الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / آداب عصر الغيبة – الشيخ حسين كوراني 07

آداب عصر الغيبة – الشيخ حسين كوراني 07

* وخلاصة القول :
إن « المرابطة » في غيبة الإمام المنتظر تعني امتلاك الأمة رصيداً كبيراً من الإحساس بالمسؤولية يحملها على تحصين ساحتها بالإعداد العسكري الذي يمكنها من حماية ثغورها والمرابطة عليها في مواجهة كل قوى الكفر والنفاق . . . وبهذا تكون الأمة « خير أمة أخرجت للناس » وتكون « مع الإمام » وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تجاهد في سبيل الله دفاعاً عن الإسلام لتكون كلمة الله هي العليا . . .
* العزم على الجهاد بين يديه :
عن الإمام الباقر عليه السلام :
« . . . إن القائل منكم إذا قال : إن أدركت قائم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونصرته ، كالمقارع معه بسيفه ، والشهادة معه شهادتان » ( 1 ) وهذا الحديث المبارك وحده يكفي للحث على العزم على الجهاد بين يديه عليه السلام والأحاديث التي تؤكد هذا كثيرة جداً . . .
وينبغي أن يكون واضحاً أن مجرد هذا العزم يترتب عليه الثواب الكبير الذي تتحدث عنه الرواية بدليل ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام :
« إن لكم ثواب من استشهد معه بنياتكم وإن متم على
فرشكم » ( 2 ) وتدل على ذلك جميع الروايات التي تبين أن الراضي بفعل قوم فهو شريك لهم في عملهم . . . ومنها ما ورد في كلام أمير المؤمنين عليه السلام لمن تمنى في حرب الجمل أن يكون أخوه شهد هذه الحرب مع أمير المؤمنين فقال له عليه السلام :
« أهوى أخيك معنا . . . فقال : نعم . . . قال : فقد شهدنا ولقد شهدنا في عسكرنا هذا أقوام في أصلاب الرجال وأرحام النساء سيرعف بهم الزمان ويقوى بهم الإيمان » ( 3 ) .
ويدل عليه كذلك ما دل على أن من كانت نيته أنه لو كان في كربلاء لوقف مع الإمام الحسين وجاهد في سبيل الله تعالى بين يديه . . . فهو شريك شهداء كربلاء في الأجر ( 4 ) .
بل إن دعاء العهد الوارد عن الإمام الصادق عليه السلام والذي رواه كبار علمائنا يتضمن فقرة ملفتة ترشدنا إلى مدى الحنين إلى الجهاد بين يديه عليه السلام والتلهف على ذلك . . . بحيث أن على أحدنا أن لا يتمنى أن يوفق إلى الجهاد بين يدي بقية الله وحسب . . . بل أن يتمنى أن يمن الله عليه ببعثه من قبره . . . ليحظى بهذا الشرف الكبير :
« اللهم إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتماً مقضياً فأخرجني من قبري مؤتزراً كفني ، شاهراً سيفي مجرداً قناتي ملبياً دعوة الداعي . . . » ( 5 ) .
ومن الجدير بالذكر أن العزم الحقيقي على الجهاد بين يديه عليه السلام يتوقف على الإلمام بفنون القتال . . . وإلا كان عبثاً لا طائل تحته . . .
إن المجاهد الذي خبر الحرب وأهوالها . . . هو وحده الذي يمكن أن يدعو بهذه الفقرات بصدق . . . وإلا فهل يتوقع لمن كان في حياته لا يجاهد ولا يحدث نفسه بجهاد على الأقل أن يبعثه من قبر « ه لينال هذا الوسام الإلهي العظيم . . .
إن الإعداد العسكري الجهادي في طليعة واجبات المجتمع المسلم . . . بل إن إحدى مقومات الشخصية الإسلامية « الجهاد الأصغر » . . . ومن لم يوفق لذلك فلا أقل من أن يكون محباً له يحدث نفسه به .
* * *
وهكذا يتضح أن الانتظار عمل باتجاه تزكية النفس وتهذيبها . . . ومرابطة حيث يدعو التكليف الشرعي . . . . وعزم على الجهاد بين يدي الإمام المنتظر تؤهل له التقوى والمرابطة . . .
5 – الشوق والحنين اليه . . .
« قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين » .
التوبة – 24
إن الحب حق لله تعالى لا يشاركه فيه على وجه الاستقلال أحد . . .
ومن حب الله تعالى يتفرع حب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته عليهم السلام .
« قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى »
الشورى – 23
والمسيرة التوحيدية المباركة حافلة بالنماذج الراقية لحب الله تعالى . . .
وتاريخ الإسلام حافل أيضاً بذلك وبنماذج مشرقة لحب المصطفى وأهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم وعليهم . . .
وحيث أن المهدي المنتظر هو القائد الإلهي العظيم الذي يصلي خلفه نبي الله عيسى عليه السلام وهو وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . . .
وحيث أن له الفضل علينا ما يشير إليه من بعيد فضل
الشمس علينا . . .
فمن الطبيعي جداً أن يعمر قلوبنا الشوق والحنين إليه . . . صلوات الله عليه . . .
فنردد بلسان الحال والمقال :
هل إليك يا ابن أحمد سبيل فتلقى . . . هل يتصل يومنا منك بعدة فنحظى . . .
متى نغاديك ونراوحك فنقر عيناً . . .
متى ترانا ونراك وقد نشرت لواء النصر . . .
ترى . . . أترانا نحف بك وأنت تؤم الملا . . . وقد ملأت الأرض عدلاً ( 1 ) .
إنه ولي الله الأعظم في زمنه . . . .
ومن أحب الله أحب وليه . . . وبهذا أمرنا . . .
في حديث طويل عن ليلة الإسراء يتضمن أن المصطفى رأى علياً وفاطمة والأئمة من ذريتهما صلوات الله عليه وعليهم ورد قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« فقلت يا رب من هؤلاء ؟
قال : هؤلاء الأئمة وهذا القائم يحل حلالي ويحرم حرامي وينتقم من أعدائي ، يا محمد أحِبًّه . . . فإني أحبه وأحب من يحبه » ( 2 ) .
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم في حديث ذكر فيه أسماء الأئمة عليهم السلام إلى أن قال : من أحب أن يلقى الله وقد كمل إيمانه ، وحسن إسلامه فليتول الحجة صاحب الزمان المنتظر فهؤلاء مصابيح الدجى وأئمة الهدى وأعلام التقى من أحبهم وتولاهم كنت ضامناً له على الله الجنة ( 3 ) .
* كما ورد في حديث طويل أن سائلاً سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن المهدي . . . فأخبره الإمام بصفاته الحميدة إلى أن قال :
اللهم فاجعل بيعته خروجاً من الغمة وأجمع به شمل الأمة ( . . . ) شوقاً إلى رؤيته . . .
* ويدل على مدى الحنين الذي ينبغي للموالي تجاهه عليه السلام . . . ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام الله تعالى . . .
قد روى الشيخ الطوسي رحمه الله في حديث طويل أن بعض أجلاء أصحاب الإمام الصادق دخلوا عليه فرأوه يبكي وهو يقول :
« غيبتك نفت رقادي . . . وضيقت علي مهادي وابتزت مني راحة فؤادي سيدي غيبتك وصلت مصائبي بفجائع الأبد . . . . » .
ولما سئل عليه السلان عن سبب حزنه البالغ وبكائه المرير قال :
« إني نظرت صبيحة هذا اليوم في كتاب الجفر المشتمل على علم البلايا والمنايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله تقدس اسمه به محمداً والأئمة من بعده عليهم السلام وتأملت في مولد قائمنا عليه السلام وغيبته وإبطائه وطول عمره وبلوى المؤمنين من بعده ( . . . ) فأخذتني الرقة واستولت علي الأحزان » ( 4 ) .
والنصوص المؤكدة على ذلك كثيرة . . . تهدف جميعاً إلى إيضاح علاقة الحب العام التي ينبغي أن تكون قائمة بين الأمة وإمامها عليه صلوات الله وسلامه .
اللهم أرنا الطلعة الرشيدة . . . واجعلنا من أنصاره وأعوانه . . . والمستشهدين بين يديه . . .
6 – الدعاء . . .
أتحدث هنا باختصار عن قسمين من الدعاء :
أ – الدعاء لمعرفته والثبات على ولايته ، باعتباره حجة الله تعالى على خلقه .
ب – الدعاء له عليه السلام لحفظه ونصرته .
وفي المجالين أدعية كثيرة اقتصر هنا على ذكر المختصر منها محيلاً في غيره إلى المصادر المختصة .

شاهد أيضاً

الجهاد – طريقة العمل

طريقة العمل                                  * العمل  طبق التكليف والأحكام الشرعية                                * كسب محبة الشعب ...