الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / قصص و خواطر من اخلاقيات علماء الدين

قصص و خواطر من اخلاقيات علماء الدين

قال وقلت

التقيت في مطار دولة خليجية في شهر صفر المظفر ( 1415هـ ــ 1994م) بأحد الأخوة من أبناء السنة

فقال : أنتم الشيعة لماذا لا تكونوا سُنة ؟

قلت : الشيعة مسلمون كالسنة فهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله

قال : إذن ما الذي تفعلونه أيام محرم ؟ فهل رسول الله أمركم بهذا ؟

قلت : إذا كان عندك ولد عزيز عليك لدرجة لا توصف .. وقتله شخص متعمدا قتلا فجيعا وهو عارف بمقامه عندك فالذي يشاركك في هذا الحزن بكل ما يملك من إحساس ودموع لأجل مواساتك والتضامن مع المصيبة الأليمة التي ألمت بك ماذا تقول له ؟

قال : أشكره بالطبع وأرى فيه صديقا حميما وأشفع له في قضاء حاجته متى ما تأزم

قلت : أما كان رسول الله (ص) يحب سبطه الحسين (ع) حبا جما وقد أجمع المسلمون كلهم شيعة وسنة أنه كان يقبل شفتيه ويحمله على كتفه ويمشي به في المسلمين ويجلسه على فخذه وهو على المنبر يخطب في الناس وبعد الرسول الأمين أما كان الحسين ذا منزلة عظيمة بين المسلمين في علمه وتقواه وعطائه للناس هذا الإنسان قتله يزيد بن معاوية الذي وصفته كتب التاريخ بأنه كان فاسقا فاجرا شاربا للخمور فنحن الشيعة المسلمون نواسي رسول الله في ذكرى هذه المصيبة العظيمة على قلبه الكريم ونتضامن مع أهل بيته بالحزن والبكاء

قال : ولكن هناك تصرفات غريبة تجري في هذه المراسم عندكم

قلت : نحن نتكلم عن أصل القضية أما بعض التصرفات الشاذة لبعض الشيعة فهذا أمر لا يضر بالأصل والعلماء يحاولون إصلاح هذه الشواذ من التصرفات بالتي هي احسن ( وليس الأخشن ) علما أن بعض التصرفات تحتاج إلى تفسير لأنها رموز تشير إلى معاني مقدسة

قال : يجب أن لا يختلفوا مع السنة

قلت : السنة هم مختلفون رسميا ) على أربعة مذاهب ( الحنفي والحنبلي والشافعي والمالكي ) ومع ذلك لديهم اختلافات واسعة وآراء متباينة فالمتدينون منهم يتقاتلون في أفغانستان مثلا والقوميون منهم يتقاتلون في اليمن مثلا وكذلك الشيعة طبعا مختلفون ولكنهم أقل تقاتلا إن الاختلاف يا أخي مرض أصاب المسلمين جميعا وعلى درجات يجدر بنا أن نعيه ثم نحسن التعامل معه وبحكمة

قال : كيف

قلت : يجب أن نعي بأن الاختلاف على نوعين نوع جائز ونوع غير جائز فالجائز منه هو ما لا يضر بالأصول والأساس ولا يخرج عن كونه اجتهادات حرة من أجل إزالة الغبار الجاثم على الفكر الإسلامي طوال قرون وهذا خاص بالعلماء والمتخصصين وأما غير الجائز منه فهو الذي يمارسه الناس الذين لا يعلمون الحقائق كلها فهؤلاء واجبهم أن يسكتوا ويتركوا الأمور تناقش عبر العلماء لذلك فأنتم ليس عليكم إلا المحبة للجميع وترك المعصية فإنها من الجاهلية وهذا ما نقوله للشيعة أيضا وبهذا فإن القضية تترك للعلماء المتخصصين ولا ترمى بعلاقات الناس( السنة والشيعة ) في مطبات طائفية تخدم أعداء الأمة الإسلامية

قال : يا شيخ لقد مات سيدنا الحسين وذهب عند ربه ومات يزيد وذهب عند ربه ألم يكن مكتوبا على جبين الحسين أن يموت في تلك الساعة وبتلك الطريقة فلِم الحزن عليه ؟

قلت : إن الله تعالى يقول في القرآن الكريم ( الله يتوفى الأنفس حين موتها ) فإذا وقع الموت بسبب جريمة ارتكبها شخص فهذا الموت جاء قبل حينه ولم يكن من الله بل من الذي ارتكب الجريمة لذلك فإن أحكام الشريعة الإسلامية تعاقب القاتل بالقتل ويقول الله تعالى ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب )

فإذا لم يقتص من المجرم ولم نقف مع المظلوم في إدانة الظالم لم تبق حياة للمجتمع ولا أمان للإنسان على حياته وممتلكاته

فيزيد بن معاوية حينما ندينه والحسين حينما نتذكره ونبكي على مظلوميته فلكي يعتبر الإنسان في كل جيل عاقبة الشر وعاقبة الخير فلا يتقرب إلى أخلاق يزيد والمجرمين بل يكون دائما مع الحسين والمظلومين

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...