الرئيسية / تقاريـــر / ترامب سيكون المِعول الذي يهدد أمريكا اذا بقي في قارب ابن سلمان الغارق

ترامب سيكون المِعول الذي يهدد أمريكا اذا بقي في قارب ابن سلمان الغارق

إلى حد الآن ما تزال تداعيات مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في تركيا تتردد في اروقة دول العالم ووسائل الإعلام، تسريبات متقطعة تخرق جمود الموقف السعودي وتضعه في موقف لا يحسد عليه فيلجأ الى كل ما من شأنه إخراج ولي العهد من مستنقع القنصلية الذي بات كابوسا يؤرق ليل الأمير الشاب، ولكن يبدو أن الرهان على حماية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب له أصبح غير مجدي لأن الأخير يعاني من ضغوط إعلامية وسياسية تكاد تصل إلى مرحلة تهدد فيها وجوده السياسي. فهل سيضطر الرئيس الاميركي التخلي عن حماية السعودية وولي عهدها؟

وما يزيد الأمور تعقيدا بالنسبة لولي العهد هو عودة عمه خالد بن عبد العزيز إلى الرياض،المعارض الصريح لسياسات ابن سلمان، والذي جعلته يستشعر من هذه العودة مخططا للإطاحة به وخصوصا أن الرأي العام الدولي اليوم يتقبل فكرة إزاحته بشكل كبير.

أميركا لن تضحي بالأمن القومي

محمد صادق الحسيني الباحث في الشؤون الإقليمية والخبير في الأمن القومي العربي يشير في حديث لـ”شفقنا” إلى أن ترامب “تاجر ومرابي في علاقاته مع الداخل والخارج ويضع قواعد الربح والخسارة المادية المباشرة في هذه العلاقات ولا يضع حتى مصالح القومية العليا الأمريكية ضمن إهتماماته، ما أوصله الآن إلى أوج تعارضه مع المصالح القومية الأمريكية العليا”. لافتا إلى أن ترامب مقبل على صدام كبير مع الداخل الأمريكي إذا ما استمر بالبقاء في قارب ولي العهد السعودي الغارق، لأن المشكلة بالنسبة للأمريكيين ليست مع السعودية أو مع الأنظمة الرجعية لأن الامريكيين يريدون المحافظة على هذه الدول، لكنهم لا يريدون التضحية بالأمن القومي ولا بالقيم الأمريكية العامة المتفق عليها والتي بدأ ترامب بالتفريط بها.

واعتبر الحسيني أن ابن سلمان بات لدى عقلاء العالم مضرا بالسعودية وأمنها القومي ومضرا بالأمن القومي الأمريكي والعالمي، حتى أن اسرائيل بدأت تتضايق من تصرفاته مضيفا أنه عندما سيجتمع الكونغرس الأمريكي في بداية العام القادم أعتقد أنهم سيطلقون حملة لفضح علاقات ترامب ببن سلمان وليس فقط المطالبة بالتحقيق معه”.

مؤشرات حيوية لإمكانية سقوط ابن سلمان

وفي سياق الحديث عن مصير ابن سلمان يقول الحسيني :”أن ولي العهد ذاهب إلى صدام شديد داخل العائلة الحاكمة وفي أي لحظة يمكن أن تنتظر مفاجأة تطيح به”، مؤكدا أن هناك مؤشرات تؤكد اقتراب موعد سقوطه وأبرزها عودة أحمد بن عبد العزيز وهو عم محمد بن سلمان وشقيق الملك الحالي، هو الآن داخل الرياض ويقود تجمع كبير من امراء العائلة الحاكمة الذين يعارضون سياسياته، ابتداءا من الحرب على اليمن وزعزعة الإستقرار في منطقة الخليج الفارسي وصولا الى مقتل خاشقجي، ويطالبون بشكل جدي ومنظم وبتنسيق عالي بإزاحته، لكنهم يرفضون اللجوء إلى العنف مسلحين برأي عام دولي لإيجاد هذا التغيير.

