الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / في وفاة إبراهيم عليه السلام

في وفاة إبراهيم عليه السلام

 

فصل ـ 3 ـ
( في وفاة إبراهيم عليه السلام ) 

114 ـ عن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان (1) ، عن أبي بصير ، عن أحدهما صلوات الله عليهما ، قال : كان سبب وفاة إبراهيم عليه السلام أنّه أتاه ملك الموت ليقبضه فكره إبراهيم ، فرجع ملك الموت إلى ربّه ، فقال : إنّ إبراهيم كره الموت ، فقال : دع إبراهيم فانّه يحبّ أن يعبدني حتّى رآى إبراهيم شيخاً يأكل ويخرج منه ما يأكل ، فكره الحياة وأحبّ الموت ، فأتى داره فإذا فيها أحسن صورة ما رآها قطّ ، قال : من انت ؟ قال :أنا ملك الموت فقال : يا سبحان الله من هذا الّذي يكره قربك ورؤيتك ؟ وأنت بهذه الصّورة ، قال : يا خليل الله إن الله تعالى إذا أراد بعبد خيراص بعثني إليه في هذه الصّورة ، وإذا أراد بعبد شرّاً بعثني إليه في صورة غيرها وقبض إبراهيم عليه السلام بالشّام (2) . 

115 ـ عن ابن بابويه ، قال : حدّثنا أحمد بن موسى ، حدّثنا محمد بن هارون الصّولي (3) ، عن عبدالله بن موسى الجمال الطّبري ، حدّثنا محمد بن الحسين الخشاب (4) ، حدثنا محمد بن محسن ، عن يونس بن ظبيان (5) ، قال : قال لي الصّادق عليه السلام : يا يونس قال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام : لمّا أراد الله قبض روح إبراهيم عليه السلام هبط إليه ملك الموت عليه السلام فقال : السلام عليك يا إبراهيم قال : وعليك السلام يا ملك الموت أداع أنت أم ناع ؟ قال : بل داع فأجبه ، فقال إبراهيم : هل رأيت خليلاً يميت خليله ، قال : فرجع ملك الموت حتى وقف بين يدي الله تعالى فقال : إلهي قد سمعت ما قال خليلك إبارهيم عليه السلام ، فقال الله جلّ جلاله : يا ملك الموت اذهب إليه وقل له : هل رأيت حبيباً يكره لقاء حبيبه ؟ إنّ الحبيب يحبّ لقاء حبيبه . 
وتوفي إبراهيم بالشّام ، ولم يعلم إسماعيل صلوات الله عليهما بموته ، فتهيّأ لقصده (6) ، فنزل علي جبرئيل عليه السلام فعزّاه بإبراهيم ، وقال : يا اسماعيل لا تقل في موت أبيك ما يسخط الرّب وإنّما كان عبداً دعاه الله تعالى فأجابه . 
ولمّا ترعرع اسماعيل وكبر أعطوه سبعة أعنز ، وكان ذلك أصل ما له ، فنشأ وتكلم بالعربيّة وتعلّم الرّمي ، وكان اسماعيل صلوات الله عليه بعد موت أمّه تزّوج امرأة من جرهم اسمها زعله (7) ، وطلّقها ولم تلد له شيئاً ، ثمّ تزوّج السّيدة بنت الحرث بن مضاض فولدت له ، وكان عمر إسماعيل مائة وسبعاً وثلاثين ، ومات صلوات الله عليه ودفن في الحجر وفيه قبور الأنبياء عليهم السلام ، ومن أراد أن يصلي فيه فلتكن صلاته على ذراعين من طرفه (8) مما يلي باب البيت ، فانّه موضع شبير وشبر ابني هارون عليه السلام (9) . 

