الرئيسية / من / طرائف الحكم / الشعائر الحسينية إحياؤها وأبعادها 11

الشعائر الحسينية إحياؤها وأبعادها 11

– التأسّي بأمير المؤمنين عليه السلام:

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ[1].

وعن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: “يا عليّ, من أطاعك فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله”[2].
 
وقد وصل إلينا العديد من الروايات عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم – من كتب الفريقين (السنّة والشيعة) – تؤكّد على أنّ إطاعة أمير المؤمنين عليه السلام مساوية لإطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإطاعة هذين العظيمين مقارنة لإطاعة الله تعالى.

 

وهذا يشير بوضوح إلى كون أقوالهما وأفعالهما وكلّ ما يقومان به لا ينفكّ عن إرادة الحقّ تعالى وأنّ كلّ شيء عندهما هو من عند الله.
 
ولذا فإنّ الله تبارك وتعالى في القرآن الحكيم وبعد أمره بإطاعته وإطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنّه يأمر بإطاعة أمير المؤمنين عليه السلام كما ذكر المفسّرون من الخاصّة والعامّة بأنّ الآية المذكورة قد فسّرت بأنّها واردة في شأن أمير المؤمنين عليه السلام.

 
وقد أكّد النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم مراراً دعوته لأمّته بإطاعة أمير المؤمنين واتّباعه، وفي الواقع فإنّ معنى كلمة الشيعة

 

تعني المتابعة ولذا فإنّه كلّما كان الاتّباع والإطاعة لأمير المؤمنين عليه السلام قويَّيْن وكبيريْن كلّما اقتربنا من حضرته بشكل أكبر أيضاً.

ومن جملة الأعمال التي كان يقوم بها أمير المؤمنين عليه السلام إقامة العزاء والبكاء على سيّد الشهداء عليه السلام ولذا – واقتداءً به سلام الله عليه – فنحن نقيم العزاء ونبكي على ولده الحسين المظلوم عليه السلام.

وينقل عبد الله بن ميمون القدّاح عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: “مرّ أمير المؤمنين عليه السلام بكربلاء في أناس من أصحابه فاغرورقت عيناه بالبكاء ثمّ قال: هذا مناخ ركابهم وهذا ملقى رحالهم وهنا تهرق دماؤهم، طوبى لك من تربة عليك تهرق دماء الأحبّة”[3].

وفي رواية أخرى عن ابن عباس قال: كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام عند خروجه إلى صفّين فلمّا نزل بنينوى وهو بشطّ الفرات قال بأعلى صوته: “يا ابن عبّاس, أتعرف هذا الموضع؟”، قلت له: ما أعرفه يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام: “لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتّى تبكي كبكائي”، قال: فبكى طويلاً حتّى اخضلّت لحيته وسالت الدموع على صدره

وبكينا معاً وهو يقول: “أوه أوه, ما لي ولآل أبي سفيان، ما لي ولآل حرب حزب الشيطان وأولياء الكفر، صبراً يا أبا عبد الله فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم…”[4].

– التأسّي بالسيّدة الزهراء عليها السلام:

أقامت السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام العزاء على ولدها الحسين عليه السلام في مناسبات كثيرة وستبقى كذلك إلى يوم القيامة فعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: “دخلت فاطمة عليها السلام على أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعيناه تدمع فسألته: ما لك؟ فقال إنّ جبرائيل أخبرني أنّ أمّتي تقتل حسيناً فجزِعَت وشقّ عليها فأخبرها بمن يملك من ولدها فطابت نفسها وسكنت”[5].

وروى أبو بصير عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال له: “يا أبا بصير إنّ فاطمة عليها السلام لتبكيه وتشهق فتزفر جهنّم زفرة لولا أنّ الخزنة يسمعون بكاءها وقد استعدّوا لذلك مخافة أن يخرج منها عنق أو يشرد دخانها فيحرق أهل الأرض فيكبحونها ما دامت باكية ويزجرونها ويوثقون من أبوابها مخافة على أهل الأرض فلا تسكن حتّى يسكن صوت فاطمة”[6].

وفي رواية أخرى ورد أيضاً: “فإنّها تشهق كلّ يوم شهقة على ولدها حتّى يسكتها أبوها”[7].

 
وورد أيضاً في وصف أحوال المحشر أنّه “يقبل الحسين عليه السلام ورأسه بيده فإذا رأته (فاطمة) شهقت شهقة لا يبقى في الجمع ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ولا مؤمن إلّا بكى, ثمّ تأخذ في التظلّم وترفع القميص بيدها وتقول: إلهي, هذا قميص ولدي”[8].

 
وقد أخبرنا أهل البيت عليهم السلام عن حالة سيّدة نساء العالمين عليها السلام عند البكاء على ولدها الشهيد عليه السلام بما رواه أبو بصير- في الرواية المتقدّمة- عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث أنّه قال له: “يا أبا بصير, إذا نظرت إلى ولد الحسين أتاني ما لا أملكه بما أتى إلى أبيهم واليهم، يا أبا بصير, إنّ فاطمة عليها السلام لتبكيه وتشهق” – إلى أن يقول- ثمّ قال لي: “يا أبا بصير, أما تحبّ أن تكون فيمن يسعد فاطمة عليها السلام”، فبكيت حين قالها فما قدرت على المنطق، وما قدرت على كلامي من البكاء..[9].

 

 

 

ولوضوح حزن الزهراء عليها السلام على ولدها الإمام الحسين عليه السلام نرى دعبل الخزاعيّ ينشد في تائيّته المعروفة في محضر الإمام الرضا عليه السلام واصفاً حال سيّدة النساء عليها السلام:

أَفَاطِمُ لَوْ خِلْتِ الْحُسَيْنَ مُجَدَّلاً        

وَقَدْ مَاتَ عَطْشَاناً بِشَطِّ

إذاً لَلَطَمْتِ الْخَدَّ فَاطِمُ عِنْدَهُ          

وَأَجْرَيْتِ دَمْعَ الْعَيْنِ في الْوَجَنَاتِ

أَفَاطِمُ قُوْمِيْ يَا ابْنَةَ الْخَيْرِ وَانْدُبِيْ    

نُجُوْمَ سَمَاوَاتٍ بِأَرْضِ فَلَاةِ[10]

[1] سورة النساء، الآية: 59.

[2]  الصدوق، الأمالي، ص552.

[3]  كامل الزيارات، باب 88، الرواية 12, بحار الأنوار، ج101، ص116.

[4] الخصائص الحسينيّة، ص207, بحار الأنوار، ج44، ص252.

[5] كامل الزيارات، باب 16، رقم 8، ص125.

[6] نفس المصدر، باب 26، رقم 9، ص170.

[7] الخصائص الحسينيّة، ص186.

[8] نفس المصدر، ص289 ـ 290, بحار الأنوار، ج43، ص224, الأمالي نقلاً عن الشيخ المفيد، ص130.

[9] كامل الزيارات, باب 26, رقم 9، ص 169- 170.

[10] بحار الأنوار، ج 45، ص 257.

 

شبكة المعارف الإسلامية

 

https://t.me/wilayahinfo

 

[email protected]

شاهد أيضاً

الجهاد – طريقة العمل

طريقة العمل                                  * العمل  طبق التكليف والأحكام الشرعية                                * كسب محبة الشعب ...