ولد في محافظة ميسان عام 1960م، وسط أسرة فقيرة الحال غنية بإيمانها وتعففها وطيبها ورفضها للنظام البعثي، فنشأ على الإيمان والصلاح ورفض النظام.
أكمل الدراسة المتوسطة ثم اتجه للعمل كسائق في وقت انتقلت فيه أسرته للسكن في محافظة البصرة.
عرف برفضه لحكم العفالقة، وقام بعدة نشاطات جهادية؛ منها توزيع المنشورات والكتب الإسلامية وتوعية الناس على ما يحوكه صدام وحزبه من مؤامرات تستهدف الدين والقيم، رغم علمه أن ضريبة ذلك النشاط السجن والتعذيب والإعدام.
ألقي عليه القبض عام 1982م من قبل جلاوزة صدام، وأودع السجن في البصرة ولاقى أشد صنوف التعذيب، من أجل انتزاع الاعترافات منه، لكن الجلاوزة كانوا يصطدمون في صخرة صماء، فلم يحصلوا منه حتى على كلمة واحدة.
نقل إلى الأمن العامة في بغداد، حيث كانت بانتظاره ذئاب جائعة هجمت عليه، وكأنها حصلت على صيد سمين، فلم يكن أمامه إلا التوكل على الله الجبار، فدعاه مخلصًا أن يمن عليه بالصبر والتحمل كي لاينطق بشيء يؤدي إلى اعتقال إخوته المؤمنين، فأستجيب له وقابل أساليب تعذيبهم الوحشية وشدتها بشدة التحمل، ثم أخذ موثوقًا لمحكمة الثورة التي حكمت عليه بالسجن سبع سنوات ونقل من هناك إلى سجن أبيغريب.
خرج من السجن بقرار العفو الذي أصدره المجرم صدام عام 1986م، ليساق قسرا من السجن الى جبهة الحرب التي شنها النظام البعثي على الجمهورية الإسلامية، وعن ذلك كان يقول أبومحمد «أجبرت بعد خروجي من السجن على الاشتراك بتلك الحرب الظالمة وقد كنت أعرف أهدافها ومن يقف وراءها وأي مجرم حمل لواءها، فكيف لي أن أشترك بحرب ضد شعب مسلم ثار للخلاص من حكم ظالم واستبدله بحكم الإسلام، لذا قررت من حينها البحث عن طريق للخلاص.
وفي أول فرصة سنحت له عبر حقول الألغام والأسلاك الشائكة والوديان والمرتفعات إلى أن وصل قوات الجمهورية الإسلامية وبقي شهرًا كاملًا مع تلك القوات، قبل أن ينقل إلى مدينة كرج الواقعة غربي العاصمة طهران حيث مخيم اللاجئين.
وعن قصة هجرته كان يحكي لنا عندما جمعنا الموضع الجهادي في منطقة ماوت( ) فيقول: «قررت الهجرة فتركت الوحدة التي كنت فيها واتجهت إلى قوات الجمهورية الإسلامية بعدما اجتزت الموانع التي عملها الجيش العراقي أمامه خوفًا من أي هجوم، فوصلت المواضع الإيرانية دون أن يشعروا بي، ودخلت أحد المواضع على أحد المقاتلين، ففوجئ وحاول أن يأخذ سلاحه، لكنني رميت بندقيتي، وقلت له أنا أخوك مسلم، فعرف أني جئت لأسلم نفسي إلى القوات الإسلامية.
التحق بصفوف مجاهدي بدر بتاريخ 21/12/1987م واشترك معهم في عمليات ماوت، ولشجاعته وجرأته وكتمانه السر، اختير إلى وحدة استخبارات فرقة بدر، وشارك مع أفرادها باستطلاع الكثير من الأهداف التي كان آخرها استطلاع مدينة حلبچة لأنه كان دقيقًا في استطلاعاته، صبورًا في تحمل المشاق.
بعد استكمال الاستطلاع، بدأت عمليات حلبچة، وكان على المجاهدين قطع مسافات وعرة، وعبور أنهار شديدة الجريان، وسط هطول أمطار غزيرة.
كان أبومحمد أحد الأفراد الذين كلفوا بإيصال القوات إلى أهدافها وكان يرافقه في تلك المهمة أبوذر البصري( ).
في الليل بدأ المجاهدون بالهجوم وسيطروا على أهدافهم وكان لأبيمحمد وصاحبه دور مشهود. وفي الصباح كلفا بواجب داخل مدينة حلبچة التي استقبلت المجاهدين بفرح وسرور لخلاصهم من جور صدام وحزبه اللعين، فسكانها الوادعون كانو محبي للخير والسلام، وما دروا ما خبأ لهم أشقياء البعث ومجرمي القرن العشرين، فبإيعاز من صدام وأوامر مباشرة من علي حسن المجيد( )، قامت الطائرات العراقية بضرب المدينة بالأسلحة الكيماوية، وحدثت مأساة كبيرة، مأساة يندى لها جبين الإنسانية التي انسلخت منها المخلوقات البعثية فلم تميز بين المدني والعسكري، بين الطفل والكبير، بين المرأة والرجل، فالصداميون كانوا يعتبروا الناس الأحرار أعداءهم، ولذلك عمدوا على إذلالهم وهدر كرامتهم.
في تلك الأجواء الملوثة بالغازات السامة، سارع أبوذر للبس قناع الوقاية، لكن أبيمحمد لم يكن يحمل قناعه، فنزع أبوذر قناعه وناوله إياه، فلم يقبل أبومحمد ولكن أبا ذر أصر عليه وألبسه إياه، وهكذا كانا يؤثران على أنفسهما حتى استشهدا متعانقين معًا بتاريخ 17/03/1988م ليواسيا أهالي حلبچة المظلومين، وعرجت روحيهما إلى ربهما الكريم.
شيع ودفن في مقبرة الشهداء في مدينة قم المقدسة( ).
1. الشهيد أبومحمد البصري 2. الشهيد أبوسلام الساعدي (حميد خلاف عيلان)