إنّ فرعون مصر في تلك الايّام كان مالكا لمصر وجميع ما في مصر، وكان أيُّ عامل في أيِّ عمل إنّما يعمل لفرعون وأجيرا لفرعون.
وبناء على ذلك اجتمعت لفرعون جميع لوازم الرُّبوبيّة في ظاهر الامر؛ فهو المنعم على جميع أهل مصر ما يحتاجون في حياتهم من
المسكن والمأكل والملبس والحاجات الاُخرى.
ومن أجل ذلك كان هو وأهل مصر معه يرون لفرعون الرُّبوبيّة عليهم، وحقّ تشريع القوانين لجميع من يعيش في مصر، ويرون أنّ على الجميع أن يطيعوا أوامره، ويدينوا بما يضع لهم من أنظمة لحياتهم(11). وبناء على ذلك إذا أمر باسترقاق بني إسرائيل لاهل مصر وذبح أبنائهم واستحياء نسائهم، وأنّهم الاراذل في ذلك النظام الطبقي وأهل مصر الاقباط هم الاشراف كان ذلك حقّا ودينا يجب أن يعملوا به تديّنا، إذا فإنّ الرُّبوبيّة التي كان يدَّعيها فرعون مصر لم تكن ادِّعاء بالاُلوهيّة، بمعنى أنّه خالق السّموات والارض وما على الارض، وإنّما كان يدَّعي ربوبيّة مصر وحدها.
أخبرنا اللّه تعالى عن ذلك بقوله جلّ شأنه لموسى وأخيه هارون:
(إِذْهَبَا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنَا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أوْ يَخْشَى قَالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغَى قَالَ لاَ تَخَافا إِنَّني مَعَكُمَا أسْمَعُ وَأَرَى فَأْتياهُ فَقُولا إِنَّا رُسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنيْ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلاَمُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنّ العَذَابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى). (طه / 43 ـ 48)
ومن الطبيعي أنّ فرعون الذي لم يقبل بوجود ربّ له لا يقبل منهما هذا الكلام، فسألهما عن ربّهما وقال: (فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسى) أي أنتما اللّذان لم تقبلا ربوبيّتي واعتبرتما غيري ربّا تأخذون منه القوانين فمن هو هذا الرّبّ؟ فـ(قالا رَبُّنَا الَّذي أَعْطَى كُلَّ شَيْء خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) (طه / 50).
أي: إنّ ربّنا هو الذي خلق جميع الخلق ثمّ تكفّل ربوبيّتها وهداها جميعا بربوبيّته.
ولمّا رأى فرعون أنّ كلام موسى (ع) أدحض كل ما تشبّث به من الحجج أمام قومه وخشي أن يقع كلام موسى في قلوب قومه، بادر بإلقاء الشبهات في أذهانهم وقال: (فَما بالُ القرونِ الاُولى) (طه / 51)، فأجاب موسى (ع) وركّز في الاجابة على ربوبيّة الخالق وقال:
(عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنْسَى) (طه / 52).
وتتابعت الحوادث ولجأ فرعون إلى حيلة اُخرى لتحطيم منطق موسى (ع) وسعى لتأليب الرأي العام وتهييج عواطف النّاس ضدّه وخاطبه قائلاً: (أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنا مِنْ أرْضِنَا بِسِحْرِكَ يا مُوسى فَلَنَأْتيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ) (طه/57، 58)، وجُمِعَ السّحرة بأمر فرعون وأمرهم فرعون أن يواجهوا موسى (ع) ، ولمّا جابهوه بما عندهم من سحر إتّضحت قدرة ربِّ العالمين واُبطل سحر السّحرة، ولمّا كان اُولئكم السحرة أعلم بالسحر وحقيقته من سائر النّاس، سجدوا عند رؤية القدرة الالهيّة وقالوا: (آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى) (طه/ 70)، وحينما هدّدهم فرعون وخوَّفهم، جابهوه وأعلنوا إيمانهم وقالوا:
(إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطايانا وَمَا أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى). (طه / 73)
في هذه القصّة نجد لفظ الرّبّ يتكرّر عدّة مرّات، والطرفان يتحدّثان عن الرّبّ فيذكره موسى ويؤمن به السحرة ويرفضه فرعون.
