بعد سنوات من تولية منصب مستشار الأمن القومي، ما يزال في جعبة عضو مجلس النواب العراقي، الدكتور موفق الربيعي الكثير ليبوح به، وهذا ما دفع تسنيم لاجراء حوار شامل مع الربيعي لتسليط الضوء على حقائق هامة في تاريخ العراق المعاصر.
الدكتور موفق الربيعي، ولد في عام 1947، وتخرج من كلية الطب جامعة بغداد في عام 1977 تعرض للتعذيب في ثلاث مناسبات منفصلة خلال حكم حزب البعث وحكم عليه بالإعدام غيابياً منذ مغادرته العراق لاستكمال دراسته في المملكة المتحدة، تولى منصب مستشار الأمن الوطني بعد عام 2003، وكان من سحب الحديدة لتنفيذ اعدام صدام.
تسنيم: ما هو الموقف الحقيقي للحكومة العراقية تجاه الحشد الشعبي؟ البعض قالوا أن العبادي عندما زار أمريكا ساوم على الحشد الشعبي، وقدم تنازلات لترامب، لكن خطاب العبادي كان عكس ذلك، فما الحقيقة؟
الربيعي: داعش كانت على بعد 10 كلم من حيث نجلس الآن في مدينة الكاظمية المقدسة، كان مرقد الإمام موسى بن جعفر (س) على مرمى من بنادقهم.
الدكتور موفق الربيعي: لا يستطيع، السيد العبادي غير مخول بالتنازل عن الحشد الشعبي، او التحرش بالحشد الشعبي، لأن الحشد الشعبي صار له الآن قانون، مجلس النواب العراقي أقر قانونا باعتبار الحشد الشعبي جزءا من القوات المسحلة العراقية وهي نظير قوات مكافحة الإرهاب، لذلك الحكومة ما عليها إلا أن تطبق ما يقرره مجلس النواب، وماذا تريد أمريكا؟ وماذا تريد السعودية؟ وماذا يريد غيرهم؟ حقيقة هذا لا يهمنا، يهمنا ما نحتاجه للأمن الوطني والأمن القومي العراقي، هل نحن نحتاج الحشد الشعبي للأمن الوطني والقومي العراقي؟ نعم، نحتاجه والدليل أنه في الثلاث سنوات الماضية حفظ النظام من تهديد وجودي، والذي هو أن داعش كانت على بعد 10 كلم من حيث نجلس الآن في مدينة الكاظمية المقدسة في بغداد، كان داعش على بعد 10 كلم من هنا، كان مرقد الإمام موسى بن جعفر (سلام الله عليه) على مرمى من بنادقهم، والحشد الشعبي عمل والجيش العراقي عملوا على دفعهم والآن يلفظون أنفاسهم الأخيرة في الموصل.
تسنيم: البعض يقولون أن الحشد الشعبي سيتجه الى العمل السياسي بعد معركة الموصل، كفصائل المقاومة أو كقيادات الحشد الشعبي، كيف تقرأ ذلك؟ وهل يمكنهم الدخول قانونيا؟
الدكتور موفق الربيعي: القوات المسلحة العراقية غير مخولة أن تدخل في العمل السياسي، الحشد الشعبي هو جزء من القوات المسلحة العراقية، فلا ينبغي له أن يدخل بالعمل السياسي، ولكن هناك فصائل إسلامية مقاومة وممانعة، الجناح العسكري لها صار جزء من الحشد الشعبي، والجناح السياسي بقي خارج الحشد الشعبي، أي خارج القوات المسلحة ولها الحق في أن تشارك في العمل السياسي وبالانتخابات.
