الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / أعْلامُ النِّساءِ المُؤمِنَاتِ

أعْلامُ النِّساءِ المُؤمِنَاتِ

بسم الله الرحمن الرحيم

(6)

(7)

مقدّمة الطبعة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله حمداً دائماً أبداً ، والصلاة والسّلام على البشير النذير والسراج المنير ، سيّدنا ومولانا أبي القاسم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم . وعلى أهل بيته وخاصّته وحامّته ، ووديعته في اُم ّته حتى ورود حوضه ، حيث يرث الله الأرض ومَن عليها . واللعنة الدائمة المتّصلة المترادفة المتواصلة على شانئيهم وغاصبيهم ما أوجب الحقّ تعالى لهم حتى قيام القيامة وملامة النفس اللّوامة ، حيث يخسأ أقوام فلا يتكلّمون ، ويبتهج آخرون إذ يتنعمون .
وبعد
قبل عدّة سنوات خَرجت الطبعة الاُولى من هذا الكتاب ، الذي نال ـ بحمد الله تعالى ـ استحسان عدد كبير من العلماء الأعلام والاُخوة المثقّفين . فقد بعث إلينا بعضهم رسائل يُعربون فيها عن تقديرهم لهذا المجهود ، ويحثّوننا على الاستمرار في البحث عن المزيد من التراجم . كما قامت بتعريفه عدّة صحف ومجلاّت في داخل الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة ، فللّه درّهم وعليه أجرهم .
وها هي الطبعة الثانية نُقدّمها بين يدي القارىَ الكريم ، بعد نفاد نسخ الطبعة الاُولى ، ولابُدّ هنا من الاشارة إلى عدّة نقاط :
الاُولى : المقصود بالعَلميّة في هذا الكتاب : هو أن يكون للمرأة موقف يُقتدى به ، بغضّ النظر عن مستواها العلمي والثقافي . فنحن نذكر الراويات والمحدّثات والمجتهدات

(8)

والفقيهات والمؤلّفات والأديبات والشاعرات ، وغيرهن ، باعتبار أنّ كلّ واحدة منهنّ يمكن أن تصبح قدوة في الدور الذي أدّته في الحياة .
وإلى جانب ذلك كلّه نذكر المجاهدات وصاحبات المواقف البطوليّة وإن كُنَّ اُم ّيات لا يقرأن ولا يكتبن ، فالحاضرات في واقعة الطف ، والمشاركات في ثورة العشرين العراقية ، نعتبر كلّ واحدةٍ منهنّ عَلماً وصاحبة موقف بطولي يُقتدى به .
الثانية : المقصود بالإيمان هو المعنى الخاص لا العام ، فنذكر مَن تيّقنا أنّها مؤمنة أو غلب الظنّ القوي على ذلك .
الثالثة : بعض التراجم احتلّت مساحةً كبيرةً من هذا الكتاب ، والبعض الآخر لم تستوعب ترجمتها سوى عدّة سطور رحمه الله وذلك ناشىَ عن المعلومات المتوفّرة لدينا عن المترجَم لها ، أو حجم الدور الذي أدّته في الحياة .
الرابعة : لم نجعل كتابنا هذا علميّاً جافّاً ، ولا ثقافياً سطحيّاً ، بل أمر بين أمرين . فجمعنا بين الجانب العلمي الرزين ، حيث وقفنا على النقاط العلميّة التي تحتاج إلى وقفة وتأمّل . وبين الجانب الثقافي العام ، فحاولنا قدر الامكان تبسيط لغة الكتاب والابتعاد عن استعمال المصطلحات الغريبة .
وتعرّضنا أيضاً في أثناء سرد التراجم إلى ذكر نكاتٍ ثقافيّة ومعلومات اضافيّة ترتبط بصاحبة الترجمة : إمّا بتعريف بسيط لوالدها أو زوجها ، وإمّا بتسليط بعض الأضواء على واقعة معيّنة ، وإمّا بذكر بيت شعرٍ أو عدّة أبي ات اقتضت الحاجة إليها .
كلّ ذلك من أجل أن نجعل مساحة الاستفادة من هذا الكتاب كبيرة ، خصوصاً لنساء عصرنا ، فقد أخبرنا بعض الأخوة والأخوات بأنّهم استفادوا من المعلومات المدرجة فيه عند كتابةِ مقالٍ مُعيّن يُنشر في الصحف والمجلاّت ، أو في تهيئة محاضرة تُلقى في بعض المناسبات .
وأخيراً فإنّنا نؤكد بأنّ التراجم المذكورة في هذا الكتاب لا تُمثّل العدد الواقعي للنساء المؤمنات اللواتي كان لهنّ مواقف في الحياة ، بل هذا ما تعرّفنا عليه وتوصّلنا إليه خلال