وبذلك يتّضح أنّ الصراع بين جبهة الرَّحمن وجبهة الشّيطان، بين محبِّي اللّه وأعدائه، بين الانبياء والطَّواغيت، غالبا ما كان حول الرُّبوبية وحول من له تشريع القوانين والحكم، كما نجد ذلك الصراع قبل موسى (ع) في سيرة النبي إبراهيم (ع) ، كما أخبر سبحانه عنه وقال:
(أَلمْ تَرَ إِلى الَّذي حاجَّ إبراهيمَ فيِ رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللّهُ المُلْكَ). (البقرة / 258) وسبب الصراع بين إبراهيم ونمرود؛ هو أنّ اللّه سبحانه كان قد أعطى نمرود ملكا وسلطانا عظيمين ودفعته هذه القدرة الكبرى إلى الطغيان والكفر بربوبيّة اللّه عزّ وجلّ، والصراع مع نبيّ اللّه، إذ قال له النبيّ إبراهيم (ع) كما حكى سبحانه وتعالى عن ذلك وقال:
(إذْ قَالَ إِبراهِيمُ رَبِّيَ الَّذي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيت) (البقرة/ 258)، عندما أطلق نمرود سراح من حكم عليه بالاعدام واعتبره إحياء للميّت، وأتى بآخر يمشي في السوق فأعدمه من غير ذنب، وبذلك القى الشبهة في قلوب الحاضرين بأنّ البريء كان حيّا
فقتله وأماته، إذا فإن كان الرَّبُّ هو الذي يحيي ويميت فإنّ نمرود أيضا يحيي ويميت، وأوشكت تلك الشبهة أن تنطلي على الجاهل ويصدِّق زعم نمرود ولكن النبيّ إبراهيم (ع) عرض فورا استدلالاً آخر كما حكى اللّه وقال:
(قَالَ إِبراهيمُ فإِنَّ اللّهَ يأتي بالْشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأتِ بِها مِنَ المَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذي كَفَرَ واللّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمين). (البقرة / 258) فبهت نمرود ولم يحر جوابا.
كان ذلك نموذجا من جهاد بطل التوحيد إبراهيم الخليل (ع) .
وفي سبيل مجاهدة عبدة الكواكب والشمس والقمر، حضر إلى ناديهم وناقشهم وفق منطقهم منطلقا في حديثه من الاُمور التي يؤمنون بها وباُسلوب يفهمون معه الحقّ وتتمزّق عنهم حجب الجهل، وكان الوقت ليلاً إذ رأى إبراهيم (ع) كوكبا ساطعا ممّا يعبدون فنظر إليه وقال:
كما حكى ذلك سبحانه وتعالى وقال:
(فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيلُ رأى كَوْكَبا قَالَ هذا رَبِّي). (الانعام / 76)
ومرّ الوقت وغاب الكوكب فقال إبراهيم كما حكى سبحانه عنه:
(فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الافِلِين). (الانعام / 76)
وتكرّر الامر مع القمر كما قال سبحانه:
(فَلَمَّا رَأى القَمَرَ بَازِغَا قَالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لاكُونَنَّ مِنَ القَوْمِ الضَّالِّين). (الانعام / 77)
وكذلك تدرّج في إفهامهم كما حكى اللّه عنه ـ أيضا ـ وقال سبحانه:
(فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هذا رَبِّي هذا أكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيء مِمَّا تُشْرِكُون). (الانعام / 78)
وهكذا رفض إبراهيم (ع) ربوبيّة كلّ آفل، ولم يترك إبراهيم (ع) النّاس وشأنهم بل استمرّ الحوار بين الجانبين وأخبر اللّهُ عن ذلك وقال تعالى:
(وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي في اللّهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْركُوِنَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاء رَبِّي شَيْئا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْء عِلْما أَفَلا تَتَذَكَّرُون).(الانعام / 80)
من الواضح أنّ قوم إبراهيم كانوا يعرفون اللّه ولكنّهم كانوا يعتقدون أنّ للّه شركاء في ربوبيّته وكان إبراهيم (ع) يجادلهم في شركهم باللّه، وفي واقعة اُخرى واجه إبراهيم (ع) قومه عبدة الاصنام في ناديهم وخاطبهم قائلاً:
(… ما هذِهِ التَّـماثِيلُ الَّتي أَنْتُم لَهَا عَاكِفونَ قَالوا وَجَدْنا آبَاءنا لَهَا عَابِدينَ قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤكُم في ضَلاَلٍ مُبينٍ قالوا أَجِئْتَنَا بِالحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاّعِبين). (الانبياء / 52 ـ 55).
وردّ عليهم إبراهيم قائلاً:
(بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمواتِ والارْضِ الَّذي فَطَرَهُنَّ وَأنا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدين). (الانبياء / 56).
