الرئيسية / الاسلام والحياة / من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بدمه ولحمه

من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بدمه ولحمه

وفي الحديث قال : ” من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بدمه ولحمه ” .والسّر في ذلك أنّ اشتغال القلب وتكدره في أيام الشباب أقل . لذا يتأثر القلب من القرآن أكثر أسرع ويكون أثره أيضاً أبقى .

وفي هذا الباب أحاديث كثيرة نذكر منها في باب القراءة إنشاء الله . وفي الحديث الشريف : ” ما من شيء أحبّ إلى الله عزّ وجل من عمل يداوم عليه وإن قلّ ” ولعل السر العمدة فيه أنه مع المداومة يكون العمل صورة باطنية للقلب كما ذكرنا .

 

الفصل الخامس

في بيان الحفاظ على العبادة من تصرف الشيطان

من الآداب المهمة القلبية للصلاة وغيرها من العبادات الحفاظ عليها من التصرفات الشيطانية ، وهو في الوقت نفسه من أمهات الآداب القلبية والقيام به من عظائم الأمور ومشكلات الدقائق ، ولعل الآية الشريفة في وصف المؤمنين الذين هم على صلواتهم يحافظون إشارة إلى جميع مراتب الحفظ التي تكون أحداها بل أهمها الحفاظ عليها من تصرفات الشيطان .

وتفصيل هذا الإجمال إن من الواضح عند أصحاب المعرفة وأرباب القلوب أنه كما أن للابدان غذاء جسمانيا تتغذى به ، ولا بد أن يكون الغذاء مناسبا لحالها وموافقا لشأنها حتى تتيسر لها التربية الجمسانية والنمو النباتي ، كذلك فإن للقلوب والأرواح غذاء لا بد أن يكون مناسبا لحال كل منها وموافقا لنشأتها كي تتربى به وتتغذى منه وتنمو نموا معنويا وتترقى ترقيا باطنيا . والغذاء المناسب لنشأة الأرواح هو المعارف الإلهية اعتبارا من مبدأ المبادئ للوجود إلى منتهى النهاية للنظام الوجودي كما قال أعاظم أرباب الصناعة الفلسفية في تعريف الفلسفة         ” هي صيرورة الإنسان عالما عقليا مضاهيا للعالم العيني في صورته وكماله ” . وهذا القول إشارة إلى هذا التغذي  

من المعارف الإلهية في حين أن تغذي القلوب يستمد من الفضائل والمناسك الإلهية .

وليعلم أن كلا من هذه الأغذية إذا خلص من تصرف الشيطان وأوعدّ على يد الولاية للرسول الخاتم وولي الله الأعظم صلوات الله عليهما وآلهما يتغذى الروح والقلب منه وينالا الكمال اللائق   بالإنسانية ، ويعرجان معراج القلوب إلى الله ،

ولا يحصل الخلاص من تصرف الشيطان الذي هو مقدمة للإخلاص بحقيقته إلا أن يكون السالك في سلوكه طالباً لله . ويضع حب النفس وعبادتها الذي هو المنشأ للمفاسد كلها وأمُّ الأمراض الباطنية تحت قدميه ، وهذا لا يتيسر بتمام معناه في غير الإنسان الكامل وبتبعية في خُلَّص أوليائه ، وأما سائر الناس فغير ميسّر لهم هذا الخلاص ، ولكن على السالك إلاّ ييأس من الألطاف الباطنية لله سبحانه فإن اليأس من روح الله رأس كل برودة وفتور ومن أعظم الكبائر . والذي يمكن من الإخلاص لصنف الرعايا هو أيضاً قرّة العين لأهل المعرفة ، فعلى سالك طريق الآخرة لزوما حتما أن يخلص معارفه ومناسكه من تصرف الشيطان والنفس الأمارة مهما بلغ من الجهد وان يغوص في حركاته الباطنية ،

وتغذياته الروحية ، ولا يغفل عن حيل النفس والشيطان وحبائل النفس الأمارة وإبليس وان يسوء ظنه سوء الظن الكامل في جميع حركاته وأفعاله ، ولا يخلي نفسه على رسلها آنا ما ، فربما تتغلب على الإنسان وتصرعه إذا تسامح معها وتوسقه إلى الهلاك والفناء ، لأن الأغذية الروحانية إذا لم تكن خالصة من تصرف الشيطان وتدخلت يده في أعدادها فمضافا إلى أنه لا تتربى بها الأرواح والقلوب ولا تصل إلى الكمال اللائق بها ، يحصل لها النقصان الفاحش أيضاً ، ولعلها تجعل صاحبها منسلكا في سلك الشياطين والبهائم والسباع . وما هو السبب للسعادة

