دور أهل البيت عليهم السلام في بناء الجماعة الصالحة
3 ديسمبر,2017
بحوث اسلامية
1,511 زيارة
ب ـ المنهج:
ويمكن ان نلخص الاركان والاسس لمنهج الاسلام وأهل البيت(عليهم السلام) في جهاد النفس ضمن الخطوط التالية التي يمكن أن نجد معالمها في ابحاث جهاد النفس من الكتب الاخلاقية الحديثية أو التحليلية([1][86]):
الاول: تقوية الارتباط بالله تعالى من خلال شدة اليقين به والتوكل عليه وحسن الظن به والاخلاص في العمل والنية والحب لله تعالى والخوف منه والرجاء له.
الثاني: استخدام العقل الذي يهدي إلى الحق والحقيقة وطاعته، ومنه العلم والمعرفة في مقابل الجهل والهوى والوقوع تحت تأثيرهما. ومن هنا كان العقاب والثواب على قدر العقل، وكان الحث على مشورة العاقل والترجيح لجانب العقل على جانب الشهوة في الامور التي يواجهها الانسان في حياته.
الثالث: التقوى والعفة واصلاح النفس عند ميلها للشر والشهوات، واجتناب المعاصي والخطايا والذنوب ومن ثم تحديد وتشخيص مسير الانسان وحركته في جهاده لنفسه وضبط ميولها وتوظيف طاقاتها في اطار الحدود الشرعية. وإن الاثار النفسية والروحية ايجاباً وسلباً ترتبط بهذا الالتزام.
الرابع: الصبر على الطاعة والالتزام بالواجبات، والصبر عن المعصية واجتناب المحرمات، وتحمل الضغوط النفسية والخارجية وعدم الاستسلام لها أو القبول والرضوخ لها، والاستمرار في طريق الطاعة واجتناب المعصية وتربية عامل الصبر وتنمية الارادة والقدرة على التحمّل والسيطرة على العواطف والانفعالات من خلال قوة الارادة.
الخامس: محاسبة النفس ومراقبة الاعمال والنشاطات التي تقوم بها، بل مراقبة العواطف والمشاعر والاحساسات ومعرفة مدى التطابق بين عمله وسلوكه وعواطفه ومشاعره مع الاحكام الشرعية والاخلاق الاسلامية والصفات الكمالية والاهداف النبيلة التي وضعها الله سبحانه وتعالى امام الانسان في حركته التكاملية.
السادس: التوبة والانابة لله تعالى عند الخروج عن جادة الصواب وطريق الاستقامة والعدل، والوقوع في الذنب والاثم وارتكاب اللمم من الاثم، والمبادرة اليها من خلال الاحساس بالندم، والاعتراف بالذنب والعزم على الالتزام بالوظيفة الشرعية، ورد المظالم المالية أو المعنوية التي ارتكبها في حق الاخرين.
السابع: تشخيص مواضع ضغوط الهوى مثل حب النفس والشهوات من النساء والبنين والقناطر المقنطرة من الذهب والفضة، والاتجاهات النفسية في الانسان كالغضب والحسد وحب الرئاسة والكبر والاختيال والطمع والكسل والعصبية القبلية أو القومية والحمية الجاهلية وغيرها، أو الظلم والاتجاه للعدوان وتجاوز حقوق الاخرين وغيرها، ثم معالجة هذه الضغوط بعد تشخيصها والتنبيه عليها.
الثامن: ايجاد حصانة ومقاومة ومناعة في النفس الانسانية، وحريم له امتدادات ومستويات متعددة لحركة التكامل الانساني في جهاد النفس; وذلك من خلال مجموعة من الالتزامات والاداب المستحبة أو المكروهة، بحيث تكوّن سياجاً وحصناً يمنع النفس من الوقوع تحت تأثيرات الهوى، ويوجد فيها المزيد من التكامل الانساني.
ويمكن أن نلاحظ ذلك أيضاً، بالاضافة إلى هذا المنهج في المناهج الاسلامية العامة، وفي مناهج الدعاء والذكر التي وضعها الائمة(عليهم السلام) وتشمل اليوم والليلة بتمامهما، بالاضافة إلى الاهتمام بإحياء الليل وخصوصاً الليالي الخاصة، مثل ليالي القدر والجمعة، والاعياد، والمناسبات الاسلامية (المولد النبوي الشريف، والمبعث النبوي، وعيد الغدير، وليلة النصف من شعبان، … إلخ)، وكذلك احياء بعض الايام الخاصة مثل التسع الاوائل من ذي الحجة وايام التشريق والعيدين ويوم الغدير ويوم المولد والمبعث الشريفين ويوم عاشوراء وغيرها.
وكذلك منهج الصلوات المستحبّة الخاصة، مثل الصلاة المنتسبة إلى المعصومين الاربعة عشر(عليهم السلام) واحداً بعد آخر وصلاة جعفر وغيرها، أو الصلوات العامة في ليالي الاحياء، وليالي شهر رمضان، والمناسبات الاسلامية الاخرى.
ومنهج العبادات الاخرى كالصوم المستحب والاعتكاف والحج المستحب، والعمرة، وزيارات النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، والائمة(عليهم السلام)، والصالحين من عباد الله، والاذكار، والانفاق في سبيل الله، وصلة الارحام والجيران والمؤمنين، حتى صلة عامة المسلمين.
كل ذلك في تفاصيل دقيقة يمكن أن نشاهدها في الكتب الحديثيّة، كأبواب جهاد النفس والعشرة، والاخوان، والسلوك الاخلاقي; بحيث تكون الحصيلة هي تصعيد الجانب الاخلاقي والالتزامات السلوكية وقوة الشخصية على المستوى الفردي وفي المجتمع الانساني.
وسوف نتناولها إن شاء الله في نظام الشعائر والعبادات.
([1][86]) تناولنا هذا الموضوع بشيء من التفصيل في محاضراتنا الرمضانية لسنة 1413 ـ 1414، وقد تركنا الاستشهاد على هذه الاركان للاختصار. ويمكن الحصول عليها في الجزء 11 من كتاب الوسائل ابواب جهاد النفس والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها.
2017-12-03