الرئيسية / بحوث اسلامية / المراجعات بقلم الإمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي42

المراجعات بقلم الإمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي42

ش
المراجعة 77 رقم : 20
صفر سنة 1330
البحث عن السبب في تقديم حديث أم سلمة عند التعارض
لم تكتف سلمك الله – في تقديم حديث أم سلمة على حديث عائشة رضي الله
عنهما – بما ذكرت سابقا ، حتى زعمت أن ما لم تذكره من الوجوه المقتضية لذلك أكثر
مما ذكرت ، فهاتها رحمك الله على كثرتها ، ولا تستأثر بشئ منها ، فإن المقام مقام
بحث وإفادة ، والسلام .
س
المراجعة 78 رقم : 22 صفر سنة 1330
الأسباب المرجحة لحديث أم سلمة مضافا إلى ما تقدم
إن السيدة أم سلمة لم يصغ قلبها بنص الفرقان العظيم ، ولم تؤمر بالتوبة في
محكم الذكر الحكيم ( 1 ) ( 807 ) ، ولا نزل القرآن بتظاهرها على النبي ، ولا
تظاهرت من بعده على الوصي ( 2 ) ( 808 ) ، ولا تأهب الله لنصرة نبيه عليها وجبريل
وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ، ولا توعدها الله بالطلاق ، ولا هددها
بأن يبدله خيرا منها ( 3 ) ( 809 ) ولا ضرب امرأة نوح وامرأة لوط لها مثلا ( 4 ) ( 810 )
ولا حاولت من رسول الله ( ص ) أن يحرم على نفسه ما أحل الله له ( 5 ) ( 811 ) ، ولا
قام النبي ( ص ) خطيبا على منبره فأشار نحو مسكنها قائلا : ” هاهنا الفتنة ، هاهنا
الفتنة ، هاهنا الفتنة ، حيث يطلع قرن الشيطان ( 6 ) ” ( 812 ) ، ولا بلغت في آدابها
أن تمد رجلها في قبلة النبي ( ص ) ، وهو يصلي – احتراما له ولصلاته – ثم لا ترفعها
عن محل سجوده حتى يغمزها ، فإذا غمزها رفعتها ، حتى يقوم فتمدها ثانية ( 1 )
( 813 ) وهكذا كانت ، ولا أرجفت بعثمان ، ولا ألبت عليه ، ولا نبزته نعثلا ،
ولا قالت : اقتلوا نعثلا فقد كفر ( 2 ) ( 814 ) ، ولا خرجت من بيتها الذي أمرها الله
عز وجل أن تقر فيه ( 3 ) ، ولا ركبت العسكر ( 4 ) ( 815 ) قعودا من الإبل تهبط واديا
وتعلو جبلا ، حتى نبحتها كلاب الحوأب ، وكان رسول الله ( ص ) أنذرها ( 5 )
( 816 ) بذلك ، فلم ترعو ولم تلتو عن قيادة جيشها اللهام الذي حشدته على
الإمام ، فقولها : مات رسول الله بين سحري ونحري معطوف على قولها : ” إن
رسول الله ( ص ) رأى السودان يلعبون في مسجده بدرقهم وحرابهم ، فقال لها :
أتشتهين تنظرين إليهم ؟ قالت : نعم ، قالت : فأقامني وراءه وخدي على خده ،
وهو يقول : دونكم يا بني أرفدة – إغراء لهم باللعب لتأنس السيدة – قالت : حتى
إذا مللت ، قال : حسبك ؟ قلت : نعم ، قال : فاذهبي ( 1 ) ” ( 817 ) وإن شئت
فاعطفه على قولها : ” دخل علي رسول الله ( ص ) وعندي جاريتان تغنيان بغناء
بعاث ، فاضطجع على الفراش ، ودخل أبو بكر فانتهرني ، وقال : مزمارة
الشيطان عند رسول الله ، قالت : فأقبل عليه رسول الله ( ص ) فقال :
دعهما . . . ” الحديث ( 2 ) ( 818 ) .
واعطفه إن شئت على قولها ( 3 ) : ” سابقني النبي فسبقته ، فلبثناه حتى
رهقني اللحم ، سابقني فسبقني ، فقال : هذه بتيك ” ( 819 ) أو على قولها ( 4 ) :
” كنت ألعب بالبنات ويجئ صواحبي فيلعبن معي ، وكان رسول الله يدخلهن
علي فيلعبن معي . . . الحديث ” ( 820 ) أو على قولها ( 1 ) : ” خلال في سبع لم تكن
في أحد من الناس إلا ما آتى الله مريم بنت عمران ، نزل الملك بصورتي ، وتزوجني
رسول الله بكرا لم يشركه في أحد من الناس ، وأتاه الوحي وأنا وإياه في لحاف
واحد ، وكنت من أحب النساء إليه ، ونزل في آيات من القرآن كادت الأمة تهلك
فيهن ، ورأيت جبرائيل ولم يره من نسائه أحد غيري ، وقبض في بيتي لم يله أحد
غيري ( 2 ) أنا والملك . ا ه‍ . ” ( 821 ) إلى آخر ما كانت تسترسل فيه من خصائصها
وكله من هذا القبيل .
أما أم سلمة فحسبها الموالاة لوليها ووصي نبيها ، وكانت موصوفة بالرأي
الصائب ، والعقل البالغ ، والدين المتين . وإشارتها على النبي ( ص ) يوم الحديبية
( 822 ) تدل على وفور عقلها ، وصواب رأيها ، وسمو مقامها ، رحمة الله وبركاته
عليها ، والسلام .
ش
المراجعة 79 رقم : 23 صفر سنة 1330
الاجماع يثبت خلافة الصديق
إذا تم كل ما قلتم من العهد والوصية ، والنصوص الجلية ، فماذا تصنعون
