في قضاء الكحلاء — محافظة ميسان، كانت ولادته عام1958م، ينتمي إلى أسرة بسيطة ومتواضعة غذته الطيبة والفطرة السليمة.
أكمل الابتدائية، ولم يستطع الاستمرار بالدراسة بسبب ظروفه المعيشية، فتطوع في الجيش.
وعى عباس مبكرًا حيثية النظام وإتجاهاته العدوانية ضد الإسلام وأهله، وأدرك حقيقة المؤسسة العسكرية التي انتمى إليها، بعدما كان يتوقع أنها الدرع الحصين، والمدافع عن حقوق أبناء شعبه وأمته، وتأكدت نظرته تلك من خلال موقف النظام العفلقي المقبور من انتصار الثورة في ايران.
حدث ما كان متوقعًا من نظام الجريمة العفلقي، وصدقت مشاعره ورؤيته، عندما ارتكب جريمته النكراء باعدام الفيلسوف والمرجع الكبير محمد باقر الصدر قدس سره ثم شنَّ حربه الظالمة على إيران، وزج بالآلاف من الشباب في أتونها.
تلك الاحداث تركت جرحًا عميقًا في قلب عباس، وهو يرى البعثيين يسعون في الأرض فسادًا، ويهلكون الحرث والنسل،، فأبى أن يحمل السلاح ويحارب الجمهورية الأسلامية الفتية ويعتدي على أراضيها، فتحققت له فرصة الهجرة اليها عن طريق كردستان، في 16/10/1980م، بعدما اوشك ان يقع في حقل الالغام أو يقع في أيدي أزلام صدام.
كانت أمنيته الالتحاق بالفصائل الجهادية العاملة ضد النظام البعثي، لهذا سارع بالانضمام إلى قوات الشهيد الصدر، وعمل معها في مواقع مختلفة، منها تواجده في مقرها بمنطقة حياة في كردستان العراق، واستمر حتى التحاقه بإخوانه المجاهدين في قوات بدر بتاريخ 24/12/1984م.
كلف أبوخضر مع الفوج الثالث الذي نسب إليه للمشاركة في واجب في هور الحويزة، ولأنه لم يكن بعيدا عن بيئة الأهوار، كان له دور في إيجاد قواعد من قصب ليستقر عليها المجاهدون، وقواعد من قطع الفلين يربط بعضها بالبعض الآخر، لتكون قواعد عائمة كمقرات مثالية للمجاهدين، كما شارك في نصب الكمائن والدوريات القتالية وعمليات فتح ممرات مائية داخل القصب لتسهيل تردد المجاهدين.
بتاريخ 11/03/1985م، شارك في عمليات تحرير منطقة الترابة، واندفع مع فوجه شمالا للسيطرة على منطقة البنيات ومالة عويد وحتى شط الدوب، وتأمين الحماية لها.
في 23/07/1985م، اشترك في عمليات القدس التي نفذت للسيطرة على النصف الجنوبي لبحيرة أم النعاج، وكان واجب فوجه الاستقرار في منطقة الهرود، تحسبا لأي امدادات قد تصل إلى العدو، ولقطع الطريق أمام المنسحبين منه، وقد نجحوا في تلك المهمة.