تسنيم: البعض يقول أنه سيحصل صراع بعد تحرير الموصل، بين قيادات الحشد الشعبي أو بين الحشد الشعبي والبيشمركة أو بين البيشمركة والعرب، هل توجد مؤشرات واقعية على ذلك؟
الدكتور موفق الربيعي: لا أعقتد أنه سيحصل صراع، وهذه في الحقيقة مخاوف غربية، وأغلبها تمنيات، يتمنون أن يحصل قتال شيعي- شيعي، أو كردي- كردي او سني-سني أو عربي كردي أو سني شيعي، تتمنى ذلك بعض الدول المجاورة، وحتى بعض الدول الأوروبية وأمريكا. ولكن هذا تمنيات ليس لها على أرض الواقع شيء.
تسنيم: كيف ترون دور قائد فيلق القدس في حرس الثورة الاسلامية اللواء قاسم سليماني في العراق اليوم؟
الدعم الأمريكي استغرق أكثر من 3 أشهر، وجاء بثمن باهض، الدعم الإيراني جاء بعد 24 ساعة ولم يأت بثمن أصلا
الدكتور موفق الربيعي: أعتقد أن الأخ الحاج قاسم سليماني دعم المعارضة العراقية قبل 2003 ودعم الدولة العراقية الجديدة من 2003 الى 2014، أما في نكسة حزيران في 2014، عندما تهدد العراق، تهددت الدولة الجديدة تهديدا وجوديا، كان الأخ قاسم سليماني رفع وصعد من دعمه الى الدولة العراقية وخلال 24 ساعة كان السلاح والمستشارين الإيرانيين في بغداد. بينما الولايات المتحدة الأمريكية، المدة التي استغرقتها بعد نكسة حزيران، جاءت أول عملية دعم بالطيران للتحالف الدولي بعد 3 أشهر، بينما كان الدعم الإيراني خلال 24 ساعة، دعم الحاج قاسم سليماني، سلاح ومستشارين ومحللين وإذا اقتضى، لو طلبنا مقاتلين لجاء مقاتلون أيضا، أما الدعم الأمريكي استغرق أكثر من 3 أشهر، وجاء الدعم الأمريكي بثمن باهض، غيروا رئيس وزرائكم، غيروا الحكومة ثم ندعمكم، الدعم الإيراني لم يأتي بثمن باهض، بل لم يأت بثمن أصلا، الدعم الإيراني جاء للدفاع عن العراق وبالتأكيد أمن العراق واستقرار العراق هو أمن واستقرار إيران.
تسنيم: هناك تركيز اعلامي على اللواء قاسم سليماني مع أنه قد يكون مستشارا ضمن جوقة مستشارين، وربما هناك عشرات المستشارين الإيرانيين، مع ذلك نرى بعض الاعلام العربي والعراقي يركز على قاسم سليماني ويحاول طرده سياسيا، الاعلام السعودي واعلام عالمي ..
العقلية الغربية تفشل في فهم إنتاج الأبطال العديدين الذين أنتجتهم الثورة الإسلامية وخط المقاومة وخط الممانعة في المنطقة
الدكتور موفق الربيعي: أنا التقيت الأخ قاسم سليماني أكثر من مرة، ورأيته من أذكى من عرفت، عقلية استراتيجية على المستوى الدولي، وعقلية تعبوية على المستوى الدولي، عادة إما أن يكون الإنسان ذكيا تعبويا، أو أن يكون ذكيا سوقيا، ولكن ذكائه سوقي وتعبوي، المسألة الثانية العقل الغربي بشكل عام يريد أن يشخص إنسان، لا يستطيع أن يفهم الحالة الإيرانية والحالة الإيرانية تنتج عشرات إذا لم أقل ملايين من قاسم سليماني، الغرب لا يستطيع أن يفهم هذه العقلية، أي أن العقلية الغربية تفشل في فهم إنتاج الأبطال العديدين الذين أنتجتهم الثورة الإسلامية وخط المقاومة وخط الممانعة في المنطقة، ولكن الحاج قاسم سليماني متميز بين أخوانه، صحيح إنه مميز بينهم، والتركيز، لا يستطيعون أن يقولون أن الثورة الإسلامية في إيران، والجمهورية الإسلامية فشلت في المنطقة، إنما نجحت والانتصارات واضحة، لا يستطيعون أن يوقولوا أن إيران لم تبنِ دولة عظيمة في المنطقة، لايستطعيون أن يشكلوا على الإسلام المحمدي الذي تطبقه الجمهورية الإسلامية في إيران، فيحاولون أن ينتقصوا من أشخاص، فمحاولة اسقاط الأشخاص لاسقاط التجربة.