 ورأس المال لكمال الإنسانية والوصول إلى المدارج العالية ليعطي النتيجة المعكوسة ويسوق الإنسان إلى الهاوية المظلمة للشقاوة كما رأينا في بعض أهل العرفان الاصطلاحي أشخاصا انتهت بهم هذه الاصطلاحات والغور فيها إلى الضلالة وجعلت قلوبهم منكوسة وبواطنهم مظلمة وصارت الممارسة في المعارف موجبة لقوة أنانيتهم وإنيتهم وصدرت منهم الدعاوى غير اللائقة والشطحات غير المناسبة .

وكذلك رأينا في أرباب الرياضات والسلوك أفرادا أوجبت رياضتهم واشتغالهم بتصفية النفس جعل قلوبهم أكدر وباطنهم أظلم وما جاءهم ذلك كله إلا من قبل أنهم لم يتحفظوا على سلوكهم المعنوي الإلهي ومهاجرتهم إلى الله وكان سلوكهم العلمي وارتياضهم بتصرف الشيطان والنفس وإلى الشيطان والنفس .

و كذلك رأينا في طلاب العلوم النقلية الشرعية أفراد أثّر فيهم العلم الأثر السيئ وزاد في المفاسد الأخلاقية لهم ، والعلم الذي لابد أن يكون موجبا للفلاح والنجاة لهم صار سببا لهلاكهم ودعاهم إلى الجهل والمماراة والاستطالة .

وكذلك في أهل العبادة والمناسك ، والمواطنين على الآداب والسنن ربما يكون أشخاص جعلت العبادة والنسك التي هي رأس مال إصلاح الأحوال والنفوس قلوبهم كدرة و مظلمة وحملتهم على العجب ورؤية النفس والكبر والتغمزّ وسوء الظن في عباد الله ، وهذا كله أيضاً من عدم المواظبة على هذه المعاجين الإلهية ، ومن المعلوم أن معجونا هُيئ وأعدّ بيد العفريت الخبيث وبتصرف النفس الطاغية لا يتولد منه إلا الخلق الشيطاني ، وحيث أن القلب يتغذى من تلك الأغذية على أي حال وتصير الأغذية صورة باطنية للنفس ، فبعد أن يداوم عليها مدة يصير الإنسان وليدا من مواليد

الشيطان قد تربى بيد تربيته ، ونشأ ونما تحت تصرفه ، فإذا أغمضت عينه الملكية وانفتحت عينه الملكوتية يرى نفسه واحدا من الشياطين ، فلا نتيجة في تلك الحال سوى الخسران ولا تغني عنه الحسرات والندامات شيئا .

فسالك طريق الآخرة في كل مسلك من المسالك الدينية ، وفي كل طريق من الطرق الاهية عليه :

أولاً – أن يواظب بكمال المواظبة والدقة على حالة كطبيب رفيق ورقيب شفيق ، ويفتش بالدقة عن عيوب سيره وسلوكه .

ثانياً – ألا يغفل في خلال هذه المراقبة والتفتيش عن التعوذ بالذات المقدسة الحق جلّ وعلا في خلواته والتضرع والاستكانة إلى جنابه الأقدس ذي الجلال .

اللهم انك تعلم ضعفنا ومسكنتنا ، وتعلم أنا لا نستطيع الهرب من هذا العدو القوي القدير الذي قد طمع في السلطة على الأنبياء العظام والكمّل من الأولياء الرفيعي المقام ، فإن فقدنا بارقة لطفك ورحمتك أوقعنا هذا العدو القوي في مصارعتنا إيّاه إلى أرض الهلاك والدمار وكنّا تائهين في الظلمة والشقاوة ،

فأسألك بالخاصة في جنابك والمحارم في حضرتك أن تأخذ بيدنا نحن المتحيرين في وادي الضلالة ، والحائرين في صحراء الغواية وان تطهّر قلوبنا من الغلّ والغش والشرك والشك ، انك وليّ الهداية .

 

شاهد أيضاً

الامام الخميني : كل ما لدينا هو من محرم الحرام

كان مفجر الثورة الاسلامية و مؤسس النظام الاسلامي في ايران الامام الخميني الراحل ، يؤكد ...