في رأس الساعة الثانية بعد منتصف ليلة 23/10/1985م، نفذ المجاهدون عمليات عاشوراء، للسيطرة على النصف الشمالي لبحيرة أم النعاج، وكان هدف الفوج الثالث نقاط العدو، في أقصى الشمال الغربي للبحيرة، مرورا بالمچري والولد وأبوسيان( )، وبعد سيطرة المجاهدين على المنطقة، حاول العدو استعادة ما فقد من مواقع، لكن أباخضر وإخوته كانوا لهم بالمرصاد، وكان العدو يهرب من المنطقة في كل مرة، بعد أن يتكبد خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
لشجاعته وفدائه وثباته وحسن تصرفه في اللحظات الحساسة، تم انتخاب أباخضر للعمل في مجموعة الاستطلاع، فوفق في مضمار عمله ذلك، فقد امتاز بدقة المعلومات التي كان يجمعها خلال جولاته الاستطلاعية، لأنه كان يقترب كثيرا من مواقع العدو ويسمع حتى أحاديثهم الخاصة، فقد كان هو الدليل لاخوته المجاهدين، والمهاجم الأول، وسجلت له الصفحات البيضاء في عمليات القدس وعاشوراء كما يصفها المجاهد أبوحيدرالعلوي «كلف في أحد الأيام بمهمة استطلاعية في منطقة الهور في بحيرة أم النعاج، فذهب الى تلك المهمة الصعبة، واقترب من مواضع العدو، حتى وصل الى الأسلاك الشائكة، فلبس بدلة الغواصين واجتاز أربعة أسلاك شائكة، واقترب مسافة قريبة جدا من مواضع العدو، وفي تلك الأثناء أتى أربعة ضباط من العدو يفتشون مواضع قواتهم، فأخذ أبوخضر وضع الانبطاح، وجاد الإختفاء، وعندما ذهب الضباط الى منطقة أخرى، انسحب الى مكان انطلاقه…
سيطر المجاهدون على بحيرة أم النعاج وكافة المناطق المحيطة بها، ولم يستطع العدو أن يجد له موطئا فيها، ولم يكن أمامه الا الانسحاب الى منطقة أبيخصاب خارج الهور، أما بقية المجاهدين — فباستثاء فوج أنصار الحسين، وإحدى سرايا الفوج الثالث، انسحبت كافة الأفواج من المنطقة لغرض التدريب في منطقة جبلية أطراف مدينة بهبهان تمهيدا لتنفيذ واجبات جهادية في كردستان العراق.
وتأتي عمليات حاج عمران، ولم يكن دور أبيخضر بأقل من سابقتها، فقد أبلى بلاءًا حسنا، في عمليات الاستطلاع التي سبقت العمليات، حيث كان هو الدليل لقيادة اخوته الى مواضع البعثيين، حتى عادت قوافل المجاهدين مكللة بالنصر، شاكرة الله على توفيقه وإحسانه، ففي ليلة 01/09/1986م، شن المجاهدون هجوما واسعا لتحرير قمم گردمند وكردكوه في حاج عمران، شرق السليمانية، وكانت ملحمة سطر فيها أبوخضر وإخوته أروع صور البطولة والفداء، مستلهمين ذلك من عاشوراء الحسين وملحمة الطف، وقد فقد في تلك العمليات ثلة من أعز إخوة الجهاد، واحتسبهم شهداء، وعاهدهم على المضي في طريقهم حتى النصر أو الشهادة،
عُرف بين إخوانه بقلبه الكبير الحاني ونفسه الكريمة التي تتحلى بكل ما هو فاضل من الأخلاق والسجايا الحميدة، فقد كان يطوي الساعات الطويلة من ليالي الشتاء الباردة، بعد انتهاء واجب حراسته الخاصة به، حبًّا بإخوته ورغبة في عدم إيقاظهم، ويقوم بواجب الحراسة بدلًا عنهم، ولم يكن يتردد من أن يكون أول المبادرين الى كل عمل، سواءً كان تهيئة الطعام للمجاهدين، أو واجباً قتالياً في الارض الحرام، وقرب خطوط التماس مع القوات البعثية.
في 21/01/1987م، كان لأبيخضر حضوره الفعال في عمليات على مشارف البصرة، حيث سطّر هو واخوته المجاهدون أروع الصور في الحماسة والفداء والتضحية ونكران الذات، يدفعهم الى ذلك نيل رضى الله، والفوز باحدى الحسينين، والفوز بجوار الحسين عليه السلام وأصحابه، فقد كان دوما في المقدمة، حتى سقط مضرجًا بدمه الزكي على تراب بلده المعذّب، خاتمًا حياة الهجرة والجهاد، وخلّف رحيله لوعةً وحسرةً في قلوب اخوته.
شيع ودفن في مدينة قم المقدسة( ).