116 ـ وكان على عهد إبراهيم عليه السلام رجل يقال له : ماريا بن أوس ، قد أتت عليه ستمائة سنة وستون سنة ، وكان يكون في غيضة له بينه وبين النّاس خليج من ماء غمر ، وكان يخرج إلى الناس في كلّ ثلاث سنين ، فيقيم في الصّحراء في محراب له يصلي فيه ، فخرج ذات يوم فيما كان يخرج ، فإذا هو بغنم كان عليها الدّهن ، فاُعجب بها وفيها شاب كأنّ وجهه شقة قمر ، فقال : يا فتى لمن هذا الغنم ، قال : لإبراهيم خليل الرّحمن قال : فمن أنت ؟ قال : أنا ابنه إسحاق ، فقال ماريا في نفسه : اللّهم أرني عبدك وخليلك حتّى اراه قبل الموت . 
ثم رجع إلى مكانه ورفع إسحاق ابنه خبره إلى أبيه فأخبره بخبره ، وكان إبراهيم يتعاهد ذلك المكان الّذي هو فيه ويصلّي فيه ، فسأله إبراهيم عن اسمه وما أتى عليه من السّنين فخبّره ، فقال : أين تسكن ؟ فقال : في غيضة ، فقال إبراهيم عليه السلام إنّي أحبّ أن آتي موضعك فأنظر إليه وكيف عيشك فيها ؟ قال : إنّي أيبّس من الثّمار الرّطب ما يكفيني إلى قابل ، لا تقدر أن تصل إلى ذلك الموضع فإنه خليج وماء غمر ، فقال له إبراهيم : فما لك فيه معبر ؟ قال : لا : قال : فكيف تعبر ؟ قال أمشي على الماء ، قال إبراهيم : لعل الله الّذي سخّ لك الماء يسخّره لي . 
قال : فنطلق وبدأ ماريا فوضع رجله في الماء وقال : بسم الله قال إبراهيم عليه السلام : بسم الله ، فاتفت ماريا وإذا إبراهيم يمشي كما يمشي هو ، فتعجّب من ذلك ، فدخل الغيضة ، فأقام معه إبراهيم صلوات الله عليه ثلاثة أيّام لا يعلمه من هو ، ثم قال له : يا ماريا ما أحسن موضعك هل لك أن تدعو الله أن يجمع بيننا في هذا الموضع ؟ فقال : ما كنت لأفعل ، قال : ولم قال لأنّي دعوته بدعوة منذ ثلاث سنين فلم يجبني فيها ، قال : 
وما الّذي دعوته به (10) ؟ فقصّ عليه خبر الغنم واسحاق ، فقال إبراهيم عليه السلام : فإنّ الله قد استجاب منك أنا إبراهيم ، فقام : وعانقه فكانت أوّل معانقة (11) . 
____________

(1) في العلل : عن أبيه عن سعد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن البزنطي عن أبان بن عثمان الخ مع الختلاف يسير . 
(2) بحار الأنوار ( 12 | 79 ) ، برقم : ( 8 ) عن العلل ، وراجع العلل ( 1 | 38 ) .
(3) في ق 4 : الصوفي .
(4) في ق 2 : محمد بن الحسن الخشاب .
(5) في ق 2 : محمد بن الحسن عن يونس ، وفي موضع من البحار : محمد بن محصن عن يونس بن ظبيان .
(6) في ق 1 وق 4 وق 5 : تهيأ لقصيده ، وفي البحار : تهيأ اسماعيل لابيه .
(7) في ق 1 وق 4 وق 5 : زعلة أو عمادة ، وفي ق 3 : وعلة أو عمارة ، وفي ق 2 : زعلة أو عمارة . 
(8) في ق 1 وق 2 : من طوفه .
(9) بحار الأنوار ( 12 | 78 ) ، برقم : ( 7 ) إلى قوله : يحبّ لقاء حبيبه . ومن قوله : ولمّا ترعرع ، إلى آخره في نفس الجزء ص ( 112 ـ 113 ) برقم ( 40 ) والباقي مذكور ص ( 96 ) عن العلل . 
(10) الزيادة من ق 4 فقط وهو أحسن .
(11) بحار الأنوار ( 12 | 9 ـ 10 ) ، برقم : ( 23 ) .

شاهد أيضاً

ألف سؤال وإشكال (المجلد الأول) / الصفحات: ٢٢١ – ٢٤٠

ألف سؤال وإشكال (المجلد الأول) / الصفحات: ٢٢١ – ٢٤٠ *  *  * ٢٢١ الأسئلة ...