(9)

مطالعاتنا ومتابعاتنا القاصرة . فالرجاء من القرّاء الكرام أن لا يضنّوا علينا بأيّة ملاحظة أو تصويب ، فالعصمة لله وحده ، والمرء قليل بنفسه كثير بأخيه ، والحمد لله ربّ العالمين .

محمّد الحسّون ـ اُم علي مشكور
23 محرّم 1418هـ

(10)

(11)

مقدمة الطبعة الأولى

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله سابغ النعم ، واهب الحكم . والصلاة والسّلام على رسوله العَلَم الأعلم ، ذي الخُلق المعظّم ، الذي شهدت بفضله ياسين والقلم ، سيّدنا ومولانا ، نبيّنا ومقتدانا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلى آله كاشفي الظلم ، وهداة العرب والعجم ، وعلى صحبهم الأخيار وتابعيهم من شتى الاُم م ، ولأعدائهم أسفل درك في جهنم .
وبعد ،
لقد حظيت المرأة المسلمة بمراتب عُليا في ظلّ دينها الحنيف ، فبيّضت بمواقفها الصحائف ، وأعلنت شموخ شخصيتها ، من خلال أدوارها المشرّفة في كلّ مجال وحين . فلم تدع فضيلة إلاّ ولها فيها يد ، فالفقه والحديث ، والشعر والنثر ، والجهاد : إمّا بالحضور في سوح المعارك ، وإمّا بإلقاء كلمة الحقّ عند سلاطين الجور .
ولكن ، للأسف لم يطّلع العالم ـ والمرأة خصوصاً ـ على هذه الأسرار ، حيث ضياؤها مخفيّ في غور المكتبات ، وأسماء أعلام نساء الدين الحنيف مبعثرة في أوراق صارت طعاماً للحشرات والآفات ، وذلك ناتج من عدم اهتمام المؤرخّين بالمرأة .
فعندما لاحظنا وتعرّفنا على مواقف المرأة في مختلف الأزمنة والعصور ، خطرتْ في بالنا فكرة تأليف كتاب جامع لأكبر عدد ممكن من أعلام نساء الإيمان ذوات المواقف المشهودة . فتوكلنا على الحيّ القيّوم ، وشرعنا بتأليف هذا الكتاب ، واستمر عملنا الدؤوب

(12)

