الشعائر: تنوّعها وأشكالها:
وتختلف الشعائر الحسينيّة في طرق إحيائها من حيث الشكل والصورة, وتنقسم إلى أقسام عديدة: كإقامة المجالس, والبكاء, والإبكاء, واللَّطم, والمواكب والمسيرات, والزيارة, وإقامة التشابيه والمسرحيّات والتمثيل للواقعة, إلى غير ذلك من أشكال وألوان وصور الإحياء وكيفيّته.
وجلّ هذه الطرق والأشكال ممّا تعارف على إحيائها وإقامتها المحبّون والموالون, وتوارثوها من قديم الأزمان, في مختلف الأماكن والبلدان, وبمرأى ومسمع من العلماء والفقهاء, والمحبّين والأعداء[1].
إلّا أنّه وللأسف فقد دخل – وبشكل محدود – في بعض أشكال الإحياء ما يسيء إلى الشعائر الحسينيّة وقداستها وقيمتها, ويضرّ بأهدافها ودورها, ويؤدّي إلى نقض الغرض من توظيفها في خدمة الدّين وأهداف النهضة الحسينيّة المباركة, ممّا دعا العلماء الأعلام على مرّ العصور إلى الدعوة لتنزيهها عمّا يمكن أن يشينها ويضرّ بهدفيّتها.
ويعجبنا أن ننقل هنا بعضاً ممّا جاء في كلام للشيخ محمّد حسين آل كاشف الغطاء يوصي به أصحاب المواكب وأهل إقامة العزاء والشعائر الحسينيّة:
ووصيّتي ونصيحتي ورغبتي وطلبي من كافّة إخواننا المؤمنين, أمران مهمّان:
الأوّل: تنزيه المواكب الحسينيّة الشريفة من كلّ ما يشينها ويدنّسها ويخرج بها عن عنوان مظاهر الحزن والفجيعة, إذ ليس الغرض من تكرار فاجعة الطفّ كلّ سنة بل كلّ يوم اللهو واللعب بقصّة من الأقاصيص وعجيبة من الأعاجيب, بل في ذلك من الحكم السامية والأسرار المقدّسة ما يقصر عنه اللسان ويضيق به البيان, فاللازم تطهير تلك المواكب الشريفة عن كلّ ما يمسّ شرفها وكرامتها حتّى يترتّب عليها آثارها المشروعة وغاياتها الشريفة, التي من أجلها وفي سبيلها بذل الحسين, أرواحنا فداه, نفسه وأفلاذ قلبه وأعزّ
أهل بيته وأصحابه, حتّى جرى عليه من زوابع الفجايع ما لم يجر على بشر ولا نحسبه يجري على أحد من بعده.
الأمر الثاني: ولعلّه أهمّ من الأوّل, ألا وهو رفض هذه الخلافات والمشاجرات التي لا تعود إلّا بالضرر المبيد والضعف المهلك علينا معشَر المؤمنين, إنّما اللازم المحتّم علينا (لا) سيّما في مثل هذه الأعصار أن نكون يداً واحدة أمام العدوّ الذي لا يزال يجدّ ويدأب في هدم بيوتٍ أذن الله أن تُرفع..[2].
[1] المصدر السابق.
[2] الآيات البيّنات في قمع البدع والضلالات، ص 10- 11.
شبكة المعارف الإسلامية