاقات بين مصر والسعودية لم تكن على حساب العلاقات المصرية السورية في يوم من الأيام ، وأيضا العكس بالعكس ، العلاقات المصرية السورية هي علاقة استراتيجية قديمة واسعة واضحة وظاهرة للقاصي والداني “سلاح ، وحروب ، ودماء ، وحدة تاريخ، ووحدة مصير” ، أما العلاقات المصرية السعودية فقد مرت بالفعل بأزمات واحتقانات كثيرة، وقد أحيت الأزمة السورية هذا الاحتقان مجددا بسبب موقف مصر من الأزمة ، فمنطلقات مصر كانت ولا زالت مبادئ القانون الدولي وأسس الشرعية الدولية ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون مصر جزءا من لعبة تغيير الأنظمة بالقوة أو الانخراط في أعمال من شأنها تغيير الأوضاع في المنطقة خارج إطار إرادة الشعوب وشرعيتها ، وبوسائل ديموقراطية ، والسعوديون يعرفون موقف مصر جيدا ، وإذا كان السعوديين قد أسهموا في مراحل عصيبة مرت بها مصر ومساعدتهم للدولة المصرية ، ففي الواقع وحقيقة الأمر فإن مساعدتهم لمصر إنما هي مساعدة لأنفسهم ، لأن تلك المساعدات في حقيقتها إنما تصب في صالح الأمن القومي لبلادهم ، ويجب أن تستوعب القيادة السعودية أن هناك فارق شاسع بين المساعدات والشراء ، لأن الوقوف مع دولة حليفة في أوقات أزماتها ومساعدتها شئ ، وشراء الإرادة السياسية لهذه الدولة شئ آخر ، وهذا الأمر لم ولن يحدث ، السعوديون لم يشتروا الإرادة السياسية المصرية ، ولم ولن يستطيعوا مصادرة القرار المصري ، ومن ثم فإن القول بأن المواقف المصرية بمثابة توجيه ضربات للسعودية أو قطر أو تركيا لهو قول يجافي الحقيقة، ولست معتنقا للنظريات التي تنادي بذلك ولا أميل إلى تلك الآراء ، السياسة المصرية الخارجية سياسة عميقة ولها ثقل ولا يمكن أن تتسم ممارساتها السياسية بالخفة أو المراهقة ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستخدم مصر علاقتها بسورية كبطاقات للمناورة مع السعوديين أو غيرهم ، والحق أن النظر للعلاقات الثنائية بين البلدين من هذه الزاوية ينطوي على استهانة بالبلدين وتقليلا من دورهما الريادي في المنطقة.
تسنيم : هل المتوقع في الفترة المقابلة أن يتزامن مع التقدم المصري نحو سورية تراجعا سعوديا ، أم سيقابل هذا التقدم بتورط سعودي أكبر في الأزمة السورية؟
الدليل : في الحقيقة السعوديين يقومون بأعمال خطيرة جدا في كثير من المناطق وليس سورية فحسب ، فهم متورطون في العراق واليمن وليبيا والبحرين ، وهذه السياسات ستدفع السعودية ثمنها غاليا ، والكلفة السياسية للانخراط السعودي في الشؤون الداخلية لهذه الدول ستكون باهظة ، والسعوديون يستوعبون هذا الأمر جيدا ، ويعلمون جيدا أنهم سيدفعون ثمن انخراطهم في ملفات لا شأن لهم بها أصلا ، ولا علاقة لها بأمنهم القومي ، بل على العكس فقد أفضى هذا الانخراط إلي تصاعد المخاطر التى تتهدد الدولة السعودية، ولها انعكاسات بالغة الخطورة على الحالة الاقتصادية والسياسية والعسكرية للسعودية، وها نحن نشهد الآن تكبد السعوديون لخسائر قريبة المدى ، هذا بخلاف الآثار بعيدة المدى التي ستكون لها علاقه بجغرفيا المنطقة ، في الحقيقة لست متفائلاً بمستقبل السعودية في ظل هذه السياسات ذات الأثر بالغ الضرر على أمن وسياسات المنطقة ، لكننا في الأخير لسنا أوصياء على السعودية.
تسنيم : ما تقييم سيادتكم للآثار التي يمكن أن تترتب على انسحاب داعش من الموصل إلي الرقة وانعكاس ذلك على الأزمة السورية؟
الدليل : عمليات الانسحاب الجماعية التي قامت بها ميليشيات داعش من الموصل تجاه الرقة هي بالفعل مقلقة ، وللأسف المتسبب الرئيس في هذا هم الأتراك، وأود أن أنوه إلى أن الهدف الرئيسى للوجود التركى في العراق هو حماية داعش وليس من أجل الحفاظ على مصالح تركيا أو الاشتراك في عمليات تحرير الموصل ، وستكشف الأيام القادمة عن كثير من الفضائح التي ستكشف بجلاء للعالم أجمع أن الأتراك ليسوا خالصي النوايا ، وأنهم ينظرون إلى الموصل أنها أراضى تركية خلفها لهم العثمانيون ، وهذه المسألة في غاية الخطورة وسلاح داعش حاليا خادم مطيع لتركيا وهذا أمر مثير للأعصاب وبالغ الخطورة.
تسنيم : ما تعليق سيادتكم على تصريحات أردوغان بشأن إقامة منطقة آمنة بمساحة خمسة آلاف كم في حلب، وما أثر ذلك على العمليات العسكرية في حلب ؟
الدليل : ليقل أردوغان ما يقول ، إن مسألة إقامة منطقة آمنة في حلب، تعني عمليا فرض حظر طيران في هذه المنطقة ، وهذا أمر مخالف للقانون الدولي والأعراف الدولية ، لانطوائه على انتهاك للسياده الوطنية، أردوغان يريد فرض أمر واقع في سورية، ويقوم باستعراضات خطابية وهذا كلام فارغ ، وتقييمي الخاص أننا لاينبغي أن ننظر إلى تصريحات أردوغان بمنظور الجدية، أو أن نعطي تصريحاته هذا الاهتمام ، وللأسف المجتمع الدولى يترك الأتراك يعبثون بالمنطقة ، وينتهكون القانون الدولي بانتهاكهم لسيادة العراق وسورية، دون أن يحرك المجتمع الدولي ساكنا، في تواطؤ واضح لا يخفى على ذوي الألباب.
2016-10-26