في فترة تجاوزت الثلاث سنين ، وهو الآن بين يديك أيها القارىء الكريم ، فأملنا ورجاؤنا الوحيد أن تُعطي للكتاب حقّه ، وتتّخذين أيتها الاُخت المؤمنه هذه النسوة قدوة لك واُسوة حسنة رحمه الله لكي تنتهي إلى ما انتهت إليه تلك النساء من كمال ورفعة شأن وشموخ شخصيّة .
وكان منهجنا في تأليفه هو البحث عن كلّ كتاب يتعرّض لتراجم النساء ، صالحها وطالحها ، مستقلة أو منضمّة إلى تراجم الرجال . والله يعلم ما حجم المعاناة التي كنّا نعانيها في سبيل الحصول على هذه الكتب ، فكتاب من هذا الصديق ، وآخر من تلك المؤسسة أو المركز العلمي ، وهكذا نسعى وراء كلّ كتاب نسمع به ، فجزى الله الذين أعارونا كتبهم أحسن جزاء المحسنين .
وعند حصولنا على كتاب فيه تراجم نقوم بإستقرائه ، ونثّبت الصالح منه ، وأثناء ذلك نتعّرف على كتب اُخرى فنسعى للحصول عليها ، ونثّبت ما نراه جيّداً منها ، وبذلك نكون قد استقرأنا عدداً كبيراً من الكتب سجّلناها في آخر الكتاب في فهرس للمصادر ، وبعض المصادر التي لم نحصل عليها كنّا ننقل عنها بالواسطة .
وبعد فترة من العمل الجاد والمثابر تجمّعت لدينا ترجمة أربعمائة امرأة تقريباً لهنّ دور في المجتمع الإسلامي ، وتخيّرنا هنا بين أمرين :
الأول : تقديم التراجم بعد أخذها من الموسوعات دون الرجوع إلى المصادر الرئيسية التي اعتمد عليها مؤلفو هذه الموسوعات .
الثاني : الرجوع إلى كلّ المصادر الرئيسية المعتمدة ، وجعل الموسوعات مجرد كشّاف لمعرفة أكبر عدد ممكن من التراجم ، فأعلام النساء ، وأعيان الشيعة ، ومعجم رجال الحديث ، وغيرها من الموسوعات تعتمد على مصادر رئيسية .
فاخترنا الأمر الثاني مع ما فيه من الصعوبة البالغة ، فكنّا نذهب إلى المكتبات أو نجلب بعض الكتب إلى البيت من أجل التعرّف على صحّة ما هو موجود في الموسوعات ، وتثبيت أرقام صفحات تلك المصادر ، وقد استغرقت هذه العمليّة وقتاً كبيراً . ونتيجة لذلك فقد تعرّفنا على ما وقع فيه بعض المؤلّفين من أخطاء ، ونشير إلى بعضها على سبيل المثال لا

(13)

الحصر :
ففي معجم رجال الحديث نرى أنّ السيّد الخوئي حفظه الله ورعاه يذكر اُمي الصيرفي ـ وهو راوٍ للحديث ـ في الجزء23 المختص بالنساء ، ويقول :
اُمي الصيرفي : روى الشيخ بسنده عن حنان عن اُمي الصيرفي أو بينه وبينه رجل ، عن عبدالملك بن عمير القبطي . التهذيب : الجزء9 ، باب ميراث أهل الملّة المختلفة ، الحديث1311 .
ثم قال : كذا في الطبعة القديمة على نسخة ، وفي نسخة اُخرى منها : حنان ، عن أبي الصيرفي ، وهو الموافق لما رواه في الإستبصار الجزء4 ، باب انه يرث المسلم الكافر ولا يرثه الكافر ، الحديث715 ، وفيه : عبدالملك بن عمر القبطي أيضاً ، والوافي والوسائل كما في هذه الطبعة من التهذيب (1) .

وعند مراجعتنا للمصادر نرى أنّ اُمي الصيرفي رجل وليس امرأة ، وقد اشتبه الأمر على السيّد الخوئي حفظه الله ورعاه فحسبه امرأة وذكره في الجزء 23 المختص بذكر النساء . علماً بأنّه ذكر اُمي الرواني في مكان آخر من معجمه ، قال :
اُمي الرواني : من أصحاب الصادق عليه السلام ، ذكره البرقي وقال : صيرفي كوفي ، وفي كتاب سعد : مرادي (2) .

وفي أعيان الشيعة قال السيّد محسن الأمين :
شراجة الهمدانية : قد وقعت في طريق الصدوق رحمه الله في باب ما يجب من التعزير والحدود في رواية شعيب العرقوفي ، عن أبي بصير ، وليس لها ذكر في كتب الرجال (3) .

وعند مراجعتنا للفقيه نجد الرواية هكذا :
____________
1 ـ معجم رجال الحديث 23 : 182 ، رقم 15598 .
2 ـ معجم رجال الحديث 3 : 233 رقم 1537 .
3 ـ أعيان الشيعة 7 : 335 .

