المرأة والأسرة في فكر الإمام الخامنئي
20 سبتمبر,2019
الاسلام والحياة, صوتي ومرئي متنوع
1,269 زيارة
2- السيدة الزهراء عليها السلام: الزوجة والأمّ:
يتجسّد المثال الآخر في حياتها الزوجية. فقد يتصوّر بعض الناس أنّ الحياة الزوجية – في طرف المرأة – تعني الاهتمام بشؤون المنزل وإعداد الطعام وترتيب غرف البيت وتنظيفها وعندما يأتي الزوج من العمل تقدّم له الوسادة على غرار ما كان يفعله القدماء. الحياة الزوجية ليس معناها هذا فقط. أُنظروا كيف كانت الحياة الزوجية لفاطمة الزهراء.
على مدى السنوات العشرة التي قضاها الرسول في المدينة عاشت الزهراء مع أمير المؤمنين حياة زوجية استمرّت سنوات، وقعت في تلك الفترة معارك متعدّدة صغيرة وكبيرة ـ بلغت نحو ستين معركة ـ وشارك أمير المؤمنين في أغلبها.
أُنظروا إلى حياة هذه الزوجة التي كانت في بيت زوج كان يشارك في المعارك باستمرار، لأنّ نتائجها تتوقّف على مشاركته فيها، ولولاه لما كتب لها النصر ـ إضافة إلى أنّ حياتها المعيشية لم تكن على ما يرام من الرفاهية أو الغنى ولا تتعدّى ما سمعناه عنها في قوله تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾[1] بمعنى أنّها كانت تعيش حياة فقر وعوز على الرغم من كونها ابنة الرسول وزعيم الأمّة، وذلك يعني أنّها كانت تحمل كامل الشعور بالمسؤولية.
لاحظوا كم تستلزم وضعية هذه المرأة من صلابة حتّى تفيض بها
على هذا الزوج ليكون متفرّغاً من هموم وهواجس الأهل والعيال ومصاعب الحياة، ولتبعث فيه السكينة والطمأنينة، وتربّي الأولاد بتلك التربية العالية التي ربّتهم عليها. فإذا قال قائل إنّ الحسن والحسين إمامان ومجبولان على العصمة، فزينب لم تكن إماماً، لكنّ فاطمة الزهراء ربّتها تربية صالحة خلال تلك السنوات القصيرة.. إذ لم تلبث فاطمة طويلاً من بعد وفاة الرسول.
وهكذا كان دأبها أيضاً في حياتها العائلية وفي إدارتها لشؤون البيت وفي حياتها الأُسرية. ألا يمكن أن يكون كلّ هذا مثالاً تحتذي به الفتاة أو ربّة البيت أو من تشرّفت توّاً وأصبحت ربّة بيت؟ هذه الجوانب مهمّة جداً.
3- السيّدة الزهراء عليها السلام وموقفها السياسيّ:
بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قصدت المسجد ذات يوم وألقت فيه خطبة عصماء. وهذا من مواقفها الداعية إلى العجب، ونحن أصحاب الخطابات والكلمات الارتجالية نعرف مدى عظمة مثل هذه الخطبة، وما معنى أن تقدم امرأة في الثامنة عشرة أو العشرين أو الرابعة والعشرين على أغلب الاحتمالات ـ والحقيقة أن عمرها الشريف غير معروف على وجه الدقّة بسبب عدم وجود تاريخ موحّد لولادتها ـ مع كلّ ما كانت تحمله من هموم ومصائب، وتدخل المسجد وتخطب أمام حشد غفير من المسلمين ويسجّل التاريخ كلّ كلمة من تلك الخطبة.
كان العرب مشهورين بقوّة الحفظ، فكان الرجل يأتي ويلقي
قصيدة من ثمانين بيتاً، ثم ترى عشرة رجالٍ ـ مثلاً ـ يسارعون إلى كتابتها عن ظهر قلب. وأغلب الأشعار المنقولة حفظت بهذه الطريقة. وعلى غرار حفظ القصائد كانت تحفظ الأحاديث والخطب. وعلى هذا المنوال دوّنت وحفظت هذه الخطب أيضاً وبقيت حتّى يومنا هذا. والكلمات لا يخلّدها التاريخ اعتباطاً.. وما كلّ كلام يُحفظ، فلطالما قيلت كلمات وأُلقيت خطب وأشعار، إلّا أنّ أحداً لم يأبه لها ولم تحفظ، ولكنّ الشيء الذي يحفظه التاريخ بين جوانحه وحينما ينظر إليه الإنسان بعد ألف وأربعمائة سنة يشعر إزاءه بالخشوع، لا شكّ أنّ فيه دلالة على العظمة.
وخلاصة القول إنّ هذه المرأة خليقة بأن تتّخذها الشابّات قدوة لهنّ[2].
[1] سورة الإنسان، الآيتان 8 و9.
[2] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة أسبوع الشباب في الجمهورية الإسلامية، في طهران، بحضور جمع من الشباب من مختلف الشرائح الاجتماعيّة، بتاريخ 11/01/1419ه.ق.
2019-09-20