بإجماع الأمة على بيعة الصديق ؟ وإجماعها حجة قطعية لقوله ( ص ) : لا تجتمع أمتي
على الخطأ ( 823 ) ، وقوله صلى الله عليه وآله ” لا تجتمع على ضلال فماذا
تقولون ؟ ” ( 824 ) .
س
المراجعة 80 رقم : 25 صفر سنة 1330
لا إجماع
نقول : أن المراد من قوله ( ص ) : لا تجتمع أمتي على الخطأ ، ولا تجتمع على
الضلال ، إنما هو نفي الخطأ والضلال عن الأمر الذي اشتورت فيه الأمة فقررته
باختيارها ، واتفاق آرائها ، وهذا هو المتبادر من السنن لا غير ، أما الأمر الذي يراه
نفر من الأمة فينهضون به ، ثم يتسنى لهم إكراه أهل الحل والعقد عليه ، فلا دليل
على صوابه ، وبيعة السقيفة لم تكن عن مشورة ، وإنما قام بها الخليفة الثاني ، وأبو
عبيدة ، ونفر معهما ، ثم فاجأوا بها أهل الحل والعقد ، وساعدتهم تلك الظروف
على ما أرادوا ، وأبو بكر يصرح بأن بيعته لم تكن عن مشورة ولا عن روية ، وذلك
حيث خطب الناس في أوائل خلافته معتذرا إليهم ، فقال : ” إن بيعتي كانت
فلتة ، وقى الله شرها ، وخشيت الفتنة . . . الخطبة ( 1 ) ” ( 825 ) وعمر يشهد
بذلك على رؤوس الإشهاد في خطبة خطبها على المنبر النبوي يوم الجمعة في أواخر
خلافته ، وقد طارت كل مطير ، وأخرجها البخاري في صحيحه ( 2 ) ، وإليك محل
الشاهد منها بعين لفظه ، قال : ثم إنه ” بلغني أن قائلا ( 3 ) منكم يقول : والله لو
مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ، ألا
وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها ( إلى أن قال ) : من بايع رجلا من غير
مشورة فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا ( 4 ) ، ( قال ) : وأنه قد كان من خبرنا
حين توفى الله نبيه ( ص ) أن الأنصار خالفونا ، واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني
ساعدة ، وخالف عنا علي والزبير ومن معهما ” ( 826 ) ثم استرسل في الإشارة إلى ما
وقع في السقيفة من التنازع والاختلاف في الرأي ، وارتفاع أصواتهم بما يوجب
الفرق على الاسلام ، وأن عمر بايع أبا بكر في تلك الحال .
ومن المعلوم بحكم الضرورة من أخبارهم أن أهل بيت النبوة ، وموضع
الرسالة لم يحضر البيعة أحد منهم قط ، وقد تخلفوا عنها في بيت علي ، ومعهم
سلمان ، وأبو ذر ، والمقداد ، وعمار ، والزبير ، وخزيمة بن ثابت ، وأبي بن
كعب ، وفروة بن عمرو بن ودقة الأنصاري ، والبراء بن عازب ، وخالد بن سعيد
بن العاص الأموي ، وغير واحد من أمثالهم ، فكيف يتم الاجماع مع تخلف هؤلاء
كلهم ، وفيهم آل محمد كافة وهم من الأمة بمنزلة الرأس من الجسد ، والعينين من
الوجه ، ثقل رسول الله وعيبته ، وأعدال كتاب الله وسفرته ، وسفن نجاة الأمة
وباب حطتها ، وأمانها من الضلال في الدين وأعلام هدايتها ، كما أثبتناه فيما
أسلفناه ( 1 ) ، على أن شأنهم غني عن البرهان ، بعد أن كان شاهده الوجدان .
وقد أثبت البخاري ومسلم في صحيحيهما ( 1 ) ، وغير واحد من أثبات السنن
والأخبار ، تخلف علي عن البيعة ، وأنه لم يصالح حتى لحقت سيدة النساء بأبيها
( ص ) ، وذلك بعد البيعة بستة أشهر ، حيث اضطرته المصلحة الاسلامية العامة
في تلك الظروف الحرجة إلى الصلح والمسالمة ، والحديث في هذا مسند إلى عائشة ،
وقد صرحت فيه : أن الزهراء هجرت أبا بكر ، فلم تكلمه بعد رسول الله ، حتى
ماتت ( 828 ) وأن عليا لما صالحهم ، نسب إليهم الاستبداد بنصيبه من الخلافة ،
وليس في ذلك الحديث تصريح بمبايعته إياهم حين الصلح ، وما أبلغ حجته إذ قال
مخاطبا لأبي بكر :
فإن كنت بالقربى حججت خصيمهم * فغيرك أولى بالنبي وأقرب
وإن كنت بالشورى ملكت أمورهم * فكيف بهذا والمشيرون غيب ( 2 )
واحتج العباس بن عبد المطلب بمثل هذا على أبي بكر ، إذ قال له في كلام دار
بينهما ( 1 ) : ” فإن كنت برسول الله طلبت ، فحقنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين
طلبت ، فنحن منهم متقدمون فيهم ، وإن كان هذا الأمر إنما يجب لك بالمؤمنين ،
فما وجب إذ كنا كارهين ” ا ه‍ . ( 829 ) .
فأين الاجماع بعد هذا التصريح من عم رسول الله ( ص ) وصنو أبيه ؟ ومن
ابن عمه ووليه وأخيه ؟ ومن سائر أهل بيته وذويه ؟ .

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...