(14)

وخرج أمير المؤمنين عليه السلام بشراجة الهمدانية فكاد الناس يقتل بعضهم بعضاً من الزحام ، فلمّا رأى ذلك أمر بردّها حتى خفّت الزحمة ، ثم اُخرجت وأغلق الباب ، قال : فرموها حتى ماتت ، ثم أمر بالباب ففتح ، قال : فجعل مَن دخل يلعنها . . . . . . (1)

ويتّضح من هذه الرواية أنّ شراجة الهمدانية امرأة زانية أقام الإمام علي عليه السلام عليها الحدّ ، فاشتبه الأمر على السيّد الأمين فحسبها واقعة في طريق الصدوق ، وأوردها في كتابه المختص بذكر سِير وتراجم أعيان الشيعة رجالاً ونساءً . علماً بأنّه يذكر عدداً كبيراً من النساء وفي نهاية الترجمة يقول : ولا نعلم أنّها من شرط كتابنا ـ أي من الشيعة ـ وذكرناها لذكر الشيخ لها .
وعند مراجعتنا لكتاب الرجال للشيخ الطوسي رحمه الله نرى أنّه لم يقتصر على ذكر ترجمة الشيعة فقط ، بل حتى أنّه يذكر أسماءً عُرفت بعداوتها لعلي بن أبي طالب سلام الله عليه ، إذاً فمجرد ذكر الشيخ لأحد لا يستلزم كونه شيعياً ، إلاّ إذا دلّت قرائن اُخرى على ذلك .
وفي تراجم أعلام النساء قال مؤلّف الكتاب الشيخ محمّد حسين الأعلمي الحائري :
زرقاء بنت عدي بن غالب بن قيس الكوفية ، كانت ممن يُعين عليّاً يوم صفين ، فقال عليه السلام لأصحابه : أيكم يحفظ كلام الزرقاء ؟
فقال القوم : كلنّا نحفظه يا أمير المؤمنين .
قال : فما تشيرون عليّ فيها ؟
قالوا : نشير عليك بقتلها .
قال : بئس ما أشرتم عليَّ به ، أيحسن بمثلي أن يتحدّث الناس أني قتلت اُم رأة بعد ما ملكتُ وصار الأمر لي ، ثم دعا كاتبه في الليل فكتب إلى عامله في الكوفة أن أوفد إليّ الزرقاء ابنة عدي مع ثقة من محرمها وعدّة

____________
1 ـ من لا يحضره الفيه 4 : 16 ، حديث 28 .

(15)

من فرسان قومها ، ومهّدها وطاءً ليناً واسترها بستر خصيف ، والتفصيل في بلاغات النساء ص32 (1) .

وعند مراجعتنا لبلاغات النساء وغيره من المصادر الاُم وجدنا أنّ الشيخ الحائري وقع في خطأ فظيع لايُغتفر ، إذ أنّ الكلام المتقدّم : ( أيكم يحفظ كلام الزرقاء . . . . . ) هو لمعاوية ابن أبي سفيان وليس لعليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وهو واضح لأي قارىء متأمّل ، إذ كيف يشير أصحاب علي عليه السلام ـ لو كان الكلام لعلي عليه السلام ـ بقتلها وقد نصرته في حرب صفين .
ولعلّ الحائري اشتبه عليه الأمر عندما قرأ عبارة ( أمير المؤمنين ) ، فتصوّرَ أنّ الكلام للإمام علي عليه السلام ، وغاب عنه أنّ معاوية بن أبي سفيان يلقّب بهذا اللقب زوراً ، وهو أمير الفاسقين لا غير .
وليس هذا هو الخطأ الوحيد الذي وقع فيه الشيخ الحائري ، فهناك أخطاء كثيرةً وزّلات كبيرة في كتابه المذكور ، فمثلاً أخطأ عند ذكر « زوج سكينة » ، إضافة إلى أنّه ذكر تراجم عدد من النساء الطالحات ، فنراه يذكر فريدة المغنية ويصفها بجودة الغناء ، ثم يذكر قرّة العين ، تلك المرأة المنحرفة التي اتفق الجميع على لعنها والبراءة منها ، ويذكر أيضاً العجوز المكّارة ، وكيف أنّها كانت تجيد المكر في سبيل إغراء الفتيات وايقاعهنّ في الرذيلة .
ونراه أيضاً يختار ترجمة الأيام الاُولى من حياة فضل الشاعرة ، ولا يتعرّض لسوء عاقبتها وانحرافها ، وغير ذلك من التراجم التي كان الأولى عدم ذكرها .
ولا ندري ما غرض الشيخ الحائري من ذكر أمثال هذه التراجم ، أهو لتكبير حجم الكتاب ؟ أو لكثرة عدد التراجم ؟ أو لأي شيء ؟ . ولا شك ولا ريب أنّ هكذا كتاب لا فائدة فيه ، وبالأخص عند قراءة فتيات عصرنا له ، حيث إنّهنّ يتطّلعنَ لمعرفة المكانة السامية للمرأة في الإسلام ، وما أدّته من أدوار بطوليّة ومشرّفة عَبرَ التأريخ الإسلامي .
ولم يكتف الشيخ الحائري بذلك ، بل صدّر كتابه بمقدمة أخذت من حجم الكتاب 189
____________
1 ـ تراجم أعلام النساء 2 : 118 .

