بسم الله الرحمن الرحيم
إن من أهمِّ الأمور في مسير الإنسان في الحياة، أن يعرف بمن يقتدي، ويعلم صفات مقتداه جيِّداً.
فالقول الذي يقوله الناس: “الناس أعداء ما جهلوا” قو صحيح، وينطبق على مقامنا.
فإذا لم يعلم الإنسان بمن يقتدي أو علم ولكن جهله وقدَّره تقديراً خاطئاً، فسيكون عدواً له إن شعر أو لم يشعر.
ونحن نعرفُ مقتدانا وهم أهل البيت عليهم السلام ولكن هل عرفناهم حقّ معرفتهم؟ هل قدّرناهم حق قدرهم؟
هنا السؤال، ولكننا في الحقيقة نحتاج إلى تقديرهم التقدير الواقعي، ومعرفتهم معرفة حقيقية.
لقد قال علي عليه السلام:
“ليحبني أقوام حتى يدخلوا النار في حبي، ويبغضني أقوام حتى يدخلوا النار في بغضي”1.
وقال عليه السلام:
“يهلك فيَّ رجلان: محب مفرط بما ليس فيّ ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني”2.
وصدق علي عليه السلام في غلو الطرفين من محبيه ومن مبغضيه.
1- ينابيع المودة، ج2، ص181.
2- الأمالي، للشيخ الطوسي، ص256.
فقد بلغ من حب بعضهم إياه أن رفعوه إلى مرتبة الآلهة المعبودين، وبلغ من كراهة بعضهم إياه أن حكموا عليه بالمروق من الدين.
وليست معرفة أهل البيت عليهم السلام عملاً فكرياً أو قلبياً فحسب، بل تتعدى ذلك إلى معرفة أهدافهم، والسير لتحقيقها، فهم القدوة والأسوة.
يقول القائد دام ظله:
“يجب علينا أن ننظرَ إلى حياة الأئمة عليهم السلام كأسوة وقدوة نقتدي بها في حياتنا، لا كمجرد ذكريات قيّمة وعظيمة حدثت في التاريخ. وهذا لا يتحقق إلا بالاهتمام والتركيز على المنهج والأسلوب السياسي من سيرة هؤلاء العظام…”.
فاقتداؤنا بالأئمة عليهم السلام، إنما هو اقتداء هادف:
“إن سلسلة الحوادث في تاريخ الأئمة عليهم السلام هي امتداد خط الجهاد والمواجهة التي استمرت طيلة مئتين وخمسين سنة بأشكال مختلفة، وكان الهدف منها أولاً: تبيين الإسلام الأصيل وتفسير القرآن وإظهار الصورة الواضحة للمعرفة الإسلامية.
وثانياً: تبيين قضية الإمامة والحاكمية السياسية في المجتمع الإسلامي.
وثالثاً: السعي لأجل تحقيقها في المجتمع وتحقيق هدف الرسول الأعظم “صلى الله عليه وآله” وجميع الأنبياء، أي إقامة القسط والعدل وإزالة أنداد اللَّه من ساحة الحكومة وايداع زمام إدارة الحياة بيد خلفاء اللَّه وعباده الصالحين”.
فمن أهداف الأئمة عليهم السلام السامية إقامة حكومة إلهية عادلة.
“إن جميع أئمتنا بدون استثناء قد جاهدوا في سبيل إيجاد الحكومة العلوية وحكومة الحق الإلهية”.
في هذا الكتاب شذرات قليلة من أقوال القائد الخامنئي دام ظله في أهل البيت عليهم السلام التي ينبغي أن يكون ارتباطنا معهم قوياً:
“إننا بدون المحبة لا يمكن أن نتقدم بهذه النهضة. ونحن في الفكر الإسلامي نمتلك أعلى مصداق للمحبة. وهو محبة أهل البيت عليهم السلام” .
“فعلينا الاهتمام بقضية أهل البيت عليهم السلام فهي من أهم وأعظم قضايا الإسلام، وهي في مصافِ قضايا الدرجة الأولى لهذا الدين المقدس”.
ومن هذا المنطلق كانت هذه الإضاءات التي اقتبسناها من كلام القائد، في كلمات متفرقة، جمعناها، عسى أن نجتمع على أهل البيت عليهم السلام، فنرتقي بأنفسنا إلى مستوى طموحاتهم، فنكون زيناً لهم، ولا نكون شيناً عليهم.