المرأة والأسرة
24 يوليو,2020
صوتي ومرئي متنوع, طرائف الحكم
635 زيارة
السيدة الزهراء عليها السلام أسوة المرأة المسلمة[1]
أذكر بضع كلمات حول الزهراء عليها السلام، ولعلّ هذه الكلمات يمكن تعميمها في شأن الأئمّة والأكابر، ويمكن لكم التأمل في هذا المعنى:
1- الزهراء عليها السلام: أمّ أبيها:
لاحظوا أنّ الزهراء عليها السلام كانت في السادسة أو في السابعة من عمرهاـ والتردّد لاختلاف الأخبار في تاريخ ولادتها ـ حينما وقع حصار شعب أبي طالب. وقد مرّت في الشعب على المسلمين فترة عصيبة من تاريخ صدر الإسلام. فبعدما أعلن الرسول دعوته في مكّة بدأ أهالي
مكّة يستجيبون له وخاصّة الشباب منهم والعبيد. أما أكابر الطواغيت من أمثال أبي لهب وأبي جهل فرأوا أنهم لا سبيل أمامهم سوى إخراج الرسول وأصحابه من مكّة. وهكذا أخرجوهم وكان عددهم قد بلغ عشرات العوائل.. وفيهم الرسول وأهل بيته وأبو طالب الذي كان من أكابر قريش ووجوهها.
كان لأبي طالب شِعب – والشِّعب هو الشقّ بين جبلين – على مقربة من مكّة يُسمّى بشعب أبي طالب، عزموا على الذهاب إليه مع ما يتّسم به جوّ تلك المنطقة من حرّ شديد في النهار وبرد قارس في الليل. أي إنّ الظروف كانت صعبة لا تُطاق، إلّا أنّهم مكثوا ثلاث سنين في ذلك الشعب القاحل وتحمّلوا الجوع وتجرّعوا الشدائد والمحن. وكانت تلك الفترة من الفترات العسيرة التي مرّت في حياة الرسول الذي لم تنحصر مسؤوليته حينذاك في قيادة تلك المجموعة وإدارة شؤونها، بل كان ينبغي له أيضاً الدفاع عن موقفه أمام أصحابه الذين وقعوا في تلك المحنة. فأنتم على بيّنة أنّ الجماعة الملتفّة حول القيادة، تبدي ارتياحها ورضاها في حال الرخاء، وتعبّر عن امتنانها. ولكن حينما يعرّضون للبلاء أو يقعون في محنة يبدأ الشك يتسرّب إلى نفوسهم ويلقون على تلك القيادة مسؤولية قيادتهم إلى ذلك المآل الذي لم يكونوا راغبين في الوقوع فيه أبداً.
من الطبيعيّ أنّ أصحاب الإيمان الراسخ يصمدون ويصبرون في مثل هذه الظروف، إلّا أنّ جميع الضغوط تصبّ في نهاية المطاف على كاهل الرسول. وفي تلك الظروف العصيبة والضغوط النفسية
الشديدة التي كان يواجهها رسول اللّه توفّي في أسبوع واحد كلّ من أبي طالب الذي كان أكبر عون وأمل له، وخديجة الكبرى التي كانت خير سند روحيّ ونفسيّ له، فكانت حادثة مريرة بقي الرسول على أثرها وحيداً فريداً.
لا أدري إن كان فيكم مَن تصدّى لرئاسة فريق عمل وعرف معنى المسؤولية. في مثل تلك الظروف يُغلب الإنسان على أمره. ولكن لاحظوا دور فاطمة الزهراءعليها السلام في مثل تلك الظروف، وموقفها الايجابيّ، حيث كانت فاطمة في تلك الظروف بمثابة الأمّ والمستشار والممرّضة بالنسبة للرسول. ومن هنا أُطلق عليها “أُم أبيها”. وهذه الصفة تتعلّق بتلك الفترة التي تكون فيها صبية عمرها ست أو سبع سنوات على هذا النحو. ومن الطبيعيّ أنّ الفتاة في الأجواء العربية والأجواء الحارّة تنمو بشكل أسرع روحاً وجسماً بما يعادل نموّ فتاة تبلغ العاشرة أو الثانية عشرة في وقتنا الحاضر. فتكون على هذه الدرجة من الشعور بالمسؤولية.
ألا يمكن لمثل هذه الفتاة أن تكون قدوة للفتيات ليصبح لديهنّ شعور مبكر بالمسؤولية إزاء القضايا المحيطة بهنّ، ويتفاعلن معها بنشاط؟ كان وجه فاطمة ينشرح بوجه أبيها وتنشط قواها وهي تزيل بمنديل العطف والحنان غبار الهمّ والحزن عن وجه أبيها الذي تجاوز حينذاك الخمسين من عمره الشريف ودخل في سنّ الشيخوخة تقريباً، قبل أن تزيله بيدها. ألا يمكن لهذه الفتاة أن تكون قدوة للشابات؟ هذه قضية ذات أهمّية بالغة طبعاً.
[1] الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة أسبوع الشباب في الجمهورية الإسلامية، في طهران، بحضور جمع من الشباب من مختلف الشرائح الاجتماعيّة، بتاريخ 11/01/1419ه.ق.
2020-07-24