الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / شرح لدعاء الصباح المروي عن أمير المؤمنين في حلقات

شرح لدعاء الصباح المروي عن أمير المؤمنين في حلقات

36

شرح قوله عليه السلام (وجعلت الشمس والقمر للبرية سراجاً وهاجاً من غير أن تمارس فيما إبتدأت به لغوباً ولاعلاجاً

حدثناكم عن مقاطع كثيرة منه، ومنها المقطع الذي يتحدث عن ابداع الله تعالى، للصبح وللغسق وللمطر …والخ، و هذه الفقرة تتحدث عن الشمس وعن القمر، حيث تقول عبر تمجيد الله تعالى (وجعلت الشمس والقمر للبرية سراجاً وهاجاً، من غير ان تمارس فيما ابتدأت به لغوباً ولا علاجاً) .

طبيعياً كما سبق ان قلنا ان تمجيد الله تعالى من خلال ابداعه الكوني لالآف الظواهر قد لا يحتاج الحديث عنها الى توضيح، فالشمس والقمر مثلاً “وقد ورد في فقرة الدعاء التي لاحظناها الآن” لا يجهل معطياتهما “من حيث الانارة” احد والا فان الاسرار التي يتحدث الاخصائيون عنها مذهلة دون ادنى شك، وكنا في صدد الكشف او العرض حيث يستطيع كل واحد منا ان يرجع الى المصادر العلمية للتعرف على ذلك. ان ما نستهدفه هذا ما نبدأ به الآن.

ملاحظة: الدلالة العقائدية العامة وما تنطوي عليه العبارة البلاغية من نكات.

لعلكم تتذكروا في لقائنا السابق اننا عندما حدثناكم عن الظاهرة المرتبطة بالمطر حيث عبر الدعاء عنها بالماء الثجاج، لعلكم تتذكروا ما حاولنا استخلاص نكاته المرتبطة بطبيعة المطر وعلاقته بالنبات وكيفية ذلك … والامر نفسه بمقدورنا ان نلحظه بالنسبة الى الشمس والقمر من حيث كونهما قد خلع عليهما الدعاء مصطلح او عبارة السراج الوهاج حيث يمكنكم ان تتساؤلوا عن النكات الكامنة وراء ذلك، بخاصة ان نصوصاً قرآنية كريمة وسواها اوضحت في مواقع اخرى بان الشمس مثلاً مرتبطة بالابصار وبفائدته مثل قوله تعالى (وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً …)، هنا نجد ان الدعاء قد عبر عن الشمس والقمر بعبارة السراج وهي استعارة بطبيعة الحال … حيث نعرف بان السراج هو اناء فيه مادة قابلة للاشتعال بعد ان يجعل فيها الزيت ونحوه فيضيء الموقع واما الوهاج فتعني الاتقاد مصحوباً بحرارة شديدة، من هنا يمكنكم ان تظفروا بالنكات الكامنة وراء ذلك … من هي نكاته؟

النكتة تتمثل اولاً في السر الكامن وراء الصفة التي خلعها الدعاء على “السراج” حيث قال (سراجاً وهاجاً)، أي: خلع صفة “الوهاج” مع ان السراج وحده كافٍ بان يوضح لنا مفهوم الانارة ما دام السراج هو جهاز اناري اساساً؟ هذا مع ملاحظة ان النص القرآني الكريم لا يذكر صفات الانارة في مواقع اخرى من القرآن الكريم وهذا مثل قوله تعالى في سورة “المُلك” (ولقد زيّنا السماء الدنيا بمصابيح …) فالمصباح هنا بدوره جهاز اناري، ولكن النص كان في صدد حديثه عن السماوات وعدم وجود تفاوت وسواه فيما بينها أي من الزاوية الجمالية، اما في سورة “النبأ” فسياقها الحديث عن الزاوية المادية أي المنفعة الانارية وهنا في دعاء الصباح جاءت الظواهر الابداعية متناسقة مع الصباح ذاته من حيث كونه ظاهرة ابداعية خاصة ترتبط من جانب بما هو مادي ومن جانب آخر بما هو روحي، حيث لاحظنا بأن الدعاء يتوسل بالله تعالى ان يجعله نازلاً بالهدى علينا.

المهم نستهدف لفت نظركم الى بلاغة الاستعارة القائلة بان الشمس والقمر “سراج وهاج” فما هي نكتته؟

باختصار: السراج من الزاوية الجمالية والمادية جهاز اناري ذو حجم خاص ولو نظرنا الى الشمس والقمر باعيننا للاحظناهما من حيث الحجم يتماثلان فهنا يتماثل حجم السراج مع حجم الشمش والقمر… هذا من جانب ومن جانب آخر جعل الدعاء السراج “وهاجاً” أي متقداً مصحوباً بالحرارة، ولا يخفى ما نلحظه من حرارة الشمس وضيائها ونور القمر، فيكون النور الخاص بالقمر والحرارة او الضياء المصحوب بالحرارة الخاصان بالشمس متوافقتين مع دلالة “الوهاج” لان الوهج كما يقرر اللغويين هو النور والحر مجتمعين.

فالصفة جاءت متناسقة مع الموصوف، وجاءتا متناسقتين في الدلالة المادية والجمالية أي الحجم ومادة الانارة ومادة الحرارة.

شاهد أيضاً

محاولات هدم قبور الصالحين في التاريخ

‏‪ *محاولة نبش قبر امنة بنت وهب (رضوان الله تعالى عليها)*  *قال الحافظ ابن عقيل ...