الرئيسية / تقاريـــر / سيد الحب والقيم والأخلاق – حسين إبراهيم ناصر الدين

سيد الحب والقيم والأخلاق – حسين إبراهيم ناصر الدين

بعد المقابلة الأخيرة لسماحة السيد “حسن نصرالله” (حفظه الله)، أحببت أن أجول قليلا حول بعض الجوانب الشكلية، الإعلامية، المضمونية، والقيمية لتلك المقابلة.

أولا: من الناحية الشكلية:

لفتني وجود أربع صور معلقة على الجدران، لكل منها – باعتقادي – رمزيته ودلالته. أولها لوحة فيها قوله تعالى: (وكفى بالله وكيلا)، وهي تختصر سر العزة في هذا الرجل، إنه التوكل على الله تعالى. والصورتان الأخريان للإمام الخميني (قدس سره) والقائد الخامنئي (دام ظله)، وهما تأكدان – وفي هذا الوقت بالتحديد – فخر سماحته بانتسابه لمدرسة ولاية الفقيه التي هي امتداد لولاية المعصوم (عليه السلام) في عصر الغيبة. أما الصورة الأخيرة، فهي لجمهور المقاومة، وفيها الكثير من الحب والوفاء، فكما يضع المحبون صور السيد في منازلهم وقلوبهم، كذلك هو يضع صور محبيه في قلبه…وبيته.

ثانيا:من الناحية الإعلامية:

كانت المقابلة مختلفة تماما عن سابقاتها، فشخصية المحاور (الأستاذ سامي كليب) مختلفة عن الآخرين، وبالتالي كانت بعض الأسئلة مختلفة، استطاع بشكل كبير أن يفتح معظم الملفات الكبيرة والأساسية، واستطاع كذلك أن يأخذ معلومات جديدة وحساسة من سماحته. أعجبني ذكره بعض العبارات للسيد القائد (دام ظله)، فلذلك أبعاد ثقافية أراها مهمة ومؤثرة إعلاميا، واستطاع كذلك أن يطرح كثيرا من التساؤلات التي تدور على ألسنة الصديق والعدو. أزعجتني مقاطعة السيد في بعض الأحيان، التي ربما ترجع لضيق الوقت وكثرة الأسئلة، أو لشغف الأستاذ “سامي” ليأخذ أكبر قدر من المعلومات من سماحته، ولكن ابتسامة السيد ورحابة صدره كانت تخفف من تلك المشكلة، ولكن ما أزعجني أكثر – بصراحة – هو انعدام التقوى والأخلاق عند الذين تناولوا المحاور بشكل استهزائي مهين، ونسوا قوله تعالى (ولا يسخر قوم من قوم..)، فهل يقبل السيد بهذا؟!!.. إن كان هناك ملاحظة أو اعتراض، يمكن أن تذكر بشكل راق مهذب، لتصحح في المرة القادمة، فمقاومتنا أسست على التقوى وقائدها هو سيد الأخلاق.

ثالثا: من ناحية المضمون:

شهادتي هنا مجروحة، فالمضمون كما كل مرة، غني، شامل، واستراتيجي. لقد رسم خارطة طريق كاملة للمرحلة القادمة، إيران قوية بثورتها، وفي اليمن أسود تنتظر الإشارة، في سوريا بشائر نصر كامل، وعلى حدود الجولان بذرة مقاومة، المقاومة يجب أن تفاجئ العدو، والقدس هي البوصلة، إسرائيل لا تحتاج الكثير من الصواريخ، وإن فرضت الحرب الكبرى – وفق تعبير سماحته – فيجب أن تكون الفرصة الكبرى (ولأبعد من الجليل)، ولواء القدس بقيادة الحاج “قاسم سليماني” في قلب المحور. لا أبالغ إن قلت، إن كلام سماحته يغنيك عن متابعة سنة كاملة من الأحداث.

رابعا: من ناحية القيم:

وهذا من أهم الجوانب بنظري، فلقد تجلت قيم عدة في كلام سماحته، قيم الإسلام الأصيل. أذكر بعضها على سبيل المثال، لتكون مدرسة لنا جميعا:

1- رحابة صدره في التعامل مع محاوره، فلم نسمع منه تبرما أو انتقادا، بل كان في قمة الهدوء والسكينة.

2- التزامه بالوفاء بوعده وتحمل مسؤولية كلامه، فحين سئل عن المدة المتوقعة لانتهاء الحرب في سوريا، قال ما مضمونه: “في سنة أو سنتين، إذا استمر الوضع على ما هو عليه..”، لماذا هذا القيد الأخير؟! لأنه يعرف تماما أنه مسؤول عن كلامه ودقته، وهذا يعطينا درسا في المسؤولية والدقة في كلامنا ووعودنا فيما بيننا.

3- تأكيده على أن مصلحة حلفائه هي أساس في الانتخابات القادمة، هذه هي السياسة النظيفة، سياسة الوفاء والالتزام، وهذا ما يشهد به لسماحته طوال مدة عمله السياسي، مهما كانت الظروف.

4- تأكيده، حين سئل عن رأيه بتصريح الوزير “جبران باسيل” الأخير، على أن النصح يجب أن يكون في السر، مستشهدا بحديث عن أمير المؤمنين (عليهم السلام): (من وعظ أخاه سرا فقد زانه ومن وعظه علانية فقد شانه)…إنه مدرسة قيم.

5- زهده في الدنيا، انظروا إلى براءة ابتسامته حين سئل عن راتبه، ثم انظروا إلى راتبه، رجل يعمل منذ عشرات السنوات، يحمل هم أمة بأكملها، يجاهد في كل الجبهات، لا يرتاح ولا يستكين، وحين يسأل عن راتبه، يتبسم كالملائكة ويجيب: 1300$.

6- وهي تختصر كل ما مضى، حين سئل عن تعبه، فأجاب بكل سكينة: “إنه بعين الله، ونحن نعمل لآخرتنا..”. هذا كله، واللوحة أمام عينيه مكتوب عليها: (وكفى بالله وكيلا)…

شاهد أيضاً

الادب العربي – الأمثال العربية: محمد رضا المظفر

المقدمة من سنن الاسلام مراعاة النفس الانسانية،فهناك نفس مؤمنة قوية مطمئنة،ونفس كافرة قلقة هشة.نفسيات متباينة ...