(16)

صفحة ، تعرّض فيها لبعض ما يتعلّق بالمرأة كالحجاب ، والزواج والحث عليه ، وصفات الزوجة ، والكفاءة ، وحقّ الزوجة والأولاد ، ثم أفرد باباً خاصاً تحت عنوان : « كيفية المعاشرة والمجامعة مع النساء » ، وليته لم يكتب هذا الباب ولم يتعرّض لهذا الموضوع رحمه الله لأنّه ليس من شأنه ، ولمنافاته لغرض الكتاب .
فإن قلتَ : ألم يتعرّض غيره من العلماء لهذه المواضيع في كتب شتى معروفة لدى الكثير من الناس ؟
قلنا : إنّهم تعرّضوا لذلك في كتب ترفيهية على شكل كشكول ، أو كتب كان الغرض الأساسي منها هذه المواضيع ، لا كما فعله الشيخ الحائري ، فإن الغرض من كتابه ذكر تراجم النساء . ولو أن فتاةً قرأت هذا العنوان « تراجم أعلام النساء » وأخذت هذا الكتاب وفتحته فرأت فيه هذا الباب ، فما عساها أن تقول ؟ ! .
وفي رياحين الشريعة ذكر المحلاّتي ترجمة فضيلة الشاعرة نقلاً عن فوات الوفيات لمحمّد بن شاكر الكتبي ، وقد أثنى عليها ، وذكر بعضاً من أشعارها ، وقال :
إنّها كانت شيعية ، لها اعتبار عند الخلفاء ، وكانت تتوسّط لأهل مذهبها عندهم (1) .

وعند مراجعتنا لفوات الوفيات وجدنا أنّ اسم هذه الشاعرة « فضل » وليس « فضيلة » ، ثم إنّ المحلاتي ذكر قسماً من ترجمتها من فوات الوفيات ولم يذكر الترجمة كاملة ، حيث فيها :
وعشقت ـ فضل ـ سعد بن حميد ، وكان من أشد الناس نصباً وانحرافاً عن آل البيت رضي الله عنهم ، وكانت فضل نهاية في التشيع ، فلمّا هوته انتقلت إلى مذهبه ولم تزل على ذلك إلى أن توفّيت (2) .

فيتّضح من هذا سوء عاقبتها وانحرافها عن أهل البيت : علماً بأنّ اسم الكتاب « رياحين
____________
1 ـ رياحين الشريعة 5 : 38 .
2 ـ فوات الوفيات 3 : 185 رقم 393 .

(17)

الشريعة في ترجمة عالمات نساء الشيعة » ، فكان الأفضل عدم ذكرها . وعند مطالعة هذا الكتاب نجد تراجماً كثيرة جداً لا ينطبق عليها هذا العنوان ، فهذه مغنّية ، وتلك جارية جميلة عند العباسيين ، واُخرى شاعره مبدعه ووو . . . . ثم انّه عقد باباً خاصاً لذكر النساء الطالحات والمعروفات بالفحشاء أمثال النابغة اُم عمرو بن العاص ، وهند ، وزوجة أبي لهب ، وسجاح ، وفطام ، وامرأة لوط ، وغيرهنّ من النساء .
وفي أعلام النساء قال عمر رضا كحالة :
اُم علي بنت محمّد بن مكي العاملي الجزيني ، فقيهة فاضلة عابدة ، وكان والدها المتوفى سنة 786هـ . يثني عليها ويأمر النساء بالرجوع اليها (1) .

