في ظلال الزهراء
أنـت فـي البحـر والقوافــي تغـيـبُ * وسـلا قلبــك الشعــور المجـيـــبُ
ترتجـي الشــاردات وهــي حيـارى * أقـتيــلٌ بـك الحــجا أم سليــــب
هــل جــفتك الحروف أم هــدّك الســعي إليــها أم قـد بـــلاك المشــيب
لا ربيــع يدعــو إليـك الأقـاحــي * أو صفــاء ترعــى دمــاه القلــوب
والشعــاع الـــذي عقــدت عليــه * كــلّ فجـــرٍ مكفّــنٌ محجـــوب
والرجـــاء الــذي عــلاك فضــاه * قـد تعامــى وصبحــه منهــــوب
والأمـانــيُّ كلّهـــا قــد تبــدّتْ * فـي فــؤادٍ توطّنـتــهُ الكــــروب
والمقـاديـــر محنـــة وشقــــاءٌ * والرزايــا ودمعهـــا المسـكـــوب
وحشـــةٌ مـا لهــا ختــام وعمـرٌ * يتلــوّى علـى الســراب كئــيــب
كيف تطـوي النــوى وأنــت شقــيّ * وعليـك الزمــان وقــتٌ مريــــب
وصريــعٌ تغافــل القبـــر عنــه * وغريــب يبكــي عليــه غريـــب
كيــف تســري فيــك الليالـي وجفنٌ * راح فـي هــذه الدمـــوع يـــذوب
كــيف تـجري الحـياة فـي خـافـقٍ لمّــا يــزل فــي دمـائـــه يستريــب
وعجيــب عــدا الربـيـع يغـــذّي * قاحــلاً سـوف تغــتـديـه الطيــوب
أســناءُ عليــك قــد راح يلقــي * أم تولّـــى هــذي الجــراح طــبيب
أم ســقاك الإلـه فيضـــاً مــن الحـــب وشـــهداً كـأنّــه شــؤبــوب
ما تُــرى أن يكـون سحــراً تغالــى * أم هــوىً ضـجّ بالدمــاء يجـيــب
وســرى فيــك ضــوؤه يتمـطّــى * فكــأنّ الــذي وقـــاك حبـيـــب
حــبُّ آلِ الرســول فيــك هيـــام * أبــداً قـد سمــا عليــه نسـيـــب
فزهــا فـي الغصــون نــوراً بهيـاً * يتــحاشــى أن يحتويــه مغـيــب
مرحبــاً بالهــوى إذا اجتـاح قلبـــاً * حجريـــاً وجمـــــره مشبـــوب
ليـس يهـوى مـن فيـه صـرحٌ عميـد * شــاده الوجـــد والسنــى واللهـيب
ومصيــر الخلـــود ان يتـرقّـــى * لِسَنــا فاطـــمٍ ومــا يسـتطـيــب
هـذه زهــرة بهــا صــدح الكــون * وأغفــت علـى شذاهــــا طيــوب
أشرقــت فانـتمــى السنــاء إليهــا * وتباهــى ونبـعـــه الموهــــوب
فبـدت غــرّة الصبـــاح بـوهــجٍ * يـالهــا مـن براعــةٍ مـا تصيــب
تـتمـلّــى بوجــه أحمـــدٍ لمّــا * بشّـــر الـروح قلبــه والرقيـــب
هُــتـفـت هـذه المـلائك للـفجــر فــقد حــلّهــا الضـــياء العـجـيــب
كشـفــتُ نجـمـةٌ لأخـرى ســروراً * فالديـاجـي مـن غيّهــا ستـثـــوب
ولقــد عانقـت سناهــا الصحــارى * فاهتــدى قلبهـــا وغنّــى الوجيـب
وبــدا نـورُهــا ونــورُ أبـيـهــا * كنهــارٍ شمـوســـه لا تغـيــــب
وبــميلادهــا ســـمت رايـــة الديــن وفــرّت مـن العقـــول العــيــوب
وتسـامــت انـشــودةٌ تـتـغـنّــى * في شفــاه الوجــود وهـي لعـــوب
أنـتِ ترنـيمـة الأنـاشيــد تهـفــو * أنـتِ روح الخلــود أنـت اللهــيــب
جُنّــةٌ أنـت للصـــلاح حمـاهـــا * ساعدٌ يـزدهـي وصــوتٌ مهـيـــب
وفـتـىً صافـحــت سنــاه الثـريّـا * والقصــيّ البعـيـد منــه قـريــب
يـا ابنــة المرسليــن إنّــا سلكنــا * لاحبـــاً صــدره سخــيُّ رحيــب
وانتـهجنــا مـن حبّــه مـا هدانــا * وصـراطــاً عاشــت عليــه الدروب
فعـلــى عُتــمة الطـريـق ضيــاءٌ * وشــذى ناعــم وقلــب طـــروب
مذهب الحــق منهــل قـد سقـانـــا * فيــضَ نـــورٍ وقلبــه ملهـــوب
ما يبــالــي فقــد دهتــه الدواهـي * والكــرى يسـتبـيحـنـا واللغـــوب
وهو يرعى فينـا جفـونــاً تعـامــت * ودمــاءً قــد هـدّهــا التخـريــب
ايّــها العاشـقــون إنّــا لَنصـحـو * والدجــى فـي عيـونــنا والمغيــب
قد ركبنــا الريــاح لكــن وصلنــا * لمتـيـهٍ يضـــجّ فيــه النعـيـــب
نصطـلــي بالعــذاب والدمــع فيـنا * يتـنـاهــى لكــنّــه مكــــذوب
وشعــاراتُ حـولهــا تـتبــاكــى * ورؤانــا عـن ذلهـــا لا تـــؤوب
فالنعيـــم الــذي عبـرنـــا إليــه * بـالأمــانـــي مخـــادع مقلــوب
والضيــاعُ الــذي وصلنـــا إليــه * بعـد جـهــد نعيـشــه تعـذيـــب
فامنحـيـنا يا مَــن لهـا قــد شــدا حـرفـي وغـنّى الفــؤاد وهـو قـطوب
من رؤىً تـزدهـي عليــك صلاحـــاً * وســلامــاً يشـدّنـــا ويطـيــب
واخـذلــي الانكســار فينــا وبثّــي * فـي دمـانــا فيـومنــا سيـثــوب
وانطـوي يـا سيـاط مـا دام نبـتـــي * جذوره فـي الدِّمــا عصـيٌّ غضــوب
ســوف نــصحــو يـومـاً وأضـغاثـنا تُـدمى وثـأرُ العــيون فيــها رهيـب
شعر
السيد مهند جمال الدين