ولمّا كانت عبادة قومه (أهل بابل) للكواكب والشمس والقمر نتيجة لاعتقادهم بتأثيرها في حياتهم، وأنّ بيد تلكم الموجودات تحديد المصير، الحسن أو السيِّئ للانسان، اعتقدوا بأنّها أرباب مدبّرة للعالم واتّجهوا لعبادتها، أي إنّهم اتّصفوا بنوعين من الشرك، شرك في الرُّبوبيّة، وشرك في الاُلوهيّة، والنبيّ إبراهيم (ع) إستنادا إلى اعترافهم بخالقيّة اللّه تعالى ردَّ شركهم في الرُّبوبيّة والاُلوهيّة.
وفي قصّة أصحاب الكهف؛ كانوا فتية آمنوا بربِّهم في العصور الغابرة، ونهضوا في وجه طاغوت عصرهم، ولهجت ألسنتهم بربوبيّة اللّه خالق السّموات والارض كما حكى اللّهُ سبحانه وتعالى عنهم وقال:
(وَرَبَطْنَا عَلى قُلُوبِهِم إذْ قَامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّمواتِ والارْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلها…). (الكهف / 14).
كان منطق الفتية المؤمنين أنّ هذا الشخص الذي ادّعى الربوبيّة وفرض على النّاس طاعته والنظام الذي سنَّه لحياتهم ليس بربّنا وليس لهذا الطاغوت حق التقنين وسنّ نظام لحياة النّاس، بل إنّ ذلك للّه ربّ السّماوات والارض.
وعند دخول الاسلام إلى إيران حدثت مثل تلكم المواجهة فإنّ إيران كانت نموذجا واضحا لقيام ملوكها بسنّ القوانين وتشريع النظام لحياة البشر، وإنّ الرَّسول الاكرم (ص) واجههم وأعلن أنّ التقنين وتعيين النظام للمجتمع البشري خاصّان بمقام الرُّبوبيَّة ولا رَبَّ إلاّ اللّه ربّ السّماوات والارض، وحتّى هو (نبيُّ الاسلام) ليس له ذلك، بل هو مطيع مطلق للّه تعالى، ومبلِّغ لتشريعه؛ كما يتّضح ذلك من الخبر الاتي:
أرسل الرسول (ص) كتابا إلى ملك فارس [كسرى خسرو پرويز (ت: 628 م)] فلمّا قرأ الكتاب شقّه ثمّ كتب كسرى إلى واليه على اليمن أن ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتياني به. فأرسل الوالي ممثلين إلى الحجاز، فلمّا بلغا مدينة الرَّسول (ص) دخلا على الرَّسول (ص) وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما فكره النظر إليهما ثمّ أقبل عليهما فقال: ويلكما من أمركما بهذا؟ قالا أمرنا بهذا ربّنا ـيعنيان كسرىـ فقال رسول اللّه (ص) : لكن ربّي قد أمرني بإعفاء لحيتي وقصّ شاربي(12).
نلاحظ هنا أنّ للرُّبوبيَّة دخلاً حتّى في هذه المسألة من التشريع. كانت تلكم نماذج من تاريخ الرسالات السماويّة التي تبيّن حقيقة الامر في مواجهة الانبياء (ع) لطواغيت عصرهم وعلّة الصراع بين أولياء اللّه وحزبه والاحزاب المخالفة لهم، فالربَّانيُّون ـ من جهة ـ يقولون: ليس هناك غير اللّه مَن يستطيع أن يسنّ نظاما لحياة الانسان، فلا ربَّ للانسان سواه وهو ربّ العالمين، والطواغيت ـ من جهة اُخرى ـ يدَّعون أنّ لهم حق سنّ القوانين المنظّمة لاُمور البشر، وكانت تلكم النماذج كلّها تبيّن مواجهة الرُّسل والربّانيين لطواغيت عصورهم في شأن الرُّبوبيَّة، وفي ما يأتي نورد نوعا آخر من صراع الانبياء حول الرُّبوبيَّة، وذلك في مواجهتهم للاحبار والرُّهبان الذين كان لهم حق التمثيل الدِّيني عند النّاس، والانبياء هنا أيضا يجاهدون بالعزم والتصميم السابقين في كشف زيفهم وتدخّلهم الباطل في تغيير الاحكام وتبديلها، وأنّهم بذلك قد جعلوا أنفسهم أربابا من دون اللّه، وقد تحدّث القرآن الكريم عن ذلك وقال:
(اتّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابا مِنْ دُونِ اللّهِ). (التوبة / 31)
أوضحت الروايات التي وردت عن رسول اللّه (ص) وأهل البيت (ع) القصد من اتّخاذ النّاس للاحبار والرّهبان أربابا من دون اللّه، كما أوردناه في خبر عديّ بن حاتم مع رسول اللّه (ص) آنفا والذي بيَّن فيه رسول اللّه (ص) كيفيّة تدخّل رجال الدِّين في الشريعة حينما وضعوا قوانين بشريّة قائمة على الاهواء مكان الشرائع التي وضعها ربّ العالمين للبشر.