وهذا خطأ واضح ، إذ أنّ اُم علي هي زوجة الشهيد الأوّل محمّد بن مكي الجزيني العاملي وليست بنته ، وابنته هي اُم الحسن فاطمة المدعوة بست المشايخ ، وكانت فاضلة صالحة عابدة ، تروي عن أبي ها وعن ابن معيّة شيخ أبي ها . علماً بأنّ كحالة قد ذكر اُم الحسن بنت الشهيد الأوّل في موضع لاحق من كتابه (2) .
والغريب في الأمر أنّ الشيخ محمد رضا الحكيمي ذكر ترجمة اُم علي في كتابه أعيان النساء (3) يلا نقلاً عن كحالة في أعلام النساء ، ولم يكلّف نفسه ولو قليلاً بمراجعة ما اعتمد كحالة في هذه الترجمة ، لذلك نراه يقع في عين الخطأ الذي وقع فيه كحالة ، علماً بأنّه قد ذكر اُم الحسن ست المشايخ في صفحة لاحقة من كتابه (4) .

* * *
وبعملنا هذا نكون قد حصلنا على ترجمة أربعمائة امرأة مؤمنة لهنّ دور مشرّف في المجتمع الإسلامي ، وفي هامش كلّ ترجمة أكبر عدد ممكن من المصادر التي توصّلنا
____________
1 ـ أعلام النساء 3 : 332 .
2 ـ أعلام النساء 4 : 139 .
3 ـ أعيان النساء : 335 .
4 ـ أعيان النساء : 510 .

(18)

إليها . واقتصرنا في بحثنا على مَن تَيَقَنّا أنّها مؤمنة أو غلب الظنّ على ذلك رحمه الله لأنّا لم نجد مَن كتب بهذه الصورة ، إضافة إلى اعتقادنا بفائدة هكذا بحث وتأثيره في المجتمع ايجابياً ، لا كمن كتب عن صالح النساء وطالحهنّ ، فهذه مغنّية مشهورة ، وتلك زانية معروفة ، واُخرى فائقة في الجمال لا غير .
ولا ندّعي أنّنا قد حقّقنا كُلَ ما كنّا نصبوا إليه ، ولا يمثّل هذا العدد الذي ذكرناه ـ كمّاً ونوعاً ـ حقيقة الأدوار البطولية التي أدّتها المرأة المؤمنة ، بل انّه يعكس لنا بعضاً من المواقف المشرّفة التي وقفتها المرأة المؤمنة ، فحتماً هناك عدد كبير من التراجم التي لم نتعرّف عليها ، لعلّنا نعرفها وننشرها في الطبعة الثانية لهذا الكتاب إن شاء الله تعالى .

* * *
وقبل أن تتعرّف عزيزي القارىء على ما أوردناه من تراجم في هذا الكتاب ، لابدّ لك من التعرّف على الأدوار التي مرّت بها المرأة ، سواء قبل الإسلام أو في عالمنا الحاضر . ومن أجل أن تُجيب عن تلك التخرّصات والإفتراءات والأراجيف التي يطلقها أعداء الإسلام اليوم ، وما يثيرونه من شُبهات حول حقوق المرأة في الإسلام ، ويدّعون بأنّ النظام الإسلامي قد حرم المرأة من حقوقها ، وجعلها في سجن مفتاحه بيد الرجل ، وأنقصها ميراثها ، وفرض عليها الحجاب ، ومنعها من التعلّم ، إذاً فالمرأة المسلمة مظلومة دون غيرها من النساء .
ومن أجل أن نتعرّف على مكانة المرأة في المجتمع الإسلامي ، وما أعطاها الإسلام من حقوق وما فرض عليها من واجبات ، لابدّ من دراسة أحوال المرأة وحقوقها في المجتمعات الاُخرى ، سواء تلك التي كانت قبل الإسلام ، أو التي نعاصرها الآن من مجتمعات غربية وشرقية ، والتي تدّعي التحضّر والتمدّن . ثم نقارن بينها وبين ما أعطاه الإسلام للمرأة من حقوق ، ونعرف مَن الذي بخسَ حقّها وظلمها وأنزلها إلى الحضيض وجعلها تبعاً للرجل ، بل لعبة في يده يميل إليها متى جاع وينبذها نبذ النواة متى شبع .

شاهد أيضاً

الولايات المتحدة تعتزم إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في رفح

تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في مدينة رفح جنوبي قطاع ...