قيمة قضاء حوائج المؤمنين وخدمتهم
من جملة ما يؤكّد الإسلام عليه في معرض التكافل الاجتماعي، ضرورة قضاء حوائج المؤمنين بعضهم لبعض.
فالمؤمن عليه أن يطلب حوائجه من أخيه المؤمن ولا يستحي منه. وكلما وجد في نفسه حاجة يكشفها له بلا تحرّج. ويطلب منه في نفس الوقت أن لا يتوانى في تقديم ما يتمكّن من تقديمه.
وحينما تقضي أنتَ حاجتي وأقضي أنا أيضاً لك حاجتك فأنت تتكامل معي وأنا أتكامل معك، لأنّك تستطيع أن تقوم بعمل لا أستطيع حتى هذه اللحظة أن أقوم به، وغداً قد أستطيع القيام به وتعجز أنت عنه. وهكذا فانّ عملية التعاون تبدأ من الجذور ومن الخلايا الصغيرة. وعندما يصبح المجتمع كلّه كتلة متراصّة، عندها لا يمكن اختراقها.
روي عن الامام الصادق عليه السلام قوله: “أوحى الله عزّ وجلّ إلى داود: إنّ العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه جنتي. فقال داود: يا ربّ وما تلك الحسنة؟
8- القارعة، 8-11.
قال: يُدخل على عبدي المؤمن سروراً ولو بتمرة.
فقال داود عليه السلام: “حقّ لمن عرفك ألّا يقطع رجاءه منك“9.
وحينما سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أيّ الأعمال أحب إلى الله، قال:
“اتّباع سرور المسلم”. قيل: يا رسول الله وما اتّباع سرور المسلم؟ قال: “شبعة جوعه، وتنفيس كربته، وقضاء دينه”10.
وفي حديث آخر يصوّر لنا مدى أهمّية قضاء حوائج المؤمنين بهذا الاسلوب الرائع. روي حنان بن سدير عن أبيه أنّه قال: كنت عند الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام فَذُكِر عنده المؤمن وما يجب من حقّه، فالتفت إليّ أبو عبد الله عليه السلام فقال لي: “يا أبا الفضل ألا أحدّثك بحال المؤمن عند الله؟ فقلت: بلى، فحدّثني جُعلت فداك. فقال:
إذا قبض الله روح المؤمن صعد ملكاه إلى السماء فقالا: يا ربّ عبدك ونعم العبد، كان سريعاً إلى طاعتك، بطيئاً عن معصيتك وقد قبضتَه اليك، فما تأمرنا من بعده؟ فيقول الجليل الجبّار: اهبطا إلى الدنيا وكونا عند قبر عبدي ومجّداني وسبّحاني وهلّلاني وكبّراني واكتبا ذلك لعبدي حتّى أبعثه من قبره.
ثم قال لي: ألا أزيدك؟ قلت بلى، فقال:
إذا بعث الله المؤمن من قبره، خرج معه مثال يقدمه أمامه، فكلما رأى المؤمن هولاً من أهوال يوم القيامة، قال له المثال: لا تجزع ولا تحزن وأبشر بالسرور والكرامة من الله عزّ وجلّ، فما يزال يبشره بالسرور والكرامة من الله سبحانه حتى يقف بين يدي الله عزّ وجلّ ويحاسبه حساباً يسيراً، ويأمر به إلى الجنة
9- بحار الأنوار، ج71، ص283.
10- م.ن.
والمثال أمامه، فيقول له المؤمن: رحمك الله نِعم الخارج معي من قبري! ما زلت تبشّرني بالسرور والكرامة من الله عزّ وجلّ حتّى كان ما كان، فمن أنت؟ فيقول له المثال: أنا السرور الذي أدخلته على أخيك المؤمن في الدنيا، خلقني الله لأبشرك”11.
الولاية الاخبارية