انشقاقات كبيرة في اميركا

وشدد الحسيني على أن ترامب سيكون المِعول الذي سيهدد أميركا ويفككها اذا ما أصر على البقاء على هذه السياسات حتى نهاية عهده، لافتا إلى أن عهده سيشهد في نهايته انشقاقات كبيرة في داخل أميركا، وسيكون هناك غضب شديد لدى الطبقة السياسية والأمنية وستلاحقه في كل ملفاته الحقوقية والإستخباراتية والإقتصادية ومؤخرا ملف تعريضه الأمن القومي للخطر واعتباره أنه رئيسا للسعودية وليس لأمريكا أو على الأقل رئيس أمريكي يعمل لدى السعودية”.

تحقيق دولي بجريمة خاشقجي

وحول الموقف الأمريكي في حال ظهور أدلة دامغة تثبت تورط ابن سلمان في مقتل خاشقجي قال الحسيني أن “الجهات الأمريكية المعنية بالتحقيق والكونغرس أصبح لديهم ما يكفيهم لأثبات تورطه بعملية قتل وتقطيع وتصفية الصحفي السعودي، وهم ينتظرون الوقت المناسب للمطالبة بتحقيق دولي ويدعمهم بذلك الاتحاد الاوروبي، وطبعا تركيا مصرة ولم تتنازل عن هذه القضية لأنها تعتبر هذه القضية جزء من كرامتها وأمنها”، مشيرا إلى ان ترامب سيصعب عليه مواجهة الكونغرس بحال تم التصويت على قرار ما يخص السعودية ونال ما يزيد عن الثلثين من الأصوات”.

ابن سلمان: الحصان الخاسر

وأضاف الحسيني :”ابن سلمان تلطخت سمعته بما فيه الكفاية ولعنة اليمن ستلاحقه وحربه على هذا البلد ستتوقف لأن الضغوطات تزداد عليه والدول الاوروبية والرأي العام الدولي سيضغط اكثر”، معتبرا أن “هذا ليس صحوة ضمير عند الغرب الإستعماري بل هي ناتجة عن إدراكهم بأن حصانهم خسر ويبحثون عن حصان آخر واستبداله بأحصنة خليجية أو غير خليجية اخرى من خلال زيارات نتنياهو وربما سيكون لأردوغان نصيب من هذه اللعبة الدولية بإعتبار أنه حارس مرمى الناتو في الجنوب، وترامب نفسه الذي كان على معركة مع أردوغان فجأة اصبح الصديق العزيز الذكي والحكيم”.

سياسية قوى المقاومة أثبتت انها تدوم

وختم الحسيني بالإشارة إلى أن “هذا الوقت مهم جدا للفرز بين السياسة مع أخلاق والسياسية بلا أخلاق”، مؤكدا أن” قوى المقاومة الحرة وعلى رأسها ايران واليمن ولبنان وفلسطين والعراق وغيرها أثبتت أن السياسة مع أخلاق تدوم وتبقى وتقضي على الظلم وبتكاليف أقل من السياسة بلا أخلاق التي قد يكون فيها ريع ومنفعة آنية مؤقتة حتى لو كانت كبيرة ولكن سرعان ما تذهب هدرا وأكبر مثال على ذلك هو ترامب الذي كان آخر مثال حي على هذه السياسة اللاعادلة والظالمة واللاأخلاقية”.

إذا ترامب اليوم عالق ما بين مطرقة قضية خاشقجي وسندان الكونغرس والداخل الأمريكي، ويعاني من آثار وتبعات تمسكه بحليفه ولي العهد السعودي الذي لم يعد شخصية محبوبة على الصعيد العالمي بسبب ما اقترفه من جرائم وأخطاء قاتلة تهدد وجوده السياسي. فهل سينجو محمد بن سلمان من العقاب؟ وهل فعلا سيحدث إنقلاب سعودي داخلي يخلط الأوراق الديبلوماسية العالمية من جديد؟ هل سيجيد ترامب الإستفادة من الإنتهازية المشهورة التي تتصف بها شخصيته للخروج من عنق الزجاجة والإنتقال إلى محيط آمن جديد؟

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...