وهذه الحقيقة موجودة بين النّصارى حتّى اليوم؛ فالبابا (القائد الدِّيني للمسيحيين) له حق تغيير تشريعات المذهب الكاثُوليكي وهم يقبلون ذلك منه بدون تأمّل، وتدَّعي الكنيسةُ ـ على أساس الانجيل الموجود ـ أنّ لها حق التشريع ويكون ما تصوّبه الكنيسة في الارض مقبولاً في السَّماء، كما نقرأ ذلك في إنجيل متَّى حيث يقول:
(أنت بطرس، وعلى هذه الصَّخرة ابن كنيستي، وأبواب الجيم لن تقوى عليها، واُعطيك مفاتيح ملكوت السّموات، فكلّ ما تعقده على الارض معقود في السّموات، وما تحلّه في الارض فهو حلال في السَّماء)(13).
وإنّما سمّى القرآن أحبار النَّصارى ورهبانهم أربابا لانّهم كانوا يشرِّعون النظام لحياة البشر؛ فيُحلُّون ما حرّم اللّه ويحرِّمون ما أحلَّ. بينما كان جهاد الانبياء في سبيل أن يخضع البشر لربوبيَّة اللّه وحده ولا يقبلوا إلاّ أوامره ويأخذوا منه الحلال والحرام وهذه هي حقيقة الدِّين.
وإنّ الانسان الذي اُجبر على أخذ حكم من جبّار خلافا لاحكام اللّه وعمل به وهو لا يعتقد به، في مثل هذه الحال لم يتّخذ هذا الانسان ذلك الجبّار ربَّا له، وإنّ اتّخاذ بعض العباد بعضهم الاخر أربابا لا يصدق إلاّ مع اختيار الانسان في أخذ الانظمة من الطاغية والعمل بها خلافا لتشريع اللّه عزّ وجلّ، وفي مثل هذه الحال يكون الانسان قد اتّخذ المشرِّع رَبَّا، ومن باب المثال نجد كبير أساقفة المسيحية ((بولِسَ)) يقول: ((أنا بولسُ أقول لكم: إذا اختتنتم لا ينفعكم المسيحُ في شيء))(14)، وقَبِلَ النَّصارى منه ذلك بإختيارهم ولم يختنوا أولادهم، وكان يقول: إشربوا الخمر فهو جائز لكم وإنّ الدِّين يسمح لكم، وَقَبِلَ النَّصارى منه ذلك مختارين، ففي مثل هذه الحال كانوا قد اتخذوا القسس أربابا لهم.
_______________________________
[11]فإنّه إذا كان للدّواجن بمصر ربُّ يملكها ويربّيها ويطعمها ويضع نظام إعاشتها لتسير في حياتها نحو كمال وجودها، وكذلك للمزارع والحقول أرباب ولمختلف المصانع أرباب، فإنّ فرعون الذي له ملك مصر وتجري الانهار من تحته، هو فوق جميع اُولئك الارباب وربّهم الاعلى، فكيف واجه الكليم هذا الطّاغوت؟
وبأيّ منطق قابل تلكم الادّعاءات الطويلة العريضة؟
[12]الطبريّ (ت: 310 هـ) (2 / 655، 656).
[13]إنجيل متَّى، الاصحاح 16، عدد: 18 ـ 19.
[14]قاموس كتاب مقدّس، فارسي، مادّة: (ختنه)، ص: 343 عمود رقم: 2، ورسالة بولس إلى أهل غلاطية، الاصحاح 6، العدد: 15.
التّوراة تذكر الختن كحكم ديني. راجع التوراة سفر لاويين، الاصحاح 12، العدد: 1ـ 4. والمسيحيّة هي استمرار لليهوديّة، إذا هذا الحكم كان موجودا في المسيحيّة الاُولى غير المحرّفة واُزيل بعد ذلك على يد بولس.