شرح لدعاء الصباح المروي عن أمير المؤمنين في حلقات
9 نوفمبر,2019
صوتي ومرئي متنوع, طرائف الحكم
1,257 زيارة
37
شرح قوله عليه السلام (فيامن توحد بالعز والبقاء وقهر عباده بالموت والفناء…) بعد قوله (من غير أن تمارس فيما إبتدأت به لغوباً ولاعلاجاً)
حديثا جديدا عن احد مقاطعه او فقراته ونعني بذلك المقطع الذي يتحدث عن ابداع الله تعالى، لليل وللنهار وللشمس وللقمر وللمطر حيث يعقب على ذلك بهذه العبارة “من غير ان تمارس فيها ابتدأت به لغوياً ولا علاجاً” ثم يقول (فيامن توحَّد بالعز والبقاء وقهر عباده بالموت والفناء، صلِّ على محمدٍ وآله …).
ان هذا النص وما سبقه يحتاج الى القاء الاضاءة عليه من حيث النكات الدلالية التي يزخر بها وهو ما نحاول ان نحدثكم عنه …
طبيعياً ان الابداع “اذا كان بشريا او غير بشري من المخلوقات الاخرى” يظل ممارسةً تتطلب تعباً فكرياً او مادياً…، ولكن بالنسبة الى الله تعالى وهذا ما يحرص على الاشارة اليه والتذكير به مقطع الدعاء يظل الامر على الضد من ذلك، من هنا عندما يشير الدعاء الى ان الله تعالى “الفَّ الفرق” و”انار الغسق” و”انهر المياه” و”انزل المطر” و”خلق الشمس والقمر”: عندما اشار الدعاء الى ذلك عقب عليه بان الله تعالى لم”يمارس فيما ابتدأ به لغوياً ولا علاجاًَ” والسؤال الآن هو ما هي النكات الكامنة وراء الاشارة الى ان الله تعالى لم يمارس فيما ابتدأ به من الابداع لغوياً ولا علاجاً؟
ان المعنى العام لهذا الموضوع من الوضوح بمكان كبير، وهو ان الله تعالى لم يتعب ولم يتكيء على المراس ومعالجة الشيء في ايداعه … الا ان النكتة هي هاتان السمتان أي التعب والعلاج فماذا نستخلص منهما؟
لنقرأ العبارة من جديد (من غير ان تمارس فيما ابتدأت به لغوياً ولا علاجاً) … هنا نلفت نظركم الى العبارة المشيرة الى ان الله تعالى عندما “ابتدأ” في خلق الظواهر الكونية من ليل ونهار ومطر … والخ، لم يصدر عنه “لغوب” وهو التعب المصحوب بالشدة ولا “علاجاً” أي المراس او المزاولة الخ، وهذا يعني انه تعالى مبدع “لا كالآخرين” حيث يتطلب الابداع ممارسة سابقة اوتعباً يتناسب مع حجم الابداع، في حين ان الله تعالى ابدع الظواهر بارادته القائلة للشيء “كن فيكون” بلا مقدمات وعناصر مليونية من الاشياء… ويترتب على ذلك هذا التعقيب من الدعاء وهو (فيامن توحَّد بالعز والبقاء وقهر عباده بالموت والفناء، صلِّ على محمد وآله …).
ان هذا التعقيب هو الدلالة المستهدف لفت النظر اليها وهي توحده وتفرده تعالى في ظاهرتي العز والبقاء، ثم في قهر عباده بالموت وبالفناء والسؤال الشديد اهمية هو ان النص اشار الى ان الله تعالى ينفرد بالعز وبالبقاء قبالة قهر عباده بالموت وبالفناء أي هنا ثمة ظاهرتان هما العز والبقاء تتصلان بصفات الله تعالى ويقابل ذلك انه تعالى فرض على عباده او قهرهم بالموت وبالفناء، فما هي النكات الثاوية خلف هذه الاشارات؟
بالنسبة الى السمتين اللتين ترتبطان بالله تعالى أي العز والبقاء فتعنيان انه تعالى وبالنسبة الى العزة بانه مع هذا المنبع والغالب والذي لا يعجزه شيء ولا مثال له ولا يوجد له مثيل …، واما بالنسبة الى البقاء فالأمر من الموضوح بمكان والسؤال المكرر هو: ان التأكيد على انه تعالى “عزيز” و”باق” وان المخلوقات تموت وتفنى يعني ان ثمة نكتة او مجموعة نكات وراء ذلك وهو ما يتطلب لقاءاً آخر ان شاء الله تعالى.
2019-11-09