ترامب جاء مكلّفاً من بعض الدولة العميقة لتأمين هبوطٍ سلسٍ للامبراطورية الامريكية كي لا تحترق كروما، والطريق إلى ذلك سحب القواعد والانتشار والكفّ عن دور الشرطي وتخفيف الكلفة كما يؤكّد ترامب..
فقراره الانسحاب من سوريا نهائي وكذلك من أفغانستان ومن كوريا الجنوبية وسينجز المهمة خلال عاميه الأخيرين إلّا إذا ضمن ولايةً ثانية…
أمريكا أقرّت بهزيمتها وعجزها منذ تقرير بيكر هاملتون 2006، ودأبت دولتها العميقة على المحاولة في مواجهة لوبيات الاعلام والمال والحرب، وجلّها من فريق اللوبيات الصهيونية في الادارة…
فأمريكا لا تستسلم لهزيمةٍ أو لسلسلة هزائم، فقد خاضت مئات الحروب ولم تنتصر بالكثير منها، ومع ذلك تحاول وستحاول، وتملك خطط “ب” و “ج”…
في سورية وأفغانستان قبلت الهزيمة على يد ذات تحالف المقاومة مع روسيا والصين وخسرت مواقع في ماليزيا وباكستان والاخريات….
العراق أمرٌ مختلف، فبرغم هزيمتها وقرار إدارتها إتمام الانسحاب عام 2011 إلّا أنها نجحت في خلق داعش وأمّنت لنفسها سبباً للعودة تحت مسمى التحالف الدولي، وللاسف الشديد بطلب من السلطات الرسمية العراقية حينها، ودوماً بتمويلٍ من السعودية والمشيخات…
وتكريساً للاستراتيجية، أعلن ترامب أن أمريكا باقيةٌ في العراق، وعينه على الثروات والتعويض عمّا خسرته أمريكا في الشرق العربي “7 تريليون $” وهدفه المحوريّ إيران الذي التزم في حملته الانتخابية وفي قراراته الرئاسية وبموافقةٍ جماعيةٍ من الدولة العميقة، ومزّق الاتفاق النووي وفرض أقسى عقوباتٍ في التاريخ…
فالاستراتيجية الامريكية إزاء إيران، تقتضي حشد الجماعات المسلّحة، والمرتزقة من كلّ لونٍ وشاكلةٍ وجنسيةٍ في كردستان وغرب العراق لحماية القواعد الامريكية في تركيا والناتو والقواعد والمشيخات في الخليج إلى حين إتمام عملية امتصاص ضرع البقرة قبل ذبحها، ومطامع أمريكا في ثروات إيران وجغرافيتها لا تقلّ عن مطامعها في روسيا وقارتها، فإسقاط أحدهما أو كليهما هو الهدف الاستراتيجي ومعركة الحياة أو الموت للامبراطورية الامريكية العدوانية والفاجرة…
وقد بات شرط إسقاط روسيا وتفكيكها يمرّ عبر طهران بعد أن سقطت المحاولات والحروب العالمية العظمى من دمشق التي صنعت وظفرت بأهمّ نصرٍ تاريخيٍّ مغيّرٍ في أحوال الأمم والشعوب والقارات..
إذاً: الهدف المحوري في الاستراتيجيات الامريكية التي تتفق عليها فصائل الدولة العميقة الامريكية، ايران، وبوابة إسقاطها تأزيم العراق واستنزافها فيه، وافتعال أزماتٍ كبرى لإلزامها الانسحاب وإغراقها بالعداء العراقيّ “استراتيجية إخراج سوريا من لبنان ومحاولة إسقاطها من الداخل والحرب عليها لتدميرها” وبعض البيئات وافرةٌ فتمركز القوات والمرتزقة في العراق يساعد ويسهم بقوة، كما يوفر تجميع المرتزقة قوةً ثانويةً كأداة ستحاول عبرها أمريكا التحرّش المسلّح بإيران من الحدود وفي بيئات الاثنيات ومناطق الريف، ويبقى الجهد المحوري وصلب الاستراتيجية الامريكية الرهانات على البنية الاجتماعية وتسعير التناقضات والتشققات في النظام وفصائله، وفي الشارع والمسألة الاثنية والتنوع الايراني…
أمريكا باقية في العراق، لمزيد من التآمر، وإيران باقيةٌ في سورية وإلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، فالعلاقات الايرانية السورية أعمق وأعتق وأكثر أهميةً لسورية وحلف المقاومة من الوجود الروسي الحديث، والقرار السوري سياديّ لا يقبل تدخل عدوٍّ أو صديق، والرئيس الاسد والسيد حسن نصر الله كرّر الأمر ويكرره دوماً، فتصبح الاعلانات الروسية مجرد حملة دبلوماسية لحماية ترامب في صراعه داخل المؤسسة الامريكية لا اكثر، وقد عودنا الروسي على هذه التكتيكات الاعلامية إن كنتم تذكرون “الدستور الروسيّ لسوريا، والهدن، ومناطق تخفيف التوتر” و…
حماية ايران مهمةٌ لا تقبل التأجيل، فالاستراتيجية الامريكية – الاسرائيلية إشغال حلف المقاومة في العراق وإيران لإجهاض الانتصار السوريّ، ولحماية نتنياهو وكيانه المأزوم والمهدّد بعدم الاستمرار..
كيف تُحمى ايران؟ وبأيّة آليات وتكتيكات واستراتيجيات؟؟