نشر الكاتب و المحلل السياسي الفلسسطيني عبدالباري عطوان مقالا اليوم السبت في صحيفة “الراي اليوم” انتقد فيه بشدة صمت الدول العربية تجاه اجراءات الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب العنصرية.
وتسائل عبد الباري عطوان في المقال: لماذا هذا الصمت العربي المخجل تجاه تطبيق إجراءات ترامب العنصرية؟ اين «الحلف الإسلامي» وجنرالاته؟ وما هي اخبار منظمة «التعاون الإسلامي»؟ ولماذا لا نسمع صوتا للشيوخ المؤثرين على «التويتر»؟ وهل الجامعة العربية بخير؟ طمنونا من فضلكم!
وجاء في المقال:
قضينا طوال اليومين الماضيين نقبض على «الروموت كونترول»، ونقلب المحطات التلفزيونية الرسمية منها، او شبه الرسمية، بحثا عن موقف عربي او إسلامي قوي، لنجدة الاشقاء الذين يتعرضون للاعتقال في المطارات الامريكية تطبيقا للسياسات العنصرية التي بدأ الرئيس دونالد ترامب في تطبيقها ضد المسلمين القادمين من سبع دول إسلامية، ولكن دون أي نتيجة، ولعل رد الفعل الوحيد، جاء من «الرافضة» الإيرانيين، ومن زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر.
انتظرنا من منظمة «التعاون الإسلامي» التي ايدت العدوان على اليمن، وباركت التطبيع مع إسرائيل، ان تكون اول المبادرين، للدعوة الى عقد قمة في مقرها بمدينة جدة، او يتنادى رؤساء هيئة اركان جيوش 41 دولة أعضاء في «الحلف الإسلامي» الى اجتماع طارىء لبحث هذه الاهانات، واعمال الاذلال لمواطنين عرب ومسلمين، ولكن يبدو انه لا فائدة من الانتظار، فالقوم تلقوا تعليمات فيما يبدو، من أصدقاء ترامب، او منه نفسه، بالصمت، والنظر الى الناحية الأخرى.
حتى شيوخ «التويتر»، او الغالبية الساحقة منهم، غابوا عن المشهد كليا، وهم الذين يتابعهم الملايين، لعلهم آثروا السلامة، وفضلوا ان تظل أسماؤهم بعيدة عن اللوائح الامريكية السوداء، وتجنب غضب اولي الامر، فأمريكا ليست سورية ولا اليمن ولا العراق، وانتقادها ليس «فرض عين».
عنصرية ترامب لا تستهدف الدول السبع التي قرر منع مواطنيها من دخول بلاده، وهي العراق وسورية واليمن والصومال وليبيا والسودان، بالإضافة الى ايران، وانما تتخذ هذه الدول، وما يجري فيها من فوضى دموية، هي من صنع أمريكا بالأساس، كغطاء لعنصريته وكراهيته لكل المسلمين دون أي استثناء، أيا كان مذهبهم او اصلهم.
مجادلة إدارة عنصرية مثل إدارة ترامب بالحقائق، والعقل، والأدلة المنطقية، مثل القول بأن أمريكا لم تتعرض لاي عمل إرهابي شارك فيه مهاجرون، او التذكير بالدستور الأمريكي، وعلمانية الدولة، وقيم العدالة والمساواة، يعتبر مضيعة للوقت والجهد، ولا طائل منها، تماما مثل مجادلة الجاهل الاحمق.
هذه الدول السبع لا تشكل ومواطنوها أي تهديد إرهابي لامريكا، وانما العكس تماما، فهي كانت، وما زالت، ضحية الإرهاب الأمريكي، وما حدث في مدينة البيضاء في اليمن فجر اليوم من استشهاد ستين يمانيا بغارة أمريكية معظمهم من المدنيين، الا احد الأمثلة.
لا نستغرب هذا الصمت العربي المتواطيء، وربما لا نبالغ اذا قلنا ان بعض الزعماء العرب، يرحبون بخطوات ترامب العنصرية هذه، لانهم يمارسونها فعلا، او هم بصدد ممارستها في بلدانهم، من حيث تضييق الخناق عليها، واثقال كاهلها بالضرائب والرسوم، تمهيدا لابعادهم.
نشعر بالالم عندما يتصدر أناس مثل رئيس الوزراء الكندي الشاب جاستين ترودوا للدفاع عن المسلمين، ويعلن ترحيبه بكل لاجيء هارب من الظلم والاضطهاد، ويؤكد قمة التسامح في مقولته «التنوع يصنع قوتنا»، او السيدة انجيلا ميركل مستشارة المانيا التي ادانت هذه السياسات العنصرية ضد المهاجرين، وأكدت انها ستدافع عن مواطنيها الذين يحملون جنسية مزدوجة وحقوقهم كاملة على الأرض الامريكية.