تسنيم: أنتم كنتم في المعارضة، كيف تأثرت المعارضة العراقية بالثورة الإسلامية في إيران؟
الثورة الإسلامية أعطتنا جرعة وشجعتنا وسرعت عملياتنا فتحولنا الى مراحل أكثر تقدما في العمل السياسي
الدكتور موفق الربيعي: نحن في المعارضة عندما كنا في العراق وحصلت الثورة الإسلامية في إيران، كنا نحتاج الى سنتين أو 3 سنوات لاستكمال الصراع السياسي، ولكن الثورة الإسلامية أعطتنا جرعة وشجعتنا وسرعت عملياتنا فتحولنا الى مراحل أكثر تقدما في العمل السياسي، بعد ذلك الثورة الإسلامية والإمام (قدس) جرّأ الشعوب على الحكام، الشعوب كانت تخاف من النمور، وأثبت الإمام أن هؤلاء الحكام وهؤلاء الدكتاتوريين المستبدين هؤلاء نمور من ورق، بدليل أن أقوى حكام المنطقة والذي هو الشاه، أسقطهُ {الإمام}.
تسنيم: في كتابك خط المساومة وخط الإمام وأنا قرأت منه صفحات قبل عام، تكلمت عن هذا الموضوع في وقت لم يتكلم فيه أحد عن هذا الموضوع، كيف تبادر هذا الموضوع على ذهنك في ذلك الحين؟
الدكتور موفق الربيعي: كان جدا واضح بالنسبة لي أنه لا يمكن لهذه الأمة الإسلامية وبالخصوص الأمة العربية أن تقوم لها قائمة إلا بتبني خط الإمام، وكنا نعتقد قبل قيام الثورة الإسلامية في إيران، قبل نجاح الثورة، كنا نعتقد أن نغير القاعدة ثم تتغير القمة، الإمام أثبت عمليا عكس نظريتنا. أنه يغير القمة ثم تغير القاعدة، لأنه يعتقد أن القاعدة مسلمة وتحب الإسلام وتحب المذهب ولكن الحكام فاسدين، ما الذي كنا نتصوره؟ وطبعا هذه كانت نظرية الإخوان المسلمين كذلك، كان لهم نفس تصورنا، نتصور أن الشعب هذا غير مسلم، شعوبنا غير مسلمة وغير متعلقة بالإسلام، أثبت الإمام عكس هذه النظرية، نظريتنا في الحركة الإسلامية بالعراق ونظرية الإخوان المسلمين في مصر والعالم الإسلام، أن التغيير يجب أن يبدأ من الأعلى، من القمة، لأن شعوبنا شعوب مسلمة، وكذلك، جرّأ الشعوب، جرأها على الدكتاتورية، وبأيدٍ بيضاء، بلا سلاح، لا يوجد فيها سلاح، يعني أن أمة غير مسلحة تتظاهر بالملايين أسقطت شاه إيران، أمة تظاهرت بعد ذلك بعد 30 سنة، بعد أكثر من 30 سنة، أمة تظاهرت في مصر وأسقط شاه مصر، أمة عزلاء بلا سلاح وأسقطته. إذن هذه النظرية أن الأمم حتى ولو كانت غير مسلحة بإمكانها ان تسقط الظلمة والمستبدين.
وللحديث تتمة..
https://